المغرب: نتائج انتخابات «المستشارين» بين نشوة نقابة عمالية ورفض «العدالة والتنمية» وخيبة أمل «التقدم والاشتراكية»

عبد العزيز بنعبو
حجم الخط
0

الرباط- «القدس العربي»: تفرقت سبل استقبال نتائج انتخابات “مجلس المستشارين” (الغرفة الثانية في البرلمان المغربي) بين نقابة “الاتحاد المغربي للشغل” التي عبرت عن نشوتها بالانتصار، وبين رد فعل حزب “العدالة والتنمية” الرافض لها، وكذا خيبة الأمل التي عبّر عنها حزب “التقدم والاشتراكية” بعدما خرج خاوي الوفاض من تلك الاستحقاقات الانتخابية.
بين موقف النقابة العمالية وحزب رئيس الحكومة السابق خيط رفيع جداً، وهو دعم الهيئة النقابية للتصويت ضد حزب “المصباح” في انتخابات الثامن من أيلول/ سبتمبر المنصرم. وهو ما عبّرت عنه غير ما مرة وفي أكثر من مناسبة. أما ما تحصل عليه الحزب نفسه في انتخابات “المستشارين” فهو من صميم صناديق الاقتراع التي أدلى فيها كبار الناخبين بأصواتهم.
وعلى خلفية الموقف الذي أعلن عنه حزب “العدالة والتنمية” الرافض لهذه النتائج، بل أكثر من ذلك دعا الناجحين من مستشاريه إلى الاستقالة، قال المحلل السياسي عبد الله أبو عوض إنه رد فعل طبيعي “من حيث النتائج المحصل عليها في انتخابات مجلس المستشارين، والتي كانت كارثية من حيث عدد المقاعد الثلاثة التي حصل عليها”.
وحسب أبو عوض في تصريحه لـ “القدس العربي”، فإن ذلك “هو استمرار للنتائج المخيبة للحزب منذ انتخابات الغرف المهنية وانتخابات الثامن من شتنبر”.
وأضاف الأستاذ في جامعة عبد المالك السعدي بتطوان، أن “حزب العدالة والتنمية من البديهي أن يعلق نكسته على لغة المؤامرة والمظلومية التي تعود على تبنيها حتى في انتخابات 2016 عندما حصد جل الانتخابات”.
في المقابل، يوضح أبو عوض أن “ما حصل عليه من نتائج، هو ردة فعل طبيعية من الشعب على نرجسية صقور هذا الحزب في التعامل مع وعوده بكل انعدام لحس المسؤولية”.

مبررات واهية

وأشار المتحدث إلى أن البلاغ الأخير لحزب رئيس الحكومة المنتهية ولايته، والداعي إلى استقالة مستشاريه “ينحو لترويج فكرتين”، أولاهما “فكرة التلاعب بالنتائج الحقيقية التي حصل عليها الحزب، وهو مبرر واهٍ لا أصل له”، والثانية هي “فكرة حفظ ماء الوجه من خلال تمرير رسالة الرفض الديمقراطي لسير العملية الانتخابية التي كانت في الاقتراع الأخير”.
وسيراً على هذه الفكرة، يبرز أبو عوض: “كان من باب أولى أن يكون هذا البلاغ مباشرة بعد القولة الشهيرة لأمينهم العام عبد الإله بن كيران في السنة الثانية من ولايته كرئيس حكومة، بقوله (التماسيح والعفاريت)، وليس بعد مرور 10 سنوات في ولايتين لتدبيرهم للشأن العام”.
وبخصوص بيان الاتحاد المغربي للشغل، أفاد أبو عوض أن “بعض التصريحات التي جاءت من بعض الهيئات والنقابات كنقابة الاتحاد المغربي للشغل حول تثمين النجاح في حصد نتائج كبيرة، لا يعتبر رسالة لحزب العدالة والتنمية بمفهوم التشفي، رغم الصراع التعبوي الذي سبق الانتخابات بينهما، وإنما هو بلغة النتائج التي جاءت تبرهن على نجاح التعبئة نحو المشاركة السياسية”.
بالنسبة لنقابة مركزية كبرى هي “الاتحاد المغربي للشغل”، فقد عبرت عن فخرها ونشوتها بتصدر نتائج انتخابات مجلس “المستشارين”، وأكدت أن الاتحاد “ينتزع 8 مقاعد من أصل 20 مقعداً المخصصة لهيئة ممثلي الأجراء، وأنه القوة النقابية الأولى والممثل الحقيقي للطبقة العاملة المغربية”.
ووفق بيان تلقت “القدس العربي” نسخة منه، وصفت النقابة فوزها بـ”المستحق”، وعبّرت عن التزامها عبر ممثليها بتجسيد الشعار الذي رفعته في هذه الانتخابات “لنجعل من مجلس المستشارين منبراً لرفع صوت الطبقة العاملة والجماهير الشعبية”، لترجمة طموحات الطبقة العاملة، والدفاع عن كافة قضاياها المشروعة.
وواصلت النقابة بيان النصر الجديد، مشيرة إلى أن ذلك “نتيجة طبيعية للفوز الكبير الذي حققه الاتحاد المغربي للشغل في الانتخابات المهنية التي جرت حزيران/ يونيو المنصرم”.
ووجهت النقابة خطابها إلى الحكومة المقبلة، قائلة إن هذا الفوز الكبير يستوجب منها “أن تأخذ مأخذ الجد نداءات الاتحاد إلى الحوار والاستجابة للمطالب التي يرفعها والمتمثلة أساساً في التدبير المنصف والمسؤول للقضايا المصيرية للطبقة العاملة ومأسسة الحوار والتفاوض الاجتماعي الجاد والمسؤول والمفضي إلى تحسين القدرة الشرائية للأجراء وعموم المواطنات والمواطنين وإلى صون الحريات والحفاظ على مكتسباتهم وتحسين ظروفهم المعيشية والمهنية”.
*العدالة والتنمية يدعو مستشاره الفائزين للاستقالة
في الجانب الآخر، يبرز موقف حزب “العدالة والتنمية الذي عمم بياناً عبر من خلاله، عن رفضه المقاعد الثلاثة التي حصل عليها في انتخابات أعضاء مجلس المستشارين، كما دعا مستشاريه الفائزين إلى تقديم استقالاتهم. البيان الذي تلقت “القدس العربي” نسخة منه في ساعة متأخرة من مساء الأربعاء، ذكر أن “الأصوات (الحقيقية) التي حصل عليها مرشحو الحزب تتجاوز بشكل كبير وغريب وغير مقبول الأصوات التي (تم الإعلان عنها وقيل إنها) تعود للعدالة والتنمية أو التي من الممكن أن تؤول له من خلال تنسيقه مع حزب التقدم والاشتراكية محلياً”.
لكن يبدو أن قرار الحزب نفسه ودعوته لمستشاريه الناجحين بالاستقالة ستقابل بالرفض، خاصة بعد إعلان سعيد شاكر، أحد الفائزين الثلاثة عن “العدالة والتنمية”، بأنه لن يستقيل. كما أعلن فائز ثان، هو مصطفى الدحماني، أنه سيأخذ الوقت الكافي لاتخاذ القرار المناسب، موضحاً أن ذلك سيكون بعد افتتاح العاهل المغربي للبرلمان.
بالنسبة لسعيد شاكر، الفائز بعضوية مجلس المستشارين عن فئة المستشارين الجماعيين في جهة فاس – مكناس، عن حزب “العدالة والتنمية”، فقد نقل عنه موقع “اليوم 24” قوله إنه لن يستقيل من المجلس كما قررت الأمانة العامة للحزب ذلك.
وأكد أن قيادة الحزب الإسلامي “لا تعرف حقيقة ما وقع وجالسة في الرباط وتقرر”، مشيراً إلى أنه لم يتم الاستماع إليه قبل اتخاذ قرار تقديم استقالته من المجلس مركزياً. وبصريح العبارة، أكد شاكر: “لن أستقيل أبداً”، وسرد تفاصيل فوزه بمقعد مجلس المستشارين، وقال إن “قيادياً في حزب العدالة والتنمية اتصل به قبيل الاقتراع، وأكد له أن أحزاباً أخرى وعدت بالتصويت له “رداً للجميل”، بعدما كان الحزب قد قدم لها خدمة في مناطق أخرى، وهو بالفعل ما حصل”.
وحسب سعيد شاكر، فإن عدداً من الذين صوتوا، قاموا بذلك له لشخصه وليس لحزب العدالة والتنمية، وقال: “العبد الضعيف صوت له الناس لأنه إطار وطني، سيخدم البلاد بصدق”.
وقال مصطفى الدحماني، الذي فاز بمقعده عن جهة الدار البيضاء سطات، إن قرار الحزب الداعي إلى الانسحاب من مجلس المستشارين بالنسبة إليه هو قرار لم يطلع عليه إلا عبر وسائل الإعلام.
وكشف في تصريح لموقع “أذار” المغربي أنه سيأخذ الوقت الكافي للتفكير في القرار الذي سيتخذه. وأضاف: “أما توقيت اتخاذ هذا القرار النهائي في هذه القضية فلن يكون إلا بعد الافتتاح الملكي للبرلمان”، وسئل عما إذا كان سيحضر جلسة افتتاح البرلمان، فأجاب: “نعم، سأحضر إذا كنت معنياً بالحضور”.

مراجعة شاملة

في سياق متصل، شكلت نتائج انتخابات “مجلس المستشارين” محور الاجتماع الأسبوعي الذي عقده حزب “التقدم والاشتراكية” المعارض، الأربعاء، بعدما لم يحصل على أي مقعد في الغرفة الثانية للبرلمان، وأصدر بياناً سجل فيه أسفه وخيبة أمله بالنظر إلى عدم تحقيق الأهداف التي رسمها وكان يتطلع إليها بما يعكس النتائج الإيجابية التي حصل عليها الحزب خلال الاستحقاقات الانتخابية ليوم 08 أيلول/ سبتمبر.
وقال الحزب في البيان الذي اطلعت عليه “القدس العربي”، إنه سيعمل على إجراء تحليل مستفيض للموضوع خلال الدورة المقبلة للجنة المركزية، سواء تعلق الأمر بشروط وظروف إجراء هذا الاقتراع، أو بمختلف أوجه الأداء الحزبي لا سيما في ما يتعلق بهفواته ونقائصه واختلالاته. وجدد التذكير التساؤل حول “الجدوى الفعلية من وجود مجلس المستشارين في الهرم الدستوري الوطني، وحول أدواره السياسية ووظائفه المؤسساتية”. واستدرك بالقول إنه ينطلق من هذا الموقف بغض النظر عن مكانة الحزب في المجلس المذكور، مشيراً إلى أنه يستند إلى “تساؤلات عميقة ووجيهة تتصل بتركيبة هذا المجلس، وبطريقة انتخاب أعضائه، والتي يتعين إعادة النظر فيها بشكل عميق في حالة الاحتفاظ به”.
وأضاف أنه “يؤكد على هذه المقاربة، بالنظر إلى ما شهدته مجدّداً الانتخابات المتعلقة بمجلس المستشارين من ممارسات مسيئة بشكل كبير للمسار الديمقراطي في المغرب أثناء الحملة الانتخابية وعملية التصويت ومسلسل الإعلان على النتائج، ومن استعمال فاضح ومفرط للمال بشكل منافٍ تماماً للقانون وللأخلاق وللالتزام السياسي، ولأبسط شروط التنافس الحر والنزيه والمتكافئ”.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية