عن المؤتمر الصهيوني الأول والدور البريطاني في إنشاء إسرائيل

مرّ على انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة بازل السويسرية 124 عاماً (1897 -2021)؛ وكان من أهم نتائجه قيام المنظمة الصهيونية العالمية بتنفيذ البرنامج الصهيوني الذي ينص على أن “الهدف الصهيوني هو إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين يضمنه القانون العام”.
وكان ذلك بمثابة حجر أساس صهيوني نظري لإنشاء دولة الاحتلال؛ وقد تطلب ذلك انحيازاً غربياً بريطانياً في الدرجة الأولى لترسيخ الفكرة ودعمها عملياً ، وهو ما حصل بطبيعة الحال ، جنباً إلى جنب مع دعم فرنسي أيضا، ليتحول بعد عام 1967 إلى دعم أمريكي مطلق لإسرائيل على كافة الصعد الاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية .

بريطانيا والجرائم الصهيونية

كان قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة (181) الصادر قبل أربعة سبعين عاماً، وبالتحديد في 29 تشرين الثاني /نوفمبر من عام 1947 بمثابة المؤسس الجوهري لإنشاء إسرائيل خلال العام التالي.
وقد ألقت بريطانيا قضية فلسطين في جعبة الأمم المتحدة ، للتهرب من النتائج الكارثية التي حلت على فلسطين وشعبها لاحقاً، كنتيجة مباشرة لوعد بلفور في الثاني من تشرين ثاني / نوفمبر 1917، والداعي لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين ، لتحصل نكبة الفلسطينيين الكبرى في عام 1948 ، وتالياً إنشاء إسرائيل في أيار/ مايو من نفس العام على القسم الأكبر من مساحة فلسطين.
ويمكن الجزم أن المأساة الإنسانية التي حلت بالشعب الفلسطيني عام 1948 ، كانت مأساة مدمرة، فقد طرد ونزح من الأراضي التي سيطرت عليها إسرائيل حوالي 850 ألف عربي فلسطيني بقوة المجازر الصهيونية التي ارتكب العديد منها إبان فترة الانتداب البريطاني على فلسطين.
لتبرز فيما بعد وبقوة قضية اللاجئين على أنها القضية الأهم في إطار القضية الفلسطينية، حيث أصدرت هيئة الأمم المتحدة أكثر من خمسين قراراً يقضي بوجوب عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى قراهم، وتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم من جراء الطرد القسري وتدمير ديارهم.
وقد رفضت إسرائيل على الدوام تنفيذ القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة ، وفي الوقت نفسه لم يجبر المجتمع الدولي إسرائيل على تنفيذ تلك القرارات الدولية بشأن فلسطين.
ومن أهم تلك القرارات ذات الصلة بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة، القرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في الحادي عشر من كانون أول/ ديسمبر عام 1948، وكذلك القرار 302 الصادر في 8 كانون الأول/ ديسمبر 1950، والقرار 512 الصادر في 26 كانون الثاني/ يناير 1952، إضافة إلى قرارات أخرى قريبة في بنودها لجهة تحقيق فرصة لعودة اللاجئين إلى ديارهم بأقرب وقت ممكن، وتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم نتيجة الطرد القسري والاقتلاع من أرضهم.
وفي عام 1948 تشكلت هيئة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين، وتولت أعمال الإغاثة لوكالات الأمم المتحدة المتخصصة والمنظمات غير الحكومية، بعد إمعان المنظمات الصهيونية في قتل وتهجير اللاجئين الفلسطينيين، تدخل المجتمع الدولي بزعامة الأمم المتحدة، وبدلاً من وضع حد للإرهاب الإسرائيلي، مع تزايد أعداد اللاجئين وتمركز معظمهم على حدود فلسطين “دول الطوق العربية ” ومنع السلطات الإسرائيلية بحزم عودتهم، قامت الأمم المتحدة بإدخال تطوير على تلك اللجنة وتوسيع مهامها، حين تبين أن قضية اللاجئين لن تحل سريعا.

القضية الجوهرية

أنشئت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين في الشرق الأدنى عام 1949 وباشرت عملياتها في أيار/ مايو 1950، ومع أنها اعتبرت وكالة مؤقتة فقد تم تجديد ولايتها بانتظام كل ثلاث سنوات، وتُعد تعبيراً عن مسؤولية المجتمع الدولي في إيجاد حل لقضية اللاجئين وفقا للقرار 194 الذي تم التأكيد عليه عشرات المرات في الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ صدوره.

تعريف اللاجئ

واعتمدت «الأونروا» في عملها بين اللاجئين الفلسطينيين على أرضية تعريف صاغته للاجئ الفلسطيني، أي تعريف إجرائي وليس سياسيا، يهدف إلى توفير معيار ومقياس لتقديم مساعدات الوكالة على النحو التالي؛ اللاجئ الفلسطيني كل شخص كان مسكنه العادي في فلسطين لعامين سبقا نزاع 1948، والذي كان من نتائجه أن خسر منزله ووسائل عيشه ولجأ في عام 1948 إلى واحد من البلدان التي تقدم الأونروا فيها خدماتها، وينسحب هذا التعريف على أولاده وأحفاده وذرياتهم وأن يكون مسجلاً في مناطق عملياتها وهي خمس مناطق: الضفة الغربية، قطاع غزة، سوريا، لبنان، الأردن.
وتشير الإحصاءات إلى وجود أكثر من ستة ملايين ونصف المليون لاجئ فلسطيني خلال العام الحالي 2021؛ وثمة 41 في المائة منهم يتركزون في الأردن؛ و22 في المائة في قطاع غزة الذي يضم ثمانية مخيمات بائسة؛ في حين تستحوذ الضفة الغربية على 16 في المائة من إجمالي مجموع اللاجئين الفلسطينيين المسجلين في الأونروا؛ في مقابل ذلك يستأثر لبنان على (10،5) في المائة ، وسوريا (10،5) في المائة ، لكن نسبة اللاجئين أخذت بالتراجع في سورياً نظرا لفرار أكثر من (150) ألف لاجئ فلسطيني إلى دول الجوار الجغرافي وأوروبا عبر رحلات موت، بسبب المجازر التي ارتكبت والاعتقال والبؤس واتساع حالات الفقر المدقع . ولهذا باتت الضرورة ملحة لمطالبة الأمم المتحدة بتنفيذ القرارات الدولية بشأن القضية الفلسطينية، وفي مقدمتها، المتعلقة بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم وتعويضهم عن الأضرار المادية والنفسية التي لحقت بهم، والأهم من ذلك أن تعتذر بريطانيا للشعب الفلسطيني عن وعد بلفور المشؤوم المعلن الذي مهد الطريق لإنشاء إسرائيل على القسم الأكبر من مساحة فلسطين بعد طرد أهلها بقوة الإرهاب والمجازر .

كاتب فلسطيني مقيم في هولندا

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية