لندن ـ «القدس العربي»: اكد اليستر بيرت، وزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني السابق، صعوبة نجاح أي مفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين قد يرغب يهود الولايات المتحدة بنجاحها، لأن قادة إسرائيل الحاليين عثروا على أصدقاء جدد في العالم والمنطقة بالإضافة إلى صديقتهم أمريكا، وهؤلاء الأصدقاء الجدد هم من دول الشرق الاوسط والعالم العربي التي تتناغم مصالحها مع مصالح إسرائيل.
وكان بيرت يتحدث في ندوة بعنوان: «مواقف أمريكا تجاه إسرائيل، هل هي في أفضل أوضاعها؟ وما تأثير ذلك على عملية السلام؟ «جرت أمس الثلاثاء في «المعهد الملكي للشؤون الدولية» (تشاتهام هاوس)، وشارك فيها ايضا البروفسور كولن شندلر، استاذ الدراسات الإسرائيلية في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية في جامعة لندن، وجوناثان راينهولد مدير مركز أرغوف للدراسات الإسرائيلية واليهودية.
ورداً على سؤال عما إذا كانت صداقات إسرائيل الجديدة مع بعض الدول العربية الخليجية، فسُئل إذا كانت هذه مجدية إلى درجة أكبر من التفاوض مع قادة عرب معنيين بدرجة مباشرة بالقضية كالرئيس الفلسطيني محمود عباس، وقبله الرئيس المصري السابق حسني مبارك، وغيرهما، الذين شن وزير الخارجية الإسرائيلي افيغدور ليبرمان حربا عليهم مطالبا بإقصائهم برغم استعدادهم للتفاوض. وهل هذا الأمر يرضي القيادة الأمريكية والأمريكيين عموما والأمريكيين اليهود؟ تراجع بيرت إلى حد ما عن موقفه بقوله إن مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي ربما ستعود إلى القيام بدور رئيسي في السلام العربي ـ الإسرائيلي وان علاقتها بإسرائيل مهمة جدا لهذا السلام الذي يرغب به الجميع، ويحبذه بيرت شخصيا إذ انه كان رئيسا لمجموعة نواب مجلس العموم المؤيدة لإسرائيل، ولم يتأثر بضغوط المستعربين لدى تسلمه منصبه الوزاري في وزارة الخارجية البريطانية.
اما المتحدثان الآخران فكان ردهما أكثر وضوحا حيث قال راينهولد إن تصريحات ليبرمان تعود إلى كونه يطمح للوصول إلى منصب رئاسة الوزراء وهو يهاجم الزعماء العرب والفلسطينيين المعتدلين وغير المعتدلين للاستهلاك الداخلي.
واعترف شيندلر ان ليبرمان الذي هاجر إلى إسرائيل من روسيا في اواخر التسعينيات وضم حزبه (في معظمه) المهاجرين الروس لم يكن يتوقع ان يستقطب المزيد من التأييد ولكن التوجه في إسرائيل نحو أقصى اليمين دفعه إلى اتخاذ مواقف متطرفة، وبينها مواقفه السلبية من الرئيس عباس ومطالبته باستبداله، بيما أكد رئيس الجمهورية الإسرائيلي السابق شمعون بيريز عكس هذا الموقف. اما نتنياهو فهو برأي شيندلر، متردد ويخشى المجازفة مع ان مواقفه في مفاوضات «واي بلانتيشن» اندرجت في مواقف أسلافه الذين تفاوضوا مع الفلسطينيين وتوصلوا إلى بعض النتائج.
وأرجع راينهولد تعاطف الأمريكيين مع إسرائيل إلى عوامل تاريخية ودينية قائلا إنه ليس مرتبطا فقط بموضوع مواجهة الإرهاب، رغم أن هذا العامل ساهم في ازدياد هذا التعاطف. بيد أن الجيل الجديد من الأمريكيين عموما واليهود منهم ايضا يرغبون بنجاح المفاوضات الإسرائيلية ـ الفلسطينية ولا يرضون بتأييد أعمى لإسرائيل.
واشار شيندلر إلى ان حوإلى نصف الأمريكيين لا يعتقدون بأن القيادة الإسرائيلية الحالية تبذل الجهد الكافي لتحقيق مفاوضات سلام ناجحة مع الفلسطينيين، وأن أكثر من 40 % لا يعتبرون إنشاء المستوطنات يساهم في إنجاح مفاوضات السلام.
كما ذكر أن ثلاثة ارباع يهود امريكا صوتوا مع جون كيري عندما ترشح لرئاسة الجمهورية ضد جورج بوش الابن عام 2004 (الولاية الثانية). وكانت الآمال معقودة على كيري للقيام بمبادرات ناجحة، عندما عيّنه الرئيس باراك اوباما وزيرا للخارجية. وهذا امر وافق عليه بيرت، ولكنه اشار إلى بعض الاختلاف في المواقف بين البيت الأبيض ووزارة الخارجية والكونغرس مما ساهم في عرقلة دور كيري، بالإضافة إلى التشدد الإسرائيلي.
ودعا بيرت إلى اعادة النظر في عملية المفاوضات وقالبها وإلى استعادة أمريكا لدورها الرئيسي في عملية السلام، فنتنياهو وحكومته تتزايد ثقتهما بإمكان التحرك في الساحة العالمية من دون الضوء الأخضر الأمريكي، وخصوصا بعد انشغال أمريكا وحلفائها بمبادرات مكافحة الإرهاب ومواجهة الإسلام الراديكالي في الشرق االاوسط والعالم. ووافق المشاركون على أن حل الدولتين هو الأفضل في هذه المرحلة ومن الخطأ التركيز على موضوع يهودية الدولة في إسرائيل في ظل الأوضاع الراهنة.
سمير ناصيف