بعد 12 عاما من تحقيقه الإنجاز الأبرز في مسيرته التدريبية بإحراز لقب كأس العالم 2002 مع المنتخب البرازيلي بالفوز على المنتخب الألماني 2/صفر في النهائي، كان منتخب السامبا هو الطريق لأكبر صفعة نالها لويس فيليبى سكولاري في مسيرته.
وجلس سكولاري على مقعد المدرب للمنتخب البرازيلي في استاد «مينيراو» بمدينة بيلو هوريزونتي في انتظار الخطوة قبل الأخيرة نحو تحقيق حلم السامبا وبلوغ المباراة النهائية لبطولة كأس العالم 2014 لكنه شاهد مأساة حقيقية في مسيرته مع راقصي السامبا بعدما ثأر المانشافت لهزيمته في نهائي 2002 واكتسح المنتخب البرازيلي 7/1 في المربع الذهبي للمونديال البرازيلي.
ووقف سكولاري يائسا يشاهد الهدف تلو الآخر في مرمى فريقه وضياع الحلم البرازيلي في إحراز اللقب العالمي السادس بالهزيمة التاريخية 1/7. وكانت كل تصويبة ألمانية على مرمى الحارس البرازيلي جوليو سيزار بمثابة صدمة ولطمة قوية لكبرياء سكولاري الذي كان حتى قبل هذه الهزيمة من أفضل المدربين في تاريخ البرازيل، خاصة أنه توج باللقب مع الفريق في 2002 على عكس معظم التوقعات.
وكان أمل سكولاري (66 عاما) هو تكرار تجربة 2002 في المونديال البرازيلي. واختار سكولاري اللاعبين الذين يثق بهم وعمل على مزجهم ليصبحوا مجموعة متجانسة منسجمة. لكن الأمور لم تكن على ما يرام له في هذه المرة حيث عبر إلى المربع الذهبي على حساب منافسين أقل منه في المستوى على الأقل من الناحية النظرية. لكن هشاشة الفريق ظهرت عندما انفجر بكاء العديد من اللاعبين قبل تسديد ركلات الترجيح التي عبر بها الفريق عقبة منتخب تشيلي في الدور الثاني للمسابقة.
ورغم هذا، كان سكولاري لا يزال واثقا من قدرة الفريق على تحقيق النجاح للدرجة التي جعلته لا يستمع، لدى اختيار التشكيلة الأساسية لفريقه أمام المنتخب الألماني في المربع الذهبي، إلى نصيحة «جواسيسه» ومنهم اللاعب السابق روكي جونيور والمدرب ألكسندر جالو حيث تمثلت النصيحة في ضرورة الاعتماد في هذه المباراة على نظام دفاعي قوي يعتمد على ثلاثة مدافعين. وبدأ الكابوس بعد 11 دقيقة فقط من بداية المباراة حيث سجل توماس مولر الهدف الأول للمانشافت اثر ضربة ركنية حولها برأسه إلى داخل المرمى دون عناء أو مضايقة من الدفاع البرازيلي. وكان هذا الهدف مؤشرا وبداية لمباراة مأسوية لراقصي السامبا والذي بدا فيها المنتخب الألماني وكأنه يلعب بمفرده في المباراة بدون منافس يواجهه كما كان قادرا على تحقيق فوز أكبر.
واعترف سكولاري بعد المباراة «كانت الهزيمة الأسوأ في حياتي»، لكنه لم يعترف بوجود أي أخطاء في إعداد الفريق وإنما أرجع الهزيمة «للإخفاق الجماعي» بالفريق. واستمرت الكارثة في مباراة المركز الثالث والتي خسرها صفر/3 أمام نظيره الهولندي.
وكانت الهزيمة أمام ألمانيا صدمة معنوية جديدة للبرازيل «بلد كرة القدم». وقال الأسطورة البرازيلي بيليه حديثا، إن الهزيمة 1/7 أمام ألمانيا كانت «أسوأ من الماراكانازو» في إشارة إلى المباراة التي خسرها الفريق أمام أوروغواي على استاد «ماراكانا» في المباراة الختامية لمونديال 1950 بالبرازيل. وبعد الهزيمة أمام ألمانيا 1/7، التي أطلق عليها لقب «مينيرازو»، طالب الرياضيون والخبراء بضرورة إجراء تغييرات جذرية في قيادة وهيكل المنتخب البرازيلي.
وأشار الخبراء إلى أن المونديال البرازيلي أظهر أن البرازيل لا تساير التطور الجاري في كرة القدم بالعالم، خاصة ما يتعلق بالتدريبات والأساليب الخططية. ورغم هذا، لم تكن هنا مؤشرات قوية على هذا التغيير. وبعد أسبوعين فقط من رحيل سكولاري عن تدريب الفريق، أعلن الاتحاد البرازيلي عن إعادة قيادة الفريق إلى المدرب السابق كارلوس دونغا والذي خرج معه من دور الثمانية في مونديال 2010 بجنوب أفريقيا.
وبدأ دونغا عمله مع الفريق بعملية إحلال تدريجية في صفوفه، وحقق ستة انتصارات في المباريات الست التي خاضها معه في 2014، كانت منها خمسة انتصارات في مباريات ودية وكان الفوز الوحيد في المباريات الرسمية خلال المواجهة المثيرة مع منافسه التقليدي العنيد المنتخب الأرجنتيني وصيف بطل العالم وذلك في مباراة السوبر كلاسيكو التي تقام بينهما سنويا.
وفي المقابل، لم تغير الهزيمة 1/7 حياة سكولاري ولم تسفر عن نهاية مسيرته التدريبية. وفي آب/ أغسطس الماضي، عاد سكولارى لممارسة نشاطه التدريبي من خلال فريق جريميو الذي أنهى الموسم الماضي من الدوري البرازيلي في المركز السابع. ويرى المدرب المخضرم كارلوس ألبرتو باريرا، الذي شغل منصب المنسق الفني للمنتخب البرازيلي في المونديال البرازيلي أن المشجعين يحتاجون لبعض الوقت لنسيان فضيحة السقوط على استاد مينيراو. وقال باريرا، بنبرة تفاؤل: «اعتقدت أن الأمر سيستغرق عاما للإفاقة بعد أجواء المونديال البرازيلى… لكن ستة شهور وستة انتصارات كانت كافية».