ما الذي يفعله جنرالات لبنان بصورة محددة؟
سؤال خطر في ذهني أثناء متابعة برنامج حواري على قناة “الجديد” يحاول البحث عن ملاذ لأزمة الاستعصاء السياسي في البلاد، فيما كان الفنان القديم والقدير غسان صليبا يخصص 60 ثانية من الصراحة في برنامج “صدى” مع مصطفى الآغا على “أم بي سي”.
طلب الآغا من صليبا أن يتحدث وبدون سؤال في أي شيء يخطر في ذهنه لـ 60 ثانية، فقال الثاني وهو يتعثر بدمعة صغيرة إنه ثمة لحظة محرجة تختصر حكاية لبنان برمته وتتسبب بجرعة أمل كبيرة في روحه وهي حصريا تلك اللحظة التي يصافح أو يجامل فيها علية القوم من سياسيين وجنرالات فاسدين تسببوا بخراب لبنان لأنهم يتشدقون بالوطنية والانتماء .
موجع جدا كلام الفنان صليبا، لأنه ينتحل صيغة “كلن كلن”.
لبنان: على دلعونا!
في التشبيك نعود لرصد ملاحظة، فالصورة خلف المتحاورين كانت للسيد الرئيس الجنرال ميشيل عون وهو يمشي في قصر بعبدا محاطا بـ 7 جنرالات عدا ونقدا يحمل بعضهم شعار المظليين والكثير من النياشين والأوسمة ويحيطون برئيسهم العسكري وكأن البلاد والعباد في أحسن الأحوال .
تعجبني طريقة جنرالات لبنان في ارتداء طاقية الرأس فهي تميل كأنها تغني “على دلعونا”.
وتعجبني أكثر وصفة طي أكمام قمصان العسكر، لكن في العالم العربي عموما وليس في لبنان حصرا يتجول نفس السؤال: ما حاجتنا لكل تلك الرتب والأوسمة والنياشين والردفات الحمراء ما دام الانقسام يلتهم الناس والتناقض كبير والبطالة والجوع والعطش والدماء في كل جغرافيا العرب؟
الأسس التي تعلق بموجبها الدبابير والنجوم على أكتاف العسكر غامضة فإسرائيل ترتع في لبنان وسوريا والعراق وغزة والإقليم ومؤسسات الدول العربية تبدو أقرب لصيغة مجموعات أمنية لحماية شخص أو نظام أكثر من كونها جيوشا حقيقية .
في كل حال تجنبا لتجاوز حدودي، لا أعرف سببا يدعو لحالة زهو بتوقيع 7 جنرالات يحيطون برئيس يخفق في تشكيل حكومة أو حتى في إنقاذ أبسط ما يمكن إنقاذه.
لبنان جميل والعسكر جميلون، لكنهم أجمل إذا ما انصرفوا للعمل التنموي الذي ينفع الناس، ذلك طبعا ودوما أضعف الإيمان .
«مناسف» وتضحيات
رغم كل متابعات النشرة الاقتصادية على فضائية “المملكة” الأردنية، ورغم الصوت المبحوح الذي رافق رئيس اللجنة المالية البرلمانية محمد السعودي عبر ميكروفون فضائية “رؤيا” بقي سؤال الرأي العام الأردني معلقا عن نوعية تلك التضحيات المؤلمة التي تتحدث عنها الحكومة.
مجددا، لا تحدد الحكومة صنف التضحيات ومتى وكيف ما يعني العودة للصيغة الكلاسيكية القديمة وعنوانها باللهجة الدارجة “اللي معوش بيعطي اللي معاه”!
إذا كان لا بد من تضحيات مؤلمة أو غير مؤلمة لماذا يطالب بها البسطاء؟ فلتقدمها السلطة والحكومة والنخب بتقليل مصروفاتها ونفقاتها، حيث أبواب متعددة في ترشيد الإنفاق وحتى بدون ألم .
مثلا في الوفود والزيارات والمؤتمرات يتصرف الأردن وكأنه دولة نفطية وفي عقد الاجتماعات لا ضرورة للمناسف التي تطهى من حساب الخزينة .
يمكن للتخفيف إيفاد وفد برلماني إلى العراق مؤلف من نائبين فقط بدلا من 18 نائبا لا يتحدث منهم إلا واحد بكل الأحوال وبدلا من إرسال 11 موظفا إلى طوكيو لحضور مؤتمر يمكن حضوره عن بعد أو تكليف السفير بحضوره .
وبدلا من إشغال هيئة معنية بالتحقق من الفساد بكلفة لا تقل عن ألف دينار من وقتها مع مصاريف المحروقات والتدفئة والموظفين يمكن توجيه كتاب رسمي واحد لخصم مبلغ لا يزيد عن 80 دينارا من راتب الموظف المشتبه به .
بصراحة، لا ضرورة لتوجه 10 آليات من 30 رجل أمن لاعتقال ناشط سياسي واحد لأن إحضار الناشط باتصال هاتفي لمركز أمني متاح .
استثمارات «تبخرت»
بدت لقطة مثيرة جدا للضحك والسخرية ومناسبتها مجددا حبل الكذب القصير في مسألة الاستثمار .
جهة ما بثت عبر منصات التواصل الأردنية فجأة حزمة تصريحات متلفزة ومسجلة لنشرة أخبار تلفزيون الحكومة لمسؤولين سابقين في حكومات متعددة طرحوا أرقاما عن استثمارات واتفاقيات وقعوها للتو في الماضي طبعا بعشرات المليارات من الدولارات، لكن وسبحان الله رحلت الحكومات ومعها هؤلاء وبقي التسجيل متلفز أو حيا يرزق فيما لا يشم الأردني أيا من تلك الاستثمارات.
أربعة تسجيلات فقط بشرت الشعب بـ 35 مليارا من الاستثمارات التي كانت بوضوح اليوم لفظية فقط والحصة الأكبر منها بمقدار 20 مليارا على لسان وزير تخطيط أسبق غادر الوظيفة والبلاد معا وانضم إلى البنك الدولي دون أن نعلم ما إذا كانت لجنة التوظيف قد سألته قبل تعيينه عن الـ 20 مليارا التي وعد الشعب بها .
تلك على الأرجح إبر تخدير متذاكية، وشاشة التلفزيون الأردني بثت كل تلك الأبخرة!
٭ مدير مكتب «القدس العربي» في عمان
كلام جميل عن الاوسمة والنياشين. اذكر مشهدا على التلفزيون الاردني ظهر فيه المهيب الركن زيد بن شاكر رئيس اركان الجيش الاردني يعقد اجتماعا مع ديميتري اوستينوف قائد جيوش حلف وارسو في حينها. ظهر المهيب الركن ابن شاكر بعشرات الاوسمة التي حصل عليها بعد عدة هزائم متلاحقة، بينما كان الجنرال اوستينوف يحمل نيشانا واحدا حصل عليه بعد معارك الحرب العالمية الثانية ومشاركته في معركة لينينغراد.