غزة ـ “القدس العربي”: بعد مرور تسعة أيام على معركة الإرادة التي خاضها الأسرى الفلسطينيون بقيادة أسرى حركة الجهاد الإسلامي، رفضا للإجراءات العقابية، رضخت سلطات الاحتلال لمطالبهم، ما دفعهم إلى تعليق الإضراب المفتوح عن الطعام، في وقت واصل فيه ستة أسرى إداريون “معركة الأمعاء الخاوية” طلبا للحرية، رغم التدهور الخطير على وضعهم الصحي.
وأعلنت الهيئة القيادية العليا لأسرى حركة الجهاد، تحقيق انتصار على السجان الإسرائيلي، وقالت إن قرار تعليق الإضراب المفتوح عن الطعام جاء بعد خضوع إدارة السجون الإسرائيلية لتحقيق معظم مطالب أسرى الحركة، والتي أهمها “وقف الحملة المسعورة” ضدهم”، ورفع كل الإجراءات العقابية بحقهم.
واشتمل الاتفاق على “استعادة التمثيل والبناء والكيان التنظيمي لحركة الجهاد الإسلامي في سجون الاحتلال”، و”عودة المعزولين من قيادات وكوادر الحركة ليكونوا بين مجاهديهم”، كما اشتمل الاتفاق على “تحسين الظروف المعيشية للأسيرات الماجدات في سجون الاحتلال”، وكذلك “إلغاء الغرامات والعقوبات المالية المليونية”. وقالت الهيئة القيادية للجهاد إن انتصارها يعد “انتصارا لأبناء الحركة الأسيرة، ولجميع أبناء شعبنا الفلسطيني وأحرار العالم الذين دعموا وناصروا معركة الإضراب عن الطعام للحفاظ على الهوية التنظيمية وإرث رجالات وشهداء الحركة الأسيرة الفلسطينية”.
وأوضحت أنه في ليلة الخميس الجمعة، وبعد 9 أيام من استمرار الإضراب المفتوح وأكثر من 40 يوما من التمرد والعصيان، وفي فترة زمنية قياسية من عمر نضالات الحركة الأسيرة “استطعنا بفضل الله تعالى إنجاز معظم تلك العناوين، وقد توافقت الهيئة القيادية بجميع أعضائها وبالاستماع إلى آراء مجلس الشورى العام والعديد من كوادر الحركة على إعلان تعليق الإضراب المفتوح عن الطعام ووقف خطوات التمرد والعصيان”.
وقال نادي الأسير أن هذا الانتصار “ارتكز على وحدة الحركة الأسيرة”، لافتا إلى أنه جاء في أعقاب “برنامج نضالي نفذته من خلال لجنة الطوارئ العليا للأسرى الذي استند على العصيان والتمرد على قوانين إدارة السجن”، لافتا إلى أن الانتصار جاء أيضا “بعد حوار مضنٍ وشاق خاضته كل مكوناتها مع إدارة سجون الاحتلال على مدار أكثر من شهر”.
ولفت نادي الأسير إلى أن وحدة الحركة الأسيرة في هذه المعركة، أثبتت مجددا أنها “السلاح الأقوى” في وجه السجان، حيث أن ما جرى على مدار شهر من تكاتف واشتباك يومي فرض انتصارا للكل الفلسطيني.
يُشار إلى أن إدارة سجون الاحتلال، ومنذ السادس من الشهر الماضي وهو تاريخ عملية “نفق الحرية”، شرعت في فرض جملة من الإجراءات التنكيلية، وسياسات التضييق المضاعفة على الأسرى، واستهدفت بشكل خاص أسرى الجهاد الإسلامي من خلال عمليات نقلهم وعزلهم واحتجازهم في زنازين لا تتوفر فيها أدنى شروط الحياة الآدمية، عدا عن نقل مجموعة من القيادات إلى التحقيق.
وكان الأسرى الفلسطينيون هددوا قبل تعليق الإضراب، بتوسيع نطاق الاحتجاجات ضد السجان الإسرائيلي، في حال لم يستجب لمطالبهم، حيث كانت هناك دفعة جديدة من الأسرى ستدخل الإضراب، إضافة إلى الـ 250 أسيرا الذين خاضوا الإضراب لمدة تسعة أيام، فيما كان أسرى من المضربين سيتوقفون عن شرب الماء.
وقد أعلنت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، أن إدارة سجون الاحتلال الاسرائيلية، تعمدت في الفترة الماضية، وضع العديد من العراقيل والتعقيدات أمام الطواقم القانونية للهيئة لزيارة أسرى حركة الجهاد والاطلاع على ظروفهم الاعتقالية.
وقال أبو حمزة، الناطق باسم سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، معقبا على الانتصار “سنبقى السند الصلب والدرع الحصين لأسرانا الأبطال، وسيف شعبنا ومقدساتنا في طريقنا الطويل، وصراعنا الممتد مع العدو حتى الحرية، والنصر الأكيد”.
واحتفالا بالانتصار نظمت حركة الجهاد الإسلامي صلاة ظهر الجمعة أمام مقر الصليب الأحمر في مدينة غزة، شارك فيها حشد كبير من المواطنين ومن قادة الحركة. وفي مؤتمر صحافي قبل الصلاة قال القيادي في الجهاد جميل عليان “إن ما يجري من عدوان بحق أسرانا الأبطال، يفرض علينا العمل الجاد بكل السبل من أجل تحريرهم”، لافتا إلى أن الإضراب عن الطعام يعد “محطة من محطات الصمود في مواجهة لا تنتهي ولا تتوقف إلا بزوال الاحتلال”، وحذر الاحتلال من التلاعب بمطالب الأسرى.
وعبر الناطق باسم حماس حازم قاسم عن اعتزاز حركته بوحدة الحركة الأسيرة وصلابة موقفها الجمعي، ووقوفها صفا واحدا في وجه هجمة السجان، وقال “هذا الموقف الموحد هو الذي مكّن الحركة الأسيرة من تحقيق هذا الإنجاز”.
وأشاد بالأسرى الإداريين المضربين عن الطعام، داعيا إلى استمرار وتكثيف الفعاليات الوطنية لإسنادهم والتضامن معهم حتى تحقيق مطالبهم.
يشار إلى أن الأسرى الفلسطينيين لا يملكون إلا أمعاءهم في معاركهم ضد السجان، لتحقيق مطالبهم الخاصة بتحسين أوضاع اعتقالهم، أو لإطلاق سراحهم وإنهاء اعتقالهم الإداري.
وفي هذا السياق واصل الأسرى الإداريون الستة إضرابهم المفتوح عن الطعام في سجون الاحتلال الإسرائيلي، رفضا لاعتقالهم الإداري، وأقدمهم الأسير كايد الفسفوس المضرب منذ 100 يوم. والأسرى المضربون إلى جانب الفسفوس، هم: مقداد القواسمة منذ 93 يوما، وعلاء الأعرج منذ 76 يوما، وهشام أبو هواش منذ 67 يوما، وشادي أبو عكر يخوض إضرابه لليوم 59 يوما، وعياد الهريمي منذ 30 يوما.
وحذرت هيئة شؤون الأسرى والمحررين من خطورة الأوضاع الصحية للأسرى المضربين، مشيرة إلى أن الخطر يزداد عليهم يوما بعد يوم، وأكدت أن هناك خشية من تعرضهم لانتكاسة صحية مفاجئة، وحدوث أذى على دماغهم أو جهازهم العصبي، خاصة نتيجة نقص كمية السوائل في الجسم.
وقالت إن الأسير القواسمة يقبع في العناية المكثفة في مستشفى “كابلان”، وقد حاول الأطباء تغذيته قسريا بالمحاليل والمدعمات، لكسر إضرابه المفتوح عن الطعام.
وفي السياق، قال محامي هيئة شؤون الأسرى والمحررين كريم عجوة، إن أطباء مستشفى “برزلاي” الإسرائيلي أجروا عملية جراحية للأسير ناصر أبو حميد أول أمس، لاستئصال ورم من الرئة اليسرى، وقص 10 سم منها لوجود تلف فيها، لافتا إلى أن العملية استغرقت 8 ساعات.
وأكدت الهيئة مرة أخرى، أن ما يتعرض له أبو حميد، هو جزء من “سياسة الإهمال الطبي الممنهجة”، التي يعاني منها المئات من الأسرى المرضى، والتي تندرج ضمنها العديد من الأدوات التنكيلية، حيث تواصل سلطات الاحتلال تحويل حاجة الأسير للعلاج إلى أداة تنكيل ومماطلة لسنوات حتى يصل لمراحل خطيرة من المرض والوهن.
يذكر أن أبو حميد من مخيم الأمعري، وهو من بين خمسة أشقاء يواجهون الحكم مدى الحياة في سجون الاحتلال، وقد كان الاحتلال اعتقل أربعة منهم عام 2002 وهم: نصر، وناصر، وشريف، ومحمد، إضافة إلى شقيقهم إسلام الذي اعتقل عام 2018، ولهم شقيق سادس شهيد وهو عبد المنعم أبو حميد، كما أن بقية العائلة تعرضت للاعتقال، وحرمت والدتهم من زيارتهم لسنوات، وفقدوا والدهم خلال سنوات اعتقالهم. كما تعرض منزل العائلة للهدم خمس مرات.