ديكتاتورية المستنيرين ضد الإنسان

حجم الخط
8

في الحقيقة، إلى وقت قريب كنت لا أقرأ مثل هذه الكتب؛ الكتب التي تصوّر بأن كل ما يحدث في العالم من حروب وأزمات، عبارة عن مخططات خبيثة تقوم بها أيادٍ خفية، أو جماعات سرية، تريد السيطرة على العالم، والتحكم في الإنسان.
تملك هذه الحركات مخططات شيطانية جهنمية، وقدرات عجائبية فائقة، تناهض الله والأديان والإنسان، لهذا سعت منذ البداية إلى تغييب الله «الله قد مات» نيتشه، ومحاربة الأديان بتشويه الكنيسة ورموزها (مع وجود مبررات لهذا التشويه، لكنها استبدلت ديناً سماوياً بآخر أرضي أشدّ تطرفاً، وبدلا من أن تحرر الإنسان من المطلق، أوقعته في قفص النسبي) لكي تحقق بعد ذلك الهدف النهائي في السيطرة على الإنسان وقولبته وإعادته إلى حالته الأولى، حالة الطبيعة؛ حيث تمتزج الثنائيات، ويتحد المختلف، لا وجود للشر والخير، ولا للحق والباطل. ينتصر الشّر، لينتشر الفساد، وبذلك تنتقل القوة من السماء إلى الأرض، أو كما يسميها المفكر طه عبد الرحمن «المرحلة السابقة على التخلُّق» مفسراً إياها بأنها «حالة الإنسان قبل دخوله في عملية التخلُّق» أي قبل أن يأكل آدم وحواء من تلك الشجرة الملعونة، التي كانت سبباً في طردهما من الجنة، إذ أنّ كل شيء كان مباحاً في الحياة، وكان الإنسان في تلك المرحلة يعيش في طمأنينة وسكينة.
يعبّر طه عبد الرحمن عن هذه المرحلة بكون الإنسان فيها: «لا يزال غير قادر على التفريق بين خيره وشره، والرّاجح أنها تمثل الوضع قبل تلقي الإنسان النّهي عن الأكل من الشجرة» غير أن «قبل» في هذه المرحلة ليست خروجاً عن الفطرة، لأنها تتسق مع تطور الوجود، أما من يحاول اليوم إحياء تلك المرحلة على الأرض، بإنتاج مسوخ هو خروج عن الفطرة، لأنها تعارض حقيقة الوجود.
وبعد، لقد قلت إني كنت لا أقرأ مثل هذه الكتب، لأنها تستدعي نظرية المؤامرة في تفسير أي شيء، ونظرية المؤامرة، كما هو معلوم، تنطوي على جملة من المغالطات، وتستند إلى أوهام وحقائق زائفة، وإلى رؤية تفسيرية اختزالية؛ كما أن صاحبة الكتاب أولغا تشيتفيريكوفا مؤرخة وباحثة روسية، والروس، كما هو معروف في هذا الشأن، كالعرب، مغرمون بـ»نظرية المؤامرة» فضلا عن ذلك، وهذا هو الأهم، أن مثل كتب كهذه تساهم في بثِّ اليأس، وتثبيط العزائم، وتعزيز روح الاستسلام والعجز أمام الأعداء؛ إذ تجعل مقاومة هذه المشاريع الشيطانية، أو صدِّ هذه المخططات الجهنمية من المستحيلات، لأننا أمام حركات تتميز بأنها كلية القدرة والقوة؛ أشعلت حروباً، واحتلت دولا، واستطاعت أن تهجّر شعباً، واختلقت دولة بناء على أساطير وأوهام؛ لما لهذه الحركات من تأثير قوي في المؤسسات الدولية، ومن سطوة على حكام الدول، بل هؤلاء الحكام ما هم، في الأخير، سوى أدوات وظيفية لهذه الجماعات الخفية، وما كان لهم أن يحلموا بالحكم، لو لم يعقدوا ميثاق الولاء والطاعة معها.
وقد عالج المفكر عبد الوهاب المسيري هذه الحركات في كتابه «اليد الخفية: دراسات في الحركات اليهودية الهدامة والسرية»؛ حيث توصل إلى أنّ محاولة تفسير كل ما يحدث في العالم، ماضياً وحاضراً، ولليهود يد فيه، استخفاف بالعقل، وجناية على الحقيقة، وتزييف للوقائع والحقائق، الهدف النهائي من ذلك هو جعل اليهود قوة خارقة، لا نفع من مقاومتهم، ولا فائدة ترجى من مواجهتهم، وهكذا، فالحرب ضدهم خاسرة، ولا مخرج من هذه المعضلة إلا القبول بهم، وعقد اتفاقات سلام معهم، قائمة على الخنوع والاستسلام، مع أنّ الانتفاضة الفلسطينية، أسقطت هذه الأسطورة، وكشفت زيف هذا الادعاء، بل أظهرت اليهود كغيرهم من الأجناس الأخرى، وبينت ضعفهم البائن؛ حيث انهزم الجيش الإسرائيلي المدجج بمختلف الأسلحة المتطورة أمام أطفال لا يملكون سوى قوة الإرادة، وفي مواجهة شعب لا سلاح له غير الحجارة.

الصراع المقبل صراع خطير، بين من يريد الاحتفاظ بإنسانيته وفطرته من جهة، ومن نزل إلى وحل الهمجية والوحشية وما دون البهيمية من جهة أخرى

لكن، بعد ظهور فيروس كورونا، وما صاحبه من تضليل مفضوح، ومبالغة في التخويف وزرع للرعب.. إجراءات مبالغ فيها قامت بها حكومات العالم، من إغلاق لحدود الدول، وفرض للحجر على الناس الأصحاء والمرضى، ثم إخراج اللقاح في وقت قياسي، وما رافقه من لغطٍ وصخبٍ، بين مرحب به ورافض له، ثم ظهور متحورات كورونا كـ»ألفا، بيتا، دلتا، وأوميكرون..» وغيرها، يقف الإنسان عاجزاً عن إيجاد تفسير منطقي لما يجري. والأدهى من ذلك أن العالم المتطور صار يحتفي ببعض السلوكات الممقوتة للنفوس السوية بطريقة غير مسبوقة، لن تجد له، في واقع الأمر، من مبرر سوى أنّه هجوم على الطبيعة البشرية، وتشويه للفطرة الإنسانية السليمة.
وعليه، نطرح هذا السؤال: هل ما يجري اليوم مؤامرة لاستكمال المشروع المخطط له منذ زمن طويل من طرف هذه الحركات؟ ربما؛ غير أنّ ربما هنا قريبة من تخوم اليقين، بعيدة عن حدود الشك.

