أزمة هجرة الأكراد إلى أوروبا: أربيل تعتبر قرار سفرهم «فرديا» وتحمّل «الكردستاني» المسؤولية

مشرق ريسان
حجم الخط
0

بغداد ـ «القدس العربي» ـ ووكالات: أعرب رئيس حكومة إقليم كردستان العراق، مسرور بارزاني، عن قلقه البالغ تجاه «محنة» المواطنين الكرد، على حدود الاتحاد الأوروبي، وفيما حملت حكومة إقليم كردستان، حزب «العمال الكردستاني» (بي كا كا) مسؤولية هجرة الأكراد، وقالت إن قرار هجرة الأكراد من الإقليم «فردي».
وذكر بارزاني، في «تدوينة» له، «إنني قلق للغاية بشأن محنة مواطنينا، فضلاً عن الكثيرين الآخرين على حدود الاتحاد الأوروبي». وأضاف أن «رفاهيتهم هي مسؤوليتنا المشتركة، لقد تم خداعهم من قبل المهربين استغلت من قبل شبكات في الخارج». وأكد «أنا أعمل مع شركائنا لضمان سلامتهم وأمنهم».
واتهم مجلس أمن إقليم كردستان، حزب «العمال الكردستاني» الذي تعده أنقرة منظمة «إرهابية» بدفع المهاجرين للإساءة إلى الإقليم بغية تعزيز ملفات اللجوء، مبيناً أن «العالقين على الحدود الأوروبية سافروا بقرار شخصي ولم يتعرضوا إلى ضغوط سياسية أو أخرى تتعلق بالحريات».
وقال في بيان، إن «ظاهرة الهجرة إلى دول الغرب بدأت منذ فترة، وقد توجه في الآونة الأخيرة مواطنون من إقليم كردستان المتطلعين للحصول على حق اللجوء في تلك الدول، إلى بيلاروسيا ويدفعهم ذلك الأمل».
وأضاف: «تم استغلال قسم من أولئك المواطنين من جانب (بي كا كا) ومجموعة من المهربين وبعض شركات السفر والسياحة وبعض تجار السياسة، ليقدموا حججاً وذرائع تتهم إقليم كردستان من أجل تعزيز ملفات قبولهم كلاجئين في الدول التي توجهوا إليها».

«موطن للتعايش»

وأكد المجلس أن «إقليم كردستان أصبح موقعاً آمناً للتعايش والحريات الفردية، وهذا ما دفع الكثير من الأجانب ومواطني الدول المجاورة وأبناء المناطق الأخرى من العراق للجوء إليه للإقامة والسكن مستفيدين من الأمان الذي يسود إقليم كردستان» مشيراً إلى أن «إقليم كردستان شهد الكثير من التقدم في مجال فرص تحسين المستوى المعيشي وأصبح قبلة الناس من خارج الإقليم الأمر الذي وفر المزيد من فرص العمل وقد استفاد مواطنو إقليم كردستان من هذا التطور».
وتابع: «المواطنون العالقون حالياً في بيلاروسيا، أنفقوا الكثير من المال وسافروا إلى ذلك البلد بصورة قانونية كونهم مسافرين عاديين، ثم عبروا حدودها إلى دول أخرى، ولم يضطر فرد واحد للقيام برحلة الهجرة تلك بسبب مشاكل سياسية أو أخرى تتعلق بالحريات الشخصية، سافر أولئك المواطنون بحرية إلى دول أخرى، ولو أن الحرية الفردية لم تكن متاحة ما استطاعوا السفر بطريقة عادية عبر المطارات والمنافذ الحدودية».
وختم بالقول: «نحن نساند حقوق السفر القانونية والدستورية لكل إنسان، لكننا ننفي كل التهم والإساءات التي توجه لإقليم كردستان من أجل نيل حق اللجوء، وندعو إلى مراعاة أوضاع هؤلاء الناس العالقين على الحدود إنسانياً، وأن لا يتحول مواطنونا إلى ضحايا للمشاكل الدولية ولا يتاجر أحد بهذا الموضوع».
يأتي ذلك في وقت رد المستشار الإعلامي، لمكتب زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» مسعود بارزاني، بشدة على وزير الداخلية الأسبق باقر الزبيدي، بعد حديثه عن أوضاع اللاجئين العالقين بين بيلاروسيا وبولندا.

«كارثة خيالية»

وقال كفاح محمود، في بيان صحافي، «نشر باقر الزبيدي في صفحته الفيسبوكية مقطوعة تحت عنوان (أنقذوا شعبنا الكردي المظلوم) مدعياً ومصوراً لكارثة خيالية يتمناها مخلصاً للكرد وكردستان في واحدة من أكثر المزايدات سماجةً وادعاءً حول الإقليم وأوضاعه التي يحق للجميع أن يتحدث عنها إلا هو لسبب بسيط يدركه شعبنا جيداً، وهو شوفينيته وحقده الأسود على شعبنا وتجربته، حيث كان له الدور الكبير في قطع أرزاق شعبنا وحصته من الموازنة حينما ابتلى العراق باعتلائه لمنصب وزير الداخلية، الذي مارس تحت حصانته أبشع جرائم السجون التي لو توفرت العدالة لكان اليوم وراء قضبانها».
وأضاف: «صاحب هذه المقطوعة الفيسبوكية يدعي أن كردستان المزدهرة والآمنة التي كانت وما تزال ملجأً لكل العراقيين من البصرة إلى الموصل، تئن بالفساد والقمع والفقر، متناسياً الوضع المأساوي لأهلنا في الجنوب العراقي والأهوار والعمارة وبقية المدن والقرى التي تقهقرت الأمور فيها إلى القرون الوسطى بسبب حكمه هو وجماعته الذين لقنهم أهل الجنوب والوسط درساً بليغاً حينما عاقبهم في الانتخابات الأخيرة وأخرجهم من ساحة السباق الوطني».

«ظاهرة عالمية»

وأشار إلى أن «ظاهرة اللجوء إلى أوروبا ظاهرة عالمية لا تقتصر على عرق أو قومية أو دولة، وهي محط اهتمام بالغ من برلمان كردستان وحكومتها، وتلك الآلاف من البشر لا تمثل الإقليم وحده، بل هي مجاميع من كل البلدان والقوميات والأعراق ولها أسبابها ومسبباتها وظروفها السياسية التي سلطت عليها الأضواء بسبب الخلافات الحادة بين الاتحاد الأوروبي وبيلاروسيا، والحمد لله أن شعبنا يدرك تماماً الحقائق كما هي ويعرف جيداً صاحب هذه المقطوعة وأمثاله في فن المزايدات والنفاق السياسي، وعزاؤنا أن أشقاءنا في الوسط والجنوب يعرفون حقيقتهم جيداً ولقنوهم درساً بليغاً، فهل سيعقل هؤلاء الجاهلون!؟ حسب قوله.

العراق سيسيّر أول رحلة لإعادة العالقين… ومفوضية حقوقية تدعو للحفاظ على حقوقهم

وجاء رد المسؤول الكردي للزبيدي الذي قال: «نتابع بألم شديد ما يتعرض له اللاجئون العراقيون وغالبيتهم من محافظاتنا الشمالية من مآس على حدود الدول الأوربية (بيلاروسيا وبولندا ولتوانيا)».
وأضاف: «ورغم قوانين حقوق الإنسان إلا أن الحكومات الأوربية فضلت الصمت وتجاهل معاناة اللاجئين الذين يعانون البرد والجوع ويتضح من خلال هذا الأمر بأن الدول الكبرى تكيل بمكيالين حين يتعلق الأمر بمصالحها وفي ظل العجز الدولي عن حل مشكلة اللجوء التي تزايدت بسبب الحروب. لا يسعنا إلا سوى التشديد على أن أزمة شعبنا الكردي تختلف لأنها أزمة سببها الفقر بالدرجة الأساس وليست أزمة أمن كما في حالات اللجوء الأخرى».
ووفقاً للزبيدي فإنه «رغم الحديث عن إن الإقليم يشهد طفرة نوعية ومستمرة في الازدهار العمراني، إلا أن هذا الأمر غير صحيح تماماً ويقتصر على فئة قليلة من الشعب الكردي الذي عانى من ويلات النظام البعثي المقبور ولازال يعاني من ويلات العوز والحاجة التي تدفعه إلى الذهاب نحو الهجرة وسط ظروف خطرة، حيث يفضل الموت في البحر أو على حدود الدول الأوربية على البقاء في وطنه».
ودعا في نهاية منشوره إلى «إنصاف شعبنا الكردي الذي عانى طوال السنوات الماضية من الفساد والمحسوبية وقمع التظاهرات والتي تتحمل حكومة الإقليم مسؤوليتها رغم خيرات شمال الوطن الكثيرة والتي لا تحتاج سوى توزيع عادل بعيداً عن المحسوبية والحزبية».

حلم وطموح

ولا تزال الهجرة إلى أوروبا حلماً يرافق أحلام وطموح الكثيرين بالرغم من كل المعوقات الصعبة والمخاطر التي ترافق عملية البحث على اللجوء. ووفقاً لتقرير أعدته «رويترز» فإن مهاجرة عراقية حبلى تصر على اجتياز حدود بيلاروسيا، وأجرت وأسرتها 6 محاولات للوصول إلى ألمانيا وترى أنه لا مستقبل لبناتها الثلاث في بلادها.
وتؤكد أم ملك، المرأة العراقية التي تنتظر مولودا جديدا في غضون أسابيع، الاستعداد للنزول في مياه يصل عمقها إلى الصدر والاختباء في الغابات قارسة البرودة مع بناتها الثلاث الصغيرات على أمل استشراف حياة أفضل في ألمانيا.
تقول أم ملك (26 عاما) إنها «لا تأسف لما تبذله من محاولات متكررة لعبور الحدود هي وأسرتها» مشيرة إلى «أنهم سعوا لذلك ست مرات خلال الأسابيع القليلة الماضية ما بين حرس الحدود البولندي ونظيره في بيلاروس». ومضت تقول إنها «يجب أن تفكر أولا في مستقبل أطفالها لأنه ليس هناك مستقبل في العراق لأطفالها أو لأسرتها، على حد تعبيرها».
وقال متحدث باسم الشرطة البولندية إن الشرطة لم تمارس أنشطة مثل إعادة المهاجرين إلى الحدود. ولم يرد حرس الحدود البولندي أو حرس الحدود في بيلاروس على طلبات للتعليق على حالة اللاجئة العراقية. ولم يتسن لـ«رويترز» التحقق من روايتها.
وأم ملك التي لم تفصح عن اسمها بالكامل واحدة من آلاف اللاجئين، وكثير منهم عراقيون، حاولوا دخول الاتحاد الأوروبي من بيلاروس والذين بدأ وصولهم في الربيع الماضي.

ست محاولات

وتقيم المهاجرة العراقية في مركز للمهاجرين في مدينة بياليستوك البولندية مع زوجها وبناتها الثلاث. والمركز مفتوح لدخول وخروج اللاجئين بحرية ما داموا خضعوا لمتطلبات الحجر الصحي. وقالت أم ملك إنها «ستضع مولوها الجديد بعد ثلاثة أسابيع وإنها تتمنى أن يكون ذلك في ألمانيا».
وقالت أم ملك إنها «وصلت إلى بيلاروس قادمة من دبي في بداية أكتوبر/ تشرين الأول وكان أملها أن تعبر حدود بيلاروس وتسافر بالطريق البري إلى ألمانيا ومعها بناتها الثلاث، وأكبرهن 10 سنوات، وزوجها». وقالت إنها «وأسرتها بذلوا ست محاولات لاجتياز الحدود لكنها أحبطت جميعا».
أما بشأن الإجراءات الحكومية التي اتبعتها الحكومة العراقية في بغداد، فتمثلت بقرار تسيير أول رحلة لإعادة المهاجرين العالقين على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا، في 18 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.

«لا يمكن إحصاء الأعداد»

وقال المتحدث باسم الخارجية العراقية، أحمد الصحاف، أن «الخارجية حصلت على معلومات تفيد بوجود 571 عراقيا في مقاطعتين، ضمن 8 مخيمات على الحدود في بيلاروسيا».
وأشار إلى أنه «لا يمكن إحصاء الأعداد كاملة» لأن الشريط الحدودي يمتد لمئات الكيلومترات، و«هناك إعراض عن العودة لدى البعض».
وأكد لـ«فرانس برس» الجمعة الماضية، «بدء تسجيل الراغبين بالعودة الطوعية» استعدادا «لاكتمال الأعداد الخاصة برحلة ستتوجه من مينسك إلى العراق خلال أيام».
وقال إن العراق «على استعداد تام وكامل للقيام بأكثر من رحلة».
وعلق العراق «حتى إشعار آخر» منذ الخامس من آب/ أغسطس الماضي الرحلات بين بغداد ومينسك، باستثناء تلك التي أعدت لإعادة المهاجرين. وأعيد حينها «نحو ألف شخص» وفق ما أفاد المتحدث باسم الخطوط العراقية حسين جليل وكالة «فرانس برس».
في مقابل ذلك، طالبت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق (رسمية) بالحفاظ على حقوق المهاجرين وطالبي اللجوء العراقيين.
وأعربت المفوضية في بيان عن قلقها البالغ إزاء استمرار معاناة المهاجرين وطالبي اللجوء الإنساني من العراقيين بين دولتي بيلاروسيا وبولندا، الذين يعيشون أوضاعاً صعبة وانتهاكات خطيرة لحقوقهم الإنسانية، مع دخول فصل الشتاء البارد وانخفاض درجات الحرارة.
ودعت المفوضية الحكومة العراقية، «للاستمرار بتحركها عبر قنواتها الدبلوماسية على جميع الدول المعنية، ودعوتها الى الإيفاء بالتزاماتها حسب ما نصت عليه الاتفاقيات والمواثيق الدولية، وخصوصا اتفاقية عام 1951، وبروتوكول عام 1967 المختصين بوضع اللاجئين، وبروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين لسنة 2000». كما طالبت باتخاذ «خطوات عاجلة لتقديم الدعم والمساعدة لإنقاذ وحماية أرواحهم والحد من الانتهاكات التي يتعرضون لها، خاصة شريحة النساء والأطفال، والعمل على توفير مستلزمات العيش والسكن المناسب والاحتياجات الضرورية لهم بصورة عاجلة».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية