القاهرة – رويترز: قال الرئيس التنفيذي لشركة «بروكتر وغامبل مصر» انه غير قلق بشأن أعمال الشركة، ولا الاقتصاد المصري الذي «اجتاز المرحلة الأسوأ»، لكنه أشار إلى صعوبة تدبير العملة الصعبة كتحد رئيسي تواجهه الشركات الكبيرة العاملة في البلاد.
وقال محمد سلطان في مقابلة أمس الثلاثاء «نحن مثال جيد للنجاح في مصر. تعلمنا التأقلم على مدى السنوات الأربع الأخيرة، لأن ما حدث في 2011 لم يكن شيئا عاديا»، في إشارة إلى الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك.
ويعاني الاقتصاد المصري منذ ذلك الحين بسبب عزوف السياح والمستثمرين، وهما مصدر رئيسي للعملة الصعبة التي تحتاجها البلاد لتمويل وارداتها من الوقود والمواد الغذائية الأساسية.
ووصف سلطان معدل نمو السوق في مصر بالصحي، وقال ان النشاط ظل ينمو قبل الانتفاضة وأثناءها، وحتى عندما كان يتباطأ فإن حجم السوق لم يتقلص.
وقال «هناك علاقة تلازم قوية جدا بين نمو الناتج المحلي الإجمالي وحجم السوق في الأنشطة التي نعمل بها… كان النمو قبل الثورة حوالي خمسة إلى سبعة في المئة، والآن نتحدث عن اثنين إلى ثلاثة في المئة.»
لكنه توقع العودة إلى معدلات ما قبل انتفاضات الربيع العربي في غضون ثلاث سنوات، وأشار إلى الحجم الكبير للسوق المصرية كميزة. وقال «نتوقع مع تواصل نمو الاقتصاد أن تنمو السوق بالتوازي مع ذلك.»
وتناول سلطان العقبات التي قد تعترض طريق الشركات في مصر حاليا، فأشار إلى ضرورة تقريب الإطار التنظيمي من المعايير العالمية، والحاجة إلى مزيد من الوضوح بشأن خطط الدولة للعمل بنظام ضريبة القيمة المضافة، وتوافر النقد الأجنبي وسهولة الحصول عليه.
وقال «التحدي الرئيسي الذي تواجهه الشركات الكبيرة هو الدولار. أعتقد أن هناك تقدما في حل مشكلة النقد الأجنبي. هناك عدة أفكار قيد الدراسة حاليا بين البنوك والبنك المركزي والأطراف الأخرى المستفيدة لتسهيل الحصول على النقد الأجنبي.»
وأحجم عن الإدلاء بمزيد من التفاصيل، لكنه قال «زيادة المعروض من النقد الأجنبي للبنوك تعني زيادة المعروض للشركات.»
وأوضح أن صادرات الشركة، التي تشكل 35 في المئة من الإنتاج، تساعد على تمويل جزء كبير من متطلبات النشاط «لكنها مشكلة في مصر اليوم ومن المأمول أن تخف حدتها مع تدفق الاستثمارات.»
وسمحت مصر هذا الأسبوع للسعر الرسمي للجنيه بالانخفاض إلى أدنى مستوى له على الإطلاق، مما عزز وجهة النظر بأن الدولة تسعى لتشجيع الاستثمار عن طريق ترك العملة تصل إلى السعر الذي تراه السوق عادلا.
وانحدرت الاحتياطيات الأجنبية لمصر لتصل إلى 15.33 مليار دولار في نهاية ديسمبر/كانون الأول بعد أن كانت حوالي 36 مليار دولار قبل انتفاضة 2011.
وأدى شح العملة الصعبة إلى ازدهار السوق السوداء، التي أصبحت الملاذ الوحيد لكثير من الشركات لتدبير احتياجاتها من الدولار.
وتصدر «بروكتر وغامبل مصر» منتجاتها مثل مسحوق الغسيل إريـال إلى 37 بلدا في الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا وشرق أوروبا. وقال سلطان إن فرص النمو تتركز في الأسواق الأفريقية ولاسيما كينيا واثيوبيا.
ولفت سلطان إلى تحسن الوضع الأمني، الذي تسبب سابقا في تعطيلات كبيرة للنشاط، وصلت إلى حد التوقف الكامل لأسبوعين ونصف إبان انتفاضة أوائل 2011.
وقال «الآن نعمل كالمعتاد كما كنا في 2010. الموظفون يذهبون إلى العمل ونبيع منتجاتنا في أنحاء البلاد وشاحناتنا تنقل البضائع إلى كل مكان.»
وتملك «بروكتر وغامبل مصر» مصنعين كبيرين أحدهما من أكبر مصانع الحفاضات في العالم. ويعمل لديها 1500 موظف غالبيتهم العظمى من المصريين.
والمنتجات الاستهلاكية قطاع مهم في مصر التي يقطنها نحو 87 مليون نسمة وتعد الأكبر عربيا من حيث عدد السكان.
وتعد الشركة من أكبر الجهات التي تضخ الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر، وخامس أكبر مصدر للسلع الكيماوية غير النفطية.
وقال سلطان ان مصر بحاجة إلى تبسيط إجراءات الاستثمار، وهو ما تعهدت به الحكومة بالفعل، حيث تعتزم سن قانون جديد تترقبه الشركات الأجنبية التي تشعر باستياء من المعوقات البيروقراطية.
من جهة ثانية قال سلطان ان ثقة المستهلكين تزيد في مصر، بعد أن كانت متراجعة في العامين الأخيرين، وهو ما يشير إلى حالة من التفاؤل بشأن مستويات الدخل في المستقبل، إضافة إلى نمو متاجر السوبرماركت على حساب متاجر البقالة التقليدية، وهو ما ربطه بتحسن الوضع الأمني.
وأضاف أن هناك زيادة ملحوظة في واردات المنتجات الاستهلاكية، ولاسيما من تركيا وماليزيا والصين، وهو ما يفرض «واقعا تنافسيا جديدا».
وقال إنه توجد فرص جيدة للنمو في القطاعات التي تعمل بها الشركة في مصر، ولاسيما في المنظفات والحفاضات.
وأوضح أن الشركة قادرة على معالجة ضغوط الأسعار، حتى بعد إجراءات الرفع الجزئي للدعم، وذلك بفضل امتلاكها محفظة منتجات متنوعة تخاطب شتى الشرائح الاستهلاكية ومستويات الدخل المختلفة.
من جهته تحدث رامز فرج مدير العلاقات الخارجية بالشركة عن مبادرة بدأتها «بروكتر وغامبل مصر» قبل أربع سنوات لإقناع مورديها في الخارج بالعمل من مصر لتوفير التكاليف.
وقال ان الشركة نجحت بالفعل في إقناع خمسة موردين بالعمل من القاهرة، وهو ما جلب استثمارات بنحو مليار جنيه مصري (137.2 مليون دولار). وأضاف أن هناك مساعي لإقناع مزيد من الموردين بالعمل من مصر.
(الدولار يساوي 7.29 جنيه مصري).