بيروت-“القدس العربي”: فشلت الصفقة بين الثنائي الشيعي وفريق العهد وتياره حول المقايضة السياسية القضائية الانتخابية ففشل المجلس الدستوري في اتخاذ قرار بقبول طعن في مراجعة “تكتل لبنان القوي” بتعديلات قانون الانتخاب وبدأ الجميع يتنصّل من هذه التسوية. وكشف رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل عن “تلقّيه اتصالاً وعرضاً قبيل صدور قرار المجلس الدستوري طرح علينا فيه أن نقبل بالتصويت مع المجلس الأعلى في مجلس النواب وليس فقط الحضور مقابل قبول الطعن، فقلت لهم: طالما تعرفون الجواب لماذا تسألون؟ أوقفوا هذه الألاعيب عرض المقايضة لم يمر منذ شهرين ولن يمر اليوم”.
وكان قرار المجلس الدستوري المنتظر منذ شهر في تعديلات قانون الانتخاب لم يصدر بسبب تعذّر تأمين أكثرية 7 أعضاء، ما يجعل القانون المطعون به نافذاً بما فيه تصويت المغتربين لـ 128 نائباً بدلاً من إحداث دائرة جديدة والتصويت فقط لستة نواب. وصوّت مع الطعن 4 أعضاء مسيحيين هم طنوس مشلب وألبرت سرحان والياس مشرقاني وميراي نجم وعضوان سنيان هما أكرم بعاصيري وعمر حمزة فيما صوّت ضد الطعن العضوان الشيعيان عوني رمضان وفوزي فرحات والعضو الدرزي رياض ابو غيدا وعضو مسيحي أورثوذكسي هو ميشال طرزي. لكن رئيس المجلس القاضي طنوس مشلب الذي تحدث عن إمكانية إعادة النظر بالموضوع يبقي كل الاحتمالات مفتوحة على تطورات محتملة بعد سقوط التسوية الكبرى، حيث لم يوافق رئيس مجلس النواب نبيه بري على أن يشمل التغيير المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم ولم يقبل الرئيس ميقاتي تغيير المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات، ما يجعل الأمر مقتصراً على فصل محاكمة الرؤساء والوزراء في انفجار المرفأ عن التحقيق العدلي وهذا مطلب يلبّي مطلب الثنائي الشيعي مقابل العودة إلى مجلس الوزراء، في وقت يرفع التيار العوني مطلب اقالة رياض سلامة أولاً في مجلس الوزراء وتغيير سهيل عبود ثانياً لوقف ما يسمّيه “المهزلة في القضاء”.
وبدا باسيل غاضباً من “لا قرار” المجلس الدستوري واعتبره “ضرباً للميثاقية ومسّاً بصلاحية رئيس الجمهورية ونكسة للحق وليس للتيار ونكسة ايضاً للمنتشرين”. واللافت أن باسيل الذي تحدث عن البحث عن حل وليس عن مقايضة بدأ مجدداً اللعب على الوتر المسيحي قبل الانتخابات النيابية من خلال حديثه عن “تحالف رباعي جديد” والتصويب على الثنائي الشيعي واتهامه بالتعطيل.
وبعد الاجتماع أوضح رئيس المجلس الدستوري القاضي طنوس مشلب أنه “بعد 7 جلسات لم نتمكن من الوصول إلى رأي موحد فاضطررنا للقول إننا لم نصدر قراراً، ويُعتبر القرار المطعون به ساري المفعول وتتم الانتخابات وفق القانون”. وقال “لم يطلب أحد منا شيئاً في السياسة والصفقة التي تحصل تكون بين أصحابها ولا تصل إلى أبواب “الدستوري” والنقاش كان قانونيًّا”، مشيراً إلى “أن الانقسام لم يكن لا طائفيًّا ولا مذهبيًّا ولم يكن المجلس منقسماً بالنصف وناقشنا النقاط كافة ووصلنا إلى النقاط حول المغتربين حيث كانت الآراء مختلفة”. وأعرب عن “عدم رضاه عن عدم صدور قرار ولكن لم يكن بالإمكان أكثر ممّا كان وما حصل قد يكون سقطة في نقطة معينة للمجلس الدستوري، ولا أعرف ما إذا كان هناك تدخّل لدى أحد من الزملاء ولكن لا أشكّ بأحد”.
وأضاف مشلب المحسوب على رئيس الجمهورية “لا أحد “يمون” عليّ وبرأيي يجب ألا “يمون” أحد على الزملاء ولا تواصل بين أحد منّا والرئيس ميقاتي. أؤكّد أنّه حتى هذه الساعة لم يطلب منّي الرئيس عون أي طلب لا في ما يخصّ هذا الموضوع ولا غيره رغم أن البعض يحسبني عليه بما أنه هو من سمّاني”، لافتاً إلى “أن عدم صدور قرار يعني تأجيل الانتخابات في الدائرة 16 لعام 2026″.
ومن المعلوم أن أي قرار للمجلس الدستوري يفترض موافقة 7 أعضاء من أصل 10 على أن يكون النصاب القانوني ثمانية أعضاء على الأقل. وأفيد أن 6 أعضاء فقط كانوا مؤيدين للطعن فيما عارضه آخرون. واللافت أن القاضي مشلب أبقى الباب مفتوحاً على إمكانية إعادة النظر بالطعن، لكنه قال”لا يحق للجهة نفسها أن تقدم الطعن نفسه مرة أخرى لأن المهلة انقضت، ولكن طالما أننا لم نتخذ قراراً فبإمكاننا إعادة النظر بالموضوع.”
وإذا كان المجلس الدستوري فشل قبل سنوات في تأمين النصاب للنظر في قانون تمديد ولاية مجلس النواب بسبب تدخلات سياسية مع بعض الأعضاء، إلا أن اللا قرار للمجلس الدستوري حالياً انقذه من تهمة التدخلات السياسية وخضوعه للضغوط وكرّس انتخاب المغتربين اللبنانيين الذين كادوا يتحوّلون إلى ضحية لو نجحت التسوية ولم يسقطها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي.
وتعليقاً على عدم توصل المجلس الدستوري إلى قرار، رأت مصادر رئاسة الجمهورية أن ما حصل هو “سقطة للمجلس الدستوري”، وأكد “أن رئيس الجمهورية لم يطلب شيئاً وثمة قوى تعطّل القضاء والمجلس الدستوري والسلطة الإجرائية والتدقيق الجنائي”.
وهنأ رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع لبنانيي الانتشار “لأنهم سيستطيعون ترجمة لبنانيتهم بأفضل شكل ممكن، بخلاف ما كان يخططه لهم آخرون. فلبنانيو الانتشار، وخلافاً لمواطني أي بلد آخر في العالم، يعتبرون أنفسهم مواطنين لبنانيين قبل كل شيء آخر، لبنانيون أقحاح يعيشون في بلاد الانتشار لكنهم يحيون في لبنان، يتابعون أخباره بأدق التفاصيل، ويشعرون مع أهلهم ومواطنيهم ويبذلون الغالي والرخيص في سبيل بقائه دولة سيدة حرة مستقلة يعيش فيه اللبناني بعزته وكرامته، وقد ظهر ذلك واضحاً جلياً في نسبة التسجيل في الانتخابات المقبلة والتي تخطّت كل التوقعات”. وقال جعجع في بيان “أما بعد، وبعد أن أصبح قانون الانتخاب، الذي صوّت له المجلس النيابي مؤخراً نافذاً، فلم يبقَ على الحكومة، اجتمعت أم لم تجتمع، إلا تحديد الموعد النهائي للانتخابات، وتشكيل هيئة الإشراف عليها وبدء العد العكسي لإجرائها كما يجب”.
وغرّد رئيس لجنة الادارة والعدل النائب جورج عدوان عبر “تويتر”: “المجلس الدستوري بقي خارج الصفقات وهذا يسجل للأعضاء الذين بقيوا على موقفهم. انتصر حق غير المقيمين الدستوري والقانوني بالتصويت لـ١٢٨ مقعداً. يبقى أن محاولة الصفقة ستبقى في أذهان غير المقيمين ليحاسبوا المنظومة المتسلطة التي هجّرتهم من وطنهم وظلت تحاول إقصاءهم حتى اللحظة الأخيرة”.