صور ومشاهدات قدمها الطبيب غيلبرت عن فظائع إسرائيل في غزة «تبكي» آلاف الأردنيين

حجم الخط
6

عمان – «القدس العربي» من : استطاع الطبيب النرويجي والناشط من أجل فلسطين الدكتور مادس غيلبرت أن يرقرق دموع أكثر من ثلاثة آلاف شخص حضروا محاضرة نظمت له في العاصمة الأردنية عمان عرض خلالها بعض الصور القاسية التي التقطها شخصيا أثناء مشاركته في علاج المصابين من العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة في الصيف الماضي.
وعرض على الحضور في أحد الفنادق الواقع المؤلم في قطاع غزة جراء الاعتداء الاسرائيلي الذي دام 51 يوما.
وتحدث غيلبرت عن تجاربه الشخصية في عمليات إنقاذ الأرواح الفلسطينية منذ عام 1981، التي وصف فيها المعاناة الحقيقية لأهالي قطاع غزة وحال المستشفيات التي تحولت لمسالخ بشرية عندما كانت تقصف من الجو والبحر والبر وتهدم البيوت على رؤوس أصحابها، في حين كان العالم بأسره يقف مكتوف الأيدي متفرجا على ما يحدث.
وأكد غيلبرت الذي تطوع للعمل في غزة خلال الهجمات الأربع الماضية، أن مجموعة صغيرة من المواطنين يمكنهم تغيير العالم، مبينا ان غزة تعلم الحياة، وذلك قبل أن يعرض المشاهد المؤثرة للشهداء والمصابين من الأطفال والنساء، التي جعلت أكثر من ثلاثة آلاف شخص في القاعة المعدة أصلا لاستيعاب 1200 شخص فقط، يتأثرون بشكل كبير وتفيض دموعهم حزنا وألما.
وتساءل الطبيب النرويجي المؤيد للمقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الاسرائيلي، هل خرج القادة العرب في مسيرات منددين بالارهاب الاسرائيلي البشع، مثل التي خرجت في باريس مؤخراً ردا على الاعتداء على صحيفة «تشارلي إيبدو» التي أساءت في رسوم كاريكاتورية للنبي محمد ؟ هل تدخل الرئيس الأمريكي باراك أوباما وندد ببشاعة الجريمة مثلما تدخل في الأزمة العراقية والسورية وغيرها من أزمات العالم؟.. هل خرج الاتحاد الأوروبي مهددا مثلما حدث عند بداية الأزمة الأوكرانية؟.
واعتبر أن هذا كله نفاق وازدواجية في المعايير وأخلاقيات سيئة تؤكد نظرية «إذا كانت بيدك القوة افعل ما تريد»، مبينا أن الجميع في العالم كان يعرف ما يحدث في قطاع غزة من ظلم أوباما وطغيان (رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين) نتنياهو وعدم مبالاة القادة العرب.
وأوضح الطبيب الانسان أن نجاح غزة في العدوان الاسرائيلي جاء نتيجة شبكتها الاجتماعية الصلبة التي تظهر قوة الأسرة وتمسكها بكرامتها كما تتمسك بالحياة.
وهنا سرد بالصور قصة تمسك طفلة غزاوية بالحياة رغم أنها شهدت أربع حروب متتالية منذ نعومة أظفارها فقدت خلالها العديد من أفراد أسرتها. وكان يتابع حالتها شخصيا في كل مرة تصاب فيها، ولكنها ما زالت على قيد الحياة.
وتحدث عن قصص أبطالها مسعفون وأطباء في مستشفى الشفاء بعلاجهم آلاف المصابين والجرحى رغم ضعف إمكانيات المستشفى وعدم صرف الرواتب لعدة أشهر ورغم الحصار، فلا يوجد شيء، لا كهرباء ولا ماء ولا مستلزمات طبية ولا علاجات، لا أسرة في غرف العمليات ولا معدات ولا أجهزة مراقبة للمرضى، فالأجهزة كلها مهترئة. ورغم ذلك كله لا يشتكون لإنهم أبطال، يقومون بعملهم دون تردد، إنهم كالمقاتلين في الحرب يواجهون أي تحد بثبات غير متصور.
وقال غيلبرت إن الاجتياح البري لغزة والقصف الجوي والبحري نتج عنه «أفواج وقوافل من الإصابات ممزقين ينزفون يرتعشون يموتون، كل أشكال الجرحى من الفلسطينيين من مختلف الأعمار كلهم مدنيون كلهم بريئون».
الشجعان من طواقم سيارات الإسعاف ومن كوادر مستشفيات غزة كلها، كلهم يعملون على مدار الساعة، وردياتهم تطول من 12 وحتى 24 ساعة، ألوانهم شاحبة من التعب ومما يشاهدونه من مناظر لا إنسانية، هم يقدمون الرعاية ويحاولون ترتيب الأولى بين الحالات التي تتوافد عليهم وبشكل عشوائي، اعداد من الجثث ومن الأطراف المبتورة مقسمة إلى قطع بأحجام مختلفة. وجرحى بعضهم يتحرك، وآخرون لا يستطيعون التحرك، بعضهم يتنفس، بعضهم لا يتنفس، بعضهم ينزف، وبعضهم لا ينزف». واضاف «أحترم هؤلاء الجرحى إحتراما بلا حدود، فلديهم القدرة على تمالك أنفسهم رغم الآلام رغم الأوجاع ورغم هول الصدمة».
وأضاف غيلبرت «شهادتي على صمود الفلسطينيين تمنحني القوة، ولكن احيناً أشعر بأنني أريد أن أصرخ، أن أحضن أحد بشدة وأبكي، عندما أشم رائحة الجلد والشعر المحروق على جثة الطفل الدافئة المغطاة بالدماء.. أريد أن ألقي نفسي بأحضان قوافل الشهداء منهم لأحمي نفسي، ولكن لا وقت لدي لأقوم بذلك وكذلك هم لا وقت لديهم».
وشبه غرف العمليات في المستشفى بالمسالخ التي تملئها الأشلاء والجثث والدماء، ومستنقعات من الدماء في قسم الطوارئ، والكثير من الشاش المغطى بالدماء. وقال «وفوق كل هذا نسمع آلة الحرب الإسرائيلية لتعزف سمفونيتها المرعبة مرة أخرى، زحف المدفعية على الشاطئ القريب، وزئير طائرات ف 16، زنين الطائرات بلا طيار تحوم حولك وتسمع مراوح الأباتشي المحيطة والطائرات الطنانة». وتأسف غيلبرت على عرض الصور المؤلمة للشهداء والمصابين ولكنه قال: «عليكم أن تعرفوا أن هذا ما أحمله في عيوني أينما ذهبت».
وأشار إلى أن إسرائيل اتبعت في عدوانها على قطاع غزة «مبدأ الضاحية» (الضاحية الجنوبية من بيروت) وهو مبدأ مخالف للأعراف والقوانين الدولية وتنص على تدمير أحياء سكنية برمتها وتهديمها والقضاء على البنية التحتية وقتل أكبر عدد ممكن من البشر كعقوبة جماعية في حال صدرت من تلك المنظقة أعمال مقاومة للاحتلال الإسرائيلي.
وهنا قص الطبيب النرويجي على الحضور تجربته مع عدد من «لجنة التضامن النرويجية» خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 وتحدث عن تعرفه على الطفل خليل الشجاع- كما أراد أن يسميه- وهو طفل فلسطيني لاجئ كان يعيش مع والدته في مخيم صبرا، حيث اصيب الطفل وهو في يد أمه بقنبلة سقطت بالقرب منهما تسببت باستشهاد الأم وبتر اليد اليسرى للطفل.
وبعد اسبوع من الحادث المؤلم أصر خليل على تضميد يده بنفسه قائلا للطبيب المعالج «أرجوك لا تخدرني كي لا أفقد وعي وعلمني كيف أقوم بتضميد جراحي». اصبح وقتها هذا الطفل مصدر الهامي وإلهام المستشفى بأكمله، فقد كان ينظف سريره بنفسه ويرتب الشراشف ويغني للمقاومة.
وقال غيلبرت وهو يعرض الصور الخاصة للطفل الجريح «علمني هذا الطفل أنه خلال عملي لا أبحث عن أماكن الضعف لدى المصابين والجرحى، بل عن أماكن القوة وأساعدهم عن البحث عن قدراتهم».
وختم الناشط النرويجي محاضرته التي تواصلت لأكثر من ساعتين بقوله: إن أي أمة محتلة في العالم تتمتع بحق الدفاع عن أرضها بأي أسلحة تراها مناسبة… الصمود، الكرامة، النجاة، غزة تعلمك الحياة يا سيدي».
وبعد ذلك تهافت الجماهير على الطبيب والناشط النرويجي لتوقيع كتابه «عيون في غزة».

طارق الفايد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    الدكتور مادس غيلبرت فخر للنرويجين وللانسانية
    أما النرويج نفسها فهي تابعة للسطوة الأمريكية خوفا من الروس
    ولهذا أصبحت عضوا بحلف شمال الأطلسي مجبرة لحماية حدودها الشمالية

    أغلب النرويجيين مع القضية الفلسطينية ومع غزة ولكن ما باليد حيلة

    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول hasah mustafa:

    نتمنى على الدكتور غلبرت عرض هذه المشاهد على الجمهور الغربي الذي يتغنى بالحريه التي لا يريدها الآ لنفسه.
    فهم يعرفون من هم الصهاينه وقد خبروا مكرهم وإجرامهم قبل الهجره الى فلسطين, وحتى يضمنوا بقائهم في فلسطين التي هجروهم اليها لتنظيف بلدانهم من هؤلاء المجرمين, يبقون صامتين بل ويتسترون على جرائمهم لأنهم خير من خبرهم وخبر مكرهم وإجرامهم.

  3. يقول محمد من النرويج:

    السلام عليكم
    فقط للتوضيح
    الكتاب هو بعنوان ليله في غزه الصادر بعد حرب صيف 2014
    اما كتاب عيون غزه فقد صدر مباشره بعد حرب عام 2009 و هو من تاليف مادس غييلبرت و اريك فوسا
    و من المجدي ان نذكر هنا الدور الاعلامي الكبير الذي قام به الدكتور مادس في توضيح الصوره للإعلام المنافق في الغرب حول المجازر التي ارتكبتها اسرائيل في غزه و لا يمكن ايضا هنا الا ان نذكر الدور البارز في العمل الطبي و الذي قام به تجمع الاطباء الفلسطينيين في اوروبا من اجل نجدة اخواننا في غزه و قد تجلى هذا المدد من خلال ارسال الأطباء الاوروبيين من الاصول الفلسطينيه الى غزه للعمل و علاج الجرحى في فترة المجازر الاخيره على غزه

  4. يقول sam/usa:

    شكرا ايها الانسان
    المنى وصفك
    وهزنى شعورك الراقى
    انت الشجاع هنا

  5. يقول ابراهيم بن عمر:

    الحقيقة لقد المني كثيرا ماقاله هذا الدكتور عن اخواننا في غزة ولكن الذي المني اكثر ان حكام الدول العربية الذين كانوا صامتين على هذا العدوان ويردون ان تنتصر اسراءيل على اهل غزة الذين هم مسلمون وبعضهم مصري ويدافعون عن حقهم في الحياة ضد المحتل الغاشم الذي يقتل ويسجن ويمنع المواد التي تساعدهم على العيش اما الدول الاوروبية فهي من اكبر المنافقين لانها ايضا تعلم ان الشعب الفلسطيني مظلوم ولكن الاعلام الغربي الذي يخضع معظمه للصهيونية لا يستطيع التصريح بحقيقة اعمال اسراءيل الاجرامية رغم ان كثير من المراسلين يرسلون تقارير عن كل شيء يحصل ولكن رؤساء الصحف لا يذكرون الا النذر اليسير حتى لا يشوهوا صورة اسراءيل خوفا من غضبها على تلك الصحف فتمنع عنهم الاعلانات ةتفلس الجرية او ترسل الكاتب الى المحاكمة 0

  6. يقول المانيا:

    لاحول ولاقوة الابالله حسبنا الله ونعم الوكيل

إشترك في قائمتنا البريدية