ةأهالي مصر الجديدة مرعوبون على مصير الميريلاند… وتذمر الأحياء الراقية من أصوات خطباء المنابر العالية

حسام عبد البصير
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: نام المصريون أمس الجمعة 1 أكتوبر/تشرين الأول على وقع ثلاثة أخبار مؤلمة، بدأت بقيام سيدة بإشعال النار في جارها، وانتحار أخرى ألقت بنفسها على قضبان المترو في محطة عين شمس، ووفاة شاب يوم زفافه. فيما استيقظوا على تفاصيل خبر صادر عن وزارة الداخلية أفاد بضبط مخطط اخواني يستهدف إعادة الجماعة للوجود بأوامر من رجل الأعمال صفوان ثابت صاحب شركة جهينة لمنتجات الألبان.
وعن أحدث أنباء الفيروس القاتل، كشفت تقارير رسمية صادرة من وزارة الصحة والسكان، عن ارتفاع معدلات الإصابة بفيروس كورونا خلال الـ3 أسابيع الماضية، وقالت الوزارة إن هناك توقعات بالدخول في ذروة الموجة الرابعة للفيروس في منتصف شهر أكتوبر/تشرين الأول، وأشارت التقارير إلى أن هناك ارتفاعا ملحوظا في معدلات الشفاء منه داخل مستشفيات العزل الصحي على مستوى محافظات الجمهورية. وأهابت وزارة الصحة والسكان بالمواطنين ضرورة الاستمرار في اتباع الإجراءات الاحترازية. أما التساؤل الأكثر شجاعة فكان على لسان منى ثابت في “المشهد” التي شاهدت تكرار ملصق علامة “الهيئة الهندسية للقوات المسلحة” على السواتر الزرقاء في أكثر من مكان في ضاحية مصر الجديدة، حيث تساءلت: هل من المفروض أن أخاف منه وأسكت، أم أستنجد به! وتشارك الهيئة التي تعد أحد أذرع القوات المسلحة في العديد من المشروعات العملاقة في طول البلاد وعرضها. ومن أخبار الفنانين نجا الفنان وائل عبدالعزيز شقيق الفنانة ياسمين عبدالعزيز، من محاولة سرقة على الطريق الدائري، وقال “ناس حاولت تثبتني في العربية على الدائري والحمد لله هربت منهم”.
وداعا الحي الراقي

البداية في “المشهد” بصحبة منى ثابت التي ينتابها قلق يصل لحد الذعر بسبب ما ألم بالحي الذي نشـأت فيه: اختفت ملامح مصر الجديدة إلا من قصر الاتحادية والكوربة! تحول حينا العامر بجمال المعمار والبراح والأشجار، إلى مدينة المقاهي! فرح عمدة منصوب في كل شبر ملك الدولة، الليلة الكبيرة لمولد سيدنا “الولي”، تسللت المحلات تباعا تحت الكباري، ثم توحشت لتلتهم الأخضر واليابس. ومنزوع الملكية، والقريب من كل مصدر رزق مؤكد للمحلات، مثل محكمة مصر الجديدة، مستشفى الطيران، مواقف الأتوبيسات، الميادين الرئيسية، وجار العمل حاليا في ميدان روكسي، مغروز في قلب فضائه العلامة الحمراء التي لا يكاد يخلو منها تجمع محلات، تقدم سموم الوجبات الأمريكية السريعة على الرصيف مغلفة بالعادم! ديناصورات محلات متراصة متربصة، عشوائيات إسمنتية، تكاد تدهسنا وبيوتنا، شوهت البراح والجمال، والتهمت ملامح الحي وسماءه.. وأفسدت تضحيات إنجاز السيولة المرورية، وأضعفت احتمالنا لكثافة التلوث، وافتقاد الظل والذوق والحميمية. حتى وصلنا إلى الميريلاند! بقايا البراح وريحة المرحوم.. ألواح الحديد الملقاة أمام بوابته، والفواصل الزرقاء الحاجبة، وصمت المسؤولين عن التوضيح أو الاستشارة، هو مشهد ضد سيل الإنجازات المُبشرة بالخير المعضدة للاحتمال، مثل اختفاء العشوائيات والقطار السريع. الميريلاند هو حكاياتنا، وحكاية نجاح مغامرين، أولهما البارون إمبان عاشق مصر، مُفكر ومُخرج ومنتج أروع الأحياء في صحرائها، فأشرقت عليه الشمس بالحياة، وسكنته طبقات المجتمع المختلفة بتناغم عبقري بديع وارتياح.. والثاني هو جمال عبد الناصر الذي عاش في مدينة البارون “مصر الجديدة” بعد زواجه، ولم يبرحها.. حلمه كان الاستقلال، والحرية، والكرامة لكل مواطن مصري، فلاح، عامل، موظف..

نخاف أم نطمئن؟

واصلت منى ثابت نحيبها على الحي الراقي: تدهور حال الميريلاند! وفي يناير/كانون الثاني 2016 اتخذت شركة مصر الجديدة قرارها بتحويل 40 ألف متر من الحديقة إلى مشروع سياحي ترفيهي “تجاري” متكامل! وبناء دور أرضي وبدرومين ـ يعني مول – ولاند سكيب أخضر وبحيرات – كانت موجودة – بتكلفة 350 مليون جنيه.. ثم تعاقدت مع شركة النصر للمباني والإنشاءات لتنفيذ أعمال تطوير سريعة مقابل 30 مليون جنيه.. ثم قامت بتأجير مساحات لشركة خاصة لتنفيذ المشروع السياحي، لكنها استردت الأرض بحكم المحكمة لتأخر الشركة في دفع الإيجار بمديونية 68 مليون جنيه. ومؤخرا بدأ التنفيذ لينتهي بأمر واقع نخشى أن يكون صادما مثل محلات الكباري.. لم يدهشني تستيف أوراق الحكومة بهدوء كالعادة، ففي يونيو/حزيران الماضي، كشف هشام توفيق وزير قطاع الأعمال وبيع الحديد والصلب، أنه سيفتتح 12 مطعما في أغسطس/آب، و27 مطعما في مرحلة لاحقة، بإجمالي 39 مطعما. وبحيرة وجراجات تحت الأرض، وقاعة عروض دولفين، وأنشطة سياحية.. وبدأ التطوير بما هو أربح، فظهرت فورا ملاه للأطفال، نافست ضحالة الشعبية، وأسعار تذاكر الخاصة، ومؤخرا نتابع أعمالا تتوالد عنها شائعات عن أبراج ومول ومحلات كباري على السور، تؤكدها أعمال حفر وأسياخ حديد، وسواتر وصمت. عمرو السنباطي نائب مصر الجديدة أطلق تصريحا (20/9) ينفي بناء جراج أو محلات على أرض الحديقة، مؤكدا “لا مساس”، خمسة أيام وأعلنت النائبة سميرة الجزار (25/9) تقديمها طلب إحاطة اندهاشي لطيف – للذكرى غالبا – تستفسر عن قطع الأشجار، ونصب تذكاري، وأعمال حفر في موقع تجدد من 3 سنوات بتكلفة 48 مليون. انتهت الكاتبة إلى أن ما أزعجها هو تكرار ملصق علامة “الهيئة الهندسية للقوات المسلحة” على السواتر الزرقاء.. هل من المفروض أن أخاف منه وأسكت، أم أستنجد به؟

لينعموا بالهدوء

عقب نشر مقال «الصراخ على المنبر»، الذي تعرضت فيه أمينة خيري في “المصري اليوم” لقيام البعض من خطباء المساجد في مدينة الشروق بالصراخ لفرط الانفعال أثناء خطبة الجمعة، لاسيما مع تقارب المساجد وكثرة عدد المكبرات المثبتة أعلى كل مسجد، ما يجعل فهم كلمة مما يقال أمرا صعبا، ناهيك من الصوت العالي المتداخل، تلقيت سلسلة من المكالمات الهاتفية التي لم أتمكن من الرد عليها، نظرا لإغلاق الهاتف أثناء السفر. وما أن هبطت الطائرة حتى وجدت أصحاب المكالمات وقد بادروا بإرسال رسائل مكتوبة على «واتساب» تسألني بكل تهذيب وهدوء ورقي عن المشكلة بغرض التدخل للحل. فضيلة الشيخ أحمد عبدالمنعم مدير عام الإدارة العامة للمراجعة الداخلية والحوكمة في وزارة الأوقاف، وفضيلة الشيخ صبري ياسين رئيس الإدارة المركزية للتفتيش والرقابة في ديوان عام وزارة الأوقاف، والأستاذ الفاضل أحمد زعتر المنسق الإعلامي في مكتب وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة. وما أُثني عليه اليوم ليس فقط هذه السرعة في المبادرة بالاتصال بمواطن (أنا) يشكو مشكلة تابعة للوزارة، ولا الأسلوب الراقي في الاستفسار عن المشكلة فقط، ولكن في أسلوب علاج المشكلة. فالوزارة لم تبادر إلى إرسال بيان يفيد بتوقيف عدد من الأئمة، أو خصم رواتب البعض لعدم الالتزام، أو طلب توجيه حملة تأديبية لترويع مسببي المشكلة، لكن نقطة البداية هي مزيد من البحث والتقصي، يتبعها التأكد من حقيقة ما يحدث، بعدها معالجة المشكلة المذكورة في مواقع حدوثها. بمعنى آخر، لم تُخرج الوزارة من درج الردود ردا سابق التعليب بغرض الاستهلاك الإعلامي. ولم تدمج وزارة الأوقاف، في سبل معالجتها للمشكلة، معتقدا مفاده أن الوزارة دائما على حق، وأنه ليس في الإمكان أفضل أو أكثر مما تفعله الوزارة، ما يعني ضمنيا أن الشكوى والعدم سواء.

