بدأت فكرة العوالم الممكنة، حين اعتقد الفيلسوف لايبنيتز (1646- 1716) أن هذا العالم الذي نعيش فيه هو أفضل عالم يمكن أن يخلقه الله. طرحت فكرة لايبنيتز في سياق ما بات يعرف بتفاؤلية لايبنيتز؛ فقد اعتبر أن الله كان من الممكن أن يخلق عالما مختلفا أو ألا يخلق أي عالم البتة.
ودار جدل في هذا السياق حول ما إذا كان العالم الأفضل قابلا لأن يكون وحيدا من بين عوالم أخرى ممكنة ومتعددة، وأن التعدد لا يسمح بالضرورة بأن يكون العالم الأفضل واحدا أوحد؛ وأن العالم الحالي قد لا يكون هو الأفضل طالما أنه عالم مليء بالشر. لكن لايبنيتز الذي نافح عن أن العالم الحالي هو الأفضل، ارتكز في الرد على ما يتصف بالله الخالق من معرفة كلية وقدرة مطلقة، ولذلك خلق العالم الحالي باعتباره أفضل ما يمكن أن يكون من العوالم الممكنة.
فكرة العوالم الممكنة لا تتطلب إطارا لا فلسفيا ولا دينيا كي تطرح فيه، ولا تستوجب سياقا لتفسير الشر مثلما فعله لا يبنيتز. التفكير في العوالم الممكنة جزء من معالجتنا البشرية لوضعياتنا في الكون، وجزء من أسئلتنا التي حول إمكان أن نوجد في كون آخر. فمن الممكن أن نسأل هل يمكن حقا أن نكون هنا أجسادا، بينما نسافر باعتبارنا أرواحا، أو خيالات إلى عوالم أخرى؟ وهل من الممكن أن توجد كائنات أخرى في عوالم أخرى تشبهنا أو تختلف عنا؟ وهل كنت – أنا الذي يعيش الآن وهنا- سأكون شخصا آخر مختلفا يعيش في مكان ما على غير الحالة التي أعيش عليها الآن؟ يمكن أن يفاجئنا العلم بأشياء تؤكد تساؤلاتنا الحدسية عن إمكان أن توجد عوالم ممكنة من بينها، أن من النجوم التي نراها ونستمتع بمرآها ، هي نجوم ماتت منذ سنين، وأن الذي نراه ليس إلا أثرا لنور أرسل منذ آماد.
من المجالات التي تجلب الاهتمام في العوالم الممكنة، مجال يعرف بعلم دلالة العوالم الممكنة، في هذا الإطار يشتغل المناطقة والفلاسفة. تبسيط هذه النظرية أن المعاني التي تسند إلى الجمل (أو بعبارة المناطقة إلى القضايا) تسند إليها من جهة ما يعرف بقيمة الحقيقة. فحين أقول (رأى زيدٌ هندا تراقص شابا) فينبغي أن أسند إلى هذا القول قيمة صدق تثبت أن مضمون الجملة صادق أو كاذب، وحتى يكون مضمونها صادقا مثلا، ينبغي أن نثبت أن (رأى زيد) صادقة، وأن موضوع رؤيته (هندا تراقص شابا) صادقة. والإثبات ليس له في هذا السياق معنى التحقق من مطابقة الواقع مضمون القول بالضرورة، بل تعني في هذه النظرية أن هناك عوالم يمكن أن تطرح فيها (رأى زيد هندا تراقص) فقد يكون رآها في المنام، وقد يحدث أنه تهيأت له رؤيتها هو المريض بالوهم، وقد يكون رآها في طفولتها قبل أن تتزوج بزيد، هذا الذي يخبره بخبرها القديم دسيسة، ويمكن أن نبني مثل هذا البناء عوالم ممكنة كثيرة قد تتناسب لجملة المراقصة أعلاه. فهذه العوالم الممكنة التي تنفي عن أن يكون لهذا القول دلالة واحدة يستقيها من عالم وحيد.
ليست الحقيقة، حسب لايبنتيز، أن لكل قول عالما واحدا ممكنا، الحقيقة الضرورية تعني على حد تعبيره أن كل قول يمكن أن يكون صادقا في أكثر من عوالم ممكنة، وليس في عالم واحد مثلما قد يذهب في ظن من يربط القول الواحد بعالم واحد. يعني هذا المذهب، أن كل جملة تقال عالما من العوالم الممكنة يرتبط بها وتكون فيه صادقة، فلسنا ندري فعلا في الجملة أعلاه من قال الجملة ولفائدة من قالها؟
هيلاري بوتنام Hilary Putnam من الفلاسفة الذين اشتغلوا على العوالم الممكنة بأن نقد وضوح صورة العالم في الواقعية الميتافيزيقية. وقد رفض بوتنام الإيمان بأن هناك طريقة واحدة للعالم يكون عليها. يعتقد أصحاب الواقعية الميتافيزيقية أن هناك حقيقة واحدة على المرء أن يحدد لها مواضيعها، وكل موضوع منها يحتكم إلى جملة من الخصائص، ويقيم علاقة واحدة مع غيرها. العوالم الممكنة تقتضي وعلى النقيض من هذا التصور حقائق متعددة الشبكات متنوعة الإمكانات. ونقد بوتنام فكرة أخرى لدى أصحاب الواقعية الميتافيزيقية، ترى أن الذهن لا يستطيع أن يستقل عن العالم، فهو تابع له، فرغباتنا وأهواؤنا، واعتقاداتنا وإيماننا، وقدراتنا العرفانية العامة تابعة لهذا الذهن. ونقد بوتنام الطابع غير الإبستيمي لبعض الحقائق. هناك اعتقاد بأن قسما كبيرا من القضايا التي يمكن أن تتسمى القضايا الواصفة للعالم لا تستقل قيمة صدقها عن القدرة الإبستيمولوجية للبشر. فهم يعتقدون مثلا أن جملا من نوع (أنا سعيد) أو (أنا أحب الورد) هي جمل موسومة بالإيجاب تقال في عالم واحد ممكن هو العالم السعيد والجميل.
وما يقال عن الأقوال العلمية يقال عن الأقوال اليومية؛ ففي قولة (اليوم خمر وغدا أمر)، نظر للحياة من جانب يقدم فيه النفع ويؤجل النظر. هذا فهم للأشياء في عالم واحد ممكن؛ لكن تدوير للفهم على أركان عالم ممكن واحد هو ضرب من تجميد الأقوال وتجميد تأويلات للأقوال، ومن هنا تنشأ العبارات المسكوكة التي جمدتها رؤية ثابتة وتابعة لعالم واحد ممكن.
غير أن (أنا أحب الورد) هي جملة ليست مقبولة بهذه القيم في عالم الشعور بالجمال، فمن الممكن أن نجدها غير مقبولة مثلا لدى شخص لا يحب الورد. كذا الأمر في (أنا شرير) فإن هذه الجملة لا تحيل بالضرورة على شخص يصف نفسه بهذه الصفة، وتنطبق عليه تلك الصفة. في مدن الأخيار قد تهيم امرأة جميلة بشرير يقول لها (أنا سعيد) وحين يهديها شوكا يمكن أن تقول له (أنا أحب الورود من هذا النوع)، في هذا العالم ستحلم بالشياطين نساءُ الملائكة اللائي كرهن ملائكيتهم طول الوقت. صحيح أن دلالة الأسماء والأفعال يمكن أن تكون شبه جامدة؛ إلا أن النظر إلى الجُمل في نسق كونها صحيحة في عوالم معينة، يجعل الكلام محنطا، وما هو بمحنط. يقول هيلاري بوتنام: «ما إن اكتشفنا أن الماء في العالم الراهن يتألف من ذرتي هيدروجين وذرة أوكسجين، حتى بات من المحال غير الممكن أن يحيل على عالم آخر ممكن لا يكون فيه الماء مؤلفا من ذرتي هيدروجين وذرة أوكسجين». حسب هذا الكلام فإنه لا شيء في العوالم الممكنة يمنع من أن يوجد ماء ليست له التركيبة التي أثبتها له علماء الأرض، لو كانت هناك أرض توأم لوجد ماء توأم ولكن بتركيبة كيميائية مختلفة.
الأمر نفسه يقال عن كل قول نعتقده في هذه الأرض «ممكنا منطقيا» أو في أي عالم ممكن منطقيا في سياق وحدة العالم، ووحدة الحقيقة يسود اعتقاد بواحدية القول، وفي هذا العالم سيكون من الخطأ الاعتقاد أن للماء تركيبة أخرى غير ذرتي الهيدروجين والأوكسجين.
وما يقال عن الأقوال العلمية يقال عن الأقوال اليومية؛ ففي قولة (اليوم خمر وغدا أمر)، نظر للحياة من جانب يقدم فيه النفع ويؤجل النظر. هذا فهم للأشياء في عالم واحد ممكن؛ لكن تدوير للفهم على أركان عالم ممكن واحد هو ضرب من تجميد الأقوال وتجميد تأويلات للأقوال، ومن هنا تنشأ العبارات المسكوكة التي جمدتها رؤية ثابتة وتابعة لعالم واحد ممكن.
في قول عمر الخيام (غدا بظهر الغيب واليوم لي) تقريبا ما قاله امرئ القيس، لكن تجميد القول وربطه برؤية واحدة ممكنة، هو الذي جعلنا لا نقرأ القول إلا عبر عين تحكم على قائله، ولا تترك للكلام فسحته. هذا ينطبق أيضا على فهم قول الخيام بأنه صراع مع القدر المحتوم، وجهل بما يمكن أن يكون، ولا يمكن أن يعطى لشعر امرئ القيس هذا البعد الممكن، الذي ينفتح على عوالم ممكنة.
الذين يعتقدون أن امرأ القيس شاعر متهتك/ وأن الخيام شاعر حكمة وتصوف هم الذين لا يصدقون، أن قول الأول يمكن أن يعبر عن رؤية الثاني، وقول الثاني يمكن أن يعبر عن رؤية الأول. هؤلاء الذين حنطوا التأويل جعلونا منفيين في عالم ممكن.
أستاذ اللسانيات في الجامعة التونسية
لايمكن أن واقعيين مع ما قام به مايكل أنجلو في لوحاته التي تحمل الاسم يوم القيامه، الذي يصور فيها يوم الحساب الأخير بطريقه كأنه حاضرا لذلك اليوم الرهيب، ملائكه علي بشر، أهل الجنه وأهل النار، حتي الناجين الجدد، لها غيابيا وصوره متخيله وابعد فيها بفنه…
ربما قلة الذين يعرفون أنّ الفيلسوف لايبنيتز الألمانيّ كان مبعوث بلاده إلى الملك لويس الرابع عشر…لاقناعه بأنْ تقوم فرنسا بغزو مصر.والسبب أنّ الجيوش الفرنسيّة اتخذت من الأراضي الألمانيّة ( مسرحًا ) دائمًا لاستعراض القوّة في القارة الأوربيّة ؛ فأرادت ألمانيا صرف الجيوش الفرنسيّة ( القويّة يومذاك ) عنها واشغالها بغزو مصر…لكن الملك لويس الرابع عشرترك الأمر معلّقا حتى مجيء نابليون بونابرت الذي استجاب لتوصية الفيلسوف الألمانيّ لايبنيتز؟ بذلك يبيّن لنا دهاء هذا الفيلسوف أنّ سعي القوى الأوربيّة الكبرى للاستعمارخارج القارة الأوربيّة ؛ لابعادها عن الصراعات الأوربيّة ــــــــ الأوربيّة الداخليّة.
لماذا فقط الخداع والمكر أو حيل الكذب وليس المصداقية، خلف عنوان (عوالم اللغة الممكنة) يا أستاذ اللسانيات في الجامعة التونسية، د توفيق قريرة، والأهم هو لماذا، وما دليلي على ذلك؟!
انتعاش إقتصاد أي دولة، يعتمد على مدى نجاح حيوية المنافسة وتخصّص الأسواق فيها، لعرض أي منتج محلي أو مستورد،
لأن المنافسة بين أهل التخصّص بشكل مباشر، هي التي تمنع الغش والفساد الذي يؤدي إلى سوء الخدمة من الاستفحال، في أي سوق أو دولة،
واللغة وسيلة (التدوين) لحفظ حقوق الجميع، لمن يعترف بدولة القانون في تنظيم علاقة ثقافة فلان بثقافة الآخر للوصول إلى ثقافة النحن كأسرة انسانية في أي مجتمع، داخل أي دولة، تمثل خلاصة الحضارة الانسانية،
لأن شفاعة أو محسوبية بواسطة ثقافة فلان من أجل علان لأنه دفع رشوة (بواسطة لغة جسد أو عينية أو مالية)، بالتأكيد ستكون على حساب ثقافة الآخر، بالنتيجة (ظلم/تأميم/سرقة) إنسان أو أسرة أو شركة منتج للمنتجات الانسانية، كما حصل في واحة الظلم والديمقراطية (الكيان الصهيوني) مع أهل الأوقاف في فلسطين، منذ عام 1947،
يا د زياد، لمن يبحث عن دليل عملي، لأهمية المنافسة، في تطوير أو منع الغش، في التسويق،
أو لماذا يُفضّل ليس فقط أهل الإعلام، بل كل أهل دول مجلس التعاون في الخليج، اللبناني، بدل المصري، في تسويق أي (مُنتَج) في أي (سوق)
https://youtu.be/J4y5QcDa8EE
نديم قطيش، مثال رائع، كما عرض إشكالية المُعترض على مفهوم (الانتخابات) في (العراق)، والمُعترض على مفهوم (القانون) في (لبنان)، رغم أنّه (علماني/شيعي) للعلم،
لتوضيح بشكل رائع، إشكالية أي (دولة) مع عقلية (اللا دولة)، بداية من لبنان أو بقية أهل ما بين دجلة والنيل، على أرض الواقع في عام 2021، سبحان الله،
ولتوضيح أكثر السؤال بالنسبة لي يا د زياد، لماذا استأذن العالم الإسلامي، من المذيع، أولاً
https://youtu.be/m0BbHcHw5UY
هل هو أدباً، أو خوف على المذيع، من أن يأتي ضرر على المذيع، بسبب كلام/نصيحة العالم الإسلامي؟!
في طلب أن يتم مخاطبة أهل السلطة والحكم والعلم في أي دولة، الشعب، أو العكس بلغة القرآن وإسلام الشهادتين، بالذات؟!
وهل تعلم من أجل الدفاع حتى لا يتعرّض، هذا العالم، إلى تعدّي، في حج عام 1981، كانت ستضيع علي أول حجة، يوم 6/10/1981، لولا تبريدي بخبر عملية قتل الرئيس (محمد أنور السادات)، والحمدلله، والشكر له، حتى لا أفعل شيء، في مخيم حج جامعات دول الخليج، ضد ممثلي الدولة القومية (العراق)، في حينها يُمكن أن أندم عليه،
ومن زاوية رؤية أخرى، يجب شكر فضائية البي بي سي، البريطانية، على تعريفنا،
على لغة العلم والإنتاج العلمي والتجاري في أجواء سوق العولمة من (تونس) على أرض الواقع
https://youtu.be/GQLbSve-C8U
هذا الخليط اللساني/اللغوي نتاج تربية تعايش(التيار الإسلامي/العلماني) في تونس، سبحان الله،
ولذلك يا د زياد أرجو الانتباه إلى طريقة عرض فضائية البي بي سي، لمنتجات المرأة في تونس،
وبين طريقة عرض فضائية أورينت السورية، لمنتجات الرجل السوري/الأمريكي في الرابط
https://youtu.be/r_KNOxV5hZ4
وطريقة نظرة المرأة التونسية، لكيفية الاستفادة من الآلة، وطريقة نظرة الرجل السوري في أمريكا لكيفية الاستفادة من الآلة، لزيادة الإيرادات،
بتوفير خدمة للإنسان والأسرة والشركة المُنتجة للمنتجات الانسانية، بدون مِنّيّة أو مِنّيّة بالمحصلة، ولماذا هذا الفرق في زوايا الرؤية اللغوية؟!??
??????
/بقية الكلام/
وبعدين، من خلال حتى النظرة البسيطة كذلك إلى معنى مصطلح «الممكن» فلسفيا، يتضح أيضا أن هذا المصطلح يتضمن تدليل «غياب التناقض» في حد ذاته هو الآخر.. من هنا، يتبدَّى خلط المقال السافر بين غايتين متناقضتين فيما بينهما تناقضا جذريا: أولاهما الغاية من علم النفس، وثانيتهما الغاية من علم المنطق.. فمن طرف أول، القضية النفسية إنما هي قضية من قضايا ما يُسمى بـ«العارضية» Contingency، أي أن ثَمَّ احتمالا ثنائيا بأنها قد تكون قضية صادقة وقد تكون أيضا قضية كاذبة.. ومن طرف آخر، القضية المنطقية إنما هي قضية من قضايا ما يُدعى بـ«الضرورية» Necessity، أي أنه ليس ثَمَّةَ إلا «احتمالٌ» أحاديٌّ واحدٌ في التحليل الأخير، إما أن تكون القضيةُ المعنيةُ قضيةً صادقةً بالضرورة (إن كانت صادقةً بالفعل) وإما أن تكون القضيةُ المعنيةُ قضيةً كاذبةً بالضرورة (إن كانت كاذبةً بالفعل)..
وهناك، في واقع الأمر، الكثير من التفاصيل الشائكة والعويصة التي لا مجالَ بتًّا للتطرُّق إليها في هذا الموضع المحدود – وقد تعلَّمتُ كل هذا العلم الفلسفي التحليلي المفيد حقا من معلِّمي الفذ حي يقظان بارك الله فيه.. !!