أول من لفت انتباهي إلى مخاطر التكنولوجيا الرقمية والعوالم الافتراضية على حرمة الحياة الشخصية (ما يسمى عادة بـ»الخصوصية») وعلى حرية التفكير، وحتى على استقلالية الكيان الإنساني، في هذا الطور المتأخر من عصر الحداثة الفائقة هي إيمّا كار. كان ذلك عام 2014 لما ترقت هذه السيدة الإنكليزية اللامعة من باحثة إلى مديرة لمنظمة الحقوق المدنية «بيغ براذر ووتش» التي تتولى مهمة رصد ما يأتيه “الأخ الأكبر” من أعمال مراقبة وتلصص على مستخدمي الإنترنت. ومعروف أن عبارة «الأخ الأكبر» التي أشاعتها رواية جورج أورويل الشهيرة، 1984، تحيل في الأصل إلى دولة التسخير الكلي أو الاستعباد التوتاليتاري. أما اليوم فقد صارت تحيل إلى الشبكة العنكبوتية، أي أن العبارة التي كانت ترمز لشرور الإيديولوجيا قد صارت الآن رمزا لشرور التكنولوجيا.
أول كومبيوتر قد أنشىء سرّا لمعاضدة عمل الاستخبارات وأن جميع الكومبيوترات (وخصوصا المترابطة منها في شبكة اتصال) صالحة للتجسس بقدر ما هي عرضة له
هكذا تحدد المنظمة مجالها البحثي والنضالي وهكذا تخاطب كل ساكن من سكان القرية الكونية: «أنت اليوم مراقب بشبكة كاملة من أنظمة المراقبة الذكية. تتعقبك أجهزتك الشخصية (الموبايل، الكومبيوتر، الخ)، وتترصدك المنصات الاجتماعية وتستهدفك الشركات التي لا تني تقتحم حياتك وتنتهك خصوصياتك. ربما لا تعرف أسماءها. لكنها تعرف اسمك. إذ ما من قرار أنت متخذه إلا محفوظ مؤرشف في مكان ما بيد شخص ما». وقد قادتني متابعة حملات إيمّا كار التوعويّة في الإعلام البريطاني ومتابعة سعي منظمتها لتزويد أفراد الجمهور بالسلاح المعلوماتي والقانوني الكفيل بتمكينهم من استعادة حرمة حياتهم الشخصية وحماية حقوقهم المدنية إلى قدر من الاهتمام بهذا المجال. فكان من أفضل ما قرأت فيه كتابان. الأول للأمريكية كاثي أونيل: «أسلحة الدمار الرياضي» (نسبة للرياضيات). وفي العنوان تنويع جناسيّ رشيق على عبارة أسلحة الدمار الشامل، لما بين كلمتي mass وmath من تجاور صوتي في اللهجة الأمريكية. ومؤدى أطروحة كاثي أونيل أن النماذج الرياضية والخوارزميات المستخدمة في تقنية المعلوماتية ليست أدوات علمية محايدة وإنما هي تختزن تحيزات المبرمجين ومضمراتهم الطبقية والثقافية، ولهذا فهي تصيب عموم الناس بأضرار في المواقف الحرجة من حياتهم: مثل مدى القدرة على مزاولة الدراسة الجامعية، والحصول على قرض بنكي، واحتمال التعرض لعقوبة السجن أو العثور على عمل والحفاظ عليه، حيث أن ما يتحكم في جميع مناحي الحياة هذه تحكما متعاظما إنما هي النماذج الرياضية السرية التي صارت لها قدرة فرض عقوبات اعتباطية على الكائنات البشرية.
أما الكتاب الثاني فهو لمراسل البي بي سي للشؤون الأمنية غوردون كوريرا «التاريخ السري للكومبيوترات والجواسيس». وفيه توثيق مدهش يبين كيف أن الكومبيوتر ولد ليتجسس، حيث أن أول كومبيوتر قد أنشىء سرّا لمعاضدة عمل الاستخبارات وأن جميع الكومبيوترات (وخصوصا المترابطة منها في شبكة اتصال) صالحة للتجسس بقدر ما هي عرضة له. لكن سرعة الابتكارات التكنولوجية وإبداعيتها كثيرا ما تصرفان الناس عن فهم هذه الحقيقة التاريخية التي أفضت آخر الأمر إلى وقوع الإنسانية في متاهة الجوسسة السيبرانية. ذلك أن عصاب المراقبة وهوس التحكم قد أديا إلى رقمنة التجسس على نحو يلوّث كل زاوية ومتنفّس في حياتنا.
ومن تجليات ذلك أن عمليات تجسس الاستخبارات على الأجانب وتلصّص الحكومات على المواطنين والشركات على المستهلكين إنما تبدأ من الفيسبوك لأنه يتيح سهولة رسم شبكة علاقات أي شخص بمعارفه وأقاربه. إذ الجديد في عالمنا، مقارنة بزمن الحرب الباردة، هو أن كثيرا من المعلومات ذات القيمة الاستخبارية الثمينة قد صارت متاحة في «المصادر المفتوحة»، أي أنها لم تعد سرية ولا محفوظة. وتكتسب هذه المعلومات قوتها الضاربة عندما يتم تدقيقها وتحقيقها بالرجوع للمصادر الأخرى، تماما مثلما كان الشأن في الحرب الباردة، إلا أن الفارق أن هنالك اليوم كميات أضخم من المعلومات وأنها محفوظة كومبيوتريّا بحيث يسهل جمعها ومقارنة بعضها ببعض، ولو أن الإشكال بالنسبة للحكومات كان يتمثل، حتى عهد قريب، في أن هذه المعلومات كانت في أيدي القطاع الخاص حصرا.
كل هذا يثبت صحة ما ذهبت إليه، منذ عام 2017، خبيرة القانون الأمريكية المسلمة، ورئيسة المفوضية الفدرالية للتجارة، لينا خان من وجوب التعجيل بكسر الاحتكار الذي تفرضه «الغافا»، أي شركات التكنولوجيا العملاقة (غوغل، آبل، فايسبوك وأمازون). ولو أن الحجة الأقوى والأجلى قد أتت الإثنين، عندما أدى تعطل الفيسبوك وتطبيقاته إلى تعطل التواصل بين حوالي نصف سكان القرية الكونية. تلك خطوة أولى. أما الثانية فهي أن تبدأ القرية بمحاولة معالجة سؤال النيويورك تايمز. سؤال مفيد للصحة العقلية: ألن يكون العالم أفضل حالا بلا فيسبوك؟
كاتب تونسي
لهذا لا أثر لك في مواقع التواصل الاجتماعي ما خلا تجربة قصيرة في تويتر انتهت سريعاً. كنت أتجسس عليك وقتها هاهاها
لماذا، لا يجوز إلّا، شكر جريدة القدس العربي، البريطانية، على نشر مقال (التونسي)،
لأن مختصر الإشكالية على أرض الواقع، في سوق أجواء العولمة، في دولة التجسّس بالذات،
هل يُسمح بالتجسّس المضاد، كما هو حال (ويكي ليكس) أو (بندورا) يا (مالك التريكي)، أم لا؟!
وهو أول تعليق على عنوان (عن خوارزميات الدمار الشامل)، والأهم هو لماذا، وما دليلي على ذلك؟!
في البداية أنا اعترض على مفهوم حقوق الإنسان، بل يجب أن يكون حقوق الأسرة، حقوق الشركة والشراكة والمجتمع، بالتوازي مع حقوق الإنسان أو ثقافة الأنا، وبالتأكيد على حساب ثقافة الآخر، حتى داخل ثقافة النحن كأسرة انسانية، على أرض الواقع.
لأن أجمل ما في مقال (علي حسن فواز) أنه مثال عملي، من أرض الواقع، عن مناهج تعليم فلسفة/عقلية الشك والتشكيك، من أهل علم الكلام، يلخصها عنوان (العالم وسرديات كوفيد ـ 19)،
لتوضيح بالنسبة لي، سبب رئيس من أسباب فوضى الهدر، في أي إقتصاد، في دولة الحداثة الديمقراطية،
بسبب ثقافة حرية الفتوى، في أي شيء بلا خبرة أو فهم أو استيعاب، خلفية سياق كل قصة/سرد من فلان أو علان،
لأن في علم اللغة، الذي كان خلف تدوين لغة القرآن وإسلام الشهادتين، في عصر التدوين بداية من أمر علي بن أبي طالب إلى الثنائي أبو الأسود الدوؤلي والخليل بن أحمد الفراهيدي،
لكل سياق معنى يختلف عن معنى سياق لنفس القصة/سرد، فإن لم ننتبه إلى ذلك،
فأي تدوين، لأي قصة/سرد، سيكون بعيد عن الحقيقة أولاً، ولا يمكن البناء عليه علمياً، بسبب ضياع مفهوم المصداقية/المهنيّة من تراكم الخبرة بشكل عام في أي مجال،
بداية من سؤال هل الآلة/الروبوت/التجسّس أولاً، أم الإنسان/الأسرة/الأخلاق أولاً،
هو أول ما خطر لي عند رؤية عنوان (قصائد بلا شعراء: طائرات بلا طيار) والأهم هو لماذا، وما دليلي على ذلك؟!
في (تونس)، بالذات تم (اغتيال)، من ساعد أهل (فلسطين)، في صناعة وإنتاج طائرة بدون طيار داخل (غزة) بعد أن ساعدهم (العراقي) في تصميمها في (سوريا)،
فمن الذي يجب أن يلام هنا، فساد أجهزة الأمن والعسكر في دولة الحداثة التونسية، بشكل عام، فهذا ليس الاغتيال الأول، فقبله كان أبو جهاد (خليل الوزير)، أليس كذلك؟!
الآن إيران وتركيا ممثلي دولة الفرس ودولة الروم ما قبل لغة القرآن وإسلام الشهادتين، بدأت تتفوق في هذا المجال،
وأهل فلسطين لأول مرة تتوحد، بسبب أن (غزة)، لأول مرة دافعت عن أهل حي الجرّاح، في القدس، بعد تقاعس ممثلي (آل بيت) السلطة في فلسطين والأردن والمغرب في عيد رمضان عام 2021،
السؤال من سيدعم حق (التونسي) الذي فاز بجائزة أفضل خباز، بعد أن رفض قصر الرئاسة في فرنسا (إيمانويل ماكرون)، توقيع عقد تجهيز لمدة عام،
وقبلها في عيد الأضحى تم سحب إقامة، بعد أن طُرد إمام خطبة عيد الأضحى من (وظيفته)، فقط لأنه استخدم لغة القرآن وإسلام الشهادتين في (خطبة العيد)، وتم تقليص تأشيرات كل من تونس والجزائر والمغرب، لأنها ترفض، قبول رجوع من تطردهم (فرنسا) بلا منطق ولا موضوعية وظلم حقيقي؟!
فأي ظلم وتعدّي على تفوق عقل وجهد وحقوق أي إنسان وأسرة، أكثر من ذلك في (فرنسا الحداثة)، يا (د المنصف الوهايبي) أو يا (مالك التريكي)،
فإن كنت تدري وتصمت يا مسوّق الثقافة والإعلام التونسي (الفرنسي أو البريطاني) فتلك مصيبة، وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم، أليس كذلك؟!??
??????