وصلنا لهنا

قضية عامة بالغة الأهمية، ألم بها نقيب المحامين رجائي عطية في “الوطن”: يدخل المحامي أو المحامية إلى المستشفى مُبتلى بجائحة كورونا، فإذا بحساب المستشفى الخاص يقفز في ثلاثة أيام إلى مئة ألف جنيه، وإذا بالمستشفى يحتجز المريض الذي هاله الرقم، والخوف أن لا تستطيع النقابة الاستمرار في تغطية هذه النفقات الباهظة، فيحتجزه المستشفى كرها ويمنع خروجه والفاتورة شغّالة حتى يتم سداد المبلغ، الذي يزداد كل يوم بأرقام ضخمة أخرى، بما يضيفه المستشفى إلى الفاتورة عن كل يوم من أيام الاحتجاز الإجباري. ظننت في البداية أن بعض المستشفيات يفعل ذلك وليس كلها، فطفقنا نبحث عن المستشفيات البديلة لتلك التي خرجت عن المعقول، وعن كل الأعراف، فهالنا أن هذا ديدن كل المستشفيات الخاصة، وأن العدوى، انتقلت إلى غير قليل من الأطباء، اللهم إلا أبناء المدرسة الطبية القديمة، التي ظلت على وفائها لقيم الرسالة الطبية الإنسانية الرفيعة. ليس كل مريض صاحب سقف رسمي أو مؤسسي أو نقابي للعلاج، تتكفل عنه هذه أو تلك بالعلاج، أو ببعض تكاليف العلاج، فلم تعد ميزانية هيئة ولا مؤسسة ولا نقابة قادرة على أن تتحمل هذه الفواتير الفلكية الضخمة، الغارقة في كل صنوف الانتهازية والاستغلال، وابتداع الأساليب، وإن كانت مكشوفة لتبريره، لهذا الانحراف الخطير لتلك المستشفيات عن جوهر دورها الإنساني، وتحولها إلى مشروعات تجارية صرفة لا تنشد إلا الربح الكبير المُغالى فيه جدا، بحيث توارت فيها الرسالة الإنسانية تواريا يكاد يكون تاما، وفي ما يبدو فإن وزارة الصحة بمؤسساتها لم تعد قادرة على التصدي لهذه المأساة!

جشع الأحفاد

يقول رجائي عطية إن من حسن من حظه أنه على صداقة طيبة بكثير من الأساتذة الأطباء الكبار الخبراء في كثير من التخصصات، وأُتيح له أن يطلع على أسلوبهم في التعامل مع مرضاهم، وأن يرى من خلال ذلك صورا إنسانية تفيض برا ووفاء لرسالة الطب.. من هؤلاء من يقومون بعمليات تخصصية بالغة الدقة، في العيون أو الشبكية أو القلب أو المخ أو العمود الفقري، أو الأعصاب، أو الشرايين، أو الأذن والأنف والحنجرة.. من هؤلاء الأساتذة الكبار والخبراء في تخصصاتهم، من بقيت قيمة الكشف لديه على حالها الذي كانت عليها منذ عشرين عاما، ومنهم أساتذة كبار لا يتقاضون للآن سوى خمسين جنيها بينما يتقاضى تلاميذهم أرقاما فلكية. المؤسف كما قال نقيب المحامين، إن أكثر هؤلاء الأساتذة الخبراء الكبار، من اضطر هو نفسه إلى دفع تكاليف باهظة جدا، ناهزت الربع مليون جنيه، حين احتاج إلى إجراء جراحة، فلم يرحمه المستشفى الخاص، ولم يرأف به تلميذه الذي أجرى له العملية. وإن نسيت فلن أنسى أن صديقا عزيزا من كبار الأساتذة في تخصص دقيق، تخرجت على يده أجيال في كلية الطب التي يدرّس فيها على مدى أكثر من خمسين عاما، فلما احتاج لتركيب دعامات في الشرايين التاجية، تقاضى منه المستشفى الخاص مئتين وخمسين ألف جنيه، وتقاضى تلميذه ستين ألف جنيه أتعابا له، وإن نسيت فلن أنسى أحد هؤلاء الأساتذة الخبراء الكبار، دفع في جراحة عظام لأخته خمسة وثلاثين ألف جنيه، وفشلت الجراحة، ووجب إعادتها لتصحيح خطأ مَن تقاضى خمسة وثلاثين ألف جنيه، واضطر صديقي الطبيب الكبير أن يدفع للجراح التالي خمسة وأربعين ألف جنيه مع أنه من تلاميذه، وخمسة عشر ألف جنيه لطبيب التخدير، وزادت المدفوعات على مئة ألف جنيه كلفته من أمره رهقا!

وجبة لا نريدها

من بين المدافعين بقوة عن وجهة نظر السلطة كرم جبر في”الأخبار”: الديمقراطية ليست وجبة على الطريقة الغربية، يتم إطعامها للشعوب بالطريقة نفسها والأساليب نفسها، ولكنها اختيار النظام الذي يؤدي إلى أن تكون السُلطة العليا بيد الشعب. والشعب ليس رهينة لجماعات صغيرة وعالية الصوت، تزعم أنها تعرف نبض الجماهير، ولكن الناس تتوافق إرادتهم على اختيار من يمثلهم بطريقة شفافة ونزيهة. ولا يستطيع أحد أن ينكر أن الانتخابات المصرية بعد يناير/كانون الثاني 2011، أصبحت محصنة ضد التزييف وتزوير إرادة الناخبين، وكانت في السابق ساحة لكل الخروقات، ابتداء من تصويت الأموات حتى المسافرين والغائبين. الغرض من المُقدمة السابقة إبطال المزاعم والادعاءات التي يرددها البعض نيابة عن الناس، وأن ما يقولونه ويفعلونه هو ما يريده الناس ويعبر عن مصالحهم. المصلحة العُليا للشعوب بعد أحداث الربيع العربي الدامية، هي الحفاظ على الدول وعدم هدمها، واللجوء إلى جيوشها الوطنية لحماية الأمن والاستقرار ومنع الفوضى، وإتاحة الفرص الحقيقية أمام الشعوب لاختيار من يحكمهم بشفافية ونزاهة. لا أُريد أن أعقد مقارنة ظالمة يلجأ إليها البعض وهي: أيهما أفضل: الاستقرار تحت حكم ديكتاتوري؟ أم الحُرية المصحوبة بالفوضى؟ فكلاهما يؤدي إلى الآخر، وتكون النتيجة هدم الدول وتشريد الشعوب. طبقت الولايات المُتحدة بالغزو “ديمقراطية الفوضى الخلاقة”، وزعمت أنه سيأتي يوم تهب فيه نسائم الديمقراطية على الشعوب، فتنعم بالخير والرخاء. وثبت العكس، فلم تأتِ الفوضى الخلاقة إلا بهدم الدول وتفكيك الجيوش الوطنية واندلاع الحروب الأهلية، وتشريد الشعوب بين الموت في الأوطان أو الهجرة والتشريد. الديمقراطية ليست وجبة على الطريقة الغربية يتم إطعامها للشعوب بالطريقة والأساليب نفسها، ولكنها تنبع من ثقافات الشعوب وحضاراتها ومكوناتها، شرط أن تعتمد حدود النزاهة والشفافية، دون أن تصطدم بجدران صلبة. فهل يمكن تحت ستار الديمقراطية السماح بعادات وتقاليد تتنافى مع العقائد الدينية، مثل زواج المثليين، ومن يختلف مع ذلك يعتبر عدوا للديمقراطية؟

