أنطاكيا- «القدس العربي» : يبدو أن تزايد نبرة الانتقادات من النظام السوري لأداء الجامعة العربية، تؤشر إلى احتدام الخلافات بين الدول العربية حول إعادة مقعد سوريا المعلق في الجامعة العربية.
وعلى ما يبدو، فإن التوافق التام على إعادة النظام للحضن العربي ما زال مفقودًا، إذ من الواضح أن الموقف السعودي والقطري الرافض، لا زال يؤثر على المحاولات التي تقودها بعض الدول العربية الأخرى لعودة سوريا، وإن كان من المبكر الحكم على قدرتها على منع حضور حكومة دمشق لقمة الجزائر المقبلة.
وزير خارجية النظام السوري: العودة إليها ليست مركز اهتمامنا
وفي مؤشر على التوتر الأخير، هاجم وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد، الجامعة العربية، قائلاً إنها «لم تحقق أياً من أهدافها». وأضاف خلال حوار له مع وسائل إعلام رسمية من دمشق، أن «عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية ليست في مركز اهتمامنا»، وتابع «نعمل على تحسين العلاقات مع الدول العربية وإعادتها إلى ما كانت عليه ولدينا الآن 14 سفارة عربية في دمشق».
وحول دلالات تصريحات المقداد، يضع الباحث في مركز «الحوار السوري» الدكتور محمد سالم، ما جاء على لسان المقداد في إطار الرد على الهجوم السعودي الدبلوماسي على النظام السوري.
ويشير سالم لـ«القدس العربي» «إلى تصريحات سفير المملكة العربية السعودية في الأمم المتحدة، عبد الله المعلمي «النارية» بشأن سوريا، في كانون الأول/ديسمبر الماضي، حين دعا العالم إلى «عدم التصديق بأن الحرب في سوريا انتهت، وأن النظام انتصر فيها». وحسب سالم، فإن فرص عودة النظام السوري للجامعة العربية، بوجود معارضة سعودية وقطرية، ليست قوية، ويضيف «لذلك جاء حديث المقداد، كرد فعل على الموقف السعودي والقطري».
ويشكك في دقة حديث المقداد حول عدم اهتمام نظامه بالعودة إلى الجامعة العربية، بقوله «النظام يرغب بذلك، لأن عودته تعني اعتراف الدول العربية بشرعيته مجدداً، لكن هو يعلم أن هذا الأمر من شبه المستحيل، على الأقل في الوقت الحالي، ولذلك يطلق هذه التصريحات الهجومية» حسب تعبير سالم.
ومثل سالم، يقول الصحافي في «الهيئة العربية للبث الفضائي» العاملة تحت مظلة الجامعة العربية زياد الريّس، إن عودة النظام بشكله الحالي إلى الجامعة العربية لا بد أن يسبقها تنفيذ النظام لعدد من التعهدات، وعلى رأسها الشروع بتنفيذ قرار مجلس الأمن حول سوريا 2254، ووضع السلطات قيد التداول، والإصلاح السياسي الكامل، والمشاركة مع المعارضة في الحكم.
ويضيف الريّس لـ«القدس العربي»، أن النظام يدرك تماماً بأن فرص عودته إلى «الجامعة العربية «دون تنفيذ تلك المطالب محدودة، ولذلك تأتي هذه التصريحات من جانب المقداد، في هذا التوقيت.
في المقابل، يرى المتحدث باسم «المصالحة السورية» عمر الرحمون التابع للنظام، أن تصريح وزير الخارجية فيصل المقداد حول عودة سوريا للجامعة العربية، يؤكد المؤكد، أي أن سوريا هي من الأعضاء المؤسسين للجامعة العربية، لكن في الوقت ذاته، هي لن تعود إليها بالترجي. ويضيف لـ«القدس العربي»، أنه إن صوتت الجامعة على عودة سوريا، فإن الأخيرة ستعود بكل تأكيد، لأنها كانت ولا تزال وستبقى دولة عربية ويسرها العمل مع المحيط العربي.
ويتابع، بأن «كلام الوزير المقداد يوضح هذه القناعة السورية، ويشير إلى وجود حراك عربي بين مؤيد ومعارض لعودة سوريا، وكذلك يدلل على أن عودة سوريا لم تصل إلى مرحلة الإجماع العربي الذي يقطع بعودتها للجامعة».
ويختتم بقوله «لا زال أمامنا بعض الوقت قبل آذار/مارس القادم لنصل إلى القناعة التامة حول مشاركة سوريا في القمة العربية في الجزائر، أم عدم المشاركة».
وكانت الجزائر التي ستستضيف القمة العربية المقبلة قد دعت صراحة لعودة سوريا للجامعة العربية، وإلى جانب الجزائر، يدعم لبنان والعراق ومصر عودتها إلى الجامعة، علاوة على الإمارات والأردن والبحرين وموريتانيا، وسلطنة عمان، وهناك مواقف دول عربية متذبذبة، قد تؤدي في النهاية الى ترجيح الكفة لصالح عودة المقعد السوري لحكومة دمشق في القمة المقبلة.