أعلن زعيم التيار الصدري في العراق السيد مقتدى الصدر قراره بانسحاب الكتلة الصدرية، وعدم مشاركتها في الانتخابات البرلمانية المبكرة، المقرر إجراؤها في تشرين الأول/أكتوبر المقبل، مع تبيان من السيد الصدر في كلمة متلفزة عن سحب تأييده لحكومة الكاظمي الحالية، أو الحكومة المقبلة التي ستفرزها الانتخابات البرلمانية.
وقد وصف السيد الصدر العراق في كلمته، التي أذيعت يوم 15 تموز/يوليو الجاري بأنه «أسير الكربات والفساد، وقد تكالب عليه من الداخل والخارج كل الجناة، الذين لم يبقوا في البلد إلا الخراب والذل والهوان».
واستطرد قائلا، «إن ما في العراق من ظلم وفساد لم يعد بالمقدور محوه أو تقليله، فالكل تكالبوا على البلد، ولا أريد أن أكون معهم ولا منهم، فكلهم لا يريد إلا المال والسلطة والسلاح ولست من طلابه». وهنا يعلن عن قراره عبر قوله،»حفاظاً على ما تبقى من الوطن الذي أحرقه الفاسدون ومازالوا يحرقونه، أعلن أنني لن أشترك في الانتخابات المقبلة، وأعلن عن سحب يدي من كل المنتمين للحكومة الحالية واللاحقة، وإن كانوا يدعون الانتماء لنا آل الصدر». وأضاف، «أن الجميع إما قاصراً أو مقصراً، أو يتبجح بالفساد، لكن الكل تحت طائلة الحساب»، ودعا الشعب العراقي لـ»مناصرة العراق ضد الفاسدين والتبعيين والمطبعين»، وأمرهم بقوله «إياكم أن تبيعوا وطنكم لهم بأي ثمن».
قبل الخوض في تحليل واستقراء الموقف الأخير للسيد الصدر لابد من الإشارة إلى أنه شخصية سياسية سجالية، عرفت بتذبذبها وتنقلها في المواقف من الضد إلى الضد، إذ أعلن قبل ذلك أربع مرات على الأقل، انسحابه من الحياة السياسية، أو تجميد نشاطات هيئات التيار الصدري السياسية، أو تجميد نشاطات الميليشيات والفصائل المسلحة التابعة له. كما أن سلوك الصدر السياسي كثيرا ما اتسم بالضبابية وعدم الوضوح، وغالبا ما لعب لعبة الموازنة الخطرة، عبر وضع قدم في العملية السياسية وتشكيلاتها الحكومية والبرلمانية، بينما يضع في الوقت نفسه قدمه الأخرى في ساحات المعارضة والاحتجاجات الشعبية، وهو أمر بالغ المفارقة. في خطابه الأخير قبل أيام، أعلن بوضوح، «لست ممن يتنصل عن المسؤولية، إلا أن ما يحدث في العراق هو مخطط شيطاني دولي، لإذلال الشعب وتركيعه وإحراقه، خوفاً من وصول عشاق الإصلاح الذين سيزيلون الفساد، لكننا لن نركع لهم، فليأخذوا كل المناصب ويتركوا لنا الوطن». وأعرب عن أمنياته
بـ»نجاح الانتخابات المقبلة ووصول الصالحين وإبعاد الفاسدين.. لكن هيهات». وهنا يمكننا أن نلحظ خطوط الانسحاب الخفية التي يضعها الصدر تمهيدا لأي تراجع مقبل عن خطوته الحالية، كما يمكننا أن نقرأ ما جرى، وأن نقيّم الخطوة الأخيرة عبر تتبع خطوات الصدر التصعيدية المتلاحقة التي سبقت إعلانه الأخير.
مقتدى الصدر شخصية سياسية سجالية، عرفت بتذبذبها وتنقلها في المواقف من الضد إلى الضد
تصعيد التيار الصدري وقائده مقتدى الصدر، ابتدأ مبكرا قبل حوالي سنة، عبر الإشارات والتلميحات والتصريحات، بأن الصدريين قادمون، وإن رئاسة الحكومة المقبلة ستكون حصتهم لا محالة عبر حصولهم على أغلبية واضحة في الانتخابات المقبلة. ومن المفارقات أن موقف الصدر من الانتخابات المبكرة كان متذبذبا أيضا، إذ طالب مبكرا بإجراء انتخابات مبكرة، ثم ما لبث أن غير موقفه وطالب بمقاطعة الانتخابات، وأقسم على عدم المشاركة في الانتخابات، لكنه حنث بقسمه ودعا مؤيديه للخروج في تظاهرة مليونية في تشرين الثاني/نوفمبر 2020 وخطب بهم قائلا، «إننا لسنا طامعين بالحكم، لكننا ملتزمون بالدفاع عن العراق، من خلال أغلبية صدرية في البرلمان، مضحية بنفسها من أجل الإصلاح، لأننا نريد رئاسة الوزراء حتى نحمي العراق من سلطة الأحزاب الفاسدة». كما لجأ المقربون من السيد مقتدى إلى التلويح بالتهديدات الفجة، وأن «البطة قادمة» في اشارة الى قدرتهم على خطف خصومهم السياسيين وتصفيتهم، كما فعلوا إبان الحرب الطائفية القذرة عام 2006. ولابد من الإشارة إلى أن الموقف الأخير كانت له مقدمات تصعيدية، إذ هدد وزير مقتدى الصدر، صالح محمد العراقي يوم 30 حزيران/يونيو الماضي القوات الأمريكية الموجودة في العراق في بيان رسمي، وأشار إلى إنه في حال عدم انسحاب هذه القوات، فإن «رئيس الوزراء الصدري قادم»، كما تحدث عن «جهات تريد الظهور كمحرر للعراق»، وهاجم العراقي في بيانه غرماء مقتدى الصدر وهما، رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، الذي سماه البيان بذي الرئاستين. وقيس الخزعلي قائد ميليشيا «عصائب أهل الحق» الذي أشار له البيان بـ»الثلة الوقحة»، وقال العراقي،» أشهرت جميع الأحزاب المشاركة في العملية السياسية إفلاسها من خلال استهداف الناجي الوحيد (يقصد التيار الصدري) إعلامياً وبطرق بعيدة كل البعد عن الحقيقة والإنصاف». ثم بين العراقي بشكل جلي موقف الصدر من خصومه قبيل الانتخابات بقوله،» نعم، لو كنّا فاسـدين كَفسادهم لاستطعنا بما جمعنا من أموال مسروقة إعمار مدينة الصدر، ولكن الإصلاح، وخيمة الإصلاح قد عرقلت التقدم المالي للتيار، والله ولي المؤمنين»، وبين، «ثم ليعلموا أن مدينة الصدر غنية بثباتها وإيمانها وعزّتها وكرامتها وجهادها، فهي أول من قاوم المُحتل، والأهم في مقارعة الإرھاب». واستدرك،» إلا من ثلة وقحة وأخرى منافقة تريد النيل منها لأسباب سياسية».
ثم ما لبث السيد الصدر أن أطلق منطاد استشعار آخر قبل أيام، إذ صرح يوم 6 يوليو الجاري في لقاء جمعه بعدد من قيادات تياره بأن «هناك ما ينشط التيار»، وهو موته أو قتله، لافتا إلى قرب موته أو استشهاده. هذا الأمر دفع أتباع الصدر في بغداد وميسان ومناطق أخرى للخروج في تجمعات تضامنية، بل تجمع بعض شباب التيار الصدري أمام مسكن الصدر في النجف مشكلين درعا بشريا لحمايته ولإعلان ولائهم له واستعدادهم للتضحية من أجله. لكن المكتب الخاص للصدر سارع بإصدار بيان طالب فيه أنصار الصدر عدم التجمع في منطقة الحنانة في مدينة النجف بالقرب من مقر إقامته، معللا ذلك بـ»الظروف الأمنية».
وهنا نصل لقراءة ردود الفعل على قرار مقتدى الصدر الأخير بالانسحاب من الانتخابات، وتجميد الهيئة السياسية للتيار الصدري، إذ جاء أول التعليقات مبينأ أن هذا الانسحاب غير قانوني، لأن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، أغلقت باب المشاركة أو الانسحاب من الانتخابات، لكن يبدو أن مثل هذا المانع القانوني لا أهمية له في الحياة السياسية والبرلمانية العراقية. من ناحية ثانية قُرئ قرار الصدر بالانسحاب، وعلى نطاق واسع، على أنه مناورة جديدة سيحاول فيها مقتدى تنشيط ولاء تياره وتحفيزهم عبر الصدمة التي مثلها قرار الانسحاب المفاجئ، كما أشار بعض المراقبين إلى أن خطوة الصدر هي محاولة لركوب موجة تيار مقاطعة الانتخابات الكبير والمتنامي، الذي بدوره يهدد بإطاحة أي حكومة مقبلة عبر تجدد الحركة الاحتجاجية واللجوء لساحات الاعتصام مجددا، ما يعني احتماية إمساك الصدر للحركة الاحتجاجية المقبلة مجددا. لكن يبقى التوقع الأكثر انتشارا بين متابعي الشأن العراقي هو أن مناورة السيد الصدر لن تكون طويلة الأمد، ويبدو أن غايتها عرقلة إجراء الانتخابات المبكرة المقرر إقامتها في أكتوبر 2021 ، لذلك سيتم تأجيل الانتخابات إلى موعدها المستحق في آيار/مايو 2022، وبالتالي ستكسب حكومة الكاظمي بضعة شهور في الحكم، وسيكسب نواب ووزراء ومتنفذي العملية السياسية ما يسعون له من نهب المال العام حتى آخر دقيقة من وجودهم في مواقعهم، وستكون النتيجة النهائية عودة مقتدى عن مقاطعته وإعلانه المشاركة، وبزخم أقوى في انتخابات عرجاء في آيار 2022.
كاتب عراقي
(السمكة القوية وحدها هي التي تقدر على السباحة عكس التيار ، بينما أي سمكة ميتة يمكنها أن تطفو على الوجه)
هل سبح مقتدى يوماً ما عكس التيار, أم أنه يطفو دائماً على الوجه؟
أليس البيت الشيعي دليل على ما أقول؟ ولا حول ولا قوة الا بالله
يظهر والله أعلم آن مولانا السيد مقتدى الصدر مستمع جيد لتحاليل أصدقاءه الرفاق من الحزب الشيوعى الشيعي العراقى. فهؤلاء الرفاق، وبعد سبعة عشر عامًا ، من الاحتلال الامريكى- الايرانى لعراقنا المنكوب وبعد آن نظروا وفقا لقوانين المادية التاريخية والاستشهاد بمقولات اّية الله أنجلز و أية الله ماركس إكتشفوا أن هناك عصابات مافيا تحكم وتنهب وتدمر العراق.
الرفاق الشيوعيون وزميلهم الرفيق السيد مقتدى الصدر حفظه الله يريدون مقاطعة الانتخابات القادمة لآجل اصلاح العملية السياسية في عراقنا المنكوب. هذه المواقف الثوريه للرفاق وزميلهم الرفيق السيد مقتدى الصدر ستثمر إنشاء الله في أصلاح العملية السياسية لسراق المال العام في زمن قصير لايتجاوز ٢٠ إلى ٣٠ سنةً من ألان.
يجب على كل أبناء العراق الغيارى العمل لمقاطعة لعبة إنتخابات الخونه، و القتله و الحرامية لآجل كنس هذه العملية السياسية بكل شخوصها، قوانينها، دستورها و برلمانها و إرجاع وجه العراق العربي و الحضاري.
ابو مهند
إن شاء الله يا عزيزي مهند وليس إنشاء الله!! ولا حول ولا قوة الا بالله