ابتسامة العودات… منصة الدغمي ومشكلة العناني… ما الذي يحصل بين الحكومة وأوركسترا البرلمان الأردني؟

بسام البدارين
حجم الخط
0

عمان – القدس العربي: كانت مجرد «ابتسامة» مسيسة مع استفسار استفهامي في اللحظة التي تقدم فيها رئيس مجلس النواب الأردني عبد الكريم الدغمي بـ«اقتراح على المنصة» سرعان ما تلقفه النواب وحظي بتصويت توافقي قبل أن يثير زوبعة في الخارج لأن المسألة تخص تحويل وزير مياه سابق دون تحديد اسمه أو هويته في نص القرار لهيئة مكافحة الفساد.
التقط رئيس المجلس السابق عبد المنعم العودات هذه المفارقة مع ابتسامة استفهامية في وجه بعض الوزراء وإيماءة توحي بواحدة من أكثر العبارات التراثية تداولا بين السياسيين الأردنيين وعبر سؤال ضمني»هل هذا ما توقعتموه بعد إقصائي عن رئاسة المجلس؟».
إيماءة العودات هنا لها ما يبررها لكنها مبنية للمجهول فالحكومة هي آخر طرف يؤثر حقا فيما يتقرر أو لا يتقرر تحت قبة البرلمان. وما توحي به ضمنا فوضى إحالة وزير مياه سابق إلى هيئة الفساد للتحقيق هو أن مجلس النواب لا يزال في حالة معاناة لا بل انفلات وتشتت وأحيانا تصدع جراء ترتيبات وتفاهمات انتخابات رئاسة المجلس ولجانه الأخيرة.
لم تكن الحكومة في وارد إحالة أي وزير للتحقيق بتهمة فساد، ولم تكن الحكومة مستعدة أصلا لفتح عش الدبابير المرتبط سياسيا وبيروقراطيا بمواجهة تعرفها الدولة ويعرفها الرأي العام بين نخبة من وزراء المياه في السابق خصوصا قبل أيام لا بل ساعات من مواجهة اتفاقية الماء والكهرباء الإماراتية.
في كل حال رصدت الحكومة اقتراح الدغمي المثير للجدل مع أن الانطباع العام هو أن رئيس المجلس على المنصة لا يقترح بل يدير الاقتراحات.
ورصدت الحكومة تلك الجملة التي لا تزال غامضة في السياق التشريعي ولاحظها الجمهور بكثافة وعنوانها الأعرض إحالة وزير مياه سابق لهيئة الفساد دون تسميته وحصول جدل في الشارع حول تلك التسمية مع أن الأمر يتعلق بملف يخضع للتحقيق في سلطات القضاء الأمر الذي لا يجيز للنواب أي تدخل. وحتى مساء الخميس بقي الأردنيون في حالة بحث عن اسم وزير المياه الأسبق الذي أحيل لهيئة الفساد ولم يصدر تعليق أو توضيح لا عن الحكومة ولا عن الأمانة العامة لمجلس النواب فيما خطفت الأضواء والميكرفون تلك الجلسة الصاخبة حول اتفاقية دبي التطبيعية .
اجتهد الجميع على المنصات ووحده ظهر معلقا على المسار لا بل مدافعا أيضا عن نفسه وزير المياه الأسبق الدكتور معتصم سعيدان فصدم في الأثناء عدة جرار في حديقة ملف المياه الشائك معلنا بأنه ليس الوزير المقصود لا بل أنه الوزير السابق الذي أحال ملف التعيينات التي ناقشها مجلس النواب أصلا إلى التحقيق متحدثا عن تعيين أموات ونساء في الصحراء على آبار وعن رواتب كانت تدفع بلا عمل عندما استلم مهامه كوزير للمياه ولخمسة أشهر.
« القدس العربي « استمعت للوزير سعيدان مرات عدة وزودها ببعض الوثائق مؤكدا أن كل ما فعله إداريا عندما كان وزيرا في أشهر قليلة درس وتوافقت عليه جميع مؤسسات الدولة.
الأهم أن وزير المياه الحالي المهندس محمد النجار تجاهل الرد على ملاحظة فنية مثيرة تقدم بها سعيدان وهو يدافع عن فترته القصيرة قوامها أن المياه المزعومة من إسرائيل في اتفاقية دبي لا تستوعبها الشبكة الوطنية الأردنية أصلا. يمكن الاستدلال سياسيا هنا بأن الغموض الذي اقترحه تصويت بقيادة الدغمي بين النواب هو الذي قد يؤدي إلى تعقيدات إضافية في ملف المياه مع أن الحكومة لا تبدو راضية عن فكرة تقدم رئيس المجلس باقتراح سريع وغير مفصل ثم التصويت عليه وتحوله إلى قرار.
مجلس النواب عموما بدأ يزعج ويؤلم السلطة التنفيذية وتثار حوله العديد من الاسئلة فقبل أيام فقط وبسبب شغف اللجنة الإدارية للمجلس في تبني قضايا التوظيف لاحظ أحد الوزراء وأمام «القدس العربي» بأن مديرا عاما لإحدى المؤسسات استدعي لحضور اجتماع للجنة الإدارية فهاجمته واستهدفته أوركسترا برلمانية كاملة قوامها 21 شخصا دفعة واحدة وأمام الإعلام.
يسأل نائب مخضرم تحدث مع أحد الوزراء عن الفارق بين التوثق البرلماني من معلومة أو الإصرار على مهاجمة كبار الموظفين دوما بسبب أو بدونه. قبل أيام فقط تم تداول فيديو يظهر نقاشا حادا داخل اجتماع لجنة برلمانية بين أحد النواب وبين مفكر وخبير اقتصادي كبير هو الدكتور جواد العناني أحد مؤسسي ومهندسي فكرة القطاع العام في الأردن منذ 40 عاما. أحد النواب هنا لاحظ بأن موقعه المنتخب مع أنه وجه جديد تماما على الساحة يؤهله لـ «طلب مغادرة» شخصية كبيرة مثل الدكتور العناني من الاجتماع فيما كان الثاني يرد بلياقة قائلا بأنه لا يتشرف بالحضور ثم ينسحب رغم أنه حضر كرئيس مجلس إدارة لإحدى الشركات الحكومية وفي إطار سعيه لاحترام مجلس النواب. ثمة ما يوحي بانفلات يحصل بين الحين والآخر وقد يصل أحيانا إلى منسوب قريب من التنمر على بعض موظفي الحكومة. لكن النواب يردون بالتأشير على قيامهم بواجبهم فقط ثم يشيرون هنا وهناك إلى الاحتقانات التي نتجت عن الإقصاء والتدخل في تشكيل وتركيب اللجان إضافة إلى عدم وجود ما تقدمه الحكومة لهم من خدمات أو توظيف تخص قواعدهم الانتخابية.
يشعر عدد كبير من النواب الجدد بأن السلطات التنفيذية تتقصد الإساءة لهيبتهم أو تتجاهلهم وينمو في المقابل شعور المطبخ الحكومي بأن عودة الدغمي لرئاسة المجلس لم تضبط الإيقاع بعد وبأن بعض النواب يحصلون على أكثر من غيرهم في توقيتات التحدث والمناقشة. لكن المشهد عموما غير مريح للسلطتين ومع غياب قوى سياسية وحزبية فاعلة في المجلس يصبح المشهد معقدا أكثر ويزداد التعقيد طبعا لأن الحكومة ليس لديها وظائف أو امتيازات أو أموال تقدمها للقواعد الانتخابية للشعب.
باختصار ينتظر الجميع بشغف بدء مرحلة تشكيل برلمان بهوية حزبية لاحقا.
لكن الكيمياء مضطربة مع المجلس الحالي والتعايش بينه وبين الحكومة أصبح اكثر صعوبة والرأي العام لم يلتقط بعد حوارا مفترضا بين الحكومة ورئيس اللجنة المالية الجديد النائب محمد السعودي عنوانه الاشتباك في تفاصيل الميزانية المالية.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية