القاهرة ـ «القدس العربي»: «اعمل العقيقة خارج مصر» كانت الإجابة التي تلقاها أحد الأشخاص على سؤال طرحه على إحدى المجموعات المخصصة لتبادل الخبرات على مواقع التواصل الاجتماعي، حول أسعار الخرفان والماعز وأفضل الأماكن التي يمكن أن يشتري منها الأضحية التي ينوي ذبحها عند اليوم السابع لمولوده.
يحكي مواطنون تجربتهم في اللجوء إلى مؤسسات خيرية تقدم العقيقة بأسعار توازي 25 في المئة من السعر في مصر، وتقوم بتصوير الذبح وإطعام الفقراء في بلدان أفريقية وآسيوية.
ويعتبر معظم من لجأوا لهذه الحيلة، إنهم كسبوا الحُسنيين، توفير في الأسعار وإطعام فقراء.
عدد من المؤسسات التي تحمل في نهاية اسمها كلمة «أفريقيا» أقدمت خلال الفترة الماضية على نشر إعلانات ممولة على «فيسبوك» والإعلان تضمن أن سعر الخروف 1000 جنيه شاملا الإطعام، والبقرة 5500 جنيه، مع توثيق الذبح والتوزيع عن طريق التصوير للمصداقية.
تواصلنا مع إحدى هذه المؤسسات، وطلبنا منها الأسعار، فجاء الرد أن إقامة العقيقة سيكون في اليوم التالي بعد تحويل الأموال، على رقم حساب في أحد البنوك. حاول ممثل هذه المؤسسة إقناعنا بأن الأمور تسير على ما يرام، وأن أنشطة مؤسسته تقوم على إنشاء مزارع لتربية الماشية في دول أفريقية فقيرة يشهد سكانها أزمات في توفير الطعام، وأن الذبائح توجه لإطعام فقراء القرى من المسلمين في دولة أوغندا.
وتستهدف هذه المؤسسات، حسب ممثل المؤسسة، الاستثمار في بلد غني بالموارد والمراعي، ونشر الدين الإسلامي عن طريق تقديم نموذج جيد لمساعدة الفقراء، لكنه أكد أن مؤسسته لا تطعم سوى المسلمين من ذبائح العقائق أو أضاحي العيد.
أفريقيا ليست المكان الوحيد
لم تكن أفريقيا هي المكان الوحيد الذي بات منفذا مثل هذه المؤسسات والمواطنين الذين يبحثون عن مكان يستطيعون فيه تنفيذ الشعائر الدينية والسنن النبوية بأقل الأسعار. مؤسسات أخرى تخصصت في تنفيذ هذه الشعائر في دول آسيوية مثل بنغلاديش.
وتقول ميادة منصور: تواصلت مع إحدى المؤسسات على شبكة الإنترنت، وأرسلت لهم الأموال، وجرى تصوير الذبح في بنغلاديش وتوزيع الأطعمة على الفقراء، وكان هناك فرق سعر كبير، فتجار الماشية والجزارون في مصر يرفعون الأسعار بشكل مبالغ فيه.
مثل هذه الأمور، لاقت استحسان كثيرين بسبب فرق الأسعار، فسعر الخروف في مصر يتراوح بين 60 و70 جنيها للكيلو الواحد، في وقت يتراوح وزن الخروف متوسط الحجم والعمر من 50 إلى 70 كيلو غراما، ما يعني أن سعر الخروف في الأسواق المصرية يتراوح بين 3 و5 آلاف جنيه مصري، بينما يسجل سعر الرأس البقري المخصص للتسمين بين 17 ألفا إلى 18500 جنيه لوزن يدور حول 250 كجم، بينما يصل سعر الأوزان الأكبر إلى 32500 جنيه إلى 42500 جنيه زنة 500 كجم حتى 650 كجم.
إلا أن البعض اعترض على اللجوء للذبح في الخارج، معتبرا أن الأولى هم الفقراء المصريون.
وعلق الكثيرون على المنشور: وكأن مصر لم يعد فيها فقراء. رفقا بفقراء بلدكم.
وكتب مؤمن فايد: «هذا على أساس أن كل المصريين أغنياء، ولا يوجد فقراء في مصر، والله أولاد بلدك أولى».
رأي الإفتاء
وكانت دار الإفتاء المصرية ردت على سؤال حول حكم إرسال العقيقة إلى الدول الفقيرة.
وقالت « العقيقة اسم لما يذبح شكرًا على نعمة المولود، سواء كان ذكرًا أو أنثى، إظهارًا للبشر والنعمة ونشر النسب، ويسن أن يذبح عن الغلام شاتان وعن البنت شاة».
وتابعت الدار: «إن تصدق بثمن العقيقة لا يجزئه عنها، وليس له إلا ثواب صدقته؛ لأن الذبح مقصود لذاته فداءً للمولود، أما إذا أردت أن توكل أحد الأشخاص، أو الجهات بشراء ذبيحة وتوزيعها على الفقراء في إحدى الدول الفقيرة، ونويت بذلك العقيقة؛ فإن ذلك يجوز ويقع عن العقيقة، ولا يشترط أن تذبحها في بلدك، ولا أن تأكل وأهلك منها».
واختتمت: «عليه؛ فإنه يجوز لك إرسال قيمة العقيقة لإحدى الجمعيات التي تثق في أمانتها، وتتأكد من تخصيصها للعقيقة وتوزيعها على الفقراء، مع ملاحظة أن العقيقة لا تختص بالفقراء».
ولم يقتصر لجوء المصريين لمثل هذه المؤسسات في ذبح العقيقة، وإنما امتد أيضا لذبح الأضحية في العيد الكبير بسبب فرق الأسعار، كما لجأ كثيرون إلى دفع زكاة الفطر وزكاة الأموال لمثل هذه المؤسسات لإنفاقها في بلدان أفريقية، تخصص حسب إعلان مثل هذه المؤسسات لحفر آبار مياه في بلاد وسط أفريقيا.
وحسب الجهاز المركزي المصري للتعبئة والإحصاء، بلغت معدلات الفقر في مصر 29.7٪ في العام 2019/ 2020 مقابل 32.5٪ في العام 2017/ 2018. وذكر الجهاز أنه وفقًا لمؤشرات الفقر من واقع بيانات بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك، فإن نسبة الفقر المدقع على مستوى الجمهورية انخفض إلى 4.5٪ مقابل 6.2٪ في2018، مرجعًا ذلك إلى جهود الإصلاح الاقتصادي.