زوجة ثانية رغم أنف عماد

أزمة غريبة من نوعها واجهتها عائلة عماد الدين حسين، وتعد نموذجا لمشاكل شائعة كما أخبر في “الشروق”: ابني الأكبر إياد ذهب إلى السجل المدني لاستخراج شهادة قيد عائلي تثبت أنه الابن الذكر الوحيد لي، حتى يستطيع استخراج شهادة إعفاء مؤقت من الخدمة العسكرية. في الفرع التابع لقسم السيدة زينب طلبوا منه استخراج وثيقة الزواج المميكنة لوالده ووالدته. وحينما فتح أحد الموظفين الكمبيوتر كانت المفاجأة. اتصل بي ابني قائلا: بابا هل حضرتك متزوج، زوجة ثانية غير أمي؟ ضحكت وقلت له يا أخي يا ريت وبافكر، لكني لست متزوجا، فلماذا تسأل هذا السؤال الغريب؟ فقال لي لأن الأوراق الرسمية الموجودة في السجل المدني، تقول إنك متزوج من سيدة تدعى أ. عبدالجليل، والموظف يقول لى أن والدك لا بد أن يأتى بأوراق تثبت أنه ليس له أولاد آخرون من الزوجة الثانية، أو وثيقة طلاقه منها! لم أكن مصدقا ما يقوله ابني، وكنت اعتقد أن ابني يمزح، ويقوم بعمل مقلب معي. وفي هذه اللحظات العصيبة، كنت أفكر في رد فعل زوجتي على هذا الخبر، خصوصا إنني أقول لأصدقائي ولزوجتي دائما، إنني أكثر شخص مخلص لها ليس في مصر فقط، ولكن في المنطقة بأكملها! ومن حسن الحظ أنه، وبعد أقل من دقيقة من هذه الصدمة، قال لي ابني، أن الأوراق تقول أيضا إن زوجتى متزوجة من رجل آخر يعمل ميكانيكيا. في هذه اللحظة ضحكت بشدة، وإن كنت لا أصدق ما يحدث، وما يزال عندي اعتقاد أن الأمر بأكمله مجرد مزحة، لكن الموظف قال بوضوح هذه هي الأوراق الموجودة في السيستم. ولكي يتم استخراج شهادة القيد العائلي، فلا بد من أن أقوم أنا بتطليق الزوجة الثانية، وتطلب زوجتي الطلاق من زوجها الميكانيكي.

غطاها التراب

نبقى مع عماد الدين حسين والأزمة التي يعيشها وزوجته ونجله، والتي تعد تكرارا لأزمات العديد من المواطنين بسبب الأخطاء المنتشرة في المحررات الرسمية: عاد ابني مكسور الخاطر إلى البيت، وبدأت أنا رحلة البحث عن وثيقة الزواج، وسط مئات الأوراق الموجودة في كراتين غطاها التراب.. بعد بحث طويل عثرت على صورة من الوثيقة الصادرة من محكمة الإسماعيلية، وتثبت أننى متزوج من نهال لطفي حامد في 16 يونيو/حزيران عام 2000، كما أن بياناتي الرسمية الموجودة في كمبيوتر السجل المدني، تقول إننى متزوج من نهال لطفي، وعندى أربعة أولاد، والرقم القومي لزوجتي مثبت فيه أنني زوجها! الطريف أن أحد الزملاء الصحافيين الذين يغطون أنشطة مصلحة السجل المدني، وكنت قد طلبت منه أن يساعد ابني في سرعة إنهاء الأوراق، وحينما عرف ما حدث، شعر بحرج في الاتصال بي، باعتبار أنني متزوج زوجة ثانية بالفعل سرا، ولا يريد أن يحرجنى فقام بالاتصال بصديق مشترك يعمل رئيسا لتحرير صحيفة وموقع إخباري مهم. الصديق اتصل بي ضاحكا، وقال إن فلان محرج مني، ويومها عرفت أن الصديق نفسه رئيس التحرير واجه مشكلة كبرى، لأن اسمه كان مكتوبا بالخطأ في وثيقة الزواج بحيث انقلب الاسم من ذكر إلى أنثى. وحتى تكتمل الصورة العبثية، فوجئت بأخي الأصغر بهاء يتصل بي في اليوم التالي ويخبرني إنه كان يريد استخراج شهادة قيد عائلي أيضا، لكنه اكتشف وجود خطأ في الاسم الثالث لجدة أولاده، والحل أن يقوم برفع دعوى أمام المحكمة المختصة لتصحيح الاسم.

البرلمان لا يعلم

يرى عمرو هاشم ربيع في “الشروق”، أنه ما دامت الدولة قد أعلنت على لسان الرئيس أن العام المقبل سيكون عاما لتنفيذ استراتيجية حقوق الإنسان، ينتظر أن يكون للبرلمان دور مهم في ذلك. الحديث هنا سيكون عن مجلس النواب، لأن مجلس الشيوخ لم ينص الدستور على كونه برلمانا، ولم ينص على أنه جزء من السلطة التشريعية، فهو فقط يبدي رأيا في القوانين المكملة للدستور التي يرسلها إليه الرئيس أو مجلس النواب، وما يحيله له الرئيس من مشروعات قوانين تتعلق بالسياسات العامة. هنا يصبح السؤال ما هو دور مجلس النواب في تلك الاستراتيجية؟ المؤكد أن هذا الدور سيكون محوريا طالما خلصت النوايا، وأسرعت الحكومة في إرسال التشريعات التي تفضي إلى تنفيذ الاستراتيجية، فمن حيث الشكل تعمل البرلمانات في الديمقراطيات الغربية من خلال مبادرات الحكومة في أكثر من 90% من التشريعات التي تقرها البرلمانات، ورغم أن ذلك الأمر يلقى الكرة في ملعب الحكومة المصرية وليس البرلمان، إلا أن على البرلمان دورا مهما في مطالبة الحكومة دوما بسرعة تقديم مشروعات القوانين المعنية بالاستراتيجية. واحد من أبرز الأمور التي يجب أن يدفع بها البرلمان حتى قبل وضع الاستراتيجية، تتعلق بتنفيذ ما ورد في الدستور بشأن سن بعض القوانين الجديدة وتعديل بعض التشريعات القائمة ذات الصلة. ولعل أبرز تلك القوانين قانون الإدارة المحلية القائم على عقد انتخابات للمجالس المحلية (م180) وهى المجالس المعطلة منذ عام 2011، والتى في وجودها دعم للديمقراطية وحرية الرأي والتمثيل على المستوى المحلي، وإصدار قانون العدالة الانتقالية (م241)، بما يضمن نشر ثقافة التسامح مع عدم التخلي عن مبدأ تعويض الضحايا ومعاقبة المجرمين، وإصدار قانون تنظيم ندب القضاة بما يضمن تحقيق استقلال القضاء.

دولاب العدالة

مهم كذلك بالنسبة لمجلس النواب والكلام لعمرو هاشم ربيع، الإيعاز للحكومة بإعادة النظر في ما تقوم به كل ثلاثة أشهر ومنذ إبريل/نيسان 2017 بتجديد فرض حالة الطوارئ وفقا للمادة 154 من الدستور، وكذلك التوقف الكامل عن سن أي قوانين يبدو أنها تتعارض مع الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، التي أعلنها رئيس الدولة. وكذلك القيام من خلال وسائل الرقابية البرلمانية والمحاسبة بالتحقق الكامل من سجل الحكومة تجاه حقوق الإنسان، عبر متابعة التقارير والمعلومات الواردة من منظمات المجتمع المدني، والزيارات الميدانية والمفاجئة للسجون وأقسام الشرطة، ومراجعة الحكومة في ما تصدره من قرارات، ومن ذلك على سبيل المثال الوقوف على حقيقة قرارها الصادر في سبتمبر/أيلول الماضي من «التنبيه على المرؤوسين بعدم رفع أي دعاوى قضائية ضد أي جهة حكومية واتخاذ إجراءات عقابية ضد من يقوم بذلك» وذلك كله ضمانا لتنفيذ م 97 من الدستور، التي تكفل حق التقاضي لجميع المواطنين، ضمانا لسير دولاب العدالة، إضافة إلى كل ذلك على البرلمان دراسة أوضاع الحبس الاحتياطي في البلدان المتقدمة، بغية القيام بتنفيذ البدائل الأخرى للحبس المادي عبر طرائق متابعة المتهمين، الذين لم تصدر بحقهم أحكام، من خلال وضع أسورة تتبع لحركتهم وتحديد أماكن وجودهم بغية الوصول إليهم بسهولة عوضا عن احتجازهم شبه الأبدي قبل صدور أحكام باتة ونهائية في هذا المضمار.

لهذا هي مهمة

في ظل ظروف عادية لم تكن لدولة مثل أفغانستان كم قال الدكتور عبد المنعم سعيد في “الأهرام”، أن تمتلك ناصية الاهتمام والإعلام الدولي كما حدث خلال الشهرين الأخيرين حيث اختلطت قصتها السابقة على الغزو الأمريكي واللاحقة بعده، وحتى جاء موعد الخروج الأمريكي بما اعتراه من ملابسات، مع الذكرى العشرين للأحداث الإرهابية التي جرت في الولايات المتحدة في الحادي والعشرين من سبتمبر/أيلول 2001. فمن الناحية (الجيوسياسية) البحتة فإن أفغانستان دولة حبيسة، ومحاطة من جميع الاتجاهات بمن هم أكبر وأقوى منها، وفي الشمال توجد ثلاث دول هي تركمانستان، وطاجيكستان، وأوزباكستان، وثلاثتها لديها روابط مع روسيا العملاقة مساحة وشعبا وتسليحا، ورغبة في ثأر من هزيمة قديمة. في شمال الغرب توجد الصين، وهذه تطلب دائما التعاون، وهي على استعداد للتعامل مع قوى متناقضة، أما إذا أطلقت لمخاوفها العنان والخاصة بجماعة الإيغور الإسلامية، فإن أفغانستان بالنسبة لها خطر محتمل. في الشرق توجد باكستان وهي خلطة من حليف تاريخي لطالبان، وعدو يريد التحالف دائما مع الولايات المتحدة، وفي الجنوب بعد بحر العرب توجد الهند التي لا تريد إضافة جديدة للأصوليات الإسلامية المتطرفة، وفي الغرب توجد إيران التي تريد الاحتفاء بمن هزموا أمريكا، ولكنهم سنة وأصوليون، كان لديهم عداء وخصومة مع الشيعة. اقتصاديا هي دولة فقيرة، وربما مرت عليها دورات من محاولات التحديث مرة على الطريقة الاشتراكية تحت الحكم السوفييتي، ومرة أخرى على الطريقة الرأسمالية تحت الإشراف الأمريكي والأطلنطي، ولكن مشاهد كابول المرئية مع عودة طالبان لا تشير إلي تغيرات كبيرة تمثل مرحلة فارقة في التاريخ الأفغاني. ورغم الحديث الدائم عن الخيرات المعدنية الكثيرة في الدولة فإن عدم الاستقرار السياسي، واتخاذ قضية التنمية منصة خلفية وراء تكدس التوصيات الخاصة، بتقصي الفتنة في النساء والسياسة معا، كليهما مع أمور أخرى كافية للقناعة بأن الدولة الأفغانية سوف تحتاج وقتا طويلا لكي تصل إلى مكانة أخرى.. أفغانستان هكذا سوف تظل لغزا.

موعد مع الحظ

العديد من الأقدار السعيدة مرّ بها صلاح منتصر الشغوف هذه الأيام بسرد مقتطفات من سيرته في “الأهرام”: عندما أفكر في بداياتى الصحافية أجد أنها مليئة بالمصادفات السعيدة والغريبة. لقد دخلت دار “أخبار اليوم” لأول مرة عندما صحبني لها زميل لا أعرفه المرحوم محمد وجدي قنديل، التقيته في حقوق عين شمس، ثم كانت المصادفة الثانية عندما التقيت شخصا لا يعرفنى ولا أعرفه هو المرحوم الاستاذ إسماعيل الحبروك، الذي انضم حديثا لـ”أخبار اليوم” وتصور أنني محرر قديم فكلفني بعمل موضوعات لمجلة “الجيل الجديد” التي يرأسها، ثم جاءت المصادفة الثالثة عندما صورت موضوعا لمجلة “الجيل” أرسل قسم التصوير صورة بالخطأ إلى مكتب “آخر ساعة” وشاءت الأقدار لاسترداد الصور أن تقع في يد الأستاذ الكبير محمد حسنين هيكل رئيس مجلة “آخر ساعة” أكبر مجلات ذلك العصر، فيطلب مني كتابة الموضوع لـ”آخر ساعة”. ثم تتكرر بعد أقل من أسبوع واحد المصادفة الرابعة عندما اقترحت على الأستاذ إسماعيل الحبروك تحقيقا صحافيا عن مجمع التحرير (كنا في مارس /آذار 1953 وكان عمر المجمع أقل من سنتين وتكلف وقتها مليوني جنيه ويرتفع 14 طابقا يضم 1356 حجرة كان أشهرها مصلحة الجوازات والجنسية) وقد طفت مختلف أقسام المجمع وإداراته لأقدم بالصورة والكلام بانوراما كاملة عن هذا المجمع. ثم وبطريقة قدرية يتكرر خطأ الأسبوع الماضي ويرسل قسم التصوير صور تحقيق المجمع بالخطأ إلى مكتب مجلة “آخر ساعة” بدلا من “الجيل الجديد”، فأذهب مضطرا لطرق باب الأستاذ هيكل للمرة الثانية ويطلب مني الصور ويراها ويأمرني بكتابة الموضوع لـ”آخر ساعة” لأصبح من لحظتها محررا فيها، دون أن أخطط لذلك. بل أقسم بالله دون أن أعرف وقتها قدر الأستاذ هيكل وأهميته الكبرى، التي تكشفت لي في ما بعد والتي ربطتنى الأقدار به. ومن مارس/آذار 1953 أصبحت فجأة نجما من نجوم “آخر ساعة” الذين ضموا أستاذي صلاح هلال ووجدي قنديل، وبعدها فتحية بهيج وصلاح جلال. وأصبحنا نحن مجموعة هيكل التي كان يخشى المحررون الآخرون الاقتراب منا. لكن المصادفات التي توالت لم تنته، ففجأة وجدت أمامي جمال عبد الناصر!

سيبكون لرحيلها

اللافت في خروج المستشارة الألمانية ميركل من وجهة نظر سليمان جودة في “مصراوي” أن الألمان ليسوا هُم الذين حزنوا لخروجها وتألموا، أو هذا هو ما يبدو أمامنا على الأقل، وإنما المهاجرون الشرعيون واللاجئون إلى بلادها هُم الذين فعلوا ذلك، وسوف يحزنهم جدا أن يستيقظوا في ما بعد السادس والعشرين من سبتمبر، فلا يجدونها في دار المستشارية على رأس ألمانيا، كما اعتادوا أن يجدوها، ولا يجدونها قادرة على أن تقدم لهم من الخدمات العامة ما عاشت طوال وجودها على الكرسي تقدمه لهم دون منافس على مستوى الساسة في القارة العجوز! وقد بلغ تعلّقهم بها في سنواتها الأخيرة إلى حد أن كثيرين منهم أطلقوا اسمها على مواليدهم، بل تباهوا بذلك، وبعضهم كان يتحين أي فرصة ليلتقط معها صورة سيلفي! وليس سرا أنها كانت تنحاز إليهم دون باقي الساسة في القارة، وكانت تقف إلى جوارهم على الدوام، وكانت تفعل ذلك وتعلنه وهي تعرف أن ما تفعله لا ينال رضا الغالبية من الألمان، وبالذات بين الألمان اليمينيين الذين كانوا ولا يزالون يرون في كل مهاجر مشروع مشكلة، حتى لو كان مهاجرا شرعيا دخل البلاد من أبوابها، وحتى و كان لاجئا ألجأته ظروف إنسانية قاسية إلى دخول ألمانيا! ولكنها لم تكن تهتم بهذا كله، وكانت تناصر المهاجرين الشرعيين على طول الخط، ولم تكن تعبأ كثيرا بأن ذلك يمكن أن ينال من رصيدها السياسي لدى الناخب، إذا ما فكرت ذات يوم في أن تدخل السباق الانتخابي لتحكم فترة رئاسية جديدة! لم يكن هذا يشغلها، وهذا ما أعطاها شعبية واسعة بين المهاجرين الشرعيين واللاجئين، خصوصا الذين تدفقوا من سوريا في ما بعد 2015! وقد قيل إنها لم تكن تميل إليهم، ولا كانت تفتح أبواب ألمانيا أمامهم، لأسباب إنسانية كما كان يقال، وإنما كانت تفعل ذلك لأسباب براغماتية عملية خالصة.

مشهورون وبؤساء

الروائي، إلى جانب أنه فنان، فهو أشبه بمختص في علم النفس الاجتماعي، لذا ينصحه عمار علي حسن في “المصري اليوم” أن يتوقف مليا أمام ما يجري، ويمعن التفكير والتأمل فيه كي يصل إلى الحقائق العميقة، والغايات البعيدة. لكن هذا لا يمنعه أحيانا من أن ينخرط في ما يجري، مشاركا فيه، أو معبرا عنه في لحظته، بالتصريح الشفاهي أو التدوين على شبكات التواصل الاجتماعي، أو كتابة المقال السيَّار، أو مسجلا له أدبيا في طزاجته وفورته، وهو حتى في هذه الحالات يقدم ما هو مختلف وفارق وأكثر ديمومة. بعد قرن من الزمن سيكون الأدب العربي مصدرا مهما لفهم ما يجري حاليا لأن المؤرخين، كالعادة، سيتنازعون الرأي والموقف، فالتاريخ اختيار أو انحياز مهما تجرد كاتبوه، وربما تؤدي كثافة الأحداث إلى غرقهم في التفاصيل السياسية والأمنية والحربية، متناسين أن مَن صنعوا الأحداث هم بشر من لحم ودم، وليسوا آلات صمّاء محايدة باردة. لن ينتهي العقد الذي نمر به الآن حتى تكون الرواية والقصة والمسرحية، بل الشعر العربي، قد وضع الرتوش قبل الأخيرة على لوحة أيامنا العصيبة، بحيث يراها كل مَن يأتي بعدنا مكتملة، ناطقة بفداحة ما يجري. حالة النشر في العالم العربي تعانى بؤسا شديدا، فهي في الغالب الأعم صارت تجارة ثم تجارة ثم تجارة وبعدها صناعة، بينما تأتي الرسالة أو مهمة ترسيخ المعرفة والوعى والذوق في الذيل. زحفت آليات الرأسمالية المشوهة على النشر، فصار المهم عند أغلب الدُّور هو حجم المبيعات لا مستوى ما يُطبع ويُقدم للقراء. وبدلا من الارتقاء بذوق القارئ ومستوى تفكيره، يحدث العكس تماما. وزادت هذه الظاهرة مع ظهور دُور نشر صغيرة وعابرة تطبع لمَن يدفع وتعطيه اسمها، دون تدقيق في عمق أو صدق أو صواب أو سلامة وعدم انتحال ما يُقدم. ثم يأتي التلاعب في تزييف عدد الطبعات بما يعطي إيحاء خاطئا لسوق القراءة، فيُقبل الناس على التافه والسطحي.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية