نواكشوط ـ «القدس العربي»: لاشيء يشغل الموريتانيين الآن سوى قضية الحوار المرتقب بين النظام الموريتاني ومعارضته الراديكالية؛ فالجميع يتابع ويحلل هذه القضية ويســتكنه مآلاتــها والناس بين متفائل ومتشائم.
وينتظر الموريتانيون بفارغ صبر ردود الحكومة على شروط المعارضة وهي الردود التي ستحسم مسألة التوجه الفعلي نحو حوار جاد من عدمه.
وفي انتظار انجلاء الغيمة يستمر الحوار على شبكات التواصل بين المدونين الموالين والمعارضين والمتذبذبين بين هؤلاء وأولئك.
وقد أضاف محمد فال ولد بلال وزير الخارجية الأسبق والرئيس التنفيذي الدوري لمنتدى المعارضة أمس في رسالة توضيحية وجهها للوزير الأول الموريتاني شرطا جديدا للشروط التي سبق للمعارضة أن تقدمت بها قبل يومين في وثيقة الردود على العرض الحكومي.
وأكد ولد بلال في الرسالة المذكورة التي اطلعت «القدس العربي» عليها «أن الحوار بالنسبة للمعارضة يجب أن يكون مع السلطة التنفيذية مع الانفتاح الطبيعي على كل الأطراف السياسية الموجودة».
وتعني المعارضة بالسطة التنفيذية التحاور المباشر مع الرئيس ولد عبدالعزيز لا مع مسؤولي الحزب الحاكم الذين لا يملكون صلاحيات البت في الأمور والذين ثبت للمعارضة أنهم سبب فشل الحوارات السابقة.
وأكد في رسالته «أن المعارضة، كما سبق أن أوضحت في مناسبات عدة، مستعدة للحوار، بل تعتبره الطريق الأمثل للخروج من الأزمة التي تمر بها موريتانيا، لكنها ترى أن الحوار المطلوب يجب أن يكون جادا ومفضيا إلى نتائج ملموسة وعلى مستوى تطلعات الشعب الموريتاني».
وانتقد ولد بلال في رسالته «لجوء النظام على مشارف كل انتخابات أحادية للحوار! وهو ما يتكرر اليوم ويجعل الاستعداد المذكور موضع شك وريبة»، حسب تعبيره.
ويضيف إننا نرى «لكي نضمن لهذا الحوار بعض الأمل في الانعقاد والنجاح ، ينبغي له أن يشمل جميع القضايا الوطنية ويحظى بمشاركة جميع الفاعلين مع القيام بالمشاورات والتهيئة اللازمة حتى يتضح مستوى المصداقية والجدية وليتم بذلك تفادى الأخطاء الماضية».
ومع أن المدونين والمغردين الموريتانيين على شبكات التواصل قد انكبوا على مناقشة هذا الموضوع فقد كانت صفحة الكاتب الموريتاني الكبير، أبو العباس ابرهام، الميدان الفكري والسياسي الأوسع لهذا التعاطي.
ففي تدوينة له أمس انتقد أبو العباس ردود المعارضة على مقترحات الوزير الأول مؤكدا أنه «لولا مطلب «الحكومة التشاركية»، لكانت إجابة المعارضة على ورقة الحكومة بخصوص حوار نواكشوط هي جنوح للحوار».
« وآية ذلك» يضيف «أن المعارضة لم تقدم فيما عدا هذا المطلب أي نقطة صعبة للوزير الأول، وطبعاً لا ينبع تسهيل المعارضة لشروطها من عجزها عن تصعيبها، بل في نيتها ورغبتها في خوض الحوار».
وأضاف «يبدو لي أن هذا أتى على حساب شروط طبيعية كان على المعارضة تقديمها، وهي إطلاق سراح سجناء الرأي في قضية روصو (الحكم الصادر على نشطاء مكافحة الرق) وحتى العدالة للفنانين المضطهدين (اعتقال مغني الراب حماده عضو فرقة أولاد لبلاد)، أو فتح تحقيقات فيها.»
وأشار أبو العباس إلى «أن «حوار نواكشوط» يهدد بأن يكون حواراً برجوازياً ما لم يتم توسيع المشاركة فيه وإدخال الحركة الراديكالية من مختلف الفعاليات فيه.»
وأوضح في تدوينته التحليلية «أن مطلب الحكومة الوطنية ربما يكون مذلا للجنرال عزيز لما يحمله من وشائج الإبطال الجزئي لانقلاب 2009؛ ولكن لكي يكون الجنرال عزيز جدياً، وحرياً بالثقة، فعليه تقديم تنازلات مؤلمة، وإلا فليبحث عن فأر مستفرغ ليلعب معه لعبة القط والفأر».
وفي نقاش هذه التدوينة التي حازت عشرات الإعجابات، تساءل المدون مام محمد عن الذي دفع، من مظور المقاصد والمآلات، بالموالاة (الرئيس عزيز) نحو الحوار؟ هل هو استشعار بالأزمة وعدم القدرة على تحمل ضغط الشارع؛ أم أنها محاولة لاستباق الأزمة الحقيقة (انقضاء مأمورية عزيز الثانية – السيناريو البوركينابي)؟».
وكان رد الكاتب أبو العباس ابرهام على هذا التساؤل هو تأكيده بأنه «حلل منذ أيام أن الدافع للحوار هو الخوف الأمني والسياسي والاقتصادي الذي يخامر الجنرال عزيز».
وفي سياق ذي صلة، شدد المدون المعارض إبراهيم ولد خالد القول «بأنه إذا كان عزيز يريد الحوار حقا فعليه أن يجلس هو والضباط الذين يساعدونه على الاحتفاظ بسلطة الدولة، على طاولة المفاوضات مع زعماء المعارضة ويبحثوا سبل الخروج الآمن له ولأصحابه وترك الشعب الموريتاني يختار من يتولي أمره مع إلزام المنافقين في ما يسمى الأغلبية الرياسية بالصمت لأن الأمر لا يعنيهم».
المعارضه في الوطن العربي تمثل ابليس