طرابلس -«القدس العربي»: عقد مجلس النواب الليبي في طبرق أمس الاثنين جلسته الخامسة لمناقشة الميزانية العامة للدولة لعام 2021 ، في جلسة دعا اليها المجلس رسميا بحضور رئيس حكومة الوحدة الوطنية ووفد رفيع المستوى من أهم الوزراء في الحكومة .
الحكومة قدمت مشروع الميزانية العامة لمجلس النواب الليبي في 20 آذار / مارس الماضي ، ورغم دخول البلاد الى الشهر السابع من السنة المالية الا أن مجلس النواب لازال يتهم بالمماطلة في اعتمادها ، للحصول إلى عدد من المصالح ولتحقيق أكبر مكاسب ممكنة من الحكومة حسب وصف متابعين .
ورغم أن الجلسة كانت مخصصة لمناقشة بند الميزانية العامة في الدولة الا أنها وجهت في إطار مسألة الحكومة والتحقيق في كافة تصرفاتها ،منذ استلامها لمهامها وحتى اليوم ، كما ظهر في العديد من الكلمات محاولة المجلس التدخل في اختصاصات الحكومة .
وقد توقع العديد من أعضاء مجلس النواب اعتماد الميزانية عقب أشعر من المماطلة في جلسة مجلس النواب الاثنين الا أن رئيس المجلس فاجأ المتتبعين والحكومة بأن بند الميزانية لن يطرح في الجلسة .
حيث قال رئيس مجلس النواب عقيلة صالح إن مشروع الميزانية العامة لن يعرض خلال جلسة مجلس النواب الإثنين ، مضيفا خلال حديثه في الجلسة، أن لجنة المالية ستجتمع الثلاثاء مع وزير المالية خالد المبروك . ويرى العديد من المتتبعين للمشهد ، أن الحكومة تتعرض لاستفزاز مقصود من قبل مجلس النواب الداعم لحفتر ، لتمرير القرارات التي تخدم توجهاته ، وكان أولها من عينهم الدبيبة من وكلاء لمجموعة من الوزراء ، وختامها النقاشات المتداولة حول وزارة الدفاع .
رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة قال خلال بداية الجلسة إن الحكومة ستعمل على تقديم جدول مرتبات واحد قبل نهاية العام، مناشدًا أعضاء المجلس وضع معاناة المواطن أمام عيونهم، مضيفًا أن الحكومة ستسهم في رفع الوضع المعيشي لعدد من الفئات، في حال اعتُمدت الميزانية العامة.
وأضاف الدبيبة إن الحكومة مستعدة للتعاون مع أي لجنة يضعها مجلس النواب لمراقبة المصروفات، وأن هدفها هو خدمة الشعب، قائلا “أرجو أن تساعدونا.
وقال الدبيبة في إطار حديثه عن معاناة الشعب أن محطة مياه طبرق معرضة للتوقف في أي وقت، ولابد من صيانتها، وفي البيضاء والجبل الغربي الوضع مماثل، وأن كل المصروفات في الفترة الماضية صُرفت أو ضاعت، والشعب يعاني، ولدينا 460 طفلًا في المستشفى الطبي يحتاجون زراعة نخاع شوكي.
وأضاف أن قطاع الصحة في ليبيا يعاني معاناة شديدة ويحتاج إلى إعادة تأهيل وتسوية ، وأن الحكومة وفرت 600 ألف لقاح مضاد لفيروس كورونا ، وسددت سددنا جزءًا من تكاليف هذه اللقاحات، والجزء الآخر لم يتم تسديده إلى الآن .
اما الجزء الذي تعرض لانتقادات كونه مثل خضوع الدبيبة لاستفزاز البرلمان فهو اعلانه إن الحكومة تدرس نقل مقري المؤسسة الوطنية للنفط وشركة الخطوط الجوية الليبية إلى مدينة بنغازي ، ولفت إلى إصدار قرار بنقل سوق الأوراق المالية إلى بنغازي ، فضلا عن اعلانه عن تشاوره مع أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 بشأن وزارة الدفاع وقال: “سيختارون شخصين لمنصب وكيل وزارة الدفاع”.
اما وزير المالية بالحكومة وردا على تساؤلات وانتقادات مجلس النواب فقد قال إن نفقات الباب الثاني، الخاص بالميزانية التسييرية للجهات والوزارات التابعة للدولة، تبلغ نحو 12 مليار دينار، وهي أقل من مخصصات حكومتي الوفاق والموقتة في العام 2019، البالغة 9 مليارات و4 مليارات على الترتيب ، مشيرا الى ما استحدثته حكومتا الوفاق والموقتة من مؤسسات وصل عددها إلى 61 مؤسسة، الأمر الذي زاد من تقديرات الإنفاق في الباب الثاني .
أحاديث النواب وردودهم تنوعت ولكن معظمهم خرجوا عن اطار الحديث عن الميزانية العامة للدولة بل دخلوا في مجال انتقاد تحركات الحكومة .
وبخصوص الميزانية فقد قال عضو لجنة المالية بمجلس النواب عبد المنعم بالكور في تصريح للقدس العربي أن الحكومة متمسكة بتقظير الميزانية البالغ 93.8 مليار دينار وان استدعائها جاء لسماع تبريراتها واعطاءها ملاحظاتها لجنة المالية بالمجلس .
وأضاف بالكور أن الحكومة مصرة على التوسع في الإنفاق دون وجود خطة واضحة، وحتى عندما طالبناها بتقليص الصرف ما زالت مصرة ، وأشار إلى أن الحكومة مصرة على وجود باب الطوارئ، ونحن نقول لا ضرورة لوجوده لأننا لم نصرف الميزانية بعد .
وقال عضو مجلس النواب، عبد السلام نصية، أن الباب الثاني متضخم جدًّا، حتى لو كانت الحكومة تشتري بسعر صرف الدولار بالسوق السوداء، معتبرا مسألة الميزانية مسألة وطنية، ولابد أن نرتقي بمستوى التعامل، لا أن نكتفي بإلقاء اللوم على بعضنا .
وقد شهدت الجلسة انتقادات لعمل الوزراء ايضا من بينهم وزير الخارجية نجلاء المنقوش فضلا عن الاصرار على تعيين وزير للدفاع ، ومع كون البرلمان مقرب من حفتر فتدور المخاوف حول هذا الاصرار .
وعقب كل هذه المشادات والنقاشات ورغم توق معظم الاعضاء بامكانية اعتماد الميزانية خلال جلسة الأثنين الا أن النائب الأول لرئيس مجلس النواب فوزي النويري أعلن تعليق جلسة مجلس النواب إلى يوم الثلاثاء ، نظرًا لوجود ارتباطات لرئيس حكومة الوحدة الوطنية الموقتة عبدالحميد الدبيبة ، عقب اعلان رئيس المجلس عن عدم رغبتهم في مناقشة الميزانية او اعتمادها الأثنين.
ويظل الرهان في هذه القضية موضوعا على قدرة الحكومة على عدم الخضوع لاستفزازات البرلمان المتكررة والعمل خارج إطاره ورفض تدخله في تخصصاتها .