كثيرون لا ينتظرون السؤال، ويقفزون فورا إلى جواب جامع مانع، وهو أن نظام مبارك عاد للحكم بعد أربع سنوات من ثورة يناير الشعبية العظمى.
وقد لا نستطيع القول ـ بالمقابل ـ إن الثورة انتصرت نهائيا، أو أنها تحكم، ولا أنها حكمت في أي وقت مضى على الثورة، ولسبب ظاهر بسيط، وهو أن الثورة قامت بغير قيادة مطابقة، وبلا حزب سياسي قادر على الوصول بالثورة لأهدافها، وتولي السلطة بانتخابات عامة، ولم يكن في ذلك عيبا ولا ميزة، فنحن لا نشتري الثورات من السوبر ماركت، ولا نختار الثورة التي تعجبنا من «الكتالوج»، فهكذا ولدت هذه الثورة، وامتازت بمقدرتها الفائقة على الخلع، وبدون مقدرة مقابلة على الزرع مكان الذي يُخلع، وهو ما يطيل ويعمق فجوة وفوارق الزمن، ويسمح لقوى مستعدة بالقفز على السلطة بعد الثورة، وهو ما حدث في حكم الإخوان، وحدث بعد الإخوان، وبصورة جعلت الثورة المضادة أو ما يشبهها في الحكم، بينما ظلت «الثورة اليتيمة» في الشارع، أو في القلوب المفطورة بالأحزان، عاجزة عن التقدم الفوري، وتشبه سيرة «إيزيس» في الأسطورة المصرية القديمة، يملؤها الحزن على مقتل زوجها «أوزوريس»، وتمضي في جمع أشلائه من الجهات والبراري، وتواصل إصرارها على استعادة جسده كما كان، ونفخ روح الحياة فيه، وضمه إلى أحضانها في ساعة خصوبة، والتهيؤ لإنجاب «حورس» رمزا لمصر الجديدة، وهكذا هي حال الثورة المصرية المعاصرة، فلا تزال في انتظار «حورس»، في انتظار حزب وطني اجتماعي ديمقراطي جامع، يضم أشلاء الثوريين المفرقة، وفي سياق مجتمع منهك بالفقر والبطالة والعنوسة والمرض، مجتمع على المحفة، ولا يبدو مستعدا للمغامرة بثورة جديدة، وعلى طريقة ما جرى في 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013، فهو لا يريد اضطرابا مضافا، قد يخدم الإرهاب الوحشي، ولا يريد خلط ثورته بدعوات الإخوان، وقد جربهم في الحكم، ولا يريد إعادة التجربة، وينتظر وضوح الصورة، وميلاد حزب قوي وقادر ينتصر للثورة اليتيمة.
والذين يتحدثون عن عودة نظام مبارك، ويتعجلون الحكم بنهاية الثورة، ليسوا كلهم من الإخوان، فالإخوان أمرهم مفهوم، ينعون حكما زال بقوة الناس قبل تدخل الحراس، وما من علاقة أصيلة تجمعهم بالثورة وأصواتها ودعاتها، وبين جماعات الثورة الحقيقية من ينعى الثورة، ولأسباب تتصل غالبا بعودة مظاهر للقمع الأمني، والتغول على الحريات العامة، وسيطرة أفواج من جماعة مبارك على مراكز مؤثرة في الحكم، وسعيهم للاستيلاء على مقاعد البرلمان المقبل، مع تزايد أعداد الثوريين المغيبين خلف أسوار السجون، وهذه كلها مخاطر حقيقية لا مفتعلة، قد يتصل بعضها بظروف الحرب على جماعات الإرهاب، لكنها توسعت أكثر مما ينبغي، وتشي لأول وهلة بعودة الاستبداد السياسي، والاستبداد هو علة الثورة في عرف الذين حكموا بنهايتها، ثم أن تصرفات وزارة الداخلية بالذات هي الدليل الأعظم عندهم، وهي البوصلة التي تؤشر لوجود الثورة أو نهايتها، ولا بأس عندهم من تذكر حادثة الشاب خالد سعيد، وتعداد نماذج راهنة، قد تبدو أسوأ، وهذه طريقة تفكير «ليبرالية» الطابع، تحصر فكرة الثورة في تصفية الاستبداد، وفي إشاعة الحريات العامة، وهذه فكرة صحيحة لكنها جزئية، وتبدو خاطئة بامتياز من منظور أوسع، فقد كان الاستبداد عرضا لمرض، وأصل المرض هو الانحطاط التاريخي على مدى أربعين سنة مضت، وتحول الحكم إلى تشكيل عصابي، وإلى حكم عائلي مملوكي، وظيفته النهب العام، وأداته هي الكبت العام، واختياراته هي الولاء للأمريكيين وحفظ أمن إسرائيل ورعاية مصالح رأسمالية المحاسيب، وهو ما يعني ـ بالمقابل ـ فهما آخر لاختيارات الثورة، لا يحصرها في الديمقراطية والحريات العامة، بل يجعل أهدافها ظاهرة ناصعة في كسب الاستقلال الوطني والتصنيع الشامل والعدالة الاجتماعية.
