إليكم هذه القصة الشخصية ومنها ننطلق: قبل أربع سنوات حدثني دبلوماسي عربي صديق عائد لتوه من تونس عن جلسة جمعته هناك بوزير تونسي من الدائرة الضيقة المحيطة بالرئيس زين العابدين بن علي، لم يقل لي وقتها من هو. تطرق الحديث معه، من جملة ما تطرق إلى قضايا الإعلام والإعلاميين، فقال الوزير في التلفزيون الذي أعمل فيه ما قال مالك في الخمرة، لكن المفاجأة أنه في هذا السياق، حـَـــمل بشدة على عبدكم الفقير وحمـّــله جزءا كبيرا من التوتر الذي صبغ علاقة بلاده بهذا التلفزيون باعتباري «إخوانجيا» يسعى لتشويه النظام خدمة لجماعته المعارضة.
– ولكن كريشان ليس «إخوانجيا» أبدا، سيدي الوزير. أنا أعرفه منذ أكثر من عشرين عاما، قل عنه وفيه ما تشاء ولكنه بالتأكيد ليس كذلك !! قال صديقي معترضا ومصححا.
ـ لا.. لا .. هو «إخوانجي»… نحن متأكدون تماما من ذلك وحتى السيد الرئيس شخصيا مقتنع تماما بهذا.
ما مناسبة هذا الحديث وما المغزى منه؟ أما المناسبة فهي الذكرى الرابعة للإطاحة ببن علي ومغادرته البلاد وأما المغزى فلن يكون أحد أقدر على الاستفادة منه الآن أكثر من الرئيس الجديد الباجي قائد السبسي وفريقه الجديد المحيط به في قصر قرطاج.
تمر الأسابيع وتجمعنا مناسبة أخرى مع صديقنا الدبلوماسي وكان بن علي قد غادر البلاد والسلطة، فقال إنه بات بإمكانه الآن أن يذكر لي إسم هذا الوزير البارز وذي النفوذ وهو ما فعل. وتشاء الصدف أن يكون معنا في نفس الجلسة مسؤول عربي بارز سبق أن عمل لسنوات على رأس جهاز أمني كبير. سألته بمزيج من الحيرة والاستخفاف:
ـ بالله عليك فسر لي كيف يخطىء مسؤولون على هذا المستوى في تحديد الهوية السياسية لصحافي معروف من أبناء جلدتهم ؟!! أن يكون المرء إخوانيا ليس تهمة بتقديري ولا شبهة ،، فهذا انتماء سياسي كغيره… ولكن ما هذه الخفة وعدم المهنية في التشخيص؟!!
ـ أتظن أن هذه الجهات جامعات مرموقة أو مراكز دراسات حتى تحدد هذه المواضيع بدقة علمية!! هي باختصار تضعك في الخانة التي تتيح لها التصرف معك كعدو. وهذه الخانة في تونس ليست سوى أن تكون إخوانجيا… هكذا بكل بساطة !!.
وفي كثير من المرات التي كتبت فيها في هذه الزاوية الأسبوعية منتقدا، وببعض القسوة أحيانا، سواء حركة «حماس» الفلسطينية أو الرئيس محمد مرسي وجماعة «الإخوان المسلمين» في مصر أو حركة «النهضة» وزعيمها راشد الغنوشي، يراودني تساؤل ممزوج بابتسامة: ترى لو قــُــدر لبن علي أن يقرأ ذات مرة أحد هذه المواضيع.. ألا يستغرب أن يكون قد صُــنفت عنده لسنوات طويلة كما صنفت.
المهم هنا، أن الهدف من وراء ما رويت ليس فقط أهمية تفكير أعلى هرم الدولة في إرساء تصور جديد للتعامل مع المختلفين مع النظام يبتعد عن الحساسية المفرطة والتصنيفات الجاهزة ولكن أيضا إرساء أسلوب جديد في تعامل هذه الجهة السيادية مع الإعلام والإعلاميين. لقد مرت علاقات قائد السبسي بالصحافيين في تونس ببعض التوتر أحيانا نتيجة تصرفات أو مفردات لم تكن موفقة وقد يكون للمرحلة السابقة في البلاد ظروفها التي أتاحت انزلاقات هنا وهناك من أطراف عدة، لكن المقبل من السنوات يستلزم مقاربة مغايرة تماما أكثر تخطيطا ورصانة لا سيما من رئيس الدولة والمحيطين به.
الرئيس بن علي كان كارها للإعلام والإعلاميين، إلا المطبلين منهم، كان لا يتحدث لوسائل الإعلام إلا نادرا جدا، لم يظهر أبدا في أي مؤتمر صحافي أو مقابلة تلفزيونية على الهواء وكل مقابلاته مكتوبة ومعدة سلفا أسئلة وأجوبة. أما الرئيس منصف المرزوقي فكان متحدثا جيدا، بغض النظر عن عدم التوفيق أحيانا في الجهة التي يختارها، غير أن الواقع على الأرض خذله إذ كانت رغبة التونسيين في التغيير أقوى من أي شيء آخر. أما الرئيس الباجي قائد السبسي فلا شك أنه مدرك الآن لضرورة التفريق بين لهجته السابقة في وسائل الإعلام كزعيم حزب في جو تنافسي، وأحيانا مشحون، وبين الحديث الآن كرئيس دولة.
وتبقى المسألة الهامة الأخرى المتعلقة بالفريق المقرب الذي يعمل مع الرئيس يوميا والذي يفترض أنه يستشيره ويأخذ بآرائه في كثير من الأمور.
هذا الفريق كان مع بن علي نواة التصلب والأقرب إلى أن يكون الحكومة الحقيقية المسيرة للبلاد فزاد في تدمير علاقته مع الإعلام، فيما لم يكن له في عهد المرزوقي تأثير يذكر مع انتقال الثقل إلى رئاسة الحكومة. أما المجموعة التي اختارها قائد السبسي حوله فمن بينها أسماء واعدة أرجو ألا يخيب الظن فيها سريعا ذلك أن التجارب علمتنا في الغالب للأسف أن من تعرفه جيدا قبل المسؤولية بالكاد تستطيع أن تعرفه بعدها.
٭ كاتب من تونس
محمد كريشان
و مع ذلك لو قرأ بن علي مقالك هذا ( ولا أعتقد أن يقرأ أصلا ) سيقول : ‹‹ و مع هذا ـ أيها المواطنون ـ إن محمد كريشان خوانجي ـ بكل حزم ـ ››
نظام بن علي من أسؤ الأنظمة التي عرفها العصر الحديث ، نظام لم يبنى علـى الموضوعية بقدر ما بني على الإتهام بلا حرفية ( نظام شعوذة بالأساس ) !
و أنت أعلم بهذا مايقوله العمدة، يرفع للرئيس و ما يقوله الرئيس يأمر به البوليس وبين القاعدة و الهرم ( السلطوي) مجموعة مطبلين
اصبح ومن سوء الحظ وخاصة بالنسبة للعديد
من مثقفينا ونخبنا السكوت عن الظلم
في حق الاسلاميين .حتي اصبح حزب شيوعي
يطالب باجتثاث النهضة وكان عقيده الملحدة
هي من ستوحد الامة.
ضريبة محاربة الفساد والاقتراب من الحقيقة وتقريبها للناس ان تلصق بك كل التهم الموجودة على ظهر الأرض
واليوم طبعا اعلى التهم واكثرها رواجا هي تهمة الاخوانجي
الاخوانجي صارت تهمة متبادلة حتى بين عامة الناس في مشاداتهم اليومية
قد يُتغاضى عن التاجر الغشاش في الميزان او يكتفى بمواجهة مقبولة نوعا ما
لكن لو كان الغشاش يحمل فوق راسه طاقية الاخوانجي ستقوم الدنيا وتُقعد وتشحذ السكاكين …
ولذلك دائما من تلصق به تهمة الاخوانجي ليتوقع انه سيكون دوما محط انتقاد
والجميع دائما حوله على اهبة الاستعداد لتصيد أخطائه
نتمنى للشعب التونسي كل الخير والاستقرار وان تتخلص العقول من الصور النمطية الجاهزة الملصقة بالاخر المخالف في الراي او المنتقد
اصبح الكل يعرف ما للاعلام من تاثير في الراي العام وفي توجيه قرارات الشعوب
فحبذا لو تعمل الانظمة العربية على الاهتمام بهذه الفئة من صناع القرار بدل تاليب الراي عليهم واقصائهم
أبدعت يا محمد كريشان عنوان وطريقة طرح ومعالجة تبين خلاصة حكمة لتجربة واقعية، وهذه على الأقل من وجهة نظري ميزة الحكمة عن الفلسفة، فقد لاحظت أن الاحتشام والحشمة في النظام الملكي كما هو الحال في بريطانيا فلذلك تجد الحكمة أكثر منها في فرنسا التي من الواضح أكثر فلسفة وأقل احتشاما، في حين أن أمريكا حاولت تجمع بين أفضل الأثنين من خلال تلخيصها في الحكمة الأمريكية التي تقول “كل تاجر جيّد هو سياسي جيد، ولكن ليس بالضرورة أن كل سياسي جيد سيكون تاجر جيد” ومن هذه الزاوية نفهم اختلاف الوسط البيروقراطي بشقيه الجمهوري والملكي بغض النظر ديمقراطي كان أو ديكتاتوري عن أوساط العولمة.
أظن أنَّ الشعب عندما خرج يهتف بكل جوارحه “الشَّعب يُريد اسقاط النِّظام” الذي ينتج مثقف ونخب حاكمة بلا ذمة ولا ضمير ولا إنسانيّة، كما أوضحها عنوان وفحوى مقالك في طريقة اسقاط كل من لا يعتبره من ضمن الـ أنا، وبلغة عربيّة فصيحة، والتي هي لغة القرآن، ومعجزة الإسلام كانت لغة القرآن، وهو ما يختلف به عن بقية الأفكار والفلسفات في كل بقاع الأرض، ولذلك لا يستطيع أحد اختطاف الإسلام لأنّه لغة وليس فكر أو فلسفة (أو أحلام لكيف تتحكّم في الأشياء).
أنا أظن سبب فوز نداء تونس في الانتخابات لمجلس النواب والرئاسة، هو عدم التزام كل من أحزاب الترويكا الثلاثة بمبادئه كلٌّ على حدة، إن كانت النهضة أو غيرها تحت عنوان “الشرعيّة التوافقيّة”، فأصبح الجميع في الهوى سوا، ما دام كل منهم يرفض الإلتزام بمعنى المعاني لما يمثله حزبه من مفاهيم، فالنهضة رفض حتى تطبيق الشريعة، وتغيّر الاسم لوصم المعارضين من “اخوانجي” إلى “إرهابي”، ورفضت النهضة حتى الجلوس معهم، في تناقض فاحش، فكيف تقبل الحوار مع العلماني، في حين ترفض التعامل مع من هم من تيارك شئت أم أبيت.
قالت حكمة العرب “من شبّ على شيء شاب عليه”ما رأيكم دام فضلكم؟
أمثالك محمد كريشان مفخرة لكل عربى ومسلم ،.
الاخوان شوكة في حلق انظمة الفساد و الديكتاتورية من المغرب الى جاكارتا
يا سي محمد
لا شك عندي ان شهامتك منعتك من ذكر اسم الوزير المقرب الذي كان مقتنعا بانك”خوانجي” وهو الذي ساهم في اقناع الرئيس السابق زين العابدين بن علي بانك “خوانجي”وحرّضه عليك .
لا يجب أن تكون من الإخوان المسلمين لتقف على الطرف الخطأ من معادلة ما يجري على الأرض العربية يا سيد كريشان. مع ذلك احترام الرأي الأخر واجب وأنا شخصيا أقدر الكثير مما تكتب رغم اختلافي الهائل مع الكثير منه. ونتمنى لك التوفيق لأنك على الأقل لا تقوم بالتحريض ضد الآخرين وتحترم مهنتك وتحترم آراء غيرك. أليس ذلك جزءا من اللعبة الديمقراطية التي لم نتعلم كعرب كيف نلعبها بعد؟
إذا كان الجدد على سيرة القدماء فسيكتفون بقراءة العنوان، ظانين أنهم حصلوا على اعتراف!
لا تعجبنى النسبة بلفظة “اخوانجى” لما فيها من غمز خفى يا سيد كريشان على طريقة أصحاب المهن الحرفيين من نوع قوموسنجى و عرضحالجى و تعلمجى أنت تتحدث عن منظمة فكرية سياسية اجتماعية كبيرة أثرت الحياة العامة على مدى الثمانين عاماً الماضية و لعل النسبة الصحيحة هى “اخوانياً ” مع تقديرى