كثيرون يراسلونني تعقيبا على ما أكتب في زاوية فضائيات، وكثير من هؤلاء يعاتبني على كثرة الانتقاد الساخر لمحطات بعينها، وأنا أقف أمام تلك الملاحظات باحترام ووجل. مع مراجعة ذاتية مستمرة كي لا أجنح في الانتقاد والتثريب إلى ما لا أريد ولا يريد القارئ.
الفضائيات العربية، أداة إعلام خطيرة، ودقيقة بث فضائية أحيانا قد تغني عن ألف كلمة مكتوبة ومشغولة بعناية.
وهناك بالطبع إضاءات فضائية تنويرية لكنها وللأسف تضيع في مهب الزخم المبرمجي – برأيي- والذي يضج بالتفاهات المتعمدة كأن هناك إصرارا على تشكيل رأي عام كامل الميوعة.
من ضمن الإضاءات التي لا يمكن نسيانها، والتي غالبا ما تكون مجهودا فرديا جبارا، الزميل سعد السيلاوي، وهو من نجوم أخبار ومراسلي شبكة «أم بي سي» منذ نشأتها، وقد كان حضوره التلفزيوني يوحي بملامح الشغل والجهد حتى في صورته وصوته، وتعرقه المستمر الذي كنت أستعد له دوما بتشغيل المكيف أو المروحة حتى في عز الشتاء، لأن السيلاوي قادر على أن يلقيك في الحالة التشويقية حتى لو كانت مقابلة مع طبيب متخصص بالمرارة أو الغدة الدرقية، وهو من أكفأ من يعتصرون الضيف في حوار لا يخلو من تشويق وفائدة وكثير من العرق المتصبب من سعد نفسه.
السيلاوي، نجم للحوارات الفضائية السياسية، وصاحب التقارير الأكثر متعة في تاريخ المراسلات الإخبارية، له مخزون هائل من الطرائف التي وقعت معه ووقع فيها في تاريخه المهني، ومن ذلك ما يتردد من حكايته مع الراحل ياسر عرفات، في منتصف مقابلة أجراها معه، حيث شردت ذاكرة أبوعمار وتوغلت في التاريخ الماضي كثيرا، ليذكر حكاية أمام سعد وله، وقائعها تعود إلى ما قبل ولادة الزميل «الشاب» بكثير، وحين سرد أبوعمار حكاية الحدث الماضي والغابر جدا، التفت إلى سعد مستطردا بسؤال مفاجىء : فاكر الأيام دي يا سعد؟ فرد سعد بثقة من لا يريد فقدان الحوار مع الراحل أبوعمار: فاكر يا سيادة الرئيس، طبعا فاكر!!
سعد السيلاوي، من جملة أجمل ما أنتجه الفضاء العربي في الإعلام المحترم، فقد صوته وحنجرته بعد سنوات من العمل الإعلامي، وقد عافاه الله من مرض عضال واحتفل الإعلاميون في الأردن قبل أيام بعيد ميلاده .. فكل عام وهو ومن هم مثله بكل خير.
سفيرة الفنانين العرب الشباب!
■ لكن زميلنا المحترم، والكبير بمهنيته، حالة من حالات قليلة محترمة في فضاء إعلامي يضج بكل ما هب ودب، وصارت الفكرة الإعلامية تتعلق بلعبة علاقات عامة لا محتوى فكري ولا حشوة إعلامية حقيقية فيها.
مؤخرا، تقرأ في الأخبار التي لا تعرف مصدرها، أن هناك وظيفة اسمها «سفيرة أو سفيرة الفنانين العرب الشباب»! وطبعا هذا لقب فيه الكثير من الفهلوة أشبه بكبسولة فارغة يتم تجريعها للمتلقي العربي.
أحلام (ما غيرها).. هي التي حصلت على اللقب مؤخرا، وقد خلفت فيه الفنان كاظم الساهر!!
من أعطى اللقب، جهة اسمها «مجلس الوحدة الإعلامية العربية» ومقرها عمان، ويديرها شاب أتذكر أني التقيته كثيرا في أروقة الصحف الأسبوعية في الأردن يحمل دوما معه ألبوم صور تجمعه مع فنانين و إعلاميين من فئة النجوم.
مجلس الوحدة الإعلامية العربية! اسم استوقفني كثيرا في القدرة على صياغة الفهلوة وتجريعها للناس عبر تحميلها لمواقع إخبارية من بعد تغليفها بسكر النجوم والمشاهير.
بالضبط، ما هي وظيفة سعادة السفيرة فعليا؟ وما هي المهمات المناطة بها غير التباهي على التويتر بهذا اللقب وإشغالنا بتغريدات محورها هذا الحدث الجلل؟
والأهم، ما هو مجلس الوحدة الإعلامية العربية؟
أسئلة لا أبحث عن أجوبة لها.. لأنه: مفيش فايدة!
إغراء نادية الجندي الأنيق
■ وفي الحديث عن الألقاب، تابعت «وأنا من المعجبين بالبرنامج لا الضيوف» برنامج الحكم لوفاء الكيلاني، وطبعا كنت على أهبة الانتباه المسبق، لأن الضيفة كانت نادية الجندي، المرأة التي هزت جيلا كاملا بإغرائها في عصور ما قبل الانترنت وقمر «البولسات» وتحف الهوت بيرد المشفرة.
الإغراء «الشيك» والمحترم والموظف لقيمة فاضلة هو ما قدمته ناديا الجندي، حسب قولها وتصريحاتها أمام المبدعة الذكية وفاء الكيلاني، والتي حققت بمحاورتها الذكية ما تريد من الضيف كعادتها.
لن نناقش «شياكة» مشاهد الإغراء الجنسي للفاضلة الكبيرة، بحر العلوم، نادية الجندي، وشخصيا أراها كفت ووفت بتقديم خدمات جليلة لجيل كامل محروم ومكبوت، جزاها الله كل خير إن كان في ما قدمته أي خير.
لكن، ما لفت انتباهي هو إصرارها على ترسيخ فكرة لقب «نجمة الجماهير»، وهو لقب التصق بها منذ أول مشهد خرجت به في السينما!
الألقاب، لعبة علاقات عامة، وهي وإن سبقت عصر الفضائيات، لكنها توسعت مع أدوات التقنية الحديثة، لدرجة تجعلني أتساءل إن كانت مفردات اللغة العربية ستكفي فيما بعد لصياغة ألقاب جديدة ومتميزة !
عاصفة هدى وزينة
■ ويبدو أن الألقاب حالة مرضية عربية مزمنة، تتجاوز النجوم والمشاهير، إلى الظواهر الطبيعية أيضا!!
فوسائل التواصل الاجتماعي في بلاد الشام (هل يتذكر أحد مصطلح بلاد الشام؟)، منشغلة تماما بتسميات العاصفة الثلجية القادمة من القطب الشمالي إلى تلك المنطقة.
الأردنيون سموها «هدى».. واللبنانيون قاموا بتسميتها «زينة».. وما بين الإسمين زخرت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات والملاحظات الساخرة والطريفة..
هدى القطبية أو زينة السيبيرية كانت فرصة لرواد الانترنت والفيسبوك والتويتر لخلق إسقاطات إبداعية كثير منها سياسي بامتياز، مع نقد مسبق للأجهزة الرسمية في تعاطيها مع الأزمات ومشاكل البنية التحتية!
لكن، ما يرد من صور إخبارية من إفراغ للمحلات والمخابز والمولات من بضائع التموين، يضعنا أمام تساؤلات حول الثقافة المجتمعية في التعامل مع الأزمات!
لا أفهم كيف يمكن للمواطن العربي أن يواجه عاصفة ثلجية بعشر ربطات خبز وخمسين علبة فول وفاصوليا!! في كل الأحوال.. الحق كله على ثقب الأوزون!
كاتب وإعلامي أردني يقيم في بروكسيل
مالك العثامنة
أصبحت منافسا قويا للأستاذ عزوز يا أستاذ مالك
أنت ماسك بالشام من جهة وهو ماسك بتلابيد السيسي
لكنك اعتديت على حدود منطقته بذكرك ناديه الجندي
مقالة ممتعة يعطيك العافيه
ولا حول ولا قوة الا بالله
شكرا للأخ الكاتب – مقال لطيف
ندعو بالشفاء لسعد السيلاوي، جار الطفولة المهذب، والإعلامي المبدع.
كما ادعوا بالشفاء للإعلام والفن العربي.
شكرا اخ مالك
مقالاتك داءما رائعه