إذا تمكن وفد طالبان الحصول على وعد بحل الضغوط المفروضة على البلد اقتصادياً، سيكون حقق مكسباً يدفعه نحو حل الإشكالات العالقة في البلاد.
الدوحة ـ»القدس العربي»: اتجهت الأنظار مجدداً نحو العاصمة القطرية الدوحة، مع انطلاق أولى جولات المحادثات الرسمية المباشرة، التي تجمع الولايات المتحدة الأمريكية، وحركة طالبان.
ووصل العاصمة القطرية وفدا طالبان، وواشنطن، بالتزامن، تمهيداً لانطلاق المحادثات التي اعتبرت الأولى منذ انسحاب الولايات المتحدة من كابول بعد 20 عاماً من الغزو، وتستمر لمدة يومين، وتشكل انطلاقة مرحلة حوار بين الطرفين يتوقع أن يستمر فترة أطول، حتى معالجة عدد من القضايا العالقة.
وحسب المعلومات المتداولة من مصادر دبلوماسية، فإن الجانبين يبحثان تقريب وجهات نظر الطرفين حيال العديد من القضايا الشائكة، مع محاولات كل جانب تحقيق بعض المكاسب من الجولة، وتسوية بعض الخلافات، والابتعاد عن أي تصعيد من شأنه أن يعرقل تفاهمات سابقة تم التوصل إليها في اتفاق السلام الأخير الذي وقع في الدوحة.
وعلمت «القدس العربي» من مصادر دبلوماسية، أن الوفد الأمريكي، يتشكل من ويندي شيرمان نائبة وزير الخارجية التي تعد دبلوماسية مخضرمة، ومن بين الشخصيات الرئيسية في فريق المفاوضين الأمريكيين، الذي ناقش الاتفاق النووي الإيراني عام 2015. إضافة لدونالد لو مساعد وزير الخارجية لمكتب شؤون جنوب ووسط آسيا. علاوة على الدبلوماسي المخضرم ديفيد جيه رانز الذي عمل في عدد من السفارات الأمريكية في المنطقة ومنها الهند، وتسخير معرفته بالملف لتحقيق اختراق. كما سيحضر اللقاءات ممثلو عدد من القطاعات الحيوية الأمريكية من بينها الاستخبارات والأمن والاقتصاد.
ويرأس وفد حركة طالبان، وزير الخارجية مولوي أمير خان متقي، ويضم الوفد أيضاً، وزير الإعلام والثقافة الملا خير الله خير خوة، ومدير المخابرات العامة الملا عبد الحق الواثق، ونائب وزير الداخلية مولوي نور جلال، والشيخ شهاب الدين ديلاور، والحاج محمد ابراهيم.
وتركز حركة طالبان التي استعادت الحكم بعد انسحاب الولايات المتحدة وحلف الناتو من أفغانستان، الحصول على ضمانات بتسريع وتيرة كف يد واشنطن عن الأرصدة الأفغانية المجمدة والتوصل لصيغة توافقية لاستخدامها في تلبية الاحتياجات العاجلة لسكان.
وتصر الحركة على أولوية الملف، على ضوء ما تعانيه الحكومة الأفغانية المؤقتة من ضغوطات اقتصادية واجتماعية بسبب الحظر الاقتصادي المفروض على البلاد، وتجميد موارده في البنوك الخارجية.
وإذا تمكن وفد طالبان في لقاءاته مع نظيره الأمريكي، من الحصول على وعد بحل إشكال الضغوط المفروضة على البلد اقتصادياً، سيكون حقق مكسباً يدفعه نحو حل الإشكالات العالقة في البلاد على ضوء الصعوبات الناجمة عن الأعباء التي استلمها من الحكام السابقين.
الولايات المتحدة من جانبها وضعت مسألة الاعتراف بالحكام الجدد لأفغانستان جانباً، واعتبرت القضية سابقة لأوانها في انتظار التأكد من نهج طالبان في السلطة، ومدى التزامها بالتعهدات التي أعلنت عنها.
وتركز واشنطن في الظرف الراهن، على سماح كابول للرعايا الأجانب والمواطنين الأفغان الحاملين للبطاقات الخضراء، المغادرة، وتسهيل إجراءات سفرهم، مع إمكانية تخصيص ممر إنساني آمن. وتؤكد مصادر من طالبان في اتصال مع «القدس العربي» أن الحركة لم تمنع مغادرة أي أجنبي البلاد، ونسقت مع جميع الأطراف المعنية لسفر الرعايا الأجانب أو الأفغان الذين يحملون جوازات أجنبية أو المتعاملين مع القوات الدولية.
كما ستكون قضية تنظيم «الدولة» وتحرك عناصره الأخير، على طاولة المحادثات بين واشنطن ووفد حركة طالبان، وستأخذ حيزاً من النقاشات.
وتشدد طالبان أنها ترفض أي تدخل أمريكي في الموضوع، أو اختراق مجالها الجوي، مع التأكيد أن القضية من اختصاصها وتعالجها وفق سياسات الحكومة المؤقتة. في وقت ترى فيه الولايات المتحدة خطر تمدد عناصر تنظيم «الدولة».
وتحاول واشنطن الاستفادة من هذه اللقاءات لتحقيق بعض التفاهمات، في مرحلة وجدت نفسها مجبرة على الجلوس لطاولة المفاوضات مع الحركة التي حاربتها لمدة عشرين سنة، وانتهاج هذا المسار الحواري لحل الإشكالات العالقة.
وتحولت قطر لقناة اتصال مباشرة ورئيسية بين الطرفين، وتسهل عمليات التفاوض لتحقيق السلام في أفغانستان، ووضع حد لأزمات وحروب عصفت بالاستقرار.