ماذا لو أرادت “أمنستي” إبراز الجيش الإسرائيلي بأنه “الأكثر أخلاقية” في العالم؟

حجم الخط
2

كان ممكناً أن نتوقع الأكثر من منظمة تتأثر بالأكاديميين مثل “أمنستي”؛ فالتقرير الذي نشر الأسبوع الماضي عن إسرائيل لن يقبل كورقة عمل من أي زميل جامعي، حتى لو كان ما بعد صهيوني. ولهذا، لا بأس به. فوجوده كفيل بالمساعدة على أن يشهد على إشكالية وصبيانية من عمل عليه.

أولاً: هذا تحديد مسبق للهدف. في البداية كتب بأن واضعيه بدأوا يجمعون كل معلومة كي “يقرروا إذا كانت القوانين والسياسة والأعراف التمييزية والإقصائية لإسرائيل ضد الفلسطينيين تصل إلى حد الأبرتهايد”. المفاجأة: نعم. الملاحظة التوجيهية: عندما يكون هذا هو هدف البحث، فإنه يفي به دوماً. بذات القدر، لو أرادت “أمنستي” إنتاج تقرير يعنى بمسألة “هل يبدو أن سلوك الجيش الإسرائيلي في النزاع الذي فرضه عليه الفلسطينيون، يجعله جيش حفظ النظام الأكثر أخلاقية في العالم؟” ربما نصل إلى نتيجة إيجابية.

من الناحية الموضوعية: التقرير يخلط بين ثلاث مقدمات منطقية مختلفة، بسببها يتهم إسرائيل بالأبرتهايد. الأول: منطق استعماري، أو بكلمات مغسولة أقل – مجرد وجودها. فالكُتّاب يشكون من أنه “بالتوازي مع قيام إسرائيل كدولة يهودية” سن فيها قانون العودة، مثل لوائح أخرى، سمحت بالحفاظ على “هيمنة ديمغرافية يهودية”. وهم يتحاسبون مع أعمال طرد في حرب الاستقلال (بالطبع دون أن يقدموا سياقاً ويذكروا خطر الوجود الشامل على الحاضرة اليهودية)، يذكرون 18 سنة من الحكم العسكري وأنظمة الطوارئ، ويصلون حتى قانون القومية.

الثاني: المنطق الإقليمي – الأمني، أي “الاحتلال”. هنا يتناول التقرير كل ما حصل منذ 1967: قيود الحركة، والقمع الإنساني، وتقسيم الفلسطينيين إلى جيوب، وحقيقة أنه 150 ألفاً من أصل 358 ألف فلسطيني يسكنون في نطاق القدس في مناطق مفصولة عن أجزاء المدينة. يذكر الحرمان من الهوية القومية والإقامة والمس بحياة العائلة. معروف، وليس غير صحيح.

وينبع منطق ثالث من المنطقين السالفين، وهو اتهام إسرائيل بجرائم ضد الإنسانية، وعملياً بـ “قتل وجرح خطير بغير وجه قانوني”. عموم الفلسطينيين الذين قتلوا جراء النزاع يعتبره التقرير كمن قتلتهم إسرائيل التي تتخذ القتل الممنهج كجزء من خطوة عقلانية منذ 1967، إلى جانب حرمان الفلسطينيين من حقوقهم الأخرى.

فما هي رسالة التقرير إذن؟ لا يوجد هنا أبرتهايد، وينبغي الافتراض أن كُتّاب التقرير أيضاً لا يحاولون تشجيع تصويت الفلسطينيين في “المناطق” [الضفة الغربية] للكنيست، وكبديل لا يفترضون أن عرب الطيرة يتوقون للانفصال عن الاستعمار الإسرائيلي ليصبحوا جزءاً من الدولة الفلسطينية. وبهذا المفهوم، فإنه هدف يسجلونه في مرماهم. رغم أن الكثير من الحقائق المذكورة صحيحة ومؤسفة، فهي نتيجة واقع أليم ومعقد، تاريخي أو راهن، لن يحل ما لم تشخص الوضعية على نحو صحيح. في السياسة مثلما في الطب – التشخيص المغلوط قد يؤدي إلى تدخل نتائجه محملة بالمصائب.

ليس للمنطق الأول، الذي سيحل بفضل التحسين في حقوق المواطن، أي صلة بالمنطق الثاني (حل سياسي). وبشكل مفعم بالمفارقة، كما سيقول البعض، فإن منح حل للمنطق الثالث (الأخلاق القتالية) كفيل بجعل “الاحتلال” “ودياً” أكثر بكثير. هو تقرير لا حاجة لمهاجمته على أنه متحيز أيديولوجياً، لأن كُتّابه أخفقوا منهاجياً فيه.

بقلمأودي لابل

 إسرائيل اليوم 8/2/2022

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ميساء:

    لكانت سخرية الجميع فتلميع جيش دويلة الاحتلال لا يدوم كسحرة فرعون و حبالهم

  2. يقول ميساء:

    تكون كمن اخفت الشمس بظل القمر هههههه

إشترك في قائمتنا البريدية