مبادرة السلام لم تمت مع الملك

حجم الخط
0

المبادرة السعودية في 2002 والتي اصبحت في اذار/مارس من تلك السنة مبادرة الجامعة العربية كلها، لم تكن سعودية حقا. فقد ولدت في اثناء مقابلة منحها ولي العهد السعودي في حينه، عبدالله بن عبدالعزيز، لكاتب العمود في «نيويورك تايمز» توماس فريدمان وكتبها وزير الخارجية الاردني في حينه مروان المعشر (الذي تولى قبل ذلك منصب سفير بلاده في اسرائيل).
كان هذا بعد بضعة اشهر من احداث 11 ايلول. وكانت السعودية في حينه في عين العاصفة. الولايات المتحدة بقيادة الرئيس جورج بوش الابن، وليس هي فقط، وجهت اصبع الاتهام للمملكة التي ينتمي إليها عدد كبير من انتحاريي نيويورك وواشنطن.
وقد اصابت هجمة الرئيس بوش عبدالله بمفاجأة. فهو يعتبر شخصا اكثر انفتاحا من الملك المريض حينها، وقد علق الغرب الآمال بالتغيير عليه. ولكن الاصلاحات التي فكر فيها عبدالله ما كانت لتجعل مملكة العصور الوسطى في السعودية اي شيء يشبه الدولة الغربية الحديثة، ولم يكن شك لدى ولي العهد ابن الـ 77 بان الاستجابة للاندفاع الديمقراطي من جانب بوش ستكون نهاية الاسرة السعودية.
وبدت فكرة القيام بخطوة تخترق الطريق في المجال السياسي بالذات لعبدالله مخرجا معقولا من الانتقاد المتعاظم على نظامه، وعليه فقد كان مستعدا للفكرة غير المتوقعة لمشروع السلام التي رسالتها الحقيقية ليست البنود المختلفة التي ليس فيها اي جديد حقيقي، بل مجرد الفكرة التي بموجبها السلام بين اسرائيل وجيرانها سيحقق تطبيعا كاملا بين الدول العربية واسرائيل. ومقارنة بالوضع الذي حصل في 1978، حين قطعت كل الدول العربية تقريبا علاقاتها مع مصر، بعد أن وقعت هذه معنا على اتفاقات كامب ديفيد، وانتقلت عاصمة الجامعة العربية من القاهرة إلى تونس، قالت الدول العربية هذه المرة العكس: التطبيع مقابل السلام.
لقد كانت احدى الحجج التي يكررها اليمين في اسرائيل هي أن المشكلة المركزية لاسرائيل في مواجهة العالم العربي ليست، ولم تكن ابدا، النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني، بل عدم استعداد الدول العربية للاعتراف بها. ما حصل في 2002 كان يفترض أن يوفر دليلا على انه ليس هكذا هي الامور، او ان العالم العربي قد غير رأيه بالفعل، وهو مستعد لان يفتح معنا صفحة جديدة. غير أن ارئيل شارون، الذي كان في حينه رئيس الوزراء، ولم يتصور نفسه يلبي توقعات الجامعة العربية (التي تحدثت ضمن امور اخرى عن حدود 67، تقسيم شرقي القدس وحل متفق عليه لمشكلة اللاجئين)، لم يقفز على المبادرة كغنيمة؛ واستمرت العمليات في حينه بكل شدتها، ولهذا فقد كان سهلا عليه، نسبيا، الاستخفاف بهذا التحول. واكتفى عبدالله في أنه اثبت للامريكيين اعتداله ولم يبذل اي جهد جدي، حتى عندما توج ملكا، ليدفع هذه المبادرة الهامة إلى الامام.
والان، بعد وفاة الملك، ليست المسألة اذا كان الملك سلمان سيدفع المبادرة إلى الامام (وهو لن يفعل ذلك). السؤال هو هل ستكون في اسرائيل حكومة ترى فيها مصلحة حقيقية من ناحيتنا.

اسرائيل اليوم 26/1/2015

يوسي بيلين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية