لندن ـ “القدس العربي”:
نشرت مجلة “بوليتيكو” تقريرا أعده مارك سكوت وتينا نغوين قالا فيه إن الجهاديين أغرقوا شبكات التواصل الاجتماعي المؤيدة للرئيس السابق دونالد ترامب.
وجاء في التقرير أن منصة التواصل الاجتماعي الجديدة لترامب “غيتر” أغرقت بالدعاية المؤيدة لتنظيم الدولة الإسلامية، وذلك بحسب تحليل لبوليتكو للنشاط على المنصة. وبدأ المنصة الاجتماعية عدد من أعضاء سابقين في الدائرة المقربة لترامب قبل شهر- وظهر فيها سيل من المواد المرتبطة بالجهاديين، بما فيها فيديو لقطع الرؤوس وميمات محمومة تروج للعنف ضد الغرب وحتى أسماء متشددين يقطعون رأس ترامب الذي ارتدى بدلة برتقالية مثل تلك التي استخدمت مع معتقلي سجن غوانتانامو.
وتعلق المجلة أن انتشار هذه المواد السريع يضع “غيتر” في موقع غير مريح حيث توفر ملجأ آمنا للجهاديين المتطرفين في وقت تحاول فيه تقديم نفسها على أنها منبر لحرية التعبير وبديل لمواقع “ماغا” أو لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى على فيسبوك وتويتر. وتؤكد على التحدي الذي يواجه ترامب وأتباعه في أعقاب منعه من منصات التواصل الاجتماعي الرئيسية بعد الاعتداء على مقر الكونغرس في 6 كانون الثاني/يناير. وقال مصطفى عياد، المدير التنفيذي لأفريقيا والشرق الأوسط وآسيا في معهد الحوار الإستراتيجي إن تنظيم الدولة “سارع لاستغلال غيتر”. واكتشف المعهد الحسابات الجهادية وشارك نتائج بحثه مع “بوليتكو”.
وأضاف “على فيسبوك، هناك واحد من هذه الحسابات الذي أتابعه ويعرف أنه لتنظيم الدولة وقال “أعلن ترامب عن منصة جديدة، إن شاء الله، سيخترق كل المجاهدين المنصة” و”في اليوم التالي كان هناك 15 حسابا على الأقل على غيتر تعود لتنظيم الدولة”. ومع أن غيتر لا يقدم معلومات عن بياناته لتتبع انتشار أو تبادل المعلومات الجهادية على المنصة، إلا أن بوليتكو وجد 250 حسابا تنشر بشكل منتظم على المنصة منذ بداية تموز/يوليو.
وتبع الكثيرون بعضهم البعض واستخدموا هاشتاغات لنشر المواد الجهادية بين المجتمع على الإنترنت. وحاول ترامب، ومنذ أشهر بعد طرده من منصات مثل فيسبوك البحث عن طرق بديلة للتواصل مع قاعدته على الإنترنت. وفي الوقت الذي انتقل أتباعه لمواقع أخرى بما فيها شبكة “بارلر” والتي يستطيعون التعبير عن أنفسهم بدون خوف أو تدقيق شديد، لم ينجح ترامب ببناء محرك تشغيل له على الإنترنت. وفي أيار/مايو أعلن عن مدونته “من مكتب دونالد جي ترامب” ولكنها توقفت بعد أسابيع وسط سخرية واسعة وعدم اهتمام فيها. وحتى هذا الوقت فـ “غيتر” تعتبر من أشهر المنصات الموالية لترامب والتي أعلن عنها، وذلك بسبب الأسماء التي تقف وراءها مثل جيسون ميلر، المتحدث السابق باسم ترامب ومدير المنصة التنفيذي. وهي ممولة بشكل جزئي من مايلز غو، الشريك التجاري لمستشار ترامب السابق ستيفن بانون.
ولا يشترك ترامب في العملية أو وافق سياسيا عليها ولكنها تقدم باعتبارها شركة تواصل اجتماعي مفتوحة لسياسة “حرية التعبير” وتسمح للمستخدمين بالتعبير عن أنفسهم بدون رقابة شركات التكنولوجيا العملاقة. لكن رحيل غيتر إلى شبكات الهامش التي تمنح حرية مطلقة في التعبير لفتت انتباه أتباع تنظيم الدولة الإسلامية والجماعات الجهادية. ولم ترد غيتر على أسئلة المجلة للتعليق. وتعرضت المجتمعات الإرهابية على الإنترنت لشطب واسع مماثل من شبكات التواصل الاجتماعي، حيث تحاول الشركات العملاقة تقديم سياساتها كمثال عن الرقابة التي تقوم بها للمنابر الدولية ومنع انتشار المواد الضارة عليها. ورد أتباع تنظيم الدولة بالبحث عن منابر جديدة وفضاءات يمكنهم التعبير عبرها ونشر موادهم الضارة والتحايل على الأساليب المستخدمة أولا في الولايات المتحدة.
وتساءل حساب “هل وصل داعش هنا؟” والجواب كان بالتأكيد، نعم حيث حمل حسابه علم التنظيم الأسود. وعبَّر بعض من كتب ردا عن مديحه لاستعداد المنصة استقبال حسابات فيها محتويات كهذه. وبعد أيام من الإعلان عن منصة غيتر في 1 تموز/يوليو بدأ أنصار تنظيم الدولة بدعوة أتباعه للتسجيل في المنصة ونقل المعركة إلى مجتمع ماغا. وجاء في حساب لتنظيم الدولة على فيسبوك في 6 تموز/يوليو “لو حقق هذا التطبيق النجاح المتوقع وهو محتمل، فيجب على الأتباع تبنيه واحتلاله من أجل استعادة مجد التويتر، والنصر لله”. وتم حذف بعض نشريات الجهاديين في بداية تموز/يوليو، مما يعني أن إدارة المنصة اتخذت بعض الإجراءات لإزالة المواد الضارة.
وتقوم الشركات الكبرى مثل تويتر وفيسبوك بالعمل عبر “منبر الإنترنت العالمي لمكافحة الإرهاب” والذي تموله صناعة التكنولوجيا وهو مؤسسة غير ربحية تقوم بمشاركة المواد الإرهابية بين الشركات عبر قاعدة بيانات لمواد المتطرفين مفتوحة للمشاركين فيها، حيث يتم نزع المواد الضارة بشكل سريع. لكن غيتر لم تشترك بها بعد. ولكنها أكدت في شروط الخدمة للمنصة على الكيفية التي يتم فيها إزالة المواد المتعلقة بالإرهاب من غيتر. وقد “يضم هذا محتويات تعتبر تنمرا شخصيا وجنسيا وانتهاكا للأطفال ومهاجمة الدين والعرق أو محتويات تحتوي على فيديو أو تصوير لقطع رؤوس”.
ومع أن المنبر لديه في الأيام الأولى القدرة على الكشف عن المواد الضارة إلا أنه أغرق بمواد إباحية. ولكن ميلر وضع النقاط على الحروف في عملية المشاركة أو الموافقة على المواد. وقال إن سياسة الموقع لمراقبة محتوياته تقوم على الرقابة الإنسانية والخوارزميات. وبعد أيام على تقديم المجلة أسئلة حول وجود مواد ضارة لا تزال هذه موجودة. لكن المحتويات الجهادية لا تعادل تلك المواد التي ينشرها اليمين المتطرف بمن فيهم جماعة “براود بويز” حركة التفوق الأبيض.
وتظهر على الموقع منشورات محافظين ومؤثرين وصناع سياسة مثل شون هانيتي ومايك بومبيو. لكن وجود مواد جهادية على غيتر يعطي صورة عن التحدي الذي يواجه المنبر والمواقع الأخرى في موازنة حرية التعبير وحذف المواد التي تعتبر غير مناسبة. وقال أدم هادلي، مدير تيك ضد الإرهاب، وهي منظمة غير ربحية تعمل مع منابر التواصل الاجتماعي مثل غيتر “المواد التي تظهر على المنصات الصغيرة تشبه تلك التي يتم حذفها بشكل آلي عن فيسبوك وتويتر” و”لا يوجد لدى المنابر الصغيرة الموارد التي تحذف بشكل آلي هذا النوع من المحتوى”. ويرى خبراء التطرف أن استخدام تنظيم الدولة لمنصة غيتر هي محاولة لامتحان إن مرت المواد بدون ملاحظة أحد أو تعرضت للتحكيم.