نعم، كانت الثورة ضد الانحطاط التاريخي، وليس فقط ضد الاستبداد السياسي، ومعيار نجاح الثورة ليس محكوما فقط بحالة الحريات العامة، فقد كانت الحريات العامة شائعة ومتاحة أغلب المدة التي تلت الثورة إلى الآن، وإلى حد الفوضى التي لا ينظمها ضابط ولا رابط، ولم يكن في ذلك نجاح للثورة بالضرورة، بل تواصلت محنتها في كل وقت، وبسبب التناقض البين بين حالة الثورة وحالة السياسة، فالثورة بأهدافها تميل إلى الوسط واليسار السياسي والاجتماعي، بينما حالة السياسة تميل إلى العكس، وتسيطرعليها أطياف اليمين الديني والفلولي والليبرالي، بالاستناد إلى القوة المالية التريليونية لطبقة النهب العام، بينما المجتمع الأفقر الثائر لا يملك سلاحا سياسيا، ويفتقر إلى حزب سياسي جامع لأقسام الوسط واليسار، وقد يفيد مناخ الحريات العامة في كسب الحزب المنتظر، ولكن على مدى طويل ممتد لسنوات، وبنظام انتخابات بالقوائم النسبية غير المشروطة، وهو ما يعني أن الفائدة الثورية الكاملة ليست حالة، ولا تتحقق من تلقاء نفسها، ولا بمجرد إتاحة الحريات العامة، والأخيرة في خطر لا تخفى مظاهره، لكن الخطر موقوت فيما نظن، فلن يعود الشعب المصري أبدا إلى خانة الخوف، وربما ينتظر زوال غمة الإرهاب الطارئ، ليستعيد حرياته كاملة، فقد جرى كسر دائرة الخوف إلى الأبد، ولم يعد ممكنا أن نعود إلى زمن الصمت، ولا إلى السلوك المرتعب نفسه أيام مبارك، ولسبب ظاهر جدا، وهو أن الخوف طرفان، طرف يخوف وطرف يخاف، وقد يستعيد المخوف عدة الخوف نفسها، لكن الذي كان يخاف مشى من سنوات، وهذا أعظم إنجاز ثابت مستقر للثورة إلى الآن، فقد تغير مزاج المصريين، وولد شعب جديد، لم يعد يحترف الصبر، ولا يخفي الشعور بالألم.
هل يعني ذلك أن علينا الانتظار؟ وإلى أن تبني الثورة حزبها السياسي الجامع القادر؟ ربما لا يكون الجواب بنعم دقيقا ولا شاملا، فنحن بصدد ثورات من نوع مختلف، لا تصل إلى غاياتها بسهولة، ولا بضربة واحدة، فقد تنخلع الرؤوس، ولكن تبقى النظم تقاوم الثورة لوقت غير قصير.
في تونس مثلا، لا يشكو أحد من هجمة على الحريات العامة، لكن النتائج ـ في المحصلة ـ أقرب للحالة في مصر، فلم تصل الثورة للحكم في تونس، تماما كما جرى في مصر، وبفارق التآكل الموقوت للحريات في مصر، وبسبب محنة الإرهاب التي قد تنتظر تونس نفسها، وقد تعجز الثورة عن التقدم مؤقتا بسبب غياب حزبها القادر، وسيطرة أطياف الثورة المضادة على المشهد السياسي، وتلاحق جولات فوزها الانتخابي التبادلي، لكن الثورة ـ مع ذلك ـ تحقق إنجازات بالتراكم التدريجي، فقد حققت إنجازها الأكبر في وعي الناس، وأزالت غمة الولع باليمين الديني، وبأن للناس ـ بالممارسة ـ عقم البديل الذي يوحي به تضخم اليمين الديني، وانكشاف طبيعة «القرين» فيه لا «البديل» لما كان، وقامت عليه الثورة، وخطوة الوعي الثانية قد تكون انكشاف «خديعة الفلول»، التي تقدم نفسها للناس في أردية مموهة، وبطريقة متقنة نسبيا كما جرى في تونس، أو بطريقة بدائية بلهاء كما يجري في مصر، ومع فارق الوزن الهائل للدولة في مصر قياسا إلى تونس، وعمق التحالف بين البيروقراطية الفاسدة ومليارديرات النهب العام، وقد تكون تلك مشكلة ثقيلة، وهذا صحيح، لكن حجم الغضب الظاهر والمخفي في مصر أكبر بما لا يقاس، ففي مصر 90 مليون مواطن و90 بليون وجع، وهذا ما يجعل التطورات في مصر أقرب إلى مباريات الملاكمة، بينما التطورات في تونس أقرب إلى مباريات كرة اليد. شيء آخر يضاعف ممكنات انتصار الثورة في مصر، واحتمالات عودتها للتقدم بعد العجز الموقوت، هو الشروخ التي تصيب تحالف مماليك البيروقراطية ومليارديرات النهب، فقد أدى التحالف المملوكي إلى تحلل معنى الدولة، ثم تجري إعادة بناء مع ظهور عنوان جديد في شخص الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهو يحظى بشعبية فريدة لا يصح إنكارها، وقد لا يكون أتى من صفوف الثورة، لكنه ابن حقيقي لفكرة الدولة الراسخة في مصر، فالدولة في مصر قوة معنوية قبل أن تكون كيانا ماديا، والسيسي يعلن أن هدفه الأساسي هو تثبيت الدولة، وبما قد يفهم منه البعض العودة بالدولة إلى ما كانت عليه قبل الثورة، وهو فهم لا يبدو سليما، ولا متسقا مع حقيقة ما يجري، فالسيسي يدين مبارك ونخبته وعهده على نحو قاطع، ويقول «منه لله مبارك خرب البلد»، وأن «البلد وقعت في الثلاثين سنة الأخيرة»، وأن «المشكلة بدأت قبل أربعين سنة»، وأن «مبارك كان عليه أن يرحل قبل 20 سنة»، وكلها إشارات على شروخ وصدام صار محتملا جدا، قد يجعل السيسي صديقا لفكرة الثورة، وبدون أن يكون بديلا عن حزب الثورة الذي تنتظره مصر.
٭ كاتب مصري
عبد الحليم قنديل
هل نعود لأيام مبارك؟
أرى ان السؤال الصحيح يجب ان يكون بصيغة الزمن الماضى: هل عادت أيام مبارك؟ او الأكثر دقة هو السؤال: هل ذهبت أيام مبارك حتى تعود؟
سؤال
هل هدم مدينه رفح التاريخيه فعلا يخدم الامن القومي المصري ؟؟؟
ام الامن القومي الاسرائيلي ؟؟؟؟
عودة لأيام مبارك …بدري عليك بدري …. إدا كنت لا تدري فتلك مصيبة وان كنت تدري فالمصيبة اعظم …..السيسي يعلن ان هدفه تثبيت الدولة المصرية طبعا من خلال تدمير رفح المصرية من اجل خاطر عيون اسرائيل ولو طلب منه تدمير القاهرة والاسكندرية ومصر عموما لفعل من اجل عيون اسرائيل …. اختياراته هي الولاء للأمريكيين وحفظ أمن إسرائيل ورعاية مصالح رأسمالية المحاسيب هده كانت خيارات مبارك اليست تلك خيارات السيسي ….ارجو المقارنة … الحريات التي كان الشعب يتمتع بها خلال عهد مرسي وعهد السيسي … برنامج باسم يوسف على سبيل المثال … على فكرة بالامس خرج 3 مليون شخص في فرنسا من اجل 17 قتيل … فكم مليون يجب ان يخرج من اعداد القتلى في رابعة وما تلاها ….
عودة لأيام مبارك …بدري عليك بدري …. إدا كنت لا تدري فتلك مصيبة وان كنت تدري فالمصيبة اعظم …..السيسي يعلن ان هدفه تثبيت الدولة المصرية طبعا من خلال تدمير رفح المصرية من اجل خاطر عيون اسرائيل ولو طلب منه تدمير القاهرة والاسكندرية ومصر عموما لفعل من اجل عيون اسرائيل …. اختياراته هي الولاء للأمريكيين وحفظ أمن إسرائيل ورعاية مصالح رأسمالية المحاسيب هده كانت خيارات مبارك اليست تلك خيارات السيسي ….ارجو المقارنة … الحريات التي كان الشعب يتمتع بها خلال عهد مرسي وعهد السيسي … برنامج باسم يوسف على سبيل المثال … على فكرة بالامس تظاهر 3 مليون شخص في فرنسا من اجل 17 قتيل … فكم مليون يجب ان يتظاهر من اعداد القتلى في رابعة وما تلاها ….
تحية طيبة للكاتب المحترم
معضلة مثقفي 30 يونيو كبيرة و عويصة
إنها معادلة من أد الدنيا إلى مافيش
من عنعالج إيدز وفيروس سي إلى مافيش
من الجيش الذي أذل الأسطول الأمريكي إلى مافيش
من إنتخابات حرة إلى مافيش
من حرية تعبير للجميع إلى مافيش
من مسار ديموقرطي واضح إلى مافيش
أيها الشعب
إن رأيتم مبارك و جماعته قد حصلوا على البراءة
إن عاد حزب مبارك للحكم و للبرلمان
إن عادت سلطة القمع أقوى مما كانت
فلا تيأسوا و اعلموا أن ثورة 30 يونيو تمشي على الطريق الصحيح
الثورة؟ اين هي الثورة.؟
ابحث في القاموس عن معنى الثورة و انظر هل تنطبق على ما و قع في مصر
الرجاء انسى الموضوع و تطرق الى شئ اخر حتى المواطن المصري لم يعد يكترث لهكذا موضوع ” ناموا نسهر على راحتكم”
السيسي تلميذ ووريث مبارك في الخضوع لأمريكا وإسرائيل ومؤيديه من الفلول بكل انواعهم اليساري والناصري واللبرالي والبلطجي.
أرى اﻷستاذ يعيش أحﻻم اليقضة يعبر عن أمنياته بعيدة المدى.إن الوضعية السياسية لمصر في حالة ﻻ يغتبط أحد مثلها فهي في اﻻنحدار والتراجع بوضوح الشمس .أتمنى بأعماق قلبي أن يسود الرشد واﻻهتداء إلى الصﻻح.
الله عليك ما اجمل ما تكتب عن الحريات والقمع والفقر وكان السيسي من كوكب اخر وكان السيسي مغلوب على أمره الله . .
“هنية” لك بالدفاع عن السيسي و بالمرة دافع عن السبسي …إذا كان السيسي صادقا “وقلبه على مصر”! كما يدعي و كما أشرتَ إلى ذلك و إذا لم يكن ممن انقضوا على الثورة .. فلماذا لم يقم بالانقلاب على نظام “البارك” منذ 20 سنة مضت بإختصار شديد ، انتظر “منجزات”!!! السيسي و الفلول ، كفى من طرح الإسئلة الإستنكارية …..