تونس: منذ ساعات الصباح الباكرة، وأمام معهد ثانوي بمحافظة بن عروس، جنوبي العاصمة تونس، كانت الحركة بداية مقتصرة على أفراد لا غير، قبل تحول المشهد إلى زخم لمن تجاوزت أعمارهم 40 عاما، للتطعيم ضد فيروس كورونا.
تلبية وإقبال كبيران على دعوة الرئيس قيس سعيّد إلى يوم وطني للتطعيم ضد كورونا (الأحد 8 أغسطس/ آب الجاري)، يستهدف إنجاز مليون تلقيح أو أكثر في يوم واحد، ضمن جهود للتسريع في مجابهة الجائحة التي تفشت بقوة في الفترة الماضية.
ودعا سعيّد، الإثنين الماضي، لعملية التطعيم الأكبر منذ بداية الحملة في 13 مارس/ آذار الماضي، “تبعا لتوفر 6 ملايين جرعة من لقاحات كورونا، متأتية من هبات دول شقيقة وصديقة”، بحسب بيان لرئاسة الجمهورية.
وأوضح بيان الرئاسة، أنه “سيتم تنظيم هذه المبادرة بالتنسيق بين وزارات الصحة والدفاع الوطني والداخلية والتربية، وبالتعاون مع هيئات أخرى، بما فيها مكونات المجتمع المدني ومتطوعين”.
الوحدات الأمنية باشرت مهامها بمراكز التلقيح مبكرا، ليبدأ توافد الممرضين والأطباء والمتطوعين ووحدات من الجيش التونسي الذي يقود غرفة عمليات لإدارة جائحة كورونا، بأمر رئاسي صدر في 28 يوليو/ تموز الماضي.
داخل المعهد الثانوي “عبد الرّزاق الهمامي” في بن عروس، الذي تحول إلى مركز تلقيح ضخم، التنظيم كان محكما، حواجز حديدية وبلاستيكية لفصل وتوجيه المواطنين، الكراسي منتظمة في صفوف على جنبات ساحة المعهد، يتوسطها أرضية عليها رسم للعلم التونسي بلونيه الأحمر والأبيض.
في مدخلي المعهد يتركز وجود الأمنيين الذين ينظمون سير الأمور ثم في صفوف من عشرة أشخاص وتباعد المتر الواحد المحدد ضمن التدابير الوقائية، تستمر الرحلة داخل المعهد عندما يقدم المتطوعون من طلبة وتلاميذ رقما لكل وافد جديد تحوله إلى إحدى منصات الإنتظار.
الأمر لا يتأخر في التوجه إلى أولى القاعات حيث يكمل الأطباء تأكيد التسجيل بمنظومة التطعيم المحلية (evax)، عبر أسئلة عن الحالة الصحية وإمكانية حمل الوافدين عوارض العدوى حتى تسهل مهمة تحصيل الجرعة الأولى وتحديد الثانية.
وإثر ذلك يكون المرور إلى قاعة ثانية على بعد أمتار قليلة، حيث يتواصل الاصطفاف والإنتظام، وتُأخذ الجرعة من قبل ممرضين وسط انتباه من المتطوعين وممثلي الهلال الأحمر، الذي تجند بدوره لإنجاح الحملة.
في الأشهر الماضية وبسبب الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بالبلاد، تفاقمت الأزمة الصحية وتباطئ نسق سير عملية التطعيم بسبب غياب اللقاحات وارتفاع عدد الإصابات إثر تفشي الوباء.
كما شهدت وزارة الصحة، عدم استقرار منذ ظهور الفيروس في تونس مطلع مارس 2020، حيث ترأس الوزارة ثلاثة وزراء هم سنية بالشيخ، وعبد اللطيف المكي، وفوزي مهدي، الذي خلفه محمد الطرابلسي منذ 20 يونيو/ حزيران المنصرم.
هذا الأخير كان بدوره ضمن حملة الإعفاءات الأخيرة بأوامر من الرئيس التونسي، ليُكلف علي مرابط بتسيير الوزارة قبل يومين.
وقالت إيمان الجديدي، مديرة معهد “بن عروس”، في حديث للأناضول، إن “الكل جاهز لأداء عمله، نجهز لهذا الحدث منذ يوم الأربعاء، إقبال المواطنين في هذا المركز كبير ما يؤكد حالة الوعي بأهمية الحصول على اللقاح”.
وأردفت: “أملنا كبير بأن تكون الحملة ناجحة، ولا يوجد سبب حتى لا يحصل ذلك، المرافقون احترموا التدابير المُعلنة والكل ملتزم بالتوصيات وستسير الأمور على خير”.
وتابعت: “كل شخص منذ أيام له دور محدد، والتواصل جيد بين إدارة المعهد وموظفيه والتلاميذ والطلبة السابقين والجمعيات المدنية، هذا واجبنا وتعب الأيام الماضية لن يذهب هدرا، اليوم سيكون تاريخي للجميع ونتمنى إكماله بنجاح”.
من جهته، أكد الممرض العربي معمري، أن “الجهود كبيرة في عمل اليوم، كل يقوم بدوره ويحاول أن يكون أمينا وسريعا، هو يوم عطلة للتونسيين ومن الجيد أن تكون الأعداد كبيرة هكذا (المئات في الساعات الأولى)”.
وتابع: “أعتقد أن الحملة ستكون ناجحة مع وجود ممثلي مختلف المؤسسات المتداخلة من صحة وأمن ومتطوعين وغيرهم، أتمنى ألا يكون عائقا لإنجاح عمل هذا اليوم الحافل”.
ووفق مراسل الأناضول، فإن لقاح “أسترازينيكا” الذي بات يحمل اسم “فاكس-فيريا” منذ يوليو المنصرم، هو المستخدم في المركز، حيث يتيح لمن تلقوه السفر إلى أوروبا.
وقالت المتطوعة وفاء ورفلي (مدرسة لغة إنكليزية)، للأناضول: “الإقبال كبير دون شك، التنظيم جيد ولن نتأخر في تقديم المساعدة لإنجاح حملة التطعيم”.
وزادت: “أعتقد أن الأمور تسير بشكل جيد، وأكثر ما يلفت الانتباه انضباط المواطنين ومرافقيهم للتدابير الوقائية والتوصيات الصحية”.
ووفق آخر حصيلة رسمية، بلغت إصابات كورونا في تونس، 610 آلاف و660، بينها 20 ألفا و931 وفاة، و542 ألفا و210 حالة تعاف.
فيما تلقى التطعيم ضد الفيروس، 3 ملايين و293 ألفا و114 شخصا، منهم مليونين و48 ألفا و54 (جرعة أولى)، ومليون و245 ألفا و60 (جرعة ثانية)، وفق أرقام وزارة الصحة.
ومنذ منتصف يوليو الماضي، تتوالى على تونس مساعدات دولية، بينها مليونين و100 ألف جرعة لقاح من تركيا والسعودية والإمارات والولايات المتحدة.
كما تم تلقى 500 ألف جرعة لقاح أخرى، بينها 400 ألف جرعة هبة من الصين، وذلك غداة هبة مماثلة من إيطاليا تشمل 1.5 مليون جرعة.
(الأناضول)