الناصرة ـ «القدس العربي»: للمرة الأولى تظهر استطلاعات رأي في إسرائيل أن قائمة «العمل ـ الحركة» بقيادة يتسحاق هرتسوغ وتسيبي ليفني ستحصل على مقاعد أكثر من قائمة الحزب الحاكم (الليكود) بقيادة بنيامين نتنياهو.
ويشير استطلاع للإذاعة العبرية العامة أن قائمة «العمل- الحركة «غداة انتهاء الانتخابات الداخلية وطرح قائمة مرشحين شبابية ونسائية من قبلها تحصل على 26 مقعدا لو جرت الانتخابات اليوم فيما تحصل قائمة الليكود على 24 مقعدا. وهذا يتطابق مع استطلاع واسع للقناة العاشرة يكشف عن فارق أكبر حيث حاز «العمل- الحركة» على 26 مقعدا مقابل 20 مقعدا لليكود. وفي ظل الانقسامات في اليمين والمركز تعني هذه التوقعات أن اليسار بقيادة «العمل- الحركة» أقرب من أي وقت مضى لتشكيل حكومة بعد سقوط نتنياهو.
نتنياهو أولا
لكن نتنياهو ما زال يتمتع بالشخصية رقم واحد بالنسبة للإسرائيليين كمرشح لرئاسة الحكومة، غير أن الفارق بيته وبين من يليه، يتسحاق هرتسوغ، بات قليلا جدا وينحصر بـ 6 % فقط. وعلى خلفية هذه الاستطلاعات أكدت تسيبي ليفني أنها لن تشارك بأي شكل من الأشكال بحكومة يقودها الليكود، مشيرة في تصريح للإذاعة العامة أن طريق نتنياهو وبينيت تقود إسرائيل للتدهور في منزلق خطير بكل الصعد.
وأدرك الليكود خطورة الرسالة الدعائية القوية بتصريحات ليفني فسارع للرد بالمثل بنفيه أي إمكانية للقاء «العمل- الحركة» في حكومة واحدة. وقال رئيس الحكومة نتنياهو إنه لن يشارك في حكومة وحدة وطنية مع «العمل- الحركة» لوجود «هوة سحيقة» بينهما زاعما أنه يسعى للحسم الواضح بين اليمين وبين اليسار. ويبدي نتنياهو وحزبه في الأيام الأخيرة حالة من التوتر والإرباك في ظل نتائج الاستطلاعات التي تنذر بالتغيير ولذا فإنهما يصعدان اللهجة ضد المنافسين فيما يبذل رئيس حزب «يسرائيل بيتنا» وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان جهودا محمومة لإنقاذ نفسه من التحطم المحتم وفق استطلاعات الرأي بعد الكشف عن تورط الكثير من قيادات حزبه بفضائح فساد.
وبادر ليبرمان لعزل أغلبية الحرس القديم من قائمته الانتخابية لصالح وجوه شبابية، لكن ذلك لا يسعفه حتى الآن. وبعد دأبه على إيصال رسائل معتدلة في محاولة للفوز بأصوات من الوسط بنصيحة المستشارين السياسيين الأمريكيين الذين استأجر خدماتهم عاد نتنياهو ليطلق رسالة يمينية شعبوية تجلت في حملته الانتخابية « أرئيل لإسرائيل وأم الفحم لفلسطين».
اتفاقية رودوس
ويسعى ليبرمان بهذه الحملة لاستغلال المخاوف الديمغرافية في الشارع الإسرائيلي من تطور فلسطينيي الداخل كما وكيفا لكسب المزيد من الأصوات وإنقاذ نفسه وحزبه في الانتخابات فأطلق شعار «ام الفحم لفلسطين وارئيل لإسرائيل». وأم الفحم هي رمز لمنطقة المثلث التي طالما دعا ليبرمان لترحيل أهلها للسلطة الفلسطينية.
من جهتهم يرفض أهالي أم الفحم وكل منطقة المثلث (180 ألف فلسطيني) هذه الحملة ويصفونها بالعنصرية والمحاولة الشعبوية البائسة.
