اللجنة الدستورية السورية ومنهج العربة أمام الحصان

حجم الخط
7

أعلن المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون انطلاق جولة سادسة من مباحثات اللجنة السورية المشتركة المكلفة بإصلاح الدستور أو تعديله أو صياغة نسخة جديدة. ومن المعروف أن هذه اللجنة تنقسم إلى هيئة مصغرة من 15 امرأة ورجلاً موزعة بالتساوي على ممثلين عن النظام والمعارضة والمجتمع المدني، وهيئة أعلى مؤلفة من 150 شخصية تعتمد التوزيع الثلاثي المتساوي بمعدل 50 لكل من الأطراف الثلاثة.
وليس ثمة دلائل ملموسة توحي بأن هذه الجولة السادسة سوف تكون أفضل حظاً من سابقاتها، أو أن تنتهي فعلياً إلى توافقات كفيلة بردم الهوة الفاغرة بين النظام المصر على تعديل الدستور الحالي أو إصلاحه، والمعارضة المطالبة بدستور جديد يلاقي مطالب الشعب السوري التي كانت في أساس انتفاضته الشعبية على امتداد السنوات العشر المنصرمة وبذل في سبيلها تضحيات كبرى.
فالأصل في هذه اللجنة هو أنها وليدة القرار الأممي 2254 الذي اتخذه مجلس الأمن الدولي أواخر العام 2015، وبالتالي إذا لم تتوافق الدول دائمة العضوية في المجلس مع القوى العسكرية الأجنبية التي تحتل مساحات من الأراضي السورية على الشروع في تطبيق بنود ذلك القرار تباعاً، فإن الابتداء من اللجنة الدستورية إنما يكرس منهجية وضع العربة أمام الحصان. وكما كانت موسكو محرّك تسمية أعضاء اللجنة بعد أكثر من سنتين على عجز الأمم المتحدة عن القيام بما هو في صلب اختصاصها، كذلك فإن الكرملين قادر على دفع النظام السوري إلى تنفيذ هذا الجزء العملي أو ذاك من القرار الأممي 2254 وإلا فإن وجود وفد النظام في مباحثات جنيف سوف يظل شكلانياً مفرغاً من المحتوى والمعنى.
ومن جانب آخر كان بيدرسون نفسه هو الذي أحاط مجلس الأمن الدولي علماً بأن سوريا تواجه وضعا إنسانياً واقتصادياً شديد الصعوبة، بعض عناوينه وجود أكثر من 13 مليون سوري في حاجة ماسة للمساعدة الإنسانية بينهم قرابة 90٪ تحت خط الفقر، فضلاً عن العنوان الآخر الذي يعرفه العالم للتو حول وجود نحو 7 ملايين نازح سوري في بلاد الجوار والعالم، وملايين أخرى لا حصر لها من النازحين داخل البلد بعيداً عن مساكنهم. فأي سوريا يمكن أن يتوجه إليها بيدرسون على رأس اللجنة الدستورية، وللتصويت على أي دستور، حتى إذا تفاءل المرء بالمستحيلات وافترض نجاح عشر جولات أخرى مقبلة؟
وأما الجانب الثالث الذي يتعمد بيدرسون إغفاله، أسوة بأعضاء اللجنة الدستورية أنفسهم وعلى اختلاف انتماءاتهم، فهو ذاك الذي يتساءل عن شرعية الـ15 أو الـ150 الذين يزعمون التفاوض، سواء نيابة عن النظام أو المعارضة أو المجتمع المدني، وكيف ومتى حصلوا على تفويض من الشعب السوري، وما الذي سوف يجبر السوريين على الامتثال إلى نتائج مفاوضاتهم ومساوماتهم وصفقاتهم؟
وإضافة إلى الحقيقة القديمة التي تقول إن وضع العربة أمام الحصان حماقة موصوفة، فإنها كذلك ركود في المكان ومضيعة للوقت ومسعى لقتل أي وظيفة مناطة بالاثنين معاً، وهذا ما انتهت إليه الجولات الخمس الماضية، ويُنتظر منطقياً أن تنتهي إليه الجولة الراهنة السادسة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول د.منصور الزعبي:

    مشوار الالف ميل يبدأ بخطوة

  2. يقول سامح //الأردن:

    *ربما تحصل تغييرات خفيفه وتجميلية للنظام
    الفاسد في دمشق.. وكان الله في عون الشعب السوري المنكوب الصامد الأبي.
    حسبنا الله ونعم الوكيل في كل فاسد مستبد.

  3. يقول الكروي داود النرويج:

    لا حول ولا قوة الا بالله

  4. يقول S.S.Abdullah:

    أرجو من إشكالية عام 2021 في من له الأولوية، عند تعارض نص في دستور (بولندا) مع نظام إتحاد أوروبا، أو إشكالية دلع المرأة، مع صاحب أي سلطة، عندما يستغل ذلك في علاقات (لغة جسد)، بين أي مسؤول مع أي موظف، مثل رئيس تحرير أوسع جريدة (ألمانية Blid)،

    أن تُصحّح (زاوية رؤية) رأي بعنوان (اللجنة الدستورية السورية ومنهج العربة أمام الحصان)، نشرته جريدة القدس العربي، البريطانية، والأهم هو لماذا؟!

    لأن السؤال هنا، هل هناك حاجة إلى (قانون/دستور)، أم لا، عندما (لا يحترم) ذلك أعضاء مجلس الأمن في الأمم المتحدة، بعقلية أن يكون فوق القانون/الدستور، عند الحاجة،

    والدليل على ذلك كل كيانات سايكس وبيكو، وليس فقط (الكيان الصهيوني) وعملية إصدار شهادة الميلاد غير القانونية، بسبب عدم إصدار دستور، أو تحديد حدود للدولة، حتى الآن،

    أو تايوان (جمهورية الصين الوطنية)، التي كانت عضو مجلس الأمن حتى حربنا مع الكيان الصهيوني في عام 1973، فتحولت إلى حالة فلسطين (من البدون/لاجئ)، عضو غير معترف به،

  5. يقول S.S.Abdullah:

    فعبقرية الثنائي (كيسنجر-نيكسون) في استغلال أي شيء، لمصلحة أمريكا، كما ألغت، وجود غطاء بالذهب، عند طبع العملة النقدية الوطنية، هي من أعطت كرسي تايوان (الرأسمالية)، إلى الصين (الشيوعية) في مجلس الأمن، هي من أصدرت (إقتصاد البترودولار) حتى تستفيد من المقاطعة، إقتصادياً،

    ضد كل دولة وقفت مع (الكيان الصهيوني) في الحرب، وأخيراً، مثل أمريكا وبريطانيا، والدليل ما حصل في طرد (فرنسا)، وأخذ مكانها في صفقة تجارية مع أستراليا (الغواصات)، بالذات، فهل هذا (قانوني/دستوري)، بعد أستثمار (فرنسا) الجهد والمال والوقت، وتطلع من المولد، بلا شيء، أم لا؟!??
    ??????

  6. يقول فواز /اربد:

    الكاتب بكل سذاجة يتناسى التدخلات بل و العدوان الخارجي و طعم الجماعات الارهابة و الابقاء على وسائل و أدوات الحرب على سوريا و في مقدمة دول العدوان أكبر دول الغرب و قطر و السعودية .فحسب وزير الخارجية القطري الاسبق صرف على حرب سوريا ما يزيد عن 137 مليار دولار .اوقفوا الحرب المباشرة على سوريا اوقفوا دعم الارهاب وستجد سوريا طريقها السلام

    1. يقول Dr Arabi,UK:

      أخ فواز،لقد وضعت النقاط على الحروف بتعليقك هذا،تحياتي لك.

إشترك في قائمتنا البريدية