مطالبة الرئيس بعد زيارته للكنيسة الأرثوذكسية بإصدار قانون لمنع التمييز ضد الأقباط

حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي» : نعتذر في البداية عن الخطأ الذي وقعنا فيه في تقرير أمس عندما ذكرنا أن محكمة النقض قبلت طعن النيابة على حكم محكمة الجنايات ببراءة الرئيس محمد حسني مبارك، والصحيح أنه كان قبول طعن مبارك في قضية القصور الرئاسية.
أما طعن النيابة العامة الذي قدمته محكمة النقض فسيكون ضد الحكم ببراءته في قضية قتل المتظاهرين في ثورة يناير/كانون الثاني، ونتيجة لقبول طعن مبارك في قضية القصور الرئاسية وكانت عن استخدامه أموال رئاسة الجمهورية لإجراء إصلاحات وديكورات في فيلات لعلاء وجمال مبارك، وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات وعلى نجليه بالسجن أربع سنوات، وقاموا بدفع المبالغ التي سحبوها من ميزانية قصور الرئاسة، أي أن الواقعة ثابتة عليهم، رغم انتهاء مدة الحبس الاحتياطي، وبالتالي خلع مبارك «بدلة السجن» الزرقاء وارتداء البيضاء، انتظارا لإعادة القضية نفسها إلى دائرة أخرى وكذلك لمصير طعن النيابة العامة على حكم براءته في قضية قتل المتظاهرين، وحتى الآن سيظل مبارك في مستشفى المعادي للعلاج، كما قال محاميه فريد الديب، نظرا لاقتراب ذكرى ثورة يناير/كانون الثاني، كما سيظل علاء وجمال في السجن، لأن أي قرار خاص بالثلاثة سيكون للنيابة العامة، بالإضافة إلى أن هناك قضايا أخرى سيتم رفعها على مبارك تعهد بها جهاز الكسب غير المشروع.
وأشارت الصحف أمس الخميس إلى ذكري ميلاد خالد الذكر وإلى النشاط السياسي الخارجي الواسع للرئيس السيسي، الذي استقبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس والوفد المرافق له، كما سيقوم بزيارة للإمارات يوم الأحد لإلقاء كلمة في مؤتمر القمة العالمية لطاقة المستقبل، وتقديم الشكر للأشقاء في الإمارات لدعمهم مصر، هي أمه وأمي، كما سيحضر المؤتمر الاقتصادي الدولي الذي يعقده منتدى دافوس في سويسرا في الواحد والعشرين من الشهر الحالي.
كما توجه وزير الخارجية سامح شكري من كينيا إلى المغرب لتطويق الأزمة معه، التي نتجت عن وصف التلفزيون المغربي لما حدث في الثلاثين من يونيو/حزيران بأنه انقلاب لا ثورة، كما أرسل رئيس الوزراء القطري دعوة إلى رئيس الوزراء لحضور حفل افتتاح بطولة كأس العالم في كرة اليد في العاصمة الدوحة. واستقبل شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب مطران إثيوبيا الأرثوذكسي متياس الأول.
كما قامت لجنة حصر أموال جماعة الإخوان بالتحفظ على ممتلكات الجمعية الطبية الإسلامية، ولها ثمانية وعشرون فرعا في سبع محافظات وعلى حساباتها في البنوك واختيار مفتي مصر الأسبق الدكتور الشيخ علي جمعة مشرفا عليها، مع متخصصين من وزارة الصحة، مع استمرارها في أداء خدماتها واحتفاظ العاملين فيها بوظائفهم، وكان قد أنشأها في عهد السادات المرحوم الدكتور احمد الملط عضو مكتب الإرشاد، وكان مسجونا مع عمي المرحوم الحاج إبراهيم كروم في قضية محاولة اغتيال خالد الذكر عام 1954 وأفرج عنهما عام 1955 مع مئات آخرين وعاد الدكتور احمد الملط وكان جراحا للعمل في مستشفي بولاق أبو العلا الحكومي، وافتتح عيادة له في ميدان سيدي سعيد في بولاق أيضا بالقرب من منزل عمي اييه .. اييه .. أيام رحم الله الجميع وأسكن عمي والملط فسيح جناته.
أما أكثر الأخبار اجتذابا لاهتمام الغالبية فكان استمرار أزمة أنابيب البوتاجاز وانقطاع الكهرباء بسبب تشغيل الدفايات والمكيفات لمواجهة ظاهرة البرد الشديد وامتحانات نصف السنة.
وإلى شيء من أشياء عندنا..

أمريكا لم تضع حدا لإرهاب إسرائيل

ونبدأ بتوالي الكتابات والتعليقات على الحوادث الإرهابية التي تعرضت لها فرنسا وكثرتها، رغم تراجع الاهتمام بها من الناحية الإخبارية، ولا تزال روح الشماتة في فرنسا ودول أوروبا، وتمني أن تتعرض أمريكا لأعمال مشابهة هي السائدة بين الأغلبية على مختلف اتجاهاتهم، رغم عدائهم الشديد للتطرف ودعواتهم لاتخاذ أشد الوسائل قوة لمواجهة الإرهابيين. وسبب هذا التوحد في التوجه رغم الخلافات السياسية، هو روح العداء لأوروبا وأمريكا بسبب انحيازها لإسرائيل ضد أشقائهم الفلسطينيين وعدم اتخاذها مواقف تضع بها حدا لإرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل ضدهم ودفعها لإنهاء احتلالها.
وكذلك الدور الذي لعبته هذه الدول في إنشاء ودعم الجماعات الإرهابية والجماعات الدينية واحتلال العراق وتدميره، وتدخلاتها في سوريا وليبيا ومحاولاتها الفاشلة لتكرار السيناريو نفسه في مصر. أيضا برز في كتابات المعادين للتيار الديني استنكار شديد لتعرض الرسول صلى الله عليه وسلم للهجوم واستفزاز مشاعر المسلمين، بحجة أنها حرية رأي، في الوقت الذي يقدمون للمحاكمات من ينكر المحرقة اليهودية أو الدعوات لإحياء النازية والفاشية.

الجماعات الإرهابية نمت
وترعرت في أحضان المخابرات الغربية

ونبدأ من يوم الثلاثاء مع زميلنا وصديقنا في «الأخبار» رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم الأسبق محمد بركات وقوله: «الإعلان المصري الواضح والصريح الرافض للجريمة والمستنكر لعمليات القتل والتخريب والترويع، التي يرتكبها هؤلاء الإرهابيون ضد الإنسان في أي مكان في العالم لا تعني التغاضي عن الحقائق الدافعة، التي تؤكد نشأة الجماعات الإرهابية ونموها وتضخمها على يد المخابرات المركزية الأمريكية (سي أي إيه) وفي أحضان وتحت رعاية الأجهزة الأمنية والمخابراتية البريطانية والفرنسية والألمانية والتركية وغيرها ممن يأتمرون بأمر الولايات المتحدة ويخضعون لإرادتها».

الإرهاب لا وطن له

وفي يوم الأربعاء قالت مديرة تحرير جريدة «الأهالي» الجميلة زميلتنا العزيزة أمينة النقاش في عمودها «ضد التيار»: «نزل ثلاثة عشر ألف جندي من الجيش في فرنسا لحماية المنشآت الحيوية بعد المجزرة التي حدثت في صحيفة «شارلي إيبدو» وفي أعقاب طلب الرئيس الفرنسي من مواطنيه تفويضا لمواجهة الدولة الحاسمة للإرهاب، لم يقل أحد من الناشطين والمحليين الغائبين عن الوعي، إن الرئيس يعسكر المجتمع الفرنسي.توحد الشعب الفرنسي بكل فئاته وأحزابه وقواه المدنية خلف الرئيس لحماية الدولة الفرنسية، دفاعا عن هيبتها ومبادئها.
مجزرة فرنسا تبعث بأكثر من رسالة بينها أن لا أحد فوق سلطة الدولة، وأن هيبتها وقوانينها وأعرافها فوق الجميع، وأن الإرهاب لا وطن له وأن مكافحته تحتاج إلى جهد دولي منظم.
سبق لمصر الدولة أن دعت إليه منذ عام 1986 وأن استخدام الجماعات الدينية لأهداف سياسية ضيقة هو سلاح ذو حدين ينفجر في الأغلب الأعم في وجه مستخدميه، وان الدعم غير المحدود الذي تقدمه الدول الأوروبية لإسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني سوف يفقد تلك الدول التعاطف الشعبي في الدول العربية ما لم يكن ضمنها دعمهم لدولة للفلسطينيين على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية».

الغرب يفرض علينا احتلالا سياسيا مقنعا

ونتجه إلى مؤسسة الأهرام يوم الأربعاء نفسه بعد أن علمنا بوجود مقالات لجميلات مثل زميلتنا في جريدة «الشباب» الأسبوعية إلهام رحيم وقولها: «فرنسا التي تصرخ من الإرهاب صدرت لسوريا وحدها ألفا ومئتي إرهابي فرنسي خلال العامين الماضيين، ليحاربوا ضد الدولة السورية. سوريا التي قتل منها حتى الآن مئات الآلاف من الأبرياء من أجل ما أطلقت عليه فرنسا وشركائها ثورات الربيع العربي، التي لم تخدم إلا مصالح أمريكا والغرب في تدمير الدول العربية والاستيلاء على ثرواتها.
الغرب الذي يفرض علينا احتلالا سياسيا مقنعا في صورة حقوق الإنسان وقوانينها التي لا يتمسكون بها إلا عندنا، لذا يكون عندهم قتل الأبرياء إرهابا وعندنا خلافات سياسية. قتل رجال الجيش والشرطة لديهم جريمة الجرائم، ولدينا لابد من إعادة هيكلة الجيش والشرطة لإرضاء القتلة».

مشهد نتنياهو في مقدمة
مسيرة باريس يثير الاستياء والسخرية

أما ثاني جميلة في المؤسسة فهي زميلتنا في «الأهرام» اليومي أسماء الحسيني التي قالت: «أثار مشهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وهو يتقدم الصفوف في مسيرة باريس المنددة بالإرهاب، سخرية واستياء كبيرين، كما أثار تساؤلات واسعة عن ماهية الإرهاب الذي يريد المشاركون في المسيرة والمجتمع الدولي من خلفهم محاربته؟ ولأن المبادئ كل لا يتجزأ فإن المطلوب من الجميع في العالم العربي والإسلامي وفي المجتمع الدولي الاتفاق على تعريف جامع مانع للإرهاب، لا يستثني إرهاب دولة الاحتلال الإسرائيلي، ذلك الكيان السرطاني الذي زرعته دول الغرب في منطقتنا ليمزق أصولها ويعبث فيها منذ عام 1948 وقبلها، عدوانا واحتلالا وقتلا وتشريدا رافضا كل الدعوات للحول السلمية.
علينا كعرب ومسلمين أن نرفض الإرهاب وأن نكون مبدأيين في رفضنا له، أيا كان شكله او ضحاياه، لأن هذا ما يحضنا عليه ديننا وقيمنا، ولأننا أيضا من نكتوي الآن بنيرانه في كل بقاعنا، يجب أن تكون رسالتنا واضحة للغرب تماما، بأن حرية التعبير لا تعني الإساءة لمعتقدات الآخرين، وبأنهم من ساعدوا في نشوء «القاعدة» لاستخدامها في حربهم ضد الاحتلال السوفييتي، وأن تنظيم «الدولة» وغيره من التنظيمات المتطرفة نشأ في مراتع الظلم والطغيان والطائفية، التي نتجت عن الاحتلال الأمريكي للعراق، ثم تسليمه لإيران والسياسات الطائفية، وقبل ذلك يجب ان يعلموا أن وجود إسرائيل وسياساتها الإجرامية هي سبب رئيسي في تصاعد الغضب والتطرف في المنطقة».

ازدواجية الغرب في التعامل مع مبادئ حقوق الإنسان

طبعا.. طبعا.. فهذا مما لا ريب فيه ولا شك، وإلى الجنس الخشن في «الأهرام» وزميلنا سمير الشحات وقوله: «إن هؤلاء الإرهابيين ليسوا خريجي الأزهر، ولا هم متعمقون في دراسة علوم القرآن الكريم والسنة والحديث، ولا هم درسوا حياة الرسول الكريم دراسة واعية، بل ولا يتحدثون اللغة العربية أصلا، فكيف يمكن نسبة هؤلاء إلى دين الإسلام، وهم أبناء شرعيون للحضارة الغربية، مولدا وتعليما وروحا ووجدانا.
هل ينكر منكر أن ازدواجية الغرب في التعامل مع مبادئ حقوق الإنسان باتت ملمحا أساسيا من ملامح الحضارة الغربية هذه الأيام؟ أليس من الممكن أن يكون ذلك الإرهاب الأسود جزءا من لعبة الأمم التي لا يعرف إلا الله وحده من وراءها وما غايتها الحقيقية؟
ونعود إلى سؤال الحقيقة الغائبة ونجادل بأن ما جرى وسوف يجري ضارب بجذوره في حضارة الغرب ذاتها، وما لم يسارع أصحاب تلك الحضارة إلى تدارك الأمر وتسليط الضوء على مكامن الخلل في حضارتهم، فعليهم ألا يتوقعوا نهاية قريبة للمأساة وقد أعذر من أنذر».

تزامن الهجوم على «شارلي إيبدو»
مع تصويت فرنسا لصالح القرار الفلسطيني

والجديد هنا أن سمير يشير إلى إمكانية تورط أجهزة مخابرات أمريكية أو إسرائيلية أو أوروبية في تدبير هذا الهجوم الإرهابي، وسنترك «الأهرام» مؤقتا لنعود إلى «الأهالي» وزميلنا وصديقنا نبيل زكي المتحدث الرسمي باسم حزب التجمع وإشارته في عموده «عاجل للأهمية» إلى مثل هذا الاحتمال، أي أن الهجوم مدبر لمعاقبة فرنسا إذ قال: «ليس من المصادفة أن يجيء توقيت الهجوم الإرهابي على المجلة الفرنسية عقب تصويت فرنسا في مجلس الأمن لصالح مشروع القرار الفلسطيني الذي ينص على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وهو تصويت يتناقض مع الموقف الأمريكي الرافض للمشروع الفلسطيني، كما لو كان المطلوب هو معاقبة فرنسا على وقوفها إلى جانب شعب فلسطين، وليس من المصادفة أن يتم هذا الهجوم في وقت تتصاعد فيه نداءات اليمين المتطرف في عدة أنحاء من أوروبا للمطالبة بطرد العرب، خاصة المسلمين من الدول الأوروبية».

نحن نتضامن مع شعوب
الأرض جميعا ضد الظلم

ثم نعود إلى «الأهرام» لنكون مع أحد مديري تحريرها زميلنا وصديقنا جمال زايدة الذي قال رافضا الشماتة: «هناك مبادئ أساسية أعتقد أننا كمصريين يجب أن نتفق عليها، فيما يتعلق بالقتل العلني في صحيفة «شارلي إيبدو»: أولا الإرهاب هو الإرهاب في كل مكان وزمان لا فرق بين تفجير مركز التجارة العالمي في نيويورك واقتحام صحيفة «شارلي إيبدو» وقتل الرسامين والصحافيين بدم بارد، وبين قتل جنود الشرطة المصرية على يد تنظيم إرهابي أو قتل الأبرياء في سيناء أو الفلسطينيين الأبرياء في غزة.
الشماتة لا محل لها هنا، من يفعلون ذلك إنما تجردوا من حسهم الإنساني ونحن في مصر اكتوينا بالإرهاب، لا معنى أن حكومة هنا أو هناك لم تقف معنا الوقفة المناسبة ألا نعرب عن تضامننا، نحن نتضامن مع شعوب الأرض جميعا..».

مجلة «شارل إيبو» فصلت
أحد رساميها بدعوى معاداته للسامية

ونغادر «الأهرام» إلى مجلة «المصور» وزميلنا طارق سعد الدين وقوله عن مجلة «شارلي إيبدو»: « المجلة نفسها سبق وفصلت أحد رساميها في عام 2009 بحجة معاداته للسامية، كما أن كل ناشري ألمانيا وفرنسا رفضوا نشر مجموعة قصصية بعنوان «منطقة الأوهام» للكاتب البريطاني مارتن أميس، وهي قصص خيالية حول المحرقة من وجهة نظر ثلاثة قادة في معسكر لإبادة النازية، رغم أن المؤلف كان أستاذا في الكتابات الإبداعية في جامعة مانشستر، ورغم أن جريدة «التايمز» صنفته واحدا من أعظم خمسين كاتبا بريطانيا، إلا أنهم وصفوا روايته بالتافهة ولم يجرؤ أحد على نشرها. أما رجل الدين البريطاني المطران ويليامسون فقد منعته أستراليا من دخول أراضيها، لأنه وصف اليهود بأعداء المسيح، فعلق بابا الفاتيكان السابق بندكتوس السادس عشر كل مهامه الأسقفية، كما طرد الرجل من الجمعيات الدينية التي ينتمي إليها. أما المفكر والفيلسوف الفرنسي روجيه غارودي فتعرض للمحاكمة والإدانة وقاطعته كل الأوساط الأكاديمية والإعلامية بسبب كتابه «الأساطير المؤسسة لدولة إسرائيل» يشكك فيه في المحرقة. فحرية التعبير إذن في الغرب ليست مطبقة كما يقولون لنا عندما يتعلق الأمر بديننا ومقدساتنا، وبعض الدول كآيرلندا وكندا أدركت خطورة الإساءة للأديان على مجتمعاتها وعلى العالم كله فاعتبرته في قوانينها نوعا من الاستفزاز العلني البعيد عن حرية التعبير ويوجب المحاكمة».
رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا:
منفذو الهجوم انتقموا من المسلمين

وبهذا نكون انتهينا لأبرز ما نشر يوم الأربعاء. أما يوم الخميس أمس فكان أبرز ما نشر في «اللواء الإسلامي» لزميلنا وصديقنا حازم عبده في عموده «بعض القول»، إذ أبدى إعجابا شديدا بالرئيس الفرنسي وقال: «لعل الأعقل في الأزمة هو الرئيس الفرنسي الذي كان موقفه مفاجئا شخصيا، فقد كان أشرف من بعض المسلمين وكان رجل دولة لا كأصناف الرجال الذين امتطوا ظهور دولة عريقة في زمن النخاسة والبهتان فخرج الرجل قلب الأزمة ليعلن أنه لا علاقة للإرهاب بالإسلام، وقال سوف نواجه الإرهاب بوحدتنا كقلعة للحرية والتعايش، وسنعمل على القبض عليهم ليحالوا إلى القضاء ويعاقبوا بالقانون، وكان الأبلغ هو رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا الذي قال أن منفذي الهجوم انتقموا من المسلمين».

مسلمون وأقباط

ومن بين الأحداث التي لا تزال تحظى بالاهتمام، الزيارة المفاجئة التي قام بها الرئيس السيسي مساء السادس من الشهر الجاري إلى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، أثناء القداس لتهنئة أشقائنا الأقباط بعيد الميلاد المجيد وتزامنه مع ذكرى مولد النبي محمد عليه الصلاة والسلام. وقد قال عنها يوم الثلاثاء الدكتور زياد بهاء الدين أبن أستاذنا الكبير الراحل أحمد بهاء الدين في مقاله في «الشروق»: «المشاعر النبيلة التي عبر السيد الرئيس عنها خلال زيارته القصيرة لابد أن تترجم إلى أفعال تحقق المساواة بين المصريين، ويأتي على رأس ذلك إعداد قانون شامل لمنع التمييز في كل مناحي الحياة بما فيها تقلد الوظائف العامة والمناصب الرسمية، وفرض المساواة في ظروف وشروط العمل العام والخاص، وكفالة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية، وإصدار قانون ينظم بناء وتجديد دور العبادة، ومنع كل أشكال التهجير القسري والصلح العرفي حينما يستهدف الطمس على جرائم طائفية، وتطبيق القانون على الجميع من دون تفرقة وإعادة الحياة للمجلس القومي للعدالة والمساواة، الذي يرصد حالات التمييز وينبه للتوتر الطائفي قبل وقوعه، ويفعّل الآليات المدنية لتحقيق التقارب والمودة بين المسلمين والمسيحيين.
كذلك فإن زيارة الرئيس بكل ما حملته من معان إيجابية بشأن تحقيق المواطنة، إلا أنها إذا لم ترتبط بتحقيق انفراجة في المناخ السياسي والأهلي فإنها سوف تعني العودة للأسلوب التقليدي الذي عرفته مصر لسنوات طويلة في إدارة الملف الطائفي، حيث تلتزم الدولة بحماية المسيحيين وحماية كنائسهم وإعطائهم قدرا من التمثيل السياسي والبرلماني، مقابل ولائهم للنظام وانسحابهم من العمل السياسي، واعتبار الكنيسة ممثلا دينيا وسياسيا لهم وقبول التنسيق بينها وبين أجهزة الأمن في كل ما يخص شؤون الطائفية هذا المنطق لم يعد صالحا اليوم، بعد أن خرجت الجماهير، مسلمين ومسيحيين إلى الشوارع والميادين وقامت بثورتين».

تأكيد حق المواطنة وتمكين الكفاءة بلا تمييز

وفي اليوم نفسه قال صديقنا الكاتب والسياسي القبطي، عضو مجلس الشعب الأسبق جمال أسعد عبد الملاك «ناصري» في «اليوم السابع»: «الزيارة ستكون فتحا جديدا لعلاقات اجتماعية أكثر وأعمق بين المصريين، حيث أنها تزيل كثيرا من الأتربة المتراكمة على صفحة التوحد المصري والطبيعي والتاريخي، ولذا بعد هذه الزيارة لابد أن تعي الكنيسة ورجالها، وأن نعي جميعا أنها ليست زيارة خاصة للكنيسة ورجالها، بل الكنيسة كانت الرمز الديني فقط، أي لا يتصور أحد أنها زيارة لتعزيز دور الكنيسة غير دورها الروحي، ولابد أن يعي المصريون المسيحيون أن هذه الزيارة للكنيسة لا تعني استمرارية الهجرة إليها، أو أنها الممثل السياسي لهم، بل لابد أن تكون بداية حقيقية وصحيحة لممارسة دور سياسي بالمشاركة في الحياة السياسية والحزبية كمواطنين مصريين وليس كمسيحيين. كما أنه لا يتصور بعض رجال الدين من الذين يستمرئون ويستملحون لعب دور سياسي ليس دورهم أن هذه جعلت للكنيسة دورا انتخابيا عمليا ولكنه غير قانوني أو دستوري، نظرا لموات الحياة السياسية والحزبية، وليست مجالا لنفاق ديني مرفوض وغير مقبول، بل يسيء للسيسي ويفتح عليه أبوابا لا نريدها ولا نتمناها، وعلى الرئيس السيسي أن يعرف أنه بعد يناير/كانون الثاني ويونيو/حزيران قد أصبح رئيسا لكل المصريين، ولا دور لغير الدولة ولا ممثل سياسي لمصري غير الدولة ولا تعيين لمصري مسيحي في أي موقع بغير الكفاءة وعن طريق الدولة وليس لمؤسسة أخرى كما يحدث سابقا علينا أن نضع الزيارة في موضعها السليم بتأكيد حق المواطنة وتمكين الكفاءة بلا تمييز حتى لتصبح بحق مصر لكل المصريين».

«الثورة يدبرها الدهاة ويقوم بها
الشجعان ويستفيد منها الجبناء»

وإلى المعارك والردود التي ذهب أصحابها لقضايا وموضوعات شتى لا رابط بينها بدأتها يوم الثلاثاء زميلتنا الجميلة في مجلة «آخر ساعة» سلمى أحمد قاسم جودة وهي ابنة زميلنا الراحل رئيس تحرير «الأخبار» الأسبق قاسم جودة بقولها: «مصر تعج بالناشطين كانت في الأيام الخوالي تكتنز الثوار، والفرق بين الناشطين والثوار شاسع وفادح. فالنشاطون أشكال وألوان .. يقول نجيب محفوظ «الثورة يديرها الدهاة ويقوم بها الشجعان ويستفيد منها الجبناء» وأعود للناشطين وما أدراك عزيزي القارئ ما الناشطون. وهنا أسترجع شخصية حسني علام في «ميرامار» لنجيب محفوظ صاحب الشعار الأشهر في العربدة والانحلال «فريكيكو لا تلمني» فهو الناشط العدمي العاطل. فالناشط مهنة من لا مهنة له نوع من البطالة، هو يبيع أي شيء وكل شيء. فناشطو اليوم هم ورثة حسني علام بعضهم يقول «فريكيكو.. لا تشغل بالك بالأشياء التافهة ولكني سعيد بحريتي، لا ولاء عندك لشيء سعادة عظمى ألا يكون لك ولاء لشيء ولا ولاء لطبقة أو وطن أو واجب، لا أعرف عن ديني إلا أن الله غفور رحيم فريكيكو لا تلمني».

لدينا إعلاميون يدخلون مع أم العروس
ويخرجون مع أم العريس

وحسني علام في «ميرامار» كان الفنان الكوميدي الراحل أبو بكر عزت وبمناسبة الأفلام سننتقل في اليوم نفسه إلى «المصري اليوم» لنكون مع السيناريست مصطفى محرم الذي لا يطيق سماع اسم خالد الذكر، إلا أنه أمتدح أستاذنا محمد حسنين هيكل وهاجم جميع الكتاب قال: «هذا النوع من الناس بمسميات كثيرة فهم أصحاب اللون الرمادي وأطلق عليهم يوسف إدريس «المخططين». أما فتحي غانم فقد وصفهم بالذين فقدوا ظلهم وهم أيضا يأكلون على كل الموائد ويرقصون على كل الحبال بمهارة ويطلق عليهم « كذابين الزفة» و «حملة المباخر». أما المثل الشعبي فإنه يصفهم بأنهم «يدخلون مع أم العروسة ويخرجون مع أم العريس»، وهناك نوع من هؤلاء الناس لا يريد أن يخسر أتباع أي نظام سابق، فإذا به يمتدح كل نظام حكم في مصر، ولكن يجب أن استثني واحدا فقط من هؤلاء الإمعات وهو محمد حسنين هيكل، فقد ظل هذا الرجل وفيا ومخلصا لعبد الناصر، حتى الآن فلم يتلون أو يمالئ أو يداهن أي رئيس من الرؤساء الذين حكموا مصر بعد عبد الناصر، وقد عرضه موقفه الصلب المتحيز هذا إلى كثير من الانتقادات والسخط من جانب كثير من الكتاب الموالين لعهود أخرى وسخط كثير من الناس وترى بعض النساء البارزات، خاصة اللاتي يسبق أسماءهن حرف الدال من هن أكثر انتهازية ونفاقا من الرجل».

الجاليات العربية والإسلامية
تبتعد عن التبرير الفاسد للإرهاب

كيف تباعد عقلانية المجال العام في الغرب بين الجاليات العربية والإسلامية وبين التورط في مقولات الثأر والانتقام والمؤامرة؟ هذا هو عنوان مقال الكاتب عمرو حمزاوي في «الشروق» عدد أمس الأربعاء يقول: «بعيدا عن شيء من الضجيج الفاسد الذي تنتجه حركات وشبكات عنصرية أوروبية ويتجه إلى عموم العرب والمسلمين متهما بجهل وكراهية الدين الإسلامي بالتطرف والمنتمين إليه بالنزوع للعنف والتورط في الإجرام الإرهابي، لم يفقد المجال العام في فرنسا وغيرها من البلدان الأوروبية والغربية توازنه، الذي يحول بين الناس وبين الانزلاق إلى التأييد الواسع لمثل هذه الأفكار العنصرية، ولم يتنازل أيضا عن عقلانيته الرافضة لاصطناع علاقات ارتباط متوهمة بين الدين والهوية الدينية، وبين القابلية للعنف ولا عن تعدديته التي تمكن من المزاوجة بين ثلاثة مواقف مبدئية: هي إدانة الإرهاب القاطعة، والتمسك بحرية الإبداع والفكر والتعبير عن الرأي، والدفاع عن سلمية المجتمع وحقوق الإنسان وقيم المواطنة وسيادة القانون للجميع، من دون تمييز على أساس من الدين أو المذهب أو العرق، ومن دون استساغة لإطلاق الاتهامات عن الجاليات العربية والإسلامية المقيمة في أوروبا والترويج لكراهية هدفها إخضاعهم للعقاب الجماعي، إن بالتعقب أو تقييد الحرية أو التهميش أو الإبعاد والطرد والتجريد من المواطنة.
وكأطراف مشاركة في مجال عام متوازن وعقلاني وتعددي، تسجل الجاليات العربية والإسلامية في فرنسا وغيرها من البلدان الأوروبية والغربية، بجانب إدانتها القاطعة للإرهاب ونفيها عن هويتها الدينية ووجودها المجتمعي الاتهام بالتطرف والقابلية للعنف، تمسكها بالحرية ودفاعها عن السلمية وحقوق الإنسان وقيم المواطنة ورغبتها في مواصلة الحياة من دون الخروج على سيادة القانون.
وفي مواجهة المجموعات الصغيرة والأصوات المحدودة التي تشذ عن إجماع الجاليات العربية والإسلامية، لتبرر القتل والإجرام الإرهابي باستدعاء زائف للدين، وادعاء انتصارات وهمية للرموز والقيم الدينية، أو بالإشارة إلى جرائم الغرب المتراكمة في بلداننا والربط بينها وبين الإرهاب بصيغ سببية منزوعة العقل والإنسانية، أو بتوظيف باطل لإجرام إسرائيل المؤيدة من الغرب، التي لم تتوقف منذ القرن الماضي عن القتل والاحتلال والاستيطان والحصار وإرهاب الدولة كمبرر لقتل الأوروبيين والغربيين وذبح «اليهود» أينما وجدوا، في مواجهة ذلك يسجل الحراك الراهن للعرب والمسلمين في فرنسا وغيرها من البلدان وعيا كاسحا بفساد هذه المبررات جميعا، وإدراكا عقليا وإنسانيا وقيميا راقيا لضرورة الدفاع السلمي عن قناعاتهم الدينية وقضايا العالم العربي والإسلامي والمطالبة برفع المظالم عن الشعب الفلسطيني ومحاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين، من دون نسيان لإلزامية مبادئ الحرية والحق في الاختلاف من دون تورط في النزوع المريض للثأر والانتقام من الغرب وإسرائيل بقتل الأبرياء في المدن الأمريكية والأوروبية – من 11 سبتمبر/أيلول 2001 إلى 8 يناير/كانون الثاني 2015.
لكل ذلك، تبدو اليوم الجاليات العربية والإسلامية في البلدان الأوروبية والغربية «محصنة» ضد التبرير الفاسد للإرهاب والعنف والتطرف وضد الترويج للثأر والانتقام من الغرب وإسرائيل بقتل الأبرياء وضد مواجهة الأفكار العنصرية بمقولات المؤامرة الكونية على العرب والمسلمين، وتبهر قدرتها الجماعية على الانتصار للحرية ولحقوق الإنسان ولقيم المواطنة للجميع، من دون أن تتجاهل الدفاع عن دينها وقضايا العالم العربي والإسلامي بسلمية وباعتراف بالحق في الاختلاف ومن دون أن تمتنع عن المشاركة في النقاش الموضوعي حول الأسباب المجتمعية لقابلية بعض المنتمين إليها للتورط في الإجرام الإرهابي المعولم، الذي يسقط في بلادنا نحن من الضحايا أضعاف من يسقطون في الغرب. في 2015 كما في 2001، تبتعد الجاليات العربية والإسلامية عن التبرير الفاسد للإرهاب ومقولات الثأر والانتقام والمؤامرة المتوهمة، وتتركها لنا نحن بمجالنا العام الفاقد للتوازن والعقلانية والتعددية».

حسنين كروم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية