ثمة ميثولوجيا شخصية، يصوغها الكاتب تدريجياً، من خلال التراكم الكمي والنوعي في كتابته ونصوصه. فبهذه الميثولوجيا سوف يؤثث تفاصيل حياته، الأمر الذي يرشّح كل ما يلامسه الكاتب، بمخيلته وكلماته، لأن ينزاح على حياته ويذهب إلى الأسطورة. ربما تنشأ الأسطورة هنا، لكن ليست بالمعنى الخرافي المعجز، إنما بالمعنى الإبداعي الجمالي، الذي يجعل الحياة ممكنة، جديدة، وجديرة بالعيش.
لكن ينبغي أن ننتبه لأمر مهم، فإن هذا كله يحدث عفوياً، ومن غير تقنية العقل وهندسة المنطق، أو بتلك البرمجة الجلفة للذهن، فالكاتب، يعيش حياته كما لو أنه يصنع شيئاً آخر.
هذه هي لذة الإبداع،
فالشاعر (مثلاً) ليس موظفاً في مشروع، أي مشروع، ولا عند أحد، أي أحد.
الشاعر، مثل الآلهة، يلهو ويعبث بأشياء الكون،
ولكم أن تتخيلوا الآلهة حين تلهو.
٭ ٭ ٭
سوف يعمل الكاتب في لحظة الكتابة على صدّ وكبح اقتحام الذهن لحالته الشعورية، فكلما كان الحضور انفعالياً وعاطفياً وعفوياً، وبعيداً عن التحكم العقلاني كان ذلك أجدى للنص، أجمل، وأكثر حرية. الانفعال الذاتي القويّ هو شرطٌ أساسيٌ من شروط صدق التعبير الفني. فعندما تتحكم عقلانية الكاتب ويهيمن ذهنه أثناء كتابة النص، يكون خارج فعالية هذا الصدق وعنفوانه، الذي يتجسد في المشاعر الداخلية. أما المراجعة أو التعديل فيمكن أن يحدثا لاحقاً. إن الانفعال والعاطفة وجيشان الهمّ الذاتي هو ما أعوّل عليه أثناء الكتابة. فالعقل شيءٌ موضوعي، والموضوعية شيء يناقض الإبداع في الفن والأدب.
٭ ٭ ٭
النص
لا تذعن له كثيراً
ولا تصغ إليه
يغرّر بك
ويجرجرك
يأخذك إلى تيه الخارج
فيما داخلك هو ما يغنّي بك
ويُغْنِيك
امتثالك لجلافته
أمثولة للموغلين في الإخفاق
فلا تزعمنّ النص
ولا توزع أغانيمك المبتسرة
في أحلامنا.
حريتك ألا تكون عبده
أنت وحدك
أكثر حرية من القطيع
نصك
لصٌ يسرقك من قدَرٍ يحدق بك
فاكتب وحدك
كمن يضع قدمه في المجاهيل
نصك
نص السارق
قنديل كتابتك وقدميك.
شاعر بحريني
???