بغداد ـ «القدس العربي»: خاض قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني، الجنرال إسماعيل قاآني، الذي وصل العاصمة الاتحادية بغداد مطلع الأسبوع الجاري، سلسلة لقاءات مع قادة القوى السياسية العراقية (الشيعية والسنية والكردية) في محاولة لـ«تهدئة» الأوضاع المتأزمة، إثر سقوط قتلى وجرحى باشتباكات اندلعت بين جمهور القوى الشيعية، وقوات الأمن، وحادثة محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي.
وبالإضافة إلى لقائه رئيس الجمهورية برهم صالح، وقادة القوى السياسية الشيعية، المنضوية في «الإطار التنسيقي» التقى قاآني زعيم تحالف «عزم» رئيس البرلمان المنتهية ولايته، محمد الحلبوسي، في العاصمة بغداد، قبل أن يتوجه إلى مدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق.
وعلمت «القدس العربي» من مصدر مطلع، إن قاآني توجه، الأربعاء، إلى أربيل، للقاء زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني، وقادة القوى السياسية الكردية دون الإفادة بمزيد من التفصيلات.
ونقلت قناة «العالم» الإيرانية، الأربعاء، نبأ لقاء المسؤول الإيراني، بالحلبوسي، مشيرة إلى أن قاآني سيزور إقليم كردستان العراق في وقت لاحق. وطبقاً للمصدر، فإن قاآني، دعا الأطراف العراقية، إلى الهدوء والتعاون وضرورة احترام النتائج النهائية للانتخابات التي ستعلنها المفوضية والمؤسسات الرسمية العراقية.
في حين، دعا السفير الإيراني في العراق، إيرج مسجدي، المعترضين على الانتخابات التشريعية العراقية- جرت في 10 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي- إلى التعاون بعد اعلان النتائج النهائية، فيما أدان بشدة محاولة اغتيال رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، مؤكدا ضرورة «التحقيق في كل أبعاد الجريمة، وأن لا نستبق الأحداث قبل إعلان نتائج التحقيق».
ونقل مصدر عن مسجدي قوله: « قاآني (وخلال زيارته للعراق) أكد على أهمية إجراء تحقيق دقيق في كل الجوانب التقنية للهجوم على منزل رئيس الوزراء ومعاقبة الجناة وفق القانون بعد إعلان نتائج اللجنة التحقيقية». وتابع السفير الإيراني بالقول: «قاآني أكد على ضرورة أن تتم الاعتراضات والطعون على الانتخابات في إطار القانون».
وضمن إطار المفاوضات السياسية لتشكيل تحالفات تمهد لاختيار رؤساء جدد للجمهورية والحكومة والبرلمان، بالإضافة إلى حسم المناصب الحكومية، وفقاً للاستحقاقات الانتخابية، قدم إلى العاصمة الاتحادية بغداد، وفد كردي يمثل حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني». وناقش وفد «الاتحاد» المكون من خالد شواني، ومجيد حمه أمين، وريبوار طه، الأوضاع الراهنة مع الأطراف السياسية بالإضافة إلى التطورات السياسية وتوفير مناخ التوافق لتشكيل الحكومة الاتحادية الجديدة في العراق.
والتقى الوفد الكردي، فور وصوله العاصمة الاتحادية بغداد، أمس، رئيس تيار «الحكمة» عمار الحكيم.
بيان لمكتب الحكيم أشار إلى أن اللقاء تضمن «تبادل وجهات النظر حول تطورات المشهد السياسي العراقي والإقليمي، فضلا عن مناقشة سيناريوهات المرحلة المقبلة عطفا على نتائج الانتخابات الأخيرة».
وأكد الحكيم، حسب البيان، «أهمية التهدئة والالتئام في جميع الساحات، وأن المرحلة المقبلة تستوجب وحدة الموقف ومشاركة القوى الأساسية في صناعة القرار السياسي لتفادي حالة الانسداد». وتابع: «دعونا أيضا إلى تجنب التصعيد وتخفيف الشد الإعلامي وصولا إلى أجواء سياسية هادئة قادرة على إنتاج الحلول».
كما بحث الوفد السياسي الكردي، مع زعيم حزب «تقدم» محمد الحلبوسي، تطورات الأوضاع الأمنية والسياسية في البلاد. وذكر المكتب الإعلامي للحلبوسي، في بيان، بأن الحلبوسي «استقبل وفد الاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة خالد شواني، وبحث اللقاء تطورات الأوضاع الأمنية والسياسية في البلاد، ونتائج الانتخابات النيابية، والتفاهمات والحوارات السياسية للمرحلة المقبلة».
تحركات حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» في بغداد، تأتي على وقع تحرك مماثل أجراه وفد سياسي يمثل الحزب «الديمقراطي الكردستاني» سبقه في لقاء القادة السياسيين في بغداد.
وأكد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، ووفد كردي، برئاسة هوشيار زيباري، أهمية تشكيل حكومة وطنية.
الأكراد يخفقون في تشكيل وفد تفاوضي موحد
وقال، مكتب الكاظمي، في بيان، إن «رئيس مجلس الوزراء استقبل، (مساء أول أمس) وفد الحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة هوشيار زيباري، ونقل الوفد تهاني مسعود بارزاني وقيادات الحزب بالنجاة والسلامة من الاعتداء الإرهابي الآثم الذي استهدف رئيس مجلس الوزراء مؤخراً».
أهمية تشكيل حكومة
وأشاد الوفد، حسب البيان بـ«مستوى الإدانة الواسعة للفعل الإرهابي، والتضامن المحلي والدولي الكبير مع العراق حكومة وشعباً إزاء مثل هكذا أفعال إجرامية تستهدف زعزعة استقرار البلاد».
وشهد اللقاء «التباحث في مستجدات الأوضاع السياسية، والتأكيد على أهمية تشكيل حكومة وطنية قادرة على مواجهة التحديات الأمنية، وفرض سيادة القانون، وحفظ السلم الأهلي، وبذل المزيد من الجهد من أجل تجاوز الأزمات».
الانقسام الواضح في صفوف الأحزاب السياسية الكردية، التي كانت تأمل في الذهاب إلى بغداد بوفد موحد، بدا واضحاً، إذ انتقد عضو المجلس السياسي الأعلى ومصلحة «الاتحاد الوطني الكردستاني» حاكم قادر حمه جان، عدم اتفاق الأطراف السياسية الكردستانية، بينها حزبه، والحزب «الديمقراطي الكردستاني» على تشكيل وفد مشترك مفاوض على تشكيل الحكومة الاتحادية الجديدة.
وقال، في كلمة له خلال ندوة عن الإعلام الالكتروني انعقدت في السليمانية، أمس، إن «لا سبيل أمامنا سوى الاتحاد ووحدة الصف فيما بيننا، وأن نمتلك خطابا سياسيا موحدا على مختلف الرؤى والانتماءات والمعتقدات». وأردف قائلا: «للأسف اليوم الأطراف السياسية وبالتحديد الحزب الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني لم يتمكنا من أن يذهبا بشكل متحد إلى العاصمة بغداد» مضيفا أن «ما نشاهده الآن هو أن الوفود واللجان التفاوضية تذهب منفردة إلى بغداد للتفاوض على تشكيل الحكومة العراقية الجديدة».
ضرر بالقضية الكردية
وتابع: «هذا الأمر يلحق الضرر بالقضية الكردية في العراق، لأن أعداء شعبنا متحدون، وقد وحدوا صفوفهم للقضاء على شعبنا وتجزئته، ونحن جميعا مسؤولون أمام شعبنا عما يجري».
وفي ظل التوتر والأحداث المتسارع في بغداد، تعول الحكومة الاتحادية، براسة مصطفى الكاظمي، على «الحكمة والهدوء» في مواجهة التحديات. وقال المتحدث باسم مجلس الوزراء، حسن ناظم، في مؤتمر صحافي أعقب جلسة مجلس الوزراء، إن «الحكومة اتخذت الحكمة والهدوء في مواجهة التحديات» لافتا إلى أن «التضامن الذي شهده العراق مؤخراً أظهر حجم القبول الدولي والإقليمي والمحلي للحكومة واستراتيجياتها».
في الطرف المقابل، بحث رئيس تحالف «الفتح» هادي العامري، مع رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، تطورات المشهد السياسي وضرورة العمل على تهدئة الاوضاع. وذكر إعلام «الفتح» في بيان، بأن العامري استقبل محمد الحلبوسي في مكتبه في العاصمة بغداد». وبحث اللقاء، حسب البيان، «تطورات المشهد السياسي وضرورة العمل على تهدئة الأوضاع لأن المرحلة الراهنة لا تحتمل المزيد من التصعيد مع التشديد على التعاون والتلاحم في مواجهة التحديات والخروج برؤية موحدة».
التهدئة السياسية
في حين، أكد رئيس تحالف «قوى الدولة الوطنية» عمار الحكيم، حاجة العراق إلى التهدئة السياسية، جاء ذلك خلال لقاء جمع الحكيم بالسفير الياباني في العراق، كوتارو سوزوكي. ووفقاً لبيان أورده مكتب الحكيم، فإن اللقاء تضمن بحث «تعزيز علاقات بغداد مع طوكيو ومستجدات الشأن السياسي محليا وإقليميا وأزمة نتائج الانتخابات الأخيرة». وأشار إلى «حاجة العراق للتهدئة السياسية في هذا الظرف الحساس، إذ إن التصعيد لن يصب في مصلحة أي من الأطراف». وأكد «قدرة العراق على تجاوز الأزمة الحالية إذا استحضر الجميع مصلحة البلاد العليا ونجحوا في تغليبها على المصالح الخاصة».
كما استقبل الحكيم ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة جنين بلاسخارت. وذكر بيان لمكتبه بأن الحكيم وبلاسخارت «تداولا في الشأن السياسي وما رافق العملية الانتخابية من إشكالات أدت إلى الخروج بنتائج مرتبكة غير قادرة على حفظ التوازنات». وبين الحكيم «ضرورة أن تتحمل المؤسسة القضائية مسؤوليتها في إنصاف المعترضين وفق القانون». وأشار إلى أن «الانتخابات المبكرة جاءت نتيجة لأزمة سياسية واحتقان شعبي، لذا لابد من صياغة معادلة سياسية مطمئنة قادرة على تهدئة الأوضاع وتحقيق تطلعات الشعب العراقي في الخدمات وفرص العمل وفرض القانون».