أغلقت سوق الانتقالات أمس بنهاية شهر يناير، وظلت التعاقدات والصفقات دون المستوى المتوقع، لتتماشى رغبات الأندية الاوروبية في ضم لاعبين جدد وبيعهم مع طقسها المثلج، لتبقى التعاملات باردة وقليلة.
دائماً ما تأتي أبرز الصفقات وأغلاها من أندية الدوري الانكليزي أو من عملاقي الكرة الاسبانية ريال مدريد وبرشلونة، أو من عملاق الكرة الفرنسية باريس سان جيرمان، وهو ما تعودناه من هذه الاندية خلال فترة الانتقالات الصيفية، لكن رويدا رويدا بدأت سوق الانتقالات الشتوية تكسب وتيرة وصفة ملازمة في العامين الأخيرين، فلم تعد السوق الشتوية أساسية في حسابات الأندية، بل باتت وسيلة انقاذ وتصليح وتعديل فحسب، أو بمعنى آخر أصبحت «سوقاً اضطرارية» او للحالات الطارئة، وليست سوقاً يهدف منها النادي بناء فريقه، خصوصاً أن البيع والشراء يأتي في منتصف الموسم، فيكون النادي البائع مضطراً الى مضاعفة سعر نجومه كونه يهد مخططاته على مدى الموسم، ما يعني ان على النادي المهتم بالشراء ان يدفع مبلغاًً زائداً، ان لم يكن مضاعفاً، على المبالغ التي قد يدفعها خلال فترة الانتقالات الصيفية.
فمن الأندية التي تلجأ الى سوق الانتقالات الشتوية تلك التي تعاني من اصابات كاسحة، فتضطر تعويض الغيابات في ظل صراعها في المسابقات المختلفة، فمثلاً أرسنال الانكليزي اضطر لدفع 15 مليون يورو للمدافع البرازيلي غابرييل باوليستا من فياريال، لدعم خطه الدفاعي الذي نهشته الاصابات طيلة النصف الأول من الموسم، رغم ان اصواتاً كثيرة طالبت المدرب آرسين فينغر بتعزيز خطه الهش والقليل العدد خلال اسابيع الصيف، لكنه عانى خلال الاسابيع الماضية من اصابة ماثيو ديبوشي ولوران كوشيلني وكيران غيبس ليعتمد فقط على بير ميرتيساكر وناشو مونريال والصاعد كالوم تشامبيرز.
مانشستر سيتي سار على النهج ذاته بعقد أكبر صفقة خلال الفترة الشتوية بضمه مهاجم سوانزي ويلفريد بوني في مقابل 28 مليون جنيه استرليني، عقب اصابات نهشت خطه الهجومي المكون من اغويرو ودجيكو ويوفوتيتش، وبعدما تخلى عن مهاجمه الاسباني نيغريدو خلال الصيف.
لكن هذه الفترة أيضاً يلجأ اليها من يجد نفسه في أزمة، وعادة ما تتعلق باخفاق في الدوري، والتي تكون مصاحبة لاقالة مدرب، مثل ما فعل كريستال بالاس ووست بروميتش البيون حيث ضم مدرباهما آلان باردو وتوني بوليس أكثر من ثلاثة لاعبين لدعم الصفوف وابقاء فريقيهما في الدرجة الممتازة الانكليزية، مثلما فعل أيضاً روبرتو مانشيني عندما تولى تدريب انتر ميلان الايطالي، حيث ضم لوكاس بودولسكي من ارسنال وشيردان شاكيري من بايرن ميونيخ، وكلاهما على سبيل الاعارة، مثلما لفتت صفقة المهاجم الاسباني فيرناندو توريس الذي وجد نفسه على مدى خمسة شهور متنقلاً بين تشلسي اللندني وميلان الايطالي وأخيرا عاد الى بيته الاول مع أتلتيكو مدريد، حيث يبدو انه استعاد بعضاً من غريزته التهديفية التي فقدها على مدى الاعوام الماضية.
أيضاً يلجأ الى سوق الانتقالات الشتوية لعقد صفقات ليس لها تأثير مباشر وفوري، مثل ما فعله ريال مدريد بضمه صفقتين للمستقبل بضم البرازيلي لوكاس سيلفا من كروزيرو في مقابل 13 مليون يورو، والمراهق النرويجي اوديغارد، ليلتحقا مباشرة بكاستيا، الفريق الثاني للنادي الملكي. في حين كان جاره برشلونة مجبراً على الابتعاد عن سوق الانتقالات، مثلما سيحدث خلال الصيف المقبل تنفيذاً لعقوبة الفيفا وحرمانه من عقد أي صفقة حتى شتاء 2016.
هناك نوعية أخرى من الاندية التي تلجأ الى سوق الانتقالات الشتوية، وهي الأندية التي تعاني مادياً، والتي تسعى الى بيع نجومها لانقاذ خزينتها من الافلاس، وهنا يدخل الاستغلاليون على الخط، فبنفيكا البرتغالي اضطر الى بيع نجمه انزو بيريز الى فالنسيا في مقابل 25 مليون يورو، مثلما باع نجمه فيرناندو سيلفا الى موناكو الفرنسي في مقابل 16 مليون يورو.
ورغم ان سوق الانتقالات تبدأ بسلسلة هائلة من الاشاعات، فانها تنتهي أيضاً بلهيب نيران تفاجئ الجميع مثل حديث اللحظات الأخيرة عن انتقال كوردادو نجم فيورنتينا الى تشلسي ومهاجم باريس سان جيرمان كافاني الى ليفربول ومدافع دورتموند هاملز الى مانشستر يونايتد، لكن الأكيد ان هناك نجوماً أخفقت مع فرقها الحالية وتبحث عن مخرج، فتكون رغبتها أكبر من رغبة النادي في الرحيل، وعلى رأسها يبرز المصري محمد صلاح الذي أخفق مع تشلسي خلال 12 شهراً أمضاها مع النادي اللندني.
تظل سوق الانتقالات طبيعية في الأحوال العادية وبحسب التطورات الاخيرة، لكنها باتت أقرب الى درجات حرارة الطقس الغربي أكثر من حرارة مبارياته.
@khaldounElcheik
خلدون الشيخ