طرابلس – «القدس العربي»: تصاعدت ردود الفعل المحلية المنددة بتصرفات رئيس مجلس النواب الليبي الأحادية والمخالفة للاتفاق السياسي وللإعلان الدستوري ولقوانين مجلس النواب الداخلية، من قبل العديد من المؤسسات والأفراد حتى من التابعين للمجلس الذي يرأسه، رغم حصوله على ما يبدو على مباركة دولية وتأييد من البعثة الأممية التي باتت تتجاهل الأعضاء الذين اختارتهم لقيادة دفة لجنة الحوار.
فقد وقع 22 برلمانياً في مجلس النواب الليبي على ورقة عبروا فيها عن استغرابهم من عدم التصويت على مشروع قانون انتخاب رئيس الدولة، مؤكدين أن هذا الأمر يعد مخالفة للوائح، وأنه عرقلة للانتخابات.
وأوضح النواب في بيانهم الذي نشر الجمعة، أن المجلس لم يصوت على مشروع قانون انتخابات رئيس الدولة في أي جلسة من جلساته السابقة، ولم يصدر بشأنه أي قرار أو قانون، وإن ما حدث في الجلسات السابقة كان مناقشة القانون وإحالته إلى اللجنة التشريعية لإعداد صياغة نهائية للقانون للتصويت عليه، وهو ما لم يحدث.
وختم النواب بيانهم بأن أعضاء المجلس يبدون استغرابهم من هذا التصرف المخالف للوائح والنظم المعمول بها، ويحمِّلون المسؤولية الكاملة لهئية رئاسة مجلس النواب عن هذا الإجراء باعتباره يتعارض مع الإعلان الدستوري الموقت وتعديلاته والاتفاق السياسي والنظام الداخلي لعمل المجلس، واعتبار ذلك عرقلة للانتخابات التشريعية والرئاسية، المقرر عقدها في 24 كانون الأول/ ديسمبر المقبل.
وقال عضو مجلس النواب الليبي أبوبكر سعيد، تعليقاً على تجاوزات رئيس المجلس، أن قانون انتخابات رئيس الدولة الذي أحيل للبعثة، لم يتم التصويت عليه داخل قبة البرلمان وفق ما نصت عليه اللوائح والقوانين، وأتحدى أي شخص يُثبت عكس ذلك، ونؤكد إنه لم يصدر بشأنه أي قرار أو قانون من المجلس مجتمعاً.
وأضاف: “بالفعل، تم الانتهاء من مناقشة مواد القانون، وكان الخلاف في مادة واحدة، وأحيل للجنة التشريعية لغرض إعداد صياغة نهائية للقانون للتصويت عليه من قبل المجلس، وهو ما لم يحدث حتى تاريخه”.
إلا أن البعثة الأممية لدى ليبيا وعلى لسان مبعوثها الخاص، كان لها رأي مفاجئ حتى اتهمها البعض بالتفاهم والتآمر مع عقيلة صالح، حيث قال المبعوث الأممي لدى ليبيا يان كوبيتش، أمام اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية في القاهرة، إن مجلس النواب بصدد الانتهاء من القوانين الانتخابية لكل من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
وتابع: “قد أعلمني رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، أن قانون الانتخابات الرئاسية قد تم اعتماده بالفعل باعتباره القانون رقم 1 لسنة 2021، بينما يمكن تنظيم الانتخابات النيابية بناء على القانون الحالي، مع احتمال إدخال تعديلات يمكن الموافقة عليها خلال الأسبوعين المقبلين”.
وأضاف كوبيتش: “على هذا الأساس، تواصل المفوضية الوطنية العليا للانتخابات استعداداتها للانتخابات التي يمكن إجراؤها في غياب الإطار التشريعي، بما في ذلك قيامها بتسجيل الناخبين؛ حيث بلغ إجمالي عدد المسجلين 2.86 مليون (43 بالمئة منهم من النساء)، فيما يجري العمل على التسجيل لعملية التصويت خارج البلاد بالتشاور مع وزارة الخارجية الليبية، وسوف يستلزم ذلك تعاوناً ودعماً من الدول التي تستضيف مواطنين ليبيين”.
وفي تصريح لـ “القدس العربي” قال عضو ملتقى الحوارالسياسي الليبي عبد القادر حويلي والعضو في المجلس الأعلى للدولة، إن ما جاء من قبل رئيس مجلس النواب عقيلة صالح يعدّ عرقلة غير مباشرة لموعد الانتخابات، موضحاً أن السؤال الذي يجب أن يطرح هو: لماذا لم يصدر قانون انتخاب السلطة التشريعية هي الأولى؟ وتابع أن البعثة لا تستطيع مباركة هذه الخطوة الأحادية لأنها مخالفة للاتفاق السياسي الليبي، وأن خطوة عقيلة صالح تعتبر مخالفة لقرارات وبيانات مجلس الأمن الدولي، وخاصة القرار 2259 لسنة 2015 الذي اعتمد الاتفاق السياسي الليبي، مضيفاً: “نحن ممثلي المجلس الأعلى للدولة في ملتقى الحوار السياسي الليبي، نرفض هذا التصرف”.
وأوضح الملتقى: برعاية البعثة لا يستطيع تجاوز قرارات مجلس الأمن الدولي، مضيفاً أن هناك طلباً من أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي بعقد جلسة طارئة، لكن البعثة لم تستجب حتى الآن .
كما تحدث لـ”القدس العربي” عضو الهيئة التأسيسية نادية عمران، التي أكدت هي الأخرى أن “ما صدر عن مجلس النواب لا يعنى شيئاً، وكل ماحدث هو محاولة واضحة لتعميق الأزمة وعرقلة الانتخابات”، مضيفة أن “من المفترض اعتماد القاعدة الدستورية، ومن ثم إعداد القوانين الانتخابية استناداً إليها”.
وقالت إنه “من الضروري جداً توافق مجلس الدولة على القوانين وفقاً لنص الانفاق السياسي” موضحة أنه “من الأساس هذا القانون لم يتم التصويت عليه داخل مجلس النواب، وأن القوانين تحتاج لموافقة 120 عضواً من مجلس النواب، ولم يحدث أن حضر هذا العدد كل الجلسات السابقة”.
وتابعت: “ما حدث هو خلل اإرائي ودستوري وسياسي فادح، وإنه لا يوجد توافق دولي حول ما يفعله عقيلة. هناك دول متصارعة وأجندات ومصالح مختلفة” معتبرة أنه “لن تجرى أى انتخابات استناداً إلى هذا القانون، وهم يدركون ذلك تماماً. ما يجرى خلط للأوراق فقط”.
ويبدو أن مباركة البعثة لم تكن الوحيدة، فمن الواضح أن أمريكا أعطت الضوء الأخضر هي الأخرى، والتي وجهت ودعت إلى تقديم التنازلات عبر صفحتها الرسمية، مشيرة على ما يبدو إلى المجلس الأعلى للدولة، حيث قالت إن المفوضية الوطنية العليا للانتخابات جاهزة، والشعب الليبي جاهز، والمجتمع الدولي جاهز، مضيفة: “نحتاج حقاً إلى أن نكون في موسم الحملات الانتخابية في الوقت الحالي مع وجود وقت قصير جداً من الآن وحتى 24 ديسمبر.
وتقنياً، لا يوجد سبب لعدم إجراء الانتخابات، وتحتاج القيادة الليبية للعمل معاً لتقديم التنازلات اللازمة بشأن الأمور القانونية والأساس الدستوري حتى تجرى الانتخابات”.