أنطاكيا – «القدس العربي»: لا زالت العملية العسكرية التركية المرتقبة في الشمال السوري تأخذ صدى واسعاً، ويبدو أن النظام السوري سيكون المستفيد الأكبر من هذه العملية في حال بدأت فعلاً.
وعلى غرار التحركات من جانب النظام وروسيا مع انطلاق عملية نبع السلام في العام 2019، تشير الأنباء الواردة تباعاً من شرقي نهر الفرات، إلى قيام قوات سوريا الديمقراطية «قسد» بعقد اجتماعات مع النظام وروسيا لبحث التهديدات التركية. فحسب مصادر محلية، طالبت «قسد» النظام السوري بنشر قواته في بلدة عين عيسى ومدينة منبج، وسط حديث عن إمكانية تقاسم النفوذ مع النظام في مدينة الرقة، مقابل تأمين الحماية من هجوم تركي وشيك.
جاء ذلك، خلال اجتماع عُقد الأحد، بين النظام و»قسد» في قاعدة الشركراك في ريف الرقة الشرقي والتي تتمركز بها القوات الروسية، وفق ما أكدت مصادر محلية. وحاولت «القدس العربي» الحصول على تأكيد رسمي من «قسد» للاجتماع، لكن الناطق باسمها آرام حنا، رفض التعليق لكنه لم ينف هذه الأنباء. ومن الواضح أن النظام السوري يخطط لإعادة تجربة «نبع السلام» عندما استطاع في حينها زيادة نفوذه في منطقة شرقي الفرات، بعد توصله وروسيا من جهة، و»قسد» من جهة أخرى إلى تفاهمات، تنص على انتشار قواته في مناطق على الشريط الحدودي التركي- السوري.
وسبق أن كشفت مصادر إعلامية تابعة للنظام، عن تحركات لحل الخلافات الموجودة مع «قسد» بهدف التنسيق المشترك لصد أي هجوم تركي في شمال شرقي سوريا، ونقلت صحيفة «الوطن» التابعة للنظام السوري، عن رئيس «المبادرة الوطنية للأكراد السوريين» عمر أوسي، إعلانه «التوصل إلى مسودة وثيقة وطنية لحل الخلافات الموجودة بين الأطراف الكردية والحكومة السورية، بهدف التنسيق المشترك لصد أي عدوان تركي». وأضاف أوسي أنه «ما زالت المسودة قابلة للتفاوض والتعديل، وتصلح أرضية لبدء حوار جدي عاجل بين الأطراف الكردية، معارضة وموالاة، لوضعها على طاولة الحكومة في دمشق والوصول إلى حلول وسط».
ويرى الكاتب والمحلل السياسي، فراس علاوي، أن العملية التركية – إن حدثت – ستكون محدودة، نظراً لعدم حصول تركيا على ضوء أخضر أمريكي. وفي حديثه لـ«القدس العربي» يؤكد علاوي أن الضغط التركي على «قسد» سيجبرها على الذهاب إما في اتجاه روسيا أو النظام بشكل مباشر وتقديم تنازلات له، ويتابع أنه في حال قررت «قسد» المواجهة، فإن النظام يستفيد أيضاً لأن إضعاف «قسد» يصب في مصلحته.
وفي إطار الضغط الذي يمارسه النظام على «قسد» توقع الناطق باسم «المصالحة الوطنية «التابعة للنظام، عمر رحمون، تكرار سيناريو سيطرة تركيا على منطقة عفرين، في المنطقة الشرقية، عبر انسحاب «قسد» وتقدم تركيا لفرض سيطرتها.
وأضاف في تصريح لوكالة «سبوتنيك» الروسية، أن «تواجد قوات الجيش السوري في شرقي سوريا لا زال رمزياً، لأن قسد لم تفتح الطريق أمامه». وحسب رحمون، لا زالت «قسد» تكتفي بالوعود الكاذبة منذ ثلاث سنوات للحصول على غطاء سوري روسي مجاني، مؤكداً أن «هذا لن يحصل دون سيطرة الدولة على المناطق هناك» مضيفاً على «تويتر»: «كل الاجتماعات الحالية مع «قسد «لا تسمن ولا تغني من جوع، ولن تقنع هذه الاجتماعات والنصائح «قسد» بتسليم المنطقة للجيش العربي السوري ولن تقنع التركي بزوال الخطر الكامن بتواجد قسد، تجربة عفرين تتكرر حرفياً».
في المقابل تقلل مصادر «القدس العربي» من احتمالية قيام تركيا بعمل عسكري جديد في الشمال السوري، سيما وأن كل المؤشرات تشير إلى عدم حصول توافق بين أنقرة وواشنطن، وبين أنقرة وموسكو من جانب آخر على شكل العملية ووجهتها، كما ان التحركات العسكرية التركية في سوريا محكومة بالتنسيق مع روسيا وبإطار «اتفاق أستانة» الذي يحدد الوجود التركي في سوريا بعدم شن عملية ضد مواقع النظام السوري، وهنا يأتي دور التحركات الكردية لجعل المناطق المهددة تحت سلطة كاملة للنظام وليس مجرد تواجد في مواقع محددة.