إعدامات داعش

حجم الخط
0

إنتهى الانذار الذي وضعه تنظيم الدولة الإسلامية أمام حكومة اليابان. وحسب اقوال سكرتير عام الحكومة اليابانية (وهو الشخصية رقم 2 في هرم السلطة)، فان وضع الأسرى الاثنين ما زالت تلفه الضبابية، ولم يتم اجراء أي اتصال مع الخاطفين على رغم أنه نشر في الشبكة فيلم يظهر فيه أحد المخطوفين – المصور غوتو – والأسير الثاني يوكاوا قد تم إعدامه، والجهاديون كانوا مستعدين لاطلاق سراحه مقابل اطلاق سراح امرأة من القاعدة معتقلة في الاردن، وهناك من يشككون في مصداقية هذا الفيلم، وقد أعلنت حكومة اليابان أنها تفحص في مصداقيته. وفي هذه الاثناء يحاولون في اليابان اجراء اتصال مع تنظيم الدولة الإسلامية بواسطة مختلف الوسطاء. ويتبين أنهم في التنظيم يحاولون استقطاب تأثير الرأي العام الياباني على رئيس الحكومة، شنزو آباه، الذي في هذه المرحلة يواصل الادعاء بأن اليابان لن تخضع للإرهاب.
هناك اوساط في اليابان تنتقد رئيس الحكومة على زيادة نسبة التدخل الأمني لدولتهم في الحلبة الدولية التي أدت إلى هذا الوضع غير المحتمل. أحد المنتقدين للحكومة هو عضو البرلمان من المعارضة الذي يدعي أن آباه أعلن عن دعم سخي بقيمة 200 مليون دولار للدول التي تعاني من نشاطات الجهاديين في الوقت الذي علم فيه أن تنظيم الدولة الإسلامية تحتجز أسيرين يابانيين.
ومع ذلك، وعلى خلفية تقارير اعلامية عما يدور في الشبكات الاجتماعية، فان المنظمة المتطرفة اليابانية تأمل أن يؤثر الرأي العام على رئيس الحكومة ويضطره إلى التنازل. إلا أنه يبدو أن هذا الأمل لن يتحقق وربما تكون نتيجة الضغط الجماهيري معاكسة، ولكن حتى الآن ليس هناك أي دليل على أن اليابان ستدفع الفدية التي يطلبها الخاطفون. والاكثر بروزا في تطرفه هو محامي اليابانيين الذين تم أسرهم في العراق في 2004، والذين تم اطلاق سراحهم بعد دفع الفدية وعادوا إلى اليابان، حيث يقول هذا المحامي إنه يجب تحرير الأسرى بأي ثمن.
ومن بين المعارضين لدفع الفدية شخصيات تعارض من ناحية مبدئية الخضوع للابتزاز، وهم يدعون أن الأسرى دخلوا إلى سوريا على مسؤوليتهم الشخصية (أحدهم صور فيلما وطلب عدم اتخاذ أي اجراء في حالة أسره). آخرون يدعون أن هدف الخاطفين ليس تلقي الفدية بل جلب الانتباه الاعلامي إلى نشاطاتهم وإن الدعم المالي الذي منحته الحكومة اليابانية للدول التي يعمل فيها المتطرفون يُفسر بأنه عمل معادٍ لتنظيم الدولة الإسلامية ومبررا لاحتجاز الرهائن.
وفي الشبكات الاجتماعية يبرز تياران متوازيان: الاول موجه إلى الخاطفين ويسمى «مانغا». والثاني موجه للمخطوفين حيث يلومهم على تورطهم بمعرفتهم وبشكل غير مباشر يلوم الحكومة اليابانية في موضوع الجهاديين. ويعتقدون أنه ليس لهم أن يتوقعوا تورط الحكومة اليابانية وتبذير أموالها على اطلاق سراحهم.
أكثر الانتقاد موجه إلى المعتقل يوكاوا، وهو شخص مجهول كان يملك شركة حراسة خاصة في السابق وقرر الانضمام إلى المتمردين لاكتساب تجربة قتالية. أما بالنسبة لغوتو فيحظى بنوع من التعاطف بسبب كونه مصورا لم يبحث عن مشاعر الحرب بل كان يركز اهتمامه على الضحايا وخصوصا الاطفال. وقبل خروجه إلى سوريا قال للمرشد الذي رافقه إنه يذهب إلى هناك من اجل اطلاق سراح الرهينة الآخر.
وعلى فرض أن الفيلم المذكور موثوق فمن المعقول الافتراض أنهم في الوضع الحالي، ليس فقط حكومة اليابان بل ايضا الخاطفين، يبثون شيئا ما حول مصير غوتو الذي ما زال على قيد الحياة. من اجل أن يكون لكل طرف امكانية الادعاء أنه ما زال مصرا على موقفه. اذا كان هذا الاعتقاد صحيحا وأن الجهاديين لا ينوون اعدام غوتو، بخلاف يوكاوا الذي أعلن أنه جاء إلى سوريا للقتال، فان المصور بالنسبة لهم، ولاسباب انسانية، قد لا يتم اعدامه.
نكاتا كو، وهو بروفيسور سابق في جامعة في كيوتو، وخبير في القانون الإسلامي ويعرض نفسه كمسلم، توجه إلى الخاطفين باليابانية وبالعربية وعرض عليهم اقتراحا يمكنهم قبوله وهو أن الـ 200 مليون دولار التي عرضتها اليابان على دول في المنطقة، لن توجه لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية بل لاهداف انسانية فقط وخاصة للتخفيف على اللاجئين الموزعين في المنطقة. واقترح نكاتا أن تنقل اليابان مساعدات انسانية إلى السكان المحتاجين في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم «الدولة الإسلامية»، وتطوع للالتقاء مع الخاطفين لكي يجري معهم المفاوضات.
إن الشخصية التي يمكنها الاسهام في هذا الموضوع هو رئيس تركيا، رجب طيب اردوغان، رغم التحفظ على كونه وسيطا منطقيا، فقد تم تصوير اردوغان في وسائل الاعلام كزعيم يخدم الجهاديون مصالح بلاده، وكزعيم ساعدهم بشكل غير مباشر، أو أنه لم يُعق تقدمهم عندما كان بامكانه القيام بذلك.
وفي الفترة الاخيرة أطلق الجهاديون سراح عشرات الاتراك في صفقة تبادل أسرى. وفي هذه الحال بامكان اليابان أن تقبل اقتراح البروفيسور نكاتا وأن تنقل مساعدات انسانية إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية، وتدعي أن نوايا آباه كانت ليس فقط مساعدة المحتاجين في الدول التي تقاتل ضد تنظيم داعش، بل ايضا المحتاجين في المناطق التي يسيطر عليها داعش. وفي هذه الحال بامكان اليابان أن تنقل لتنظيم الدولة الإسلامية مساعدات رمزية أقل من المبلغ المطلوب دفعه. وإن أحدا لن يفحص قيمة المساعدات التي ستقوم بارسالها.
إن تركيا مناسبة جدا للعمل كوسيط مع اليابان. فالعلاقات بين الدولتين جيدة منذ زمن وتوثقت في الفترة الاخيرة. وقد زار رئيس الحكومة آباه تركيا أكثر من مرة منذ توليه المنصب في كانون الاول 2012. وفي أيار 2013 وقعت تركيا واليابان على صفقة بقيمة 22 مليار دولار لبناء مفاعل نووي في تركيا خلال عشر سنوات. العلاقات مع الاردن أيضا وثيقة، وفي الظروف الحالية يحتمل أن يتوسط الرئيس التركي مع الاردن ايضا، وسيحظى اردوغان كذلك بالفخر بأنه دعم تجسيد اقتراح البروفيسور نكاتا الذي هو مقبول على الطرفين.

٭ بروفيسور في العلوم السياسية والدراسات الآسيوية في الجامعة العبرية
هآرتس 25/1/2015

اهود هراري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية