بلدة بكاسين اللبنانية جنة الصنوبر اللامتناهية وأجمل القرى السياحية في العالم

عبد معروف 
حجم الخط
0

أعلنت وزارة السياحة اللبنانية في بيانٍ لها، عن فوز بلدة بكاسين في جبل لبنان، كواحدة من أفضل القرى السياحية في العالم، وذلك في النسخة الأولى من المبادرة بمناسبة انعقاد الدورة 24 للجمعية العامة لمنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة UNWTO في مدريد، إسبانيا في الثاني من شهر كانون الأول/ديسمبر الحالي، وقد تم اختيارها من بين أكثر من 170 قرية في 75 دولة.
واعتبرت الوزارة أنّ هذا الإنجاز المهم، دليل واضح على قيمة بكاسين، كونها تعد مثالاً بارزًا لوجهة سياحية ريفية ذات أصول طبيعية وثقافية معترف بها، حافظت على القيم المجتمعية وأنماط الحياة، وعززتها، ولديها التزام واضح بالابتكار والاستدامة في جميع جوانبها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
وأرفقت الوزارة بيانها بتعريف تفصيلي عن البلدة، جاء فيه: «تعددت التفسيرات حول إسمها وبقي المرّجح أنّه إسم فينيقي مركّب من جزئين بكا ويعني بلد، سين ويعني الشمس وبذلك تكون بكاسين بلد الشمس، وتعود بتاريخها إلى عهد ما قبل الظران أي أول حجر استخدمه الإنسان القديم، حيث وجدت فيها بقايا من العصر الحجري».

معايير بيئية وتاريخية

ويؤكد عضو المجلس البلدي لبلدة بكاسين حبيب خوري أن فوز البلدة في هذه المسابقة الدولية في مدريد والإعلان عن بكاسين أجمل وأفضل القرى السياحية في العالم، سيزيد من أهمية البلدة وحتما ستشهد أعدادا كبيرة من الزائرين من مختلف أقطار العالم.
لافتا إلى أن اختيار بلدة بكاسين كأفضل وأجمل بلدة سياحية في العالم لم يكن فقط من معيار جمال المكان بل استند إلى عدة معايير بيئية وتاريخية وسياحية.
بكاسين بلدة لبنانية تقليدية ذات أسطح منازل قرميدية حمراء وأزقة ضيقة، وساحة القرية دائمًا مزدحمة بالناس عند غروب الشمس حيث يلتقي معظم القرويين ويتبادلون الأحاديث. ولكونها منتجعًا صيفيًا، فإن القرية نشطة جدًا في أيام الصيف.
وتعتبر هذه البلدة الحالمة التي يتعانق فيها الجمال والوداعة والصفاء، المتميّزة بطبيعتها الهادئة وبمناخها المعتدل، المتوشّحة بأزلية إخضرار صنوبرها والزيتون، إحدى القرى اللبنانية الخلابة.
تبعد بلدة بكاسين عن العاصمة بيروت حوالي 70 كيلومترا، ويبلغ متوسط ارتفاعها عن سطح البحر ثمنمئة متر، وتحتضن في تربتها أكبر غابة من الصنوبر المثمر وأجوده في الشرق الأوسط على الإطلاق وتبلغ مساحتها 200 هكتار، مما يجعلها معلماً مرموقاً في السياحة البيئية، وقد تم إعلانها غابة محمية من قبل وزارة البيئة في العام 1996.

جسور عثمانية

تتوزّع معالم بكاسين بين المنازل التراثية التي تعتمر القرميد بأبهى الحلل، والجسور القديمة التي يعود تاريخها إلى العهد العثماني، وقد منحتها المؤسسة الوطنية اللبنانية للتراث، الجائزة التقديرية للإنجازات التراثية في العام 2002.
من آثارها، خربة الرهبان وهو دير قديم للصليبيين شيد في العام 1100 وعدد من النواويس الحجرية القديمة.
وتبقى كنيسة القديسة تقلا الرائعة، المبنية منذ أوائل القرن الماضي، رمزاً نافراً في التراث المعماري الذي يميّز بكاسين، وقد أدخلتها وزارة الثقافة اللبنانية في لائحة الجرد العام للأبنية التاريخية منذ العام 1997. يقام في ساحتها المهرجان السنوي الذي يتم تنظيمه في أيلول/سبتمبر، وقد حجز موقع له على خريطة المهرجانات اللبنانية وأصبح مع مرور السنوات، حدثًا لا يُفوت مع العديد من الأنشطة الفنية والثقافية والدينية، مستقطباً أكثر من 20 ألف زائر كل عام.
وتعتبر بلدة بكاسين نموذجاً فريداً لدراسة الصخور اللبنانية وبنيتها الجيولوجية وتأثرها بعوامل الطبيعة. فضمن أراضي هذه البلدة تتواجد صخور الكريتاسي الأدنى، ومنها تظهر بوضوح وبأفضل مكان من لبنان صخور حائط بلانش أو حائط جزين الذي يعتبر دليلاً لمعرفة تتابع الطبقات الجيولوجية في لبنان، وفوق هذا الحائط يظهر مقابل بلدة بكاسين مقطع جيولوجي يظهر بوضوح تتابع الطبقات الجيولوجية في لبنان وما تعرضت له من انكسارات وإلتواءات، كما تظهر جميع العوامل الجيومورفولوجية القديمة والحديثة بشكل واضح (الخسفة).
بكاسين جنة الاكتشاف أيضًا، بأنفاقها المائية ومسارات المشي بعد إنشاء درب رديفة تصل البلدة بمسار درب الجبل اللبناني، من دون أن ننسى بالطبع، عشاق ركوب الدراجات الذين يمكنهم ممارسة رياضتهم في مجمّع بيت الغابة للسياحة البيئية ضمن غابة الصنوبر.
صنفتها ﺟﻤﻌﻴﺔ «أﺟﻤﻞ ﺑﻠﺪات ﻟﺒﻨﺎن» في العام 2019 من أﺟﻤﻞ ﺑﻠﺪات ﻟﺒﻨﺎن ﺑﺮﺗﺒﺔ ثلاث سنديانات ﻧﻈﺮًا ﻟﻤﻴﺰاﺗﻬﺎ اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ اﻻﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ وﻃﺎﺑﻌﻬﺎ اﻟﺮﻳﻔﻲ اﻟﻨﻤﻮذﺟﻲ ﻋﻠﻰ ﺻﻌﻴﺪ اﻟﻮﻃﻦ.

غابة الصنوبر

لعل أبرز ما تمتاز به بكاسين هو وقوعها بين الأحراج، وبالتالي تعاقب الهواء النقي ليلاً ونهاراً عليها. ففي جنوب البلدة هناك حرج الصنوبر الذي تبلغ مساحته حوالي 16 كيلو متراً مربعاً وفي الشرق والشمال بساتين الزيتون وأشجار السنديان والمللول وغيرها إضافة إلى ان جبل نيحا المقابل يخفف عنها شدة الرياح الشرقية الساخنة.
وتعد غابة الصنوبر في بكاسين من أهم معالم القرية، وتلعب دورًا مهمًا في الاقتصاد الريفي وتوفر فرصاً اقتصادية عالية من خلال جني الصنوبر، وتحوي الغابة تنوعاً بيولوجياً غنياً من النباتات العطرية والطبية.
بكاسين جنة الصنوبر اللامتناهية، تصدرت العناوين بعد أن حصلت على لقب القرية المفضلة للبنانيين في الموسم الثالث عام 2018 للمسابقة السنوية، وما يسحر بلدة بكاسين حرجها الرائع المكسو بأشجار الصنوبر وهو من أهم المناظر الخلابة في لبنان والعالم، في هذه البلدة التي تكثر فيها المنتزهات والطرقات المعبدة وإناراتها تمتد لغاية حرج الصنوبر حيث رفعت لوحة على رابية تكسوها أشجار الصنوبر وغابات سنديان كتب عليها «أولاد العرب».
ويشكل حرج الصنوبر في البلدة المساحة المشاعية الأكثر اتساعاً في كل لبنان، إذ تبلغ مساحته حوالي 4 ملايين متر مربع وهو مربع الشكل. ويقع في جنوبي البلدة ويفصلها عن مدينة جزين، ويعتبر المورد الأساسي لخزينة البلدية ويضمّن إنتاجه سنوياً بمبالغ مالية ضخمة.   يُعتبر هذا الحرج إحد أهم المحميات الطبيعية في لبنان، ويضم أكثر من 120 ألف شجرة مثمرة، مما جعله يحتل المرتبة الأولى بين أحراج الصنوبر المثمرة في الشرق الأوسط·
وللصنوبر البكاسيني ميزة خاصة، فليس له منافس، لأن النكهة الموجودة فيه ليست موجودة في العالم كله.
يسلط الأضواء على حرج الصنوبر في بكاسين، الذي بات رئة خضراء تتنشق نسيمه العليل وهواءه الشافي كل منطقة جزين وجنوب لبنان، على اعتباره قبلة الأنظار بالنسبة لأبناء البلدة والمنطقة والجوار.
تؤكد بلدية بكاسين أن حرج الصنوبر أعطى شهرة واسعة للبلدة، وأضافت في تقارير لها «تعددت الأقاويل والتفسيرات حول تسمية البلدة، إذ يقال أن الإسم فينيقي وهو مركب من جزءين الأول بكى ويعني البلد، والثاني سين ويعني الشمس أي أنها بلد الشمس.

محمية بيئية

أما الحرج، فهو يقع جنوبي البلدة ويفصلها عن مدينة جزين، وتمتد منه فروع بتدين اللقش والحمصية وقيتولة والمكنونية حتى حيطورة وسناي، ويعتبر المورد الأساسي لخزينة البلدية، ويضمّن إنتاجه سنوياً بملايين الليرات، لذا كانت عيون المسؤولين وعامة الشعب منفتحة عليه دوماً.
وفي داخل الحرج الذي تبلغ مساحته 4 ملايين متر مربع، حوالي 13 نبعاً تشرب منها بلدة بكاسين، وتعتبر مصدر مياهها الرئيسي، وقد أعلن الحرج بقرار وزاري محمية بيئية خلال عهد وزير البيئة شوقي فاخوري في العام 1996.
ويمتد موسم قطاف ثمره لأكثر من 7 أشهر، فهو يشمل 3 أجيال متتالية منه تلتقي على شجرة واحدة، أما رحلة حبة الصنوبر من الشجرة إلى الأسواق فطويلة بطول أشهر الموسم، فهناك شجرة تحمل 50 كوزاً، وشجرة تحمل 10 أكواز.
أما مراحل ما بعد القطاف، فهي عادة تجمع الأثمار على أسطح البيوت، وفي أوائل شهر أيار/مايو يتم البدء بفلشها على السطوح حتى يفتّح الكوز، فيجمع ويرسل إلى آلة الفرز، وعندما يفرز الحص عن الكوز يعرض على أشعة الشمس ويخزّن بالمستودعات، ثم يغسل ويصول ويرسل إلى الكسارات تكسره وتسوّقه.  وقام اتحاد بلديات منطقة جزين بإنشاء بيت الصنوبر بامكانياته المادية الذاتية في ضهور بكاسين بالتعاون مع الجمعية التعاونية لزراعة الصنوبر وإنتاجه والتي ساهمت من خلال معدات مقدمة من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID على أرض مستأجرة من بلدية بكاسين.
وتشير البلدية في بيانات متفرقة لها، أن حرج الصنوبر عانى منذ سنوات من الإهمال والاعتداءات وتدفق مجاري الصرف الصحي والنفايات، وكذلك يواجه أخطاراً محدقة ناجمة عن الظروف المناخية كالعواصف والثلوج والحشرات، أو الحرائق، لكن سارعت البلدية بالتعاون مع جمعيات محلية ودولية إلى معالجة المشاكل التي يتعرض لها الحرج.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية