الخرطوم : واجه الجيش السوداني اليوم الخميس معارضة متزايدة للانقلاب الذي شهدته البلاد هذا الأسبوع إذ تعهد مسؤولو أجهزة الدولة في الخرطوم بالعصيان المدني وسعى ناشطون إلى حشد الجماهير لمظاهرات ضخمة خلال أيام.
وكان الانقلاب الذي قاده الفريق عبد الفتاح البرهان يوم الاثنين على الحكومة المدنية قد دفع الآلاف للخروج إلى الشوارع رافضين عودة الحكم العسكري ومطالبين بعودة ترتيبات الانتقال إلى الحكم المدني إلى مسارها.
وفي بيان نشر على فيسبوك الليلة الماضية قالت وزارات وأجهزة رسمية في ولاية الخرطوم، أكثر ولايات البلاد ازدحاما بالسكان والتي تضم العاصمة ومدينة أم درمان المتاخمة لها، إنها لن تتنحى أو تسلم سلطاتها. وأعلنت هذه الهيئات الإضراب العام رغم أنها ستواصل توفير الطحين (الدقيق) وغاز الطهي والرعاية الطبية للحالات الطارئة.
وظلت السوق الرئيسية والبنوك ومحطات الوقود في الخرطوم مغلقة اليوم الخميس بينما كانت المستشفيات تقدم خدمات الطوارئ فقط. وفتحت متاجر صغيرة أبوابها لكن طوابير طويلة تشكلت للحصول على الخبز.
وفي بادرة على استمرار الدعم الغربي للحكومة المدنية المعزولة نشر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الليلة الماضية تغريدة قال فيها إنه تحدث هاتفيا مع وزيرة الخارجية مريم الصادق المهدي.
وقال بلينكن إنه يدين القبض على القيادات المدنية في السودان وإنه بحث مع وزيرة الخارجية “أفضل السبل التي يمكن للولايات المتحدة أن تدعم بها مطالبة الشعب السوداني بالعودة إلى الانتقال للديمقراطية بقيادة مدنية”.
وقال مصدر مقرب من رئيس الوزراء المعزول عبد الله حمدوك إنه لا يزال ملتزما بالانتقال الديمقراطي المدني وأهداف الثورة التي أطاحت بالحكم الدكتاتوري للرئيس السابق عمر البشير قبل عامين. وسمحت سلطات الانقلاب لحمدوك بالعودة إلى بيته تحت الحراسة يوم الثلاثاء بعد أن كان محتجزا في مقر إقامة الفريق البرهان.
سقط عدد من القتلى في اشتباكات مع قوات الأمن منذ وقوع الانقلاب ويخشى معارضون أن تستخدم السلطات بقيادة الجيش المزيد من القوة. وقال المصدر المقرب من حمدوك إن رئيس الوزراء دعا الجيش إلى تحاشي العنف ضد المحتجين.
ويوزع معارضو الانقلاب منشورات تدعو إلى “مسيرة مليونية” يوم السبت احتجاجا على الحكم العسكري بالاعتماد على وسائل قديمة للحشد الشعبي بعد أن قلصت السلطات استخدام الإنترنت والهواتف.
وتجري الدعوة للمسيرة تحت شعار “ارحل” وهو الشعار الذي استخدم في الاحتجاجات التي أطاحت بالبشير.
وكان السودان يشهد أزمة اقتصادية عميقة بلغ فيها التضخم مستويات قياسية وشهدت نقصا في السلع الأساسية. وكانت الفترة الأخيرة قد شهدت بعض علامات التحسن التي ساهمت فيها مساعدات قال كبار المانحين الغربيين إنها ستتوقف ما لم يتغير المسار بعد الانقلاب.
وقد وضع الانقلاب العسكري حدا لفترة انتقالية هشة كان الهدف منها أن تنتقل بالسودان إلى انتخابات في 2023 من خلال اقتسام السلطة بين المدنيين والعسكريين في أعقاب سقوط البشير.
وأكد تحرك البرهان الدور المهيمن الذي يلعبه الجيش في السودان منذ الاستقلال عام 1956 وذلك بعد أسابيع من التوتر المتصاعد بين العسكريين والمدنيين في الحكومة الانتقالية بسبب قضايا منها ما إذا كان سيتم تسليم البشير وآخرين إلى لاهاي لمواجهة اتهامات بارتكاب جرائم حرب.
وقال البرهان إنه تحرك لمنع البلاد من الانزلاق إلى حرب أهلية ووعد بإجراء انتخابات في يوليو تموز 2023.
وكانت الحكومة الانتقالية قد فازت بدعم من الولايات المتحدة بتخفيف أعباء الديون السودانية للغرب وضمنت رفع اسم السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب وخطت خطوات صوب تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وقد جمدت الولايات المتحدة مساعدات قدرها 700 مليون دولار للسودان منذ انقلاب يوم الاثنين وأمس الأربعاء قال البنك الدولي إنه سيوقف صرف دفعات لعمليات في السودان.
ونددت الدول الصديقة التي ساندت الانتقال الديمقراطي بالانقلاب في بيان صدر مساء أمس الأربعاء.
غير أنه في حين أن بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا كانت بين الدول الموقعة على البيان فلم تكن من بينها السعودية والإمارات اللتان أقام البرهان علاقات معهما.
(رويترز)
الشعب السوداني لن يرض بالمجرمين القتلة السفاحين يحتلون الدولة ومؤسساتها تحت عنوان الانقلاب…