غزة- “القدس العربي”: بالرغم من مصادقة البرلمان البريطاني، على قرار الحكومة بتصنيف حركة حماس على أنها “إرهابية”، كشفت مسؤول في الحركة ضمن الفريق المكلف بالاتصالات الدولية، عن وجود لقاءات تعقد مع قيادة الحركة مع مسؤولين من القارة الأوروبية.
ويؤكد الدكتور باسم نعيم، رئيس دائرة العلاقات الخارجية في حركة حماس في غزة، أن هناك “لقاءات مستمرة” تعقدها قيادة الحركة مع مسؤولين دوليين أوروبيين، وأن هذه الاتصالات تشمل العديد من الدول في القارة الأوربية، رغم قرارها المعلن بتصنيف حماس بـ”الإرهابية”.
لكن المسؤول في حركة حماس، قال لـ”القدس العربي” إن هذه اللقاءات بحكم الموقف المتخذ سياسيا، تظل “غير علنية”، لافتا إلى أنه يجري خلالها مناقشة العديد من القضايا التي لها علاقة بالملفات السياسية والاقتصادية والمعاناة الانسانية التي يعيشها الشعب الفلسطيني.
ويوضح أيضا أنه يجري خلالها مناقشة حلول الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، علاوة إلى قضايا أخرى مثل ملف الانتخابات الفلسطينية.
وهنا تشير المعلومات إلى أن هذه اللقاءات تعقد مع قيادات من حركة حماس في غزة، وأخرى مع قيادة الحركة الموجودة في الخارج، وقد سبق أن زار مسؤولون من حماس دولا أوروبية، وفي إحدى المرات التي اكتشف فيها زيارة مسؤولين من حماس لبلغاريا عام 2013، وما واكب الأمر من انتقاد إسرائيلي، اضطرت هذه الدولة للطب منهم المغادرة.
وقد قلل الدكتور نعيم من أهمية تأثير القرار البريطاني الأخير على هذه الاتصالات التي تجرى مع حركة حماس، وقال: “لا أعتقد أن يؤثر القرار البريطاني على الاتصالات القائمة مع الدول الأوروبية والأجنبية”، لكنه أشار إلى إمكانية أن يصعّب هذا القرار بعض الاتصالات.
ويوضح أن هذه الدول لها مصلحة في “حل الصراع” القائم بين الشعب الفلسطيني والاحتلال، وتابع: “حماس تعد طرفا رئيسا في المعادلة الفلسطينية وفي هذا الصراع، ولا يمكن لأحد تجاوزها”.
وتابع: “لا حل بدون التواصل مع حركة حماس”، لافتا إلى أن هناك مصلحة أوروبية في التعامل مع الحركة.
لكن نعيم لم يتحدث عن شكل الاتصالات الغربية القائمة مع حركة حماس، ولا عن الجهات أو الأفراد الذين يقومون بهذه الاتصالات.
كما زار غزة قبل يومين، وفد دبلوماسي أوروبي كبير، مكون من 20 شخصية بينهم سفراء وقناصل، حيث دامت زيارتهم ليومين كاملين، ولم يكشف إن كان هؤلاء قد التقوا ممثلين أو مقربين من حماس التي تحكم غزة أم لا، خاصة وأنهم تمتعوا خلال زيارتهم بحماية من قوات حماس الأمنية التي رافقتهم من لحظة دخولهم القطاع، حتى الخروج منه.
وكان الدكتور نعيم قال في تصريحات سابقة لـ”القدس العربي”، إن حركته ترحب بمثل هذه الزيارات، من أجل اطلاع المشاركين فيها على حجم المأساة التي يعيشها سكان غزة المحاصرين، وللاطلاع على حقيقة وتفاصيل المعاناة اليومية الإنسانية جراء الحصار والاحتلال الذي يتركب “الجرائم”، مؤكدا أن تصنيف أوروبا لحماس “لا تخدم استقرار المنطقة، ولا أي حلول للصراع”، مؤكدا أن الشعب الفلسطيني يمارس حقه في مقاومة الاحتلال.
وكان مجلس العموم البريطاني أقر المذكرة التي تقدمت بها وزيرة الداخلية بريتي باتيل لتصنيف حركة حماس بجناحيها السياسي والعسكري “إرهابية”، وقد دخل القرار حيز التنفيذ يوم الجمعة الماضي.
ويتضمن الحظر عقوبات بالسجن تصل إلى 14 سنة أو الغرامة على من يدعم حركة حماس أو يرفع أعلامها أو شعاراتها، وجاء ذلك بعد أن شهد المجلس مداولات بين أعضائه بشأن الحظر.
وخلال المناقشات في مجلس العموم أثيرت مخاوف بشأن آثار الحظر المحتملة على جهود تسهيل الحوار بين القوى المختلفة في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك بشأن دور الحكومة البريطانية في دعم الأعمال الإنسانية في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس.
وقالت وزارة الداخلية إن “جماعة حماس الإرهابية الإسلامية أصبحت اليوم منظمة إرهابية محظورة في المملكة المتحدة بكاملها بعد موافقة البرلمان”، وأضافت “هذا يعني أن أعضاء حماس أو أولئك الذين يدعون إلى دعم الجماعة يمكن أن يواجهوا عقوبة السجن لمدة تصل إلى 14 عاما”.
وكانت زيرة الداخلية البريطانية أعلنت قبل أيام أنها قدمت مذكرة في البرلمان لتعديل الفصل الثاني من قانون الإرهاب لعام 2000 لحظر حركة حماس بالكامل، بما في ذلك جناحها السياسي، وتصنيفها إرهابية.
وضمن تحركات الحركة لمواجهة القرار، أوضح طاهر النونو المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس، أن رئيس الحركة إسماعيل هنية، أعطى توجيهاته بالعمل على حشد أكبر عدد ممكن من المواقف الداعمة للقضية الفلسطينية، خاصة على المستوى العربي والإسلامي والدولي لمواجهة القرار البريطاني الأخير بحق الحركة.
وأوضح أن مكاتب حماس التخصصية توافقت على سلسلة تحركات باتجاهات مختلفة لتعرية القرار ومواجهته، وتأكيد حق الشعب الفلسطيني في المقاومة، مشيرا إلى أن القرار البريطاني بحق حماس “جاء بضغوط من اللوبي الصهيوني، ويأتي في محاولة ابتزاز الحركة والضغط عليها”، مشيرا إلى أن بريطانيا تجدد من خلال موقفها الخارج عن القوانين الدولية وحقوق الإنسان دعمها لمشروع الاحتلال.
وقد لاقى هذا القرار البريطاني استنكارا فلسطينيا واسعا من جميع الأطراف، وعبرت القيادة الفلسطينية عن رفضه، كما رفضته الفصائل الفلسطينية، خاصة وأنه ترافق في شهر نوفمبر الذي أعطت فيه بريطانيا الوعد المعروف باسم “وعد بلفور” لليهود، والذي مكنهم فيما بعد من احتلال أرض فلسطين.
وأكدت الفصائل الفلسطينية أن القرار يخدم المشروع “الصهيوني”، وحذرت من التداعيات الخطيرة لهذا القرار، وقالت “إن القرار البريطاني خاطئ، ولن يؤثر على نضال شعبنا حتى استعادة حقوقه”، مطالبة برفع دعاوي قضائية ضد القرار البريطاني والضغط على حكومة بريطانيا للتراجع عن هذا القرار، وقالت إن حماس تعد مكونا أساسيا من مكونات الشعب الفلسطيني، فيما طالبت وزارة الخارجية الفلسطينية الحكومة البريطانية بـ”التوقف عن سياسة الكيل بمكيالين، والازدواجية في المعايير، والتراجع الفوري عن هذا القرار”.
والجدير ذكره أن هناك دولا أوروبية غير منضوية في الاتحاد الأوروبي، مثل النرويج وسويسرا تعقد اجتماعات مع قيادات حركة حماس بشكل غير سري، كباقي دول الاتحاد.
وكشف سابقا أن قيادة حماس في قطاع غزة، التقت أكثر من مرة بتور فنيسلاند، المبعوث النرويجي لعملية السلام في الشرق الأوسط، فيما أكدت أكثر من مرة الحكومة السويسرية تمسكها بالحوار مع حركة حماس، رغم اعتراض إسرائيل، ومؤخرا سعت المنظمات اليهودية في سويسرا إلى تصنيف حركة حماس كـ”منظمة إرهابية”، إلا أن هذا الطلب لم يجد من يتعامل معه من المشرعين السويسريين.
وفي مرات سابقة شارك مسؤولون كبار من حماس في لقاءات بحثت مستقبل المصالحة الفلسطينية، استضافتها سويسرا، التي سبق وأن أكدت أنه من الأهمية البقاء على اتصالاتها مع الحركة لتتمكن من تقديم المساعدة، سواء كان هذا بين إسرائيل والفلسطينيين، أم في الحوار الفلسطيني الداخلي بين فتح وحماس.
ويا ليتها تكلل بنجاح يعود بالخير على الشعب الفلسطيني الأعزل المسكين الذي ترك لقمة سائغة للعدو المحتل الغاصب