تظاهرات داعمة لـ«تروس الشمال» اليوم… ومقتل ضابط في «الدعم السريع» في دارفور

ميعاد مبارك
حجم الخط
0

الخرطوم ـ «القدس العربي»: في وقت شهدت فيه أحياء مدينة أمدرمان غربي الخرطوم، ومناطق أخرى في العاصمة السودانية، الأحد، مواكب دعائية تمهيدا للتظاهرات «المليونية» التي تنطلق اليوم الإثنين في مدن السودان المختلفة للمطالبة بإسقاط الانقلاب العسكري وتسليم السلطة للمدنيين، واصلت البعثة الأممية مشاوراتها حيث التقت مجموعة «الميثاق الوطني» (جناح مؤيد للجيش في الحرية والتغيير) في حين قتل قياديان في حركة «التحالف السوداني» وضابط في قوات «الدعم السريع» مساء الأحد، خلال اشتباكات في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.

«تروس الشمال»

وخصصت تنسيقيات لجان المقاومة في الخرطوم، مواكبها التي تتوجه اليوم نحو القصر الرئاسي، وسط الخرطوم، لدعم القضايا المطلبية للولاية الشمالية، حيث يغلق المزارعون ولجان المقاومة طريق شريان الشمال القومي منذ أكثر من أسبوعين.
وأغلق المزارعون ولجان المقاومة وأجسام مطلبية أخرى في الولاية الشمالية، طريق «شريان الشمال» الذي يربط السودان بمصر «ترس الشمال» بعد زيادة السلطات لتعريفة الكهرباء بالتزامن مع الموسم الزراعي هناك، الأمر الذي اعتبره مواطنو الولاية الشمالية تهديدا مباشرا لمصدر رزقهم الاساسي، حيث يعمل معظمهم في مجال الزراعة والخدمات والصناعات المتعلقة بها.
ولكن سرعان ما تطورت مطالب المواطنين لتشمل إعفاء المشاريع الزراعية من الكهرباء تعويضا لخسائر الموسم الحالي، وإعطاء الولاية الشمالية نصيبها من كهرباء سد مروي الذي يقع داخل الولاية، فضلا عن إعطاء الولاية نصيبها من عائدات التعدين.
وتشمل المطالب أيضا «وضع تعامل واحد متفق عليه ملزم لدخول الشاحنات لحدود السودان ومصر وتطبيق معايير السلامة لشاحنات البضائع بإنشاء نقاط موازين على الطريق القومي، بالإضافة إلى إصدار قرار يمنع تصدير أي خام سوداني إلا بعد إدخاله في صناعات تحويلية وإنشاء منطقة تجارية حرة».

إسقاط الانقلاب

في الموازاة، رفعت لجان المقاومة في الولاية الشمالية وبعض القوى السياسية، شعارات إسقاط الانقلاب وتسليم السلطة للمدنيين.
إلى ذلك، قالت لجان مقاومة الخرطوم، في بيان أمس، إن «ترس الشمال» يشكل معبرًا لحركة مطلبية مستحقة ضد التهميش والسياسات الاقتصادية الجائرة التي تمارسها السلطة الانقلابية ليدفع المواطن من جيبه ثمنا لسد فواتير العجز في اقتصادها المتهالك الموجه بميزانيتها تجاه القمع والقتل.
وأضافت في رسالتها إلى لجان المقاومة والأجسام المطلبية التي تغلق طريق شريان الشمال القومي الذي يربط السودان في مصر: «لن تسيروا وحدكم، نحن منكم وبكم ومعكم قلبًا وغالبا «.
وقالت لجان المقاومة إن العاصمة ستشهد الإثنين ملحمة عظيمة في التظاهرات المليونية الداعمة لـ«ترس الشمال» ووضع نهاية للسياسات الاقتصادية المهلكة.
وأضافت: «سنحاصر قصر الطاغية لنثبت للعالم أن لا صوت يعلو فوق صوت الشعب» .
وأكدت أن «مليونية اليوم، التي ستكون أولى التظاهرات المعلنة في شهر فبراير/ شباط، لن تكون نهاية النضال بل هي باب يفتح لما بعده ضوءًا من الأمل حتى النصر الأكيد لا محالة».
وأعلنت تنسيقيات لجان المقاومة في الخرطوم، بداية الشهر الجاري جدولا يضم أربع تظاهرات «مليونية» حددتها بأيام 7، 14،21، 28، على أن تتنوع أساليب المقاومة السلمية في بقية أيام الشهر.
في الموازاة، استنكر المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير، إعادة العسكريين لكوادر النظام السابق، وتمكينهم في مفاصل الدولة، مجددا دعوته لتكوين جبهة عريضة لإسقاط الانقلاب.
وقال في بيان أمس، نشهد عودة مضطربة لأعضاء الحزب المحلول الذين تم إنهاء خدمتهم من قبل لجنة «تفكيك نظام الثلاثين من يونيو/ حزيران 1989 واسترداد الأموال العامة» للسيطرة مجدداً على مفاصل مؤسسات الدولة، وإعادة سيطرتهم على الأموال المستردة التي آلت بعمل لجنة التفكيك إلى وزارة المالية.
وندد بتشكيل العسكر، لجنة من أعضاء النظام السابق لمراجعة أعمال لجنة التفكيك، أسندوا رئاستها لعبد الله إبراهيم، الذي كان يشغل منصب وزير المالية في ولاية جنوب كردفان خلال فترة حكم النظام السابق.
وحذر من إعادة العسكريين، من أسماهم «قوى الردة» وتمكينهم في كل مؤسسات الدولة واقتصادها وثرواتها، مؤكدا أن «الخيار الوحيد أمام الشعب السوداني، هو إسقاط الانقلابيين وقوى الردة وصولا لبناء الدولة المدنية الكاملة».

البعثة الأممية تلتقي مجموعة «الميثاق» … و«الحرية والتغيير» تستنكر تمكين أنصار البشير

وقال إن «لجنة التفكيك، التي قام بتجميدها قائد الانقلاب، عملت على إعادة حقوق الشعب وموارد البلاد وثرواتها التي قام بنهبها النظام السابق وجعلها مغنماً لأعضائه الذين قام بتمكينهم في كافة مفاصل الدولة».
وأضاف: أن «اللجنة فور تشكيلها في ديسمبر/ كانون الأول 2019، قامت بتنظيم محاور عملها لتشمل كل قطاعات الفساد ومجابهة أشكاله المختلفة، وأدت واجباتها المطلوبة بصورة أثارت قلق أعداء مشروع التفكيك وأصحاب المصالح المتضاربة، مشيرا إلى أن أبرز الملفات التي عملت عليها اللجنة هي إنهاء خدمات منسوبي حزب المؤتمر الوطني المحلول الذين حصلوا على الوظيفة العامة عن طريق الولاء الحزبي والتمكين الاجتماعي».

ضربات موجعة

وأشار إلى أن لجنة التفكيك «سددت ضربات موجعة للشبكات المالية للنظام السابق ورموزه، وقامت بتجريد أعداد كبيرة من قياداته ومن الأفراد النافذين وأصحاب المصالح المرتبطين به، من الممتلكات والأراضي والشركات التي حازوا عليها دون وجه حق، فضلاً عن استرداد الأموال والاستثمارات التي منحها النظام للحركات التابعة للتنظيم الدولي لجماعة الاخوان المسلمين» مؤكدا أن «هذه الخطوات جعلت اللجنة هدفا للحملات الإعلامية للنظام البائد ومجموعات المصالح التي تضررت من قرارات اللجنة بقصد النيل منها وتشويه سمعتها».
وأكد أن : «عمل لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو/حزيران 1989 واسترداد الأموال العامة كان له الدور الأبرز في لجوء العسكريين لتنفيذ الانقلاب وقطع الطريق أمام إكمال المهمة والتي وصلت إلى مراحل متقدمة ومفصلية».
وأشار إلى «قيامها بدور بارز في إزالة التمكين في الجهاز المصرفي والبنك المركزي وكان له دور كبير في استقرار سعر الصرف، بالإضافة إلى ملف التعدين وملف الشركات المملوكة للأجهزة الأمنية، وشركات القطاع العام التي تم الاستيلاء عليها من قبل المؤسسة العسكرية».

اشتباكات في دارفور

وفي الأثناء، تجددت الاشتباكات، مساء الأحد، بين مجموعات مسلحة تضم حركات مسلحة موقعة على اتفاق السلام وقوات الدعم السريع، في مقر بعثة «يوناميد» الرئيسي في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور.
وشهدت مقار بعثة «يوناميد» التي أنهت مهامها في السودان نهاية عام 2020، بعد توقيع الحكومة والحركات المسلحة اتفاق سلام في العام نفسه، عمليات نهب مسلح في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بالإضافة لمقر برنامج الغذاء العالمي.
وقال حاكم لإقليم دارفور، مني مناوي، إن الحركات المسلحة وقوات نظامية قامت بعمليات النهب المسلح، مطالبا إياهم بإعادة ممتلكات البعثة، ولكن دون فائدة.
ومساء الأحد، اشتبكت قوات تابعة لحركة التحالف السوداني الموقعة على اتفاق السلام وقوات الدعم السريع في مقر بعثة «يوناميد» الرئيسي، مما أدى لمقتل قياديين في الحركة وضابط في «الدعم السريع» فضلا عن سقوط جرحى بعضهم حالتهم خطرة، نقلوا إلى مستشفى الفاشر التعليمي.
وشملت مهام البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي (يوناميد) التي أنشئت في 31 يوليو/تموز 2007، حماية المدنيين في دارفور وتيسير وصول المساعدات الإنسانية، بالإضافة للوساطة بين الحكومة والحركات المسلحة ودعم الوساطة في نزاعات المجتمعات المحلية.
إلا أن الأمم المتحدة أنهت مهامها بعد توقيع اتفاق السلام وأنشأت بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال الديمقراطي في السودان، برئاسة فولكر بيرتس، والتي بدأت مهامها في يناير/كانون الثاني 2021.

مشاورات

والتقت بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال الديمقراطي في السودان (يونيتامس) في الأسبوع الخامس من المشاورات غير المباشرة، بمجموعة «الميثاق الوطني» التي دعمت انقلاب قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في 21 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وقالت في صفحتها على توتير «المشاورات من أجل عملية سياسية للسودان التي تُيسرها الأمم المتحدة في أسبوعها الخامس: لقاءات ضمت المبعوث الخاص للأمين العام وفريق يونيتامس في الحزب القومي السوداني الحر وقوى الحرية والتغيير (الميثاق الوطني) وحركة تحرير السودان 2 والتحالف السوداني وتحالف الشرق».
واتفق «الميثاق الوطني» وبعثة الأمم المتحدة المتكاملة لمساعدة الانتقال (يونيتامس) الأحد، على ضرورة «جلوس جميع الأطراف إلى طاولة مستديرة» لحل الأزمة في البلاد.
وأكد الاجتماع على أن «الحوار الشامل دون إقصاء هو السبيل للخروج بالبلاد من أزمتها الراهنة ووضع حل جذري لكل مشاكلها».
وقال «الميثاق الوطني» إنه تم إقرار الجلوس «على طاولة مستديرة تشمل جميع المكونات وقضايا السودان، لذلك اقترحنا على المبعوث فولكر مراجعة القوائم التي يلتقيها لتمثل كل المجتمعات السودانية بما فيهم سكان الأطراف والنازحون واللاجئون والمسيحيون والإدارة الأهلية والطرق الصوفية وغيرها».
وتابع: «اقترحنا أن تتم مناقشة القضايا الآتية في الطاولة المستديرة وهي تشمل ولا تقتصر على شكل الحكم، وتوسيع قاعدة المشاركة، وتقسيم الموارد، وإصلاح المؤسسات، والانتخابات، والسياسة الخارجية، والتنمية المتوازنة، وحقوق الإنسان، وبناء الدستور، ومهام الحكومة الانتقالية».
وفي 8 يناير/ كانون الثاني الماضي، أعلنت الأمم المتحدة إطلاق مشاورات «أولية» مع الأطراف السودانية بهدف حل الأزمة السياسية بالبلاد، حيث دارت عدة لقاءات مع قوى سياسية ومدنية في هذا الصدد.
كذلك بحث عضو مجلس السيادة السوداني مالك عقار، مع سفراء دول الهيئة الحكومية للتنمية بشرق أفريقيا «إيغاد» تطورات عملية السلام في البلاد، وجهود الحكومة لتعزيز السلام والاستقرار.
وأكد عقار لدى لقائه السفراء في القصر الرئاسي في العاصمة الخرطوم، أن «السودان يتطلع إلى دعم ودور فاعل من منظمة إيغاد لتسريع العملية السلمية في البلاد» وفق بيان للمجلس الانتقالي.
وأوضح السفير الكيني في الخرطوم، نيقولا موكالا في تصريحات إعلامية، وفقا للمصدر ذاته أن «اللقاء جاء بدعوة من مالك عقار لإطلاع سفراء إيغاد على سير عملية السلام في السودان».
وأشار إلى أن «السفراء سينقلون ما تم إطلاعهم عليه إلى عواصمهم لإعداد خريطة طريق تدفع بالسلام في السودان إلى الأمام» ، دون مزيد من التفاصيل بالخصوص.
وفي 11 يناير/كانون الثاني الماضي، طرحت «إيغاد» مبادرة «لتسهيل الحوار بين كافة الأطراف لإيجاد حل جذري للأزمة السودانية» دون الكشف عن تفاصيلها.
و»إيغاد» منظمة حكومية أفريقية شبه إقليمية، تأسست عام 1996، تتخذ من جيبوتي مقرا لها، وتضم كلامن: إثيوبيا، كينيا، أوغندا، الصومال، جيبوتي، إريتريا، السودان، جنوب السودان.
ومنذ 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يشهد السودان احتجاجات ردا على إجراءات استثنائية اتخذها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، أبرزها فرض حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين، وهو ما تعتبره قوى سياسية «انقلابا عسكريا» في مقابل نفي الجيش. ووقع البرهان ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك، في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، اتفاقا سياسيا تضمن عودة الأخير إلى رئاسة الحكومة الانتقالية، وتشكيل حكومة كفاءات، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين.
لكن في 2 يناير/كانون الثاني الماضي، استقال حمدوك من منصبه، في ظل احتجاجات رافضة لاتفاقه مع البرهان، ومطالبةً بحكم مدني كامل.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية