«معاداة السامية» وازدواجية المعايير في الغرب

حجم الخط
10

شهدت الأيام القليلة الماضية تصعيدا في الحملة العالمية ضد كل من ينتقد الممارسات الإسرائيلية. ففي حين وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير خارجيته افيغدور ليبرمان اتهامات للرئيس التركي رجب طيب اردوغان بمعاداة السامية، تعرض صحافيان مخضرمان للابتزاز وأجبر أحدهما على الاستقالة والثاني ما زال مصيره مهددا، بسبب انتقادهما الممارسات الإسرائيلية.
الصحافي الأمريكي جيم كلانسي اضطر لتقديم استقالته بعد العمل لمدة 34 عاما في محطة تليفزيون «سي إن إن» بسبب توجيهه انتقادات لإسرائيل على حسابه على «تويتر»، على خلفية الهجوم على مجلة «شارلي إيبدو» الفرنسية الساخرة. أما الصحافي تيم ويلكوكس مذيع شبكة «بي بي سي» الإخبارية البريطانية فتعرض لحملة شرسة، بسبب تعليق حول الانتهاكات التي يتعرض لها الفلسطينيون في الأراضي المحتلة على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلية، ووصلت الاحتجاجات ضد ويلكوكس إلى حد مطالبته بالاستقالة بتهمة معاداة السامية رغم اعتذاره عن التعليق.
وتلاحق تهمة معاداة السامية اليوم في أوروبا أي شخص ينتقد الممارسات الإسرائيلية، سواء كان رئيسا أو فنانا أو كاتبا أو حتى رياضيا، إذ أقدم الاتحاد الانكليزي لكرة القدم على التحقيق مع اللاعب الايطالي مهاجم نادي ليفربول ماريو بالوتيلي لنشره تعليقا ساخرا على «أنستغرام» يظهر رسما كرتونيا للشخصية الشهيرة «ماريو» مرفقة بتعليق «كن مثل ماريو، فهو سباك ايطالي صنعه اليابانيون، ويتكلم الانكليزية، ويشبه المكسيكيين، ويمسك بالنقود مثل اليهود».
بالوتيلي أكد أن «الهدف من التعليق كان مناهضة العنصرية» لكن ما لا يعرفه بالوتيلي أنه يمكن السخرية أو التعليق أو التنكيت على كل شيء إلا إسرائيل واليهود.
وتزامنت هذه الحملة في بريطانيا والولايات المتحدة مع محاكمة تشهدها المحاكم الفرنسية ضد رسام الكاريكاتير الشهير موريس سيني (80 عاما) الذي يحاكم بتهمة معاداة السامية لرسمه صورة لابن الرئيس الفرنسي السابق نيكولاي ساركوزي وهو يعتنق الديانة اليهودية وأرفقها بمقال يقول «يعتنق اليهودية من أجل المصلحة الشخصية والإثراء المالي».
هذه المحاكمة كانت في العاصمة باريس نفسها التي شهدت مظاهرة ضخمة قادها زعماء العالم للدفاع عن «حرية التعبير» بعد الهجوم الذي استهدف صحافيي ورسامي «شارلي إيبدو» التي نشرت رسوما مسيئة للرسول محمد (ص).
واقعة محاكمة رسام كاريكاتيري ساخر من جهة والدفاع عن رسومات ساخرة أخرى في الوقت نفسه، ليست صورة منفردة.
فبعد الهجوم الإرهابي على مقر صحيفة «شارلي إيبدو» الذي راح ضحيته 12 شخصا من العاملين في الصحيفة والشرطة، عززت الشرطة الفرنسية الحراسة أمام المؤسسات ودور العبادة اليهودية في فرنسا، في حين تعرض المسلمون هناك، خلال الأيام الماضية، لأكثر من 75 إعتداء، مرت كأخبار عابرة في الصحف رغم أن أحد هذه الاعتداءات لم يكن يقل بشاعة عن ما يقترفه تنظيم «الدولة الإسلامية»، فقد قتل المغربي محمد المكولي (47 عاما) ليل الثلاثاء الاربعاء الماضي بعد تلقيه 17 طعنة سكين في فوكلوز (جنوب فرنسا) حيث أقدم فرنسي (الخبر طبعا لم يذكر إنْ كان المهاجم مسيحيا أو يهوديا أو بوذيا..) مسلح بسكين على طعن جاره المكولي بعد أن هشم الباب، ثم سدد له طعنات عدة قبل نزع سلاحه، والعودة إلى منزله بحثا عن سكين أخرى وعاد ليسدد مجددا طعنات لوالد الأسرة الذي تلقى ما مجموعه 17 طعنة. زوجة الضحية التي أصيبت عند محاولتها التصدي للمعتدي هربت مع رضيعها وأبلغت الأمن. التنديد الوحيد الذي قرأناه بعد هذه الجريمة كان من المرصد الوطني لمكافحة كراهية الإسلام.
ولا يتسع المجال هنا لسرد كل الأمثلة، لكن من الواضح أن «معاداة السامية» تحولت إلى سلاح جاهز لا يتورع الغرب «المدافع عن حرية الرأي» عن إشهاره في وجه أي شخص يجرؤ على انتقاد تصرفات إسرائيل العنصرية. إنها ازدواجية في المعايير لا يمكن وصفها بأقل من أنها تجلب العار على من يرعون شعارات الحرية والمساواة.
بل إن موضوع معاداة السامية لا يجرؤ أحد على أن يطرحه للنقاش في الإعلام الغربي أصلا. ولا يمكن هنا إعفاء الحكومات الغربية من مسؤولياتها، وهو ما يتضح جليا في فرنسا التي تجرم قوانينها، على سبيل المثال، أي بحث علمي أو جدال موضوعي في الهولوكوست، الذي ندينه ونستنكره بأشد الكلمات، من جهة عدد الضحايا اليهود أو غير ذلك، بينما تستطيع أي مجلة أن ترسم نبي الإسلام في وضعية مهينة (كما ظهر في أحد الرسوم فعلا) دون مبالاة بمشاعر المسلمين.
وإذا كانت المستشارة الالمانية قالت مؤخرا إن»الإسلام جزء من المانيا»، فإن ما يتوقعه المسلمون هو أن ينالوا ولو جزءا من الحماية لحقوقهم ومعتقداتهم، من تلك التي يحظى بها الآخرون.

رأي القدس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    انها البداية يا قدسنا العزيزة فنحن الآن بمرحلة ما بعد شارلي
    انها بداية التعريف بأن للمسلمين دين لا يستهان به ولا بمتدينيه
    انها البداية بكشف مجرمي الحرب من الصهاينة بالمحاكم الدولية

    انها البداية لصحوة بدأت بالربيع العربي وستستمر لاقتلاع الظلم والتخلف

    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول رضوان الشيخ - السويد:

    تحياتي لقدسناالعزيزة
    ‏١ انا عربي مسلم واعيش في اوروبا اكثر من اربعين سنة لست ارهابيا بل انا ضد التطرف .
    ‏٢ لماذا لا يراجع (الغرب) مواقفه من قضايانا كقضية الفلسطينية
    ‏٣ كذالك وقف ارهابهم وعدوانهم على بلدان العربية والإسلامية
    ‏٤ كفانا نفاقا ايهاالغرب

  3. يقول Joe Wayne:

    West Europe Double Standard
    Although France is non-religious church not-going society but the French are national fascists , remember their bloody brutal crimes in their former colonies in Asia,Vietnam Africa, in Algiers they murdered 50000 civilians after WW II for demonstrating for promised independence , Hitler conquered and humiliated FRANCE in few days attack
    in France it is Crime to deny alleged Armenian massacres committed by Ottoman in WW I, also the French sent 10,000 French Jews to Germany executed by Hitler during WWII
    The French are vulgar indeed they should look at their face in the mirror ,
    they have no room to talk about civility

    Civility is not in food and fashion but it is in morals of all faiths, the French should read about morality from their neighbors German Moralists like KANT and HEGEl

  4. يقول سامح // الامارات:

    * يا قدسنا العزيزة : القاصي والداني يعرف أنّ ( الغرب )
    هواه ( اسرائيلي ) برغبته أو مرغما أخاك لا بطل ؟؟؟!!!
    * لهذا : قلت في تعليقاتي السابقة بما معناه علينا التوقف :
    عن البكاء ع ( اللبن المسكوب ) وتستخدم الدول العربية والإسلامية
    وجميع المنظمات التابعة جميع الأوراق التي تملكها للضغط ع الغرب
    لسن وتشريع القوانين التي تجرم التطاول ع ( الأديان )
    و ( الأنبياء ) الكرام عليهم أفضل الصلاة والسلام .
    شكرا والشكر موصول لقدسنا العزيزة ( بارك الله فيها ) .
    ملاحظة : أنا علقت على جانب من مقال قدسنا العزيزة فقط .

  5. يقول حفار القبور:

    هذا المقال ممتاز !!!

    لكن العيب ليس فيهم , فهم أعداء , و العدو لا يلام , بل توقع منه كل شيء !!!

    لكونهم يعملون ليلا و نهارا سرا و جهارا على حماية أنفسهم و مصالحهم و هذا أمر طبيعي جدا تجده عند أي من المجرمين و اللصوص و بداية من أصغرهم شأنا و أقلهم قيمة وووو فهؤلاء يخططون على إبتلاع العالم و يعملون على ذلك و يرون أن نطفتهم هي النطفة الوحيدة الآدمية و أما نطاف غيرهم من البشر فهي بنطفة حيوانية لا قيمة لها أصلا و هذه بعضا من تعاليمهم التي يعلمون بها اطفالهم في مدارسهم الخاصة ,,,

    لكن:

    يقع كل اللوم على المسلمين قبل غيرهم , لكونهم بمبتعدين عن دينهم بعدا كبيرا فمن يدخل مسجدا من المساجد التي في أوروبا يجد فيها من المشاكل و الصراعات و الكراهية و العدواة التي تفوق حجم تخيله و ضف على ذلك كل البدع و الجهل و الأمور التي نهى عنها ديننا الحنيف نهيا تاما ,,,

    بإختصار شديد:

    كيف تريد من هذا الصنف من المسلمين الذين هم بهذا المستوى أن يكونوا أهلا للتصدي لما يجري لهم في أوروبا و بل في بلادهم ؟!؟!؟!

  6. يقول أحمد - مصر:

    معاداة السامية…..!
    لايمكن أن يكون ..أفيدور ليبرمان هذا الوافد من روسيا منذ عدة سنوات فقط وأمثاله الوافدين إلى فلسطين المحتلة من دول أوربا وأمريكا مثلا أن يكونوا ساميين ! وهذه حقيقة يجهلها كل من يعتمد على معلوماته من الغرب المسيطر على إعلامه اللوبى اليهودى
    السامية هى عرقية معينة من البشر ( كانت) تعيش فى حقبة معينة وفى منطقة معيبة من منطقتنا العربية ..فى الجزيرة العربية وبلاد الرافدين
    والسامية لاترتبط بدين معين ولاجنسية دولة معينة
    وبالتالى لايمكن ربط جميع اليهود ولا ( إسرائيل ) بالسامية وخاصة يهود أوربا لسبب بسيط وهو أن الديانة اليهودية لم تنتقل إلى أوربا إلا منذ حوالى 5 قرون على يد أحد أباطرة القوقاز..والذى إعتنق هذه الديانة وحث شعبه على إعتناقها وهذا ما يفسر كثرة إنتشارها فى دول أوربا الشرقية أولا….
    فأين كل هؤلاء من العرق السامى ؟
    ليس كل اليهود بساميين
    بل كل العرب ( مسلمون ومسيحيون )….ساميون
    إذا قوانين …معادة السامة فى أوربا …هى أضحوكة وكذبة كبرى !
    ماذا تفعل السفارات العربية وملحقيها الإعلاميين والثقافيين فى الدول الأوربية ؟
    وأين هم علماء وأساتذة علم الأجناس فى الجامعات العربية لتوضيح ذلك ؟

  7. يقول Abdo Shihata- EGYPT:

    فى البداية والنهايه العيب فينا نحن المسلمين والعرب .
    اللوبى اليهودى يحسن طرح قضاياه بداية من درسه الأخير مع هتلر والنازيه لكن نحن العرب والمسلمين خير من يجلب الكراهيه لديننا ولقومياتن العربيه ..

  8. يقول م . حسن .:

    العلاقة بين السياسة والدين . الديمقراطية تفصل بين السياسة والدين , وتعتبر الدين أمر فردى وخاص بين المخلوق وخالقة , بينما الثيوقراطية الدينية تربط بين السياسة والدين , حيث الدين أمر عام بين كل الشعب أوالدولة وبين الخالق , والحريات جماعية هرمية ولا حريات فردية . . بينما تكفل القوانين الديمقراطية الحرية الفردية وحرية الإيمان وتضعة في كفة , وفي الكفة الأخرى تكفل حرية غير المؤمنين في الرأى والتعبير بدون تمييز . أما الخلط بين السامية واليهود وغير اليهود , فهل الصهاينة ساميون ؟ وهل كل غير اليهود لا ساميون ؟ ماذا عن الأغلبية الصهيونية التي لا تؤمن لا باليهودية ولا بأى دين ؟ وما علاقة كل ذلك بإسرائيل وسياساتها ضد الفلسطينين . لايوجد توازن في المصالح ولا يوجد توازن في المعايير . فهل المساواة أصبحت بيت القصيد ؟ .

  9. يقول Hassan:

    بماذا تفرض العرب نفسها؟ بالدين الذي بات تجارة لكل من أراد الإستبداد والحال أن التجارب لم تفرز غير أشخاص غلبت عليهم الأنانية والتعصب؟ أم بالثروات المادية والبشرية المهدورة وبالوقت الغير مستغل إلا في ما يكرس الفوضى على جميع الأصعدة؟ ماذا أخذ العرب من الدين غير التكفير؟ أمة لا تعمل. أمة تعيش خارج الزمن قد استسلمت للتواكل وللأمم الأخرى التي تنهش جسدها بالفتن لتتأجج ثم تلتهب حيث أرادت لها قوى الشر.

  10. يقول Rahim Djalil:

    و كل هذا و ما زلت تفول “فبعد الهجوم الإرهابي على مقر صحيفة «شارلي إيبدو» الذي راح ضحيته 12 شخصا من العاملين في الصحيفة” حقا و الله العيب فينا نحن العرب

إشترك في قائمتنا البريدية