الزرقاء- ليث الجنيدي:
لا يحتاج الإنسان إلى إمكانيات كبيرة للعطاء، فمن أبسط الأشياء يستطيع أن يحقق ذلك، عبر حسن اختيار الفكرة وتسخير كل ما هو متاح لإنجاحها.
الأردني “منير الزواهرة” (42 عاما)، استطاع ومن خلال مواد أولية أن يُعيد الأمل لعدد من المرضى، ممن يعانون من شلل رباعي غير مكتمل، ويؤكد بأنه مع وجود الإرادة فلا شيء مستحيل.
يقطن الزواهرة في منطقة “بيرين” التابعة لمحافظة الزرقاء وسط البلاد، وهو متقاعد من الجيش، وحصل على العديد من الدورات المتعلقة بإعادة التأهيل والطب الرياضي والإصابات.
تلك الدورات وما عززته من خبرات ودراية لدى الأربعيني الأردني، كانت سببا في إنجاح فكرته، والمتمثلة بتصميم جهاز أولي الصنع، يساعد مصابي النخاع الشوكي على استعادة الحركة.
يستشهد الزواهرة بمقولة “الحاجة أم الاختراع”؛ إذ بين بأن حبه لأحد أقربائه الذي تعرض لحادثة سقوط تسبب في شلل رباعي له، وعدم قدرته المالية على شراء أجهزة تعينه على الحركة، هي السبب وراء ابتكاره.
ويضيف: “أحد أبناء عمومتي سقط عن منطقة مرتفعة قبل 3 أعوام ونصف، وإثر ذلك كسر العمود الفقري، ونتج عنه شلل رباعي غير مكتمل، وبنسبة حركة لا تزيد على 20 في المئة”.
ويتابع: “بعد عام ونصف على الإصابة، قمت بوخز أصابع قدميه، وقد كان يشعر بالوخز، وعندها أيقنت بأن هناك أملا باستعادة عافيته”.
واستدرك: “حاولت البحث عن جهاز يعينه على الحركة، خاصة مع تعرضه لضمور في العضلات بسبب قلة الحركة وعدم التروية للأطراف، لكننا تفاجأنا بأسعارها الثمينة، مع عدم القدرة على شرائها”.
ورغم عدم حصوله على أية شهادات علمية أو جامعية، إلا أن تعليمه الأساسي إلى جانب خبرته العملية، والمدفوعة بعزيمة وإصرار، ساعده على حسن اختيار الفكرة والبدء بتنفيذها.
وعن آلية التصميم والمعدات المستخدمة، أوضح الزواهرة بأن الجهاز عبارة عن أرضية لجهاز جري معطل وزوايا حديدية، ورافعات هيدروليك صغيرة، تساعد المريض على تحريك جسمه.
للوهلة الأولى، يشعر ناظر الجهاز أن شكله البدائي والبسيط، من غير الممكن أن يحقق أية نتائج، لكن الزواهرة أكد بأنه “ليس من السهولة التعامل معه لمرضى النخاع الشوكي”.
ويمضي: “ما يميز الجهاز فكرة العامل النفسي للمريض، حيث أن المريض مهما كانت إعاقته يستطيع تعويض فاقد القوة العضلية”.
وأردف: “يحمل الجهاز وزنا لغاية 400 كيلو غرام، وهو عبارة عن مجموعة من الأجهزة المختلفة بواحد، فمن خلاله يتمكن المريض من تمرين القدمين واليدين، وتقوية الحوض، وتحقيق تمارين الإطالة، والوقوف”.
وبالعودة إلى دافع التصنيع، وهو إصابة قريبه بالشلل الرباعي غير المكتمل، لفت الزواهرة بأن الطبيب عندما شخص حالة المريض بعد تحسن حالته، قال له بأنه أعطاه تقريرا ورقيا، ولكن ما عند الله لا يمكن التنبؤ به.
وأشار: “الطبيب سأله عن طريقة علاجه وما وصلت إليه حالته من تحسن، ليخبره بأنه جهاز صنعه قريبه، وعرض عليه مقطعا مصورا له”.
وبناء على ما شاهد، طلب الطبيب من المريض حضور الزواهرة إليه، ليعرض عليه العمل لديهم داخل المستشفى، ويقوم بتصنيع الجهاز، لكنه رفض ذلك؛ حفاظا على المنجز والفكرة، وعدم حصوله على تقدير كاف، على حد قوله، مؤكدا بأن المفاوضات ما زالت مستمرة معه.
ولفت الزواهرة بأنه استطاع علاج 4 مرضى عبر ذلك الجهاز أولي الصنع، وبنسبة 90 في المئة، حيث تمكنوا من عودة القدرة على المشي باستخدام جهاز “الووكر”.
الزواهرة شدد في ختام حديثه بأنه لا يسعى إلى الشهرة أو الكسب المادي من وراء جهازه، ولكن الهدف هو مساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة على استعادة عافيتهم، في ظل محاولات استغلال واضحة لهم، وارتفاع أسعار مستلزماتهم الطبية، إذ أن أقرب جهاز لآلية عمله يصل ثمنه إلى 1700 دولار أمريكي.
وأعرب عن أمله في أن تتبنى أي جهة ابتكاره، لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة على الحركة.
(الأناضول)
الحاجة أم الإختراع !
والعزيمة أقوى من الإمكانيات !! ولا حول ولا قوة الا بالله
بارك الله بة على أخلاق مثل هذة