ضد الإنسان

يتناول كتاب «ديكتاتورية المستنيرين: روح الإنسانية العابرة» مخططات الطغمة العالمية الحاكمة، من أجل السيطرة على الإنسان، مستغلةً فتوحات العلم، وما توصلت إليه التكنولوجيا من تطور مذهل، كسلاح لإخضاع الإنسانية واستعبادها. تسعى، كما يبدو، إلى تحقيق الهدف الأخير المتمثل في إيجاد الإنسان الإله أو الإنسان المتفوق، لكنه هدف، بلا شك، ينطوي على تدمير الإنسان نفسه، عبّر مخطط خطير ومرعب، يتضمن ما يأتي:
– إفساد الطبيعة البشرية، بتشجيع الشذوذ، وتأسيس مجتمع السدوم، ولن يتحقق لهم هذا المشروع إلا بهدم الأسرة؛ فالأسرة هي موطن الود والأنس ومنبت الأولاد، و»المثلية الجنسية، كما تقول أولغا، في تفسير (العصر الجديد) ليست مجرد تحدٍّ للمجتمع وأخلاقه التقليدية، بل هو التحضير للإعلان عن (دين سدوم) والموافقة عليه».
– إنقاص عدد السكان، من أجل تحقيق التوازن في الأرض، إذ أن الموارد صارت غير كافية، وعدد سكان الأرض في ارتفاع كبير، وقد تطرقت أولغا إلى العديد من التصريحات، التي أدلى بها قادة هذه النخبة، لعل أبرزها تصريح بيل غيتس الذي يربط تخفيض عدد السكان بضرورة إيجاد لقاحات؛ حيث يقول: «هناك 8.6 مليار شخص في العالم اليوم، وعدد سكان العالم يقترب بسرعة من 9 مليارات، وإذا كنا نعمل بشكل جيد حقاً على لقاحات جديدة ورعاية صحية ورعاية للصحة الإنجابية، فقد نتمكن من خفض السكان بنسبة 10% إلى 15%» في حين يقول بول إرليخ، مستشار العلوم للرئيس بوش الابن: «كل شخص يولد الآن يجلب خللا في توازن البيئة وأنظمة دعم الحياة في هذا الكوكب».
– تفكيك الدولة الاجتماعية: إن تفكيك الدولة الاجتماعية من شأنه أن يزيد في عدد الفقراء والمحرومين، الذين لا يجدون من يمد لهم يد العون والمساعدة، ما يؤدي، بالضرورة، إلى انخفاض عدد البشرية، في هذا الصدد تقول أولغا: «سيكون ما تبقى من البشرية، والمعروفة باسم (الموارد البشرية) محرومين من مساعدة الدولة بسبب التفكيك الكامل لـ»الدولة الاجتماعية» ويتحولون إلى كتلة مطيعة، ما يؤدي إلى انخفاض حاد في تعدادها».
– غرس شرائح إلكترونية في دماغ الإنسان أو في جسمه للتحكم فيه أو السيطرة عليه.
توضح أولغا تشيتفيريكوفا هذه النقاط المختصرة عندما تقول: «وانطلاقاً من زرع الرقائق الإلكترونية في أدمغتهم، سيكونون تحت السيطرة الكاملة، وتحت ستار المساعدات الإنسانية، ستفرض برامج تنظيم الأسرة، وتوزع وسائل منع الحمل والإجهاض والعقم عليهم، ثم تحول هذه الكتلة البشرية إلى سيبورغات (Cyborgs) قادرة على تنفيذ أي طلبات، وتقديم أي خدمات» وعند الضرورة استبدالها بـ»روبوتات» تضيف الكاتبة.
إن أقل ما يوصف به هذا المشروع الجهنمي هو الجنون الممزوج بالعبقرية، لأنها عبقرية تهدف، كما تقول أولغا، إلى «تبرير نظرية شعب الله المختار، فالبشر الفائقون/ الخارقون، يمكنهم وحدهم فقط التحول إلى بشر مستنيرين».
تجدر الإشارة ختاماً إلى أنّ الباحثة في كتابها تفضح العديد من الأسماء الفكرية، والمؤسسات الدولية، كاليونسكو مثلا، المنخرطة بصفة أو بأخرى في هذا المشروع المدمر، ربما تكون عن قصد أو عن غير قصد. وعلى هذا الأساس، فإن الصراع المقبل هو صراع خطير، لأن إنسانية الإنسان على المحك؛ صراع لا تهمّ فيه الجغرافيا، ولا الأيديولوجيا، ولا الدين، ولا اللغة؛ لأنه، ببساطة، صراع بين من يريد الاحتفاظ بإنسانيته وفطرته من جهة، ومن نزل إلى وحل الهمجية والوحشية وما دون البهيمية من جهة أخرى.
كاتب جزائري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول I'll be back:

    ذكرتني كلمة “Cyborgs” بسلسلة أفلام “The Terminator” القائمة قصتها على العودة عبر الزمن إلى الماضي لتغيير أحداثه, ومنع حدوث “يوم القيامة” أو ما سمي في السلسلة ب “The judgement day”، وذلك عبر حماية “البطل” الذي سيقود “المقاومة” في المستقبل ضد كل من سيساهم في حدوث يوم القيامة الذي كان مقدرا له أن يكون في سلسلة الأفلام في 1997 ثم في 2027…
    صحيح أن الأفلام تتحدث عن صراع بين البشر والآلات، لكن بصفة عامة، أكثر ما يخيف الغرب “الليبرالي” هو أن يحدث يوما ما شيء يشي بقرب نهاية العالم كما نصت على ذلك الأديان السماوية، نظرا لما قد يخلفه ذلك من ارتداد على الكثير من المصالح ومن تغيير في طبائع الناس وفي نمط استهلاكهم، وذلك حتى لو تركت لهم حرية التصرف كما يحلو لهم…
    وعلاقة دائما بأفلام “The Terminator”، فقصتها تذكر ببعض القصص والأفلام المسيحية (الموجودة على الأنترنت) والتي تتحدث عن المقاومة “التحت أرضية” لبعض المسيحيين الرافضين الخضوع لحكم “Antichrist” عند قدومه، والمنتظرين لعودة المسيح ليخلصهم.

  2. يقول Edward Jenner II:

    لا يقاس وباء كورونا بأي وباء عالمي اخر ضرب البشرية لا بشدة المرض ولا بالنتيجة كما هو حال الطاعون والجدري والخصبة وشلل الأطفال والملاريا واي وباء اخر ،فالانفلونزا الإسبانية ضربت العالم عام ١٩١٨ وقتلت خمسين مليون والانفلونزا الروسية ضربت العالم اوخر القرن التاسع عشر وقتلت أيضا خمسين مليون والحظري ضرب العالم مرات عديدة واخر مرة عام ١٩٢٠وقتل ٧٥ مليون ،هذا التهويل بوباء كورونا لا يمكن إلا تفسيره سياسيا من خنق لحركات الناس وارعابهم ومحاولة السيطرة على عقولهم وتدجينهم وتحولها إلى أطفال فالسياسيون هم الوحيدين الذين يخافون على صحتك مع انهم سبب جوعك واضطهادك و قهرك ان كنت في الشرق او الغرب ،فالتهويل بالوباء هو مقياس لمعرفة طاعة الشعوب لهم من جهة وتطويع من يتمرد عليهم من جهة أخرى، ومحاولة فرض اللقاح لتطويع من هو متمرد على قرارات كورونتهم ،والسؤال الذي يطرح نفسه ماذا لو كنا الان أمام وباء قاتل كالطاعون او الجدري او الانفلونزا الإسبانية؟؟؟ماذا كانوا سيفرضون علينا ،اعتقد لكانوا قتلوا الناس من الرعب قبل ان يصابوا بالطاعون او الجدري او الانفلونزا الإسبانية ، هؤلاء هم الإرهابيون الحقيقيون مؤسسي الرعب والإرهاب العالمي

  3. يقول Edward Jenner II:

    السبب العلمي للإيمان بنظريات المؤامرة هو قهر الارادة وما يحويها من ظلم وتجويع وتعذيب للذات الإنسانية، والقول ان العرب وحدهم يؤمنون بنظرات المؤامرة هذا كلام صحيح لكنه مغلوط أيضا لأن باقي الشعوب وخاصة الغربية مع بداية الوباء والتلقيح بدأوا يشكون بنظريات المؤامرة لان القرارات الصارمة: التي لا داعي لها اطلاقا ،أمام فيروس ضعيف جدا مقارنة بالاوبئة السابقة ،والتي حدت من حرية الناس وقهرت ارادتهم مع انهم مجتمعات غنية ولا يشكون من التجويع والظلم والتعذيب ،لكنهم شعروا ان هذه الإجراءات المتخذة بدأت تكبل عقلهم وتمنعهم من ممارسة حياتهم الاجتماعية السوية ،يعني ان الانسان يشك بالمؤامرة عندما تصل إلى عقله من محيطه الخارجي وتحد من تفكيره و تسيطر على ارادته

  4. يقول Bad mind:

    نظرية المؤامرة هي ظاهرة السحر في العصر الجديد، يرجع سبب انتشارها إلى الاختزال الفائق للوقائع، مما يجعلها في متناول الجميع في عهد الأمية الشاملة المرتبطة بالقصور الكبير في ادراك العقل لمختلف التعقيدات التي دخل فيها العالم، فالجميل فيها أنها بسيطة وشهية وعامة وشاملة، لا تتطلب أي تخصص أكاديمي أو منهج علمي رصين أو حتى رحلة معرفية لفهمها، كل ما تحتاجه فتح YouTube والبدء بأول فيديو تصادفه، يقدمه شباب يافع، يشرح الفكرة باللهجة العامية، ويصبح البديل الوحيد المناسب لضبط قلق الناس.. تماما كما يقع في ظاهرة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، حيث أصبح غاية مجتمع فقد أخلاقه وقيمه وتوارى خلف السخافات ليبرر موقعه ويروح عن نفسه..
    إذا كان من الطبيعي اختراع المجتمعات القديمة آلهة، وتفننت في صنوف التأليه فذلك لأنها كانت تريد أن تجد تفسيرات مناسبة لبعض الظواهر الخارقة أنئذ، فكان لا بد من رد ذلك لصنم من الحجر أو وثن من الخشب.. فحتى اليونان بفلاسفتهم ورياضييهم.. لم يتحرروا من الفكرة القائمة على التدخل الخارجي في تنظيم الحياة العامة وشؤون الكون، فبرعوا في تصنيف الآلهة وليكتمل المثلث نصبوا زيوس سيدا عليها كما نصب المصريون أمون والبابليون عشر، والعرب قبل الدعوة المحمدية هبل..

  5. يقول Bad mind:

    وعصرنا اليوم شبيه بذلك تماما، فقد أدى التطور الرهيب في كل الميادين والمجالات إلى تقلص سلطة العقل الموسوعي، وتنامي ظاهرة التخصصات الدقيقة وتعدد مجالات العلم والمعرفة إلى فقدان الإنسان للسيطرة على فهم المعنى الذي أصبح كامنا في الوجود والعالم والكون، كما أن الشعور بالضعف والهوان تجاه فهم ما يقع في ظل الانفجار الهائل في الدراسات والبحوث بديتها وسخفها، يطرح الإرادة القديمة ذاتها، إرادة تشييد الآلهة وخلق الاصنام والأوثان، إرادة اختزال كل شيء في حالة مفترضة لا وجود لها.. تماما كما يقع في المجتمعات القروية حيث يتم ارجاء بعض الأمراض والأمور للعين والحسد والسحر.. إن فكرة الشيطان المدبر للشر في مقابل الله المدبر للخير لم تعد تكفى لتفسير هموم الناس والإجابة عن الأسئلة الملحة التي تكتنف عقولهم، فكان من المنطقي أن يتم اختراع أسماء معينة، وإلصاق كل الشرور بها، بل وحتى ربط مستقبل ومصير البشرية بها، مثل آل روكفيلد وآل روتشلد وبيل غيتس، وساوروس… صحيح أن القادة في العديد من الدول وجدوا في نظرية المؤامرة بديلا أيديولوجيا في عصر الفقر العاطفي والاجتماعي..

  6. يقول Bad mind:

    وطغيان تمظهرات الحياة المادية وانغماس الناس في الشهوات.. خاصة مع تراجع تأثير البنيات الثقافية القديمة، لقد كنت من دعاة ورواد المؤامرة سابقا، ناهيك عن الكتب التي طالعتها، برتكولات بني صهيون، عالم على رقعة الشطرنج… وشاهدت بأمي عيني الرواج الكبير لكتب ومشاهد وصور ترتبط بالحدث عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومحركات البحث، كما عاينت شدة الإقبال الرهيب على هذه الكتب.. في النهاية أنقذني حدسي بأن هناك مسعى ربحي يسعى لترويج هذه الترهات..
    إن نظرية المؤامرة مرادف أيديولوجي لظاهرة العولمة الإقتصادية، وتفكك نظام الأسرة مسألة عادية في عصر العلاقات النقدية وشهوة الاستهلاك والتملك حيث يصبح الهدف خارج نظام العلاقات الأسرية، كما ناقش ذلك السوسيولوجي الألماني “جورج زيمل” أما مسألة التحكم في السكان فعلماء الديموغرافية يعلمون أن معدل التزايد السكاني في العام أخذ في التراجع، بفعل عوامل اقتصادية وثقافة.. فأوربا عرفت انخفاضا كبيرا في معدل التزايد السكاني في إطار ما يعرف بالانتقال الديموغرافي ” transition demography”،

  7. يقول Bad mind:

    أقبل أن تظهر هذه الخرافات، على الرغم من أن ذلك العصر لم يخلو من الخوف من التزايد السكاني كما عبر عنه الاقتصادي البريطاني “مالتوس” أما زرع الشرائح في دماغ الإنسان أو ما يعرف بالإنسان المعزز آليا، مسألة مرتبطة بالتطوير التكنولوجي، فاليوم يتم دعم الإنسان بالعديد من القطع المعدنية.. في حين فإن قيادة الناس والتحكم فيهم مرتبط بهم شخصيا، فالعبودية اليوم طواعية تتحدد من خلال تنازل الناس لحريتهم والسماح بتطبيقات يحملونها اراديا بجمع المعلومات عنهم..
    يكفي أن تجلس في أول مقهى تصادفه لتسمع حديثا عن أناس وشخصيات تدبر ما يقع في العالم، متى كان ما يقع في العالم يثير اهتمام العامة؟
    في النهاية أبغى أن أقول إن المفكر الجزائري مالك ابن نبي تحدث عن “القابلية للإستعمار” واقول إن البشر اليوم لهم قابلية كبيرة لتقبل الخرافات بفعل قلقهم الوجودي، ويجد البعض في ذلك فرصة لجني الأرباح..

  8. يقول Bad mind:

    يمكن اليوم أن تصادف شخصا يتحدث عن نظرية المؤامرة في الصباح ويلج المواقع الإباحية في المساء، أو تجد إداريا يتحدث عن محاربة الاسلام من قبل الغرب مساء ويقبض الرشوة صباحا.. إن غرض المؤامرة أصبح تبريريا أكثر مما هو تفسيريا، خاصة في المجتمع العربي الذي لم يعد قادرا على طرح الأسئلة الضرورية للمأزق الثقافي والحضاري الذي يعيش ضمنه، ولم يعد الناس في حاجة للعقل، وبالتالي أعد هذا جنونا ثقافيا في ظل عصر أزمة القيم..

إشترك في قائمتنا البريدية