يشار إلى أن منطقة المثلث حازت عليها إسرائيل من الأردن في اتفاقية وقف النار في رودوس عام 1949 لاعتبارات أمنية بصفتها منطقة جبلية تمتد من أم الفحم حتى كفر قاسم وتحمي المنطقة الساحلية أمامها واليوم باتت إسرائيل بمعظم فعالياتها السياسية والرسمية ترى فيها خطرا ديمغرافيا وتتمنى التخلص منها.
وعلى خلفية الاستطلاعات والإشارات الأولية باحتمال سقوط نتنياهو تبذل السلطة الفلسطينية جهودا متواصلة خلف الكواليس لتشجيع فلسطينيي الداخل من رص صفوفهم وخوض الانتخابات بقائمة واحدة والحصول على أكبر عدد ممكن من المقاعد تساعد في منع نتنياهو من تشكيل حكومة رابعة. ويركز محمد المدني هذه الاتصالات بتكليف من الرئيس محمود عباس الذي يحاول استغلال نفوذه لإقناع قادة العمل السياسي داخل أراضي 48 باغتنام الفرصة وزيادة تمثيل العرب في الكنيست عله يسهم في التأثير على مجريات الأمور على غرار تجارب سابقة منها حسم الجدل في الكنيست وترجيح كفة المؤيدين لإخلاء غزة عام 2005 مقابل المعارضين أو منع سقوط حكومة رابين بعد توقيع اتفاق أوسلو عام 1993 من خلال شبكة أمان خارجية.
الجبهة والتجمع
يشار أن نسبة فلسطينيي الداخل السكانية اليوم تبلغ 17% لكن نسبتهم الانتخابية تنخفض لـ 14% بسبب الزيادة الطبيعية وكثرة الأولاد (50% منهم دون جيل الـ 19). وتواصل الأحزاب العربية الرئيسية الثلاثة (القائمة العربية الموحدة والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والتجمع الوطني الديمقراطي) الممثلة اليوم بـ 11 نائبا، مساعيها لخوض انتخابات الكنيست القادمة في آذار/ مارس المقبل بقائمة واحدة بعد رفع نسبة الحسم لـ 3.5%.
واليوم السبت تنتخب الجبهة والتجمع كل على انفراد مرشحيهما للانتخابات البرلمانية ويواجه رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة محمد بركة تحديا كبيرا لإعادة انتخابه بصدارة قائمة الجبهة للكنيست لأن الدستور الداخلي يشترط حصوله على 66 % من أصوات مجلس الجبهة نظرا لأدائه عدة دورات برلمانية منذ 1999. كما كان بركة قد أعلن اعتزاله للعمل البرلماني قبل شهرين وفق اتفاق داخلي لكن أوساط في الجبهة وفي أحزاب أخرى تدعوه للبقاء للتوافق عليه كرئيس للقائمة العربية الموحدة. وأعلن خمسة مرشحين أنفسهم على الموقع الأول سوية مع بركة منهم النائب السابق عصام مخول والنائب الحالي عفو اغبارية وسكرتير الجبهة المحامي أيمن عودة.
من طرف اللسان حلاوة
يجري ذلك بموازاة مساعي تشكيل قائمة عربية موحدة ما زالت بحاجة لتخطي مشكلة عدم قبول رئيس الحركة العربية للتغيير النائب أحمد الطيبي بمقعد واحد فقط بمكان مضمون، فهو يطالب بمقعدين على الأقل في ظل استطلاعات رأي كثيرة جدا تدلل على انتشار شعبيته. وقال مصدر في لجنة الوفاق الساعية لتوحيد الأحزاب العربية أن المسافة باتت قصيرة نحو الهدف المنشود رغم كل الخلافات المعلنة والمناورات المعتمدة من قبل جهات سياسية.
يشار إلى أن نسبة تصويت فلسطينيي الداخل في انحدار منذ هبة القدس والأقصى وبلغت بانتخابات 2013 نحو 54% فقط ولذا تتنادى أوساط عربية واسعة لرفع نسبة التصويت للمساهمة بإسقاط نتنياهو، فيما تعتبر أقلية منهم أنه لا فرق بين الليكود وبين العمل بل أن الأخير أشد خطورة لأنه يأتي العالم بطرف اللسان عسلا وحلاوة لكن يداه وأيدي الليكود سيان فهو صانع المستوطنات الأول.
وديع عواودة
اللفت أخو الجزر٠