السودان: تظاهرات لأنصار النظام السابق تطالب بخروج البعثة الأممية

ميعاد مبارك
حجم الخط
0

الخرطوم ـ «القدس العربي»: أعلنت لجنة أطباء السودان المركزية، أمس الأربعاء، ارتفاع عدد قتلى التظاهرات المنددة بانقلاب قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، إلى 77، فيما دعا متظاهرون موالون للنظام السابق وداعمون للجيش، إلى خروج بعثة الأمم المتحدة من البلاد.
وأكدت اللجنة وفاة أحمد عبد المنعم (18 عاماً) متأثراً بإصابته برصاصة في العنق أثناء مشاركته في تظاهرات مليونية في 30 ديسمبر/كانون الأول الماضي، في مدينة أمدرمان غربي الخرطوم، ليرتفع عدد القتلى التظاهرات في مدن السودان المختلفة منذ انقلاب الجيش في الخامس والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إلى 77، بينهم 8 أطفال وسيدة وشيخ سبعيني.
وأوضحت، في بيان أمس، أن “عبد المنعم، بعد إصابته تم اعتراض عربة الإسعاف التي كانت تنقله من قبل القوات الأمنية، مما أدى إلى تأخر التدخل الطبي”.
وزادت: “رسالتنا للعالم أجمع، شعبنا يسيّر المواكب السلمية باستمرار ويستخدم كل أدوات المقاومة اللاعنفية من أجل دولة الحرية والعدالة ويجابه بالآلة العسكرية المغتصبة للسلطة بأبشع الجرائم”.
وفي وقت ينتظر أن تنطلق اليوم تظاهرات مليونية جديدة في السودان، دعت لها لجان المقاومة وتجمع المهنيين السودانيين، رفضا للانقلاب العسكري وللمطالبة بتسليم السلطة للمدنيين و”القصاص للشهداء، شارك المئات من أنصار النظام السابق في تظاهرات أمام مقر بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال الديمقراطي في السودان (يونيتاميس)، مطالبين برحيل البعثة وعدم التدخل الأجنبي في السودان.
وحمل المتظاهرون لافتات كتب عليها “تسقط الأمم المتحدة”، وآخرون طالبوا ممثل الأمم المتحدة في الخرطوم فولكر بيرتس بـ”العودة إلى ديارهم” .
وقال حامد البشير أحد المتظاهرين لـ”فرانس برس” “لا نريد تدخلا خارجيا في بلادنا”.
ونشر حساب بعثة “يونيتامس” على موقع تويتر، الأربعاء، أن “مجموعة من المتظاهرين أمام اليونيتامس تطالب بطرد البعثة”.
وأضافت البعثة على حسابها “إنّنا ندافع عن حرية التجمع والتعبير وعرضنا عليهم استقبال وفد في مقرنا لكنهم رفضوا ذلك. اليونيتامس موجودة هنا بناءً على طلب السودان وبتفويض واضح من مجلس الأمن”.
وفي العاشر من كانون الثاني/يناير، أعلن بيرتس رسميا إطلاق مبادرة يقوم بمقتضاها بلقاءات ثنائية مع الأطراف المختلفة في محاولة لحل الأزمة السياسية في البلاد، لكنه أشار إلى أن “الأمم المتحدة لن تأتي بأي مشروع أو مسودة أو رؤية لحل، وحتى لن نأتي باقتراح لمضمون الأمور الرئيسية المختلف عليها، ولن نتبنى مشروعا لأي جانب” .
ونشرت البعثة، الأربعاء، على تويتر عن ستيفاني خوري، مديرة مكتب الشؤون السياسية “يتمحور دورنا في المرحلة الحالية من المشاورات حول عملية سياسية للسودان في الاستماع لأصحاب المصلحة السودانيين والإنصات الفاعل لوجهات نظرهم وتوثيق رؤاهم ومقترحاتهم”.
وكان مجلس السيادة الحاكم في السودان برئاسة البرهان أعلن في وقت سابق ترحيبه بمبادرة الأمم المتحدة، وكذلك الولايات المتحدة وبريطانيا ومصر والإمارات والسعودية.
أما ائتلاف قوى الحرية والتغيير، كتلة المعارضة الرئيسية في السودان، فقد أعلن أنه سيقبل بالمبادرة إذا كان الهدف هو “استعادة الانتقال الديمقراطي”.

إحداث فرق

في الموازاة، حثت مساعدة وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الأفريقية، مولي فيي، في بيان أمس، السلطات السودانية على الترحيب بإسهامات خبير الأمم المتحدة في حقوق الإنسان أداما دينغ، في الحرية والسلام والعدالة، مؤكدة أنه مدافع بارز يمكنه إحداث فرق.
وكانت السلطات السودانية طلبت تأجيل زيارة دينغ الأولى للبلاد الأسبوع الماضي. وقال دينغ، معلقا على ذلك “أتابع بقلق عميق تدهور وضع حقوق الإنسان في السودان منذ تعييني في نوفمبر 2021، في ضوء هذه التطورات، شعرت أن زيارتي كانت في الوقت المناسب، مع الأخذ في الاعتبار أيضًا أن جميع الاستعدادات قد تم الانتهاء منها بالتشاور مع السلطات، بما في ذلك إصدار التأشيرات لي ولفريقي”.
وفي وقت لا تزال تراوح مكانها قضايا مقتل 77 شخصا، برصاص الأجهزة الأمنية، في التظاهرات منذ الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قالت الشرطة، في بيان مساء الثلاثاء، إن المقبوض عليهم في قضية قتل ضابط الشرطة علي بريمة في تظاهرات 13 يناير/كانون الثاني الماضي، أقروا بارتكاب الجريمة وقاموا بتمثيلها وإن الشهود تعرفوا عليهم.
وبعد لحظات من نشر الشرطة للبيان على صفحاتها، قامت بحذفه، ثم نشرته مرة أخرى بعد تغيير بعض الفقرات.
وقالت الشرطة في البيان المحذوف، إن بريمة قتل في تظاهرات 13 يناير/كانون الثاني بطعنة غادرة من أحد المتظاهرين في ساعده الأيسر بسكين كانت بحوزته.
واضافت: قام متهم آخر بطعن بريمة في الجانب الأيسر من ظهره بسكين تخصه، ما تسبب في مقتله، ولم تفلح محاولة إسعافه للمستشفى.
ثم ذكر البيان الجديد أن ضابط الشرطة أثناء مروره على القوات في ارتكازات تأمين المواقع الاستراتيجية والسيادية في منطقة وسط الخرطوم، وعند وصوله لشارع القصر جوار معمل استاك، تزامن ذلك مع عمليات كر وفر بين القوات والمتظاهرين، وأنه نزل من دوريته ولبس خوذة الرأس وخاطب المتظاهرين بعبارة: “سلمية سلمية” ثم تعرض لطعنات قاتلة بسكين، في ساعد اليد اليسرى وأخرى نافذة بالظهر، تسببت في نزيف حاد أدى لوفاته أثناء إسعافه للمستشفى.
وكان مدير دائرة الإعلام والعلاقات العامة في الشرطة، حسن التجاني، قد قال في تصريحات ليلة مقتل ضابط الشرطة، إن مجموعة متفلتة محترفة قتلته طعنا بالقرب من معمل استاك بشارع القصر وسط الخرطوم، بينما كان يسعف جنديا مصابا.

«لن تتهاون»

وقالت الشرطة في بيانها الثلاثاء، أيضا، إنها قادرة على فرض هيبة الدولة وسيادة حكم القانون، وإنها لن تتهاون في استخدام سلطاتها القانونية في ردع وحسم كافة مظاهر التفلتات والسلوكيات السالبة التي تضر كثيراً.
وأضافت: سنمضي قدما في التحري والكشف عن كل الجرائم التي صاحبت الحراك عبر اللجان المشكلة من النائب العام في بلاغات القتل والأذى الجسيم التي وقعت على المتظاهرين والقوات النظامية، بالإضافة للتلف العام على المرافق الحكومية الاتحادية والولائية والطرقات، والتلف الخاص على المواطنين وبلاغات النهب والسرقة والكشف عن الجناة والمخططين وتقديمهم للعدالة، حسب البيان.
وتابعت: عقب القبض على عدد من المشتبه بهم في مقتل بريمة وإخضاعهم للتحري، اعترف المتهمون بارتكاب الجريمة، وبتفتيش موقع مخبئهم تم العثور على مبالغ مالية من العملة الأجنبية ومعدات عسكرية، خوذات رأس، أقنعة وغاز مسيل للدموع، بالإضافة إلى سكاكين ومتعلقات شخصية فيها آثار دماء.
ولم تكن هذه المرة الأولى التي تتغير فيها تصريحات الشرطة، فقد سبق وحدث ذلك في قضايا أخرى، وقد أعفى رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، مدير الشرطة السابق، خالد مهدي على خلفية الانتهاكات التي حدثت في تظاهرات، 17 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وقتل خلالها 13 عشر شخصا برصاص الأجهزة الأمنية، بينما قالت الشرطة إنها لم ترصد سوى حالة وفاة واحدة لعامل بناء سقط من “سقالة” أثناء عمله في أحد المباني.
في الموازاة، رفضت هيئة الدفاع عن المقبوض عليهم في بلاغ مقتل الضابط، استمرار الشرطة في إجراء المحاكمات الإعلامية عبر بياناتها وإدانتها للمقبوضين في بلاغ مقتل بريمة من خلال الوسائط.
وقالت إنها تقدمت بمذكرة للنائب العام في يوم 24 يناير/كانون الثاني، طالبت فيها ضمن مطالب أخرى، بإحالة البلاغ من نيابة التحقيقات الجنائية لأي نيابة أخرى، وأن تتولى النيابة العامة بنفسها التحري في البلاغ لمخالفة الشرطة لمقتضيات سلامة التحريات، مشيرة إلى أن الشرطة في البلاغ شاكية ومتحرية كما نصبت من نفسها محكمة تحاكم المقبوضين من خلال الوسائط.
وأكدت هيئة الدفاع أنها ستلحق مذكرتها المودعة لدى النائب العام بمذكرة أخرى إضافية، مؤكدة براءة موكليها مما ورد ببيان الشرطة. وطالبت النائب العام بالإيقاف الفوري للمحاكمات الإعلامية التي تجريها الشرطة على موكليها من خلال وسائل الإعلام، حسب البيان.

اتهامات بالتعذيب

واتهمت الهيئة، في بيان سابق، السلطات بتعذيب المقبوض عليهم في القضية، بينهم طفل مصاب في ساقه، اعتقلته الشرطة من أمام مستشفى رويال كير في الخرطوم.
وأشارت إلى أن الطفل تم تعذيبه في ساقه المكسورة وأن معتقلاً آخر وجدت عليه علامات تعذيب خطيرة في رأسه، متهمة النائب العام بالسماح للشرطة بالقيام بهذه الانتهاكات والتخلي عن مهامه.
وقال عضو هيئة الدفاع عن المقبوضين في قضية مقتل الضابط، الصادق علي حسن” لـ”القدس العربي”: إن من أهم مقتضيات سلامة التحريات الالتزام بالقانون الذي يتطلب التجرد، مشيرا إلى أن الشرطة في بلاغ مقتل العميد شرطة علي محمد حامد بريمة، لم تتجرد وتلتزم بالقانون بل باشرت القبض على من اتهمتهم في القضية بصفة خصوم الشرطة وتخلت عن المهنية.
وأوضح أن قانون الطفل السوداني لعام 2010 حدد مرحلة الطفولة حتى 18 عاماً، مبينا أن التدابير التي تتخذ مع الطفل الذي يرتكب أفعالا يمكن أن تكون مجرمة قانونا، وهي محصورة في الإصلاح وليس التجريم.
ولفت إلى أنه في حال التحري مع طفل، أوجب القانون أن يكون بحضور وليه أو من ينوب عنه أو من يقوم مقامه أو محاميه أو الباحث الاجتماعي من مكتب الخدمة الاجتماعية، مؤكدا أن هذا لم يحدث مع الطفل محمد آدم، المتهم في القضية.
وزاد حسن أن قانون الطفل نص على عدم اتخاذ إجراءات القبض على الطفل إلا بحضور وليه، كما وأنه لا يحوز تنفيذ أمر القبض إلا بواسطة شرطة حماية الطفل والأسرة وعدم جواز إبقاء إي طفل مع بالغين، مشيرا إلى أن الشرطة تجاوزت كل التدابير المنصوص عليها في قانون الطفل وقبضت على الطفل بالمخالفة لمقتضيات القانون، ولم تسمح لأسرته حتى الآن بمقابلته وحاكمته من خلال وسائل الإعلام والبلاغ في التحري.
ويرى الخبير القانوني، المعز حضرة، الذي تحدث لـ”القدس العربي”، أنه وفقا للقانون لا يجوز للشرطة التحري في بلاغ مقتل الضابط، لجهة أن أحد أطراف القضية ينتمي إليها، مشيرا إلى أنها لا يمكن أن تكون الخصم والحكم.
ولفت إلى أن دور الشرطة هو منع ارتكاب الجريمة، مشيرا إلى أن ما تقوم به الشرطة في الوقت الراهن لا يمت لذلك بصلة.
وأشار إلى أنها لا تقوم بحماية التظاهرات السلمية في وقت يتعرض المتظاهرون لانتهاكات عديدة، وصلت إلى 77 قتيلا وأكثر من 2000 مصاب وغيرها من الانتهاكات من قبل الأجهزة الأمنية.
وشدد على أن الشرطة لا يجوز لها أن تقبض على متهم عمره أقل من 18 عاما، مشيرا إلى وجود نيابة خاصة بالأطفال، وأن قانون الطفل يمنع وضعه مع بقية المتهمين وألا يتعرض لأشياء تؤثر على الدفاع عنه.
واضاف: الشرطة الآن منعت محامي الدفاع عن الطفل من مقابلته، مبينا ان ذلك مخالف لقانون الطفل.
وشدد على أن الشرطة لا يجوز لها أن تسمي المتهمين في هذه المرحلة جناة، لأنهم ما زالوا مشتبه بهم.
ووصف بيان الشرطة بـ”الغريب”، لافتا إلى أن الشرطة ليس من حقها أن “تتبرع بإدانات” قبل أن يقول القضاء كلمته، مشددا على أنها يجب ألا تكون الجهة القائمة بالتحري.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية