طالبان تستعين بمسؤولين متخصصين سابقين لتسيير أمور البلاد

حجم الخط
0

واشنطن: في الأيام الأولى بعد السيطرة على أفغانستان، أعلن مسؤولو طالبان أنهم أنهوا الصراع الذي دام 40 عاما في البلاد وأنهم سوف يستعيدون الرخاء لها. لكن هل بإمكانهم فعلا تحقيق ذلك؟

هناك إدراك عام بأن سهولة سيطرة طالبان على أفغانستان لا تعني سهولة حكمها للبلاد وإدارة شؤونها. فهناك صعوبات كثيرة سوف يتعين على طالبان مواجهتها، من بينها على سبيل المثال لا الحصر: الصراعات الداخلية والمشاحنات القبلية، ومعاناة ملايين الأفغان من الفقر المدقع.

كانت طالبان قد أعلنت أنها تريد تشكيل حكومة شاملة، لكنها في حقيقة الأمر قامت بتشكيل حكومة تصريف أعمال مؤقتة؛ جميع الوزراء فيها بالفعل من قادة طالبان المعروفين، ومن بينهم أيضا سراج الدين حقاني الذي تم تعيينه وزيرا للداخلية، والذي كان يتزعم جماعة مسلحة تعرف بشبكة حقاني المرتبطة بحركة طالبان، والتي كانت وراء بعض أكثر الهجمات دموية في الصراع الذي شهدته أفغانستان طوال 20 عاما.

والجدير بالذكر أن الولايات المتحدة كانت قد صنفت هذه الشبكة تحديدا بأنها إرهابية، وبعد أقل من يوم واحد من إعلان تعيين سراج الدين حقاني وزيرا للداخلية ضاعفت واشنطن المكافأة المخصصة لمن يقدم معلومات تساعد في القبض عليه إلى عشرة ملايين دولار، حيث أنه متهم بالتورط في هجوم على أحد الفنادق في كابول عام 2008، أودى بحياة ستة أشخاص من بينهم أمريكي.

ويقول الكاتب والباحث الأمريكي تريفور فيلسيث في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية إنه يبدو أن طالبان أدركت خلال فترة ما بعد بسط سيطرتها على أفغانستان حتى الآن، مدى صعوبة إدارة شؤون البلاد. إذ أنه رغم أن البلاد غنية بالمعادن، فإنها لا تمتلك الإمكانيات الكافية لاستخراجها. كما أن النظام الصحي الهش في البلاد على وشك الانهيار. ومعظم الأموال التي كانت تستخدمها الحكومة السابقة لتوفير الخدمات كان مصدرها المساعدات الدولية التي توقفت تقريبا الآن. وبالتالي، أصبحت الحكومة المؤقتة غير قادرة على سداد قيمة واردات الغذاء والكهرباء، وتسعى جاهدة لتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين.

ويضيف فيلسيث أنه من أجل تجنب أسوأ العواقب، لجأ قادة طالبان إلى خيار عملي؛ فقد طلبوا من المسؤولين السابقين في الحكومة السابقة العودة للعمل. وطلب مسؤولو طالبان تحديدا من العاملين المتخصصين السابقين في وزارة المالية والبنك المركزي بالعودة للعمل، اعترافا منهم بأن هؤلاء المسؤولين يفهمون كيف يديرون البلاد، وهو أمر لا يجيده أعضاء حركة طالبان.

ويرى فيلسيث أن مهمة هؤلاء العاملين التكنوقراط ستكون صعبة. فقد تم تجميد أرصدة البلاد الخارجية لتجنب وقوعها في أيدي طالبان. وتستطيع الحكومة داخليا توفير ما بين 500 إلى 700 مليون دولار تقريبا، وهو مبلغ لا يكفي لدفع مرتبات مسؤولي الحكومة أو توفير الخدمات العامة في دولة كانت تنفق في السابق ما يصل إلى 11 مليار دولار سنويا.

ويؤكد فيلسيث أنه ليس كل ما فعلته طالبان كان بدون جدوى. فقد كان تواصلها مع قطاعات الأعمال وحثها على استمرار أعمالها نجاحا جزئيا، كما أن التزامها بإنهاء الإرهاب، وتجارة المخدرات، والسعي لأن يكون لها دور في المجتمع الدولي ساعد في الحفاظ على تدفق المساعدات المالية، وأدى إلى بقاء ممثلي الأمم المتحدة وبعض المنظمات الدولية الأخرى في البلاد. كما تردد أن طالبان اتخذت إجراءات صارمة ضد الفساد الذي كان سمة مميزة لأنشطة الحكومة السابقة.

واختتم فيسليث تقريره بالقول إن أولوية أجهزة الدولة الباقية في المستقبل القريب سوف تتمثل في منع حدوث مجاعة، توقعت الأمم المتحدة حدوثها في أفغانستان. وسوف تحقق الأجهزة ذلك من خلال تنظيم واردات عاجلة وغيرها من السلع الأساسية مثل زيت الطهي.

(د ب أ)

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية