المشكلة ليست في قلة الموارد، بل في سوء إدارة الثروات ونهبها من حيتان الفساد، لذا فإن زيادة موارد البلد لن تكون لها آثار إيجابية على أوضاع شرائح الشعب الفقيرة.
بغداد ـ «القدس العربي»: مع ارتياح العراقيين المؤكد لزوال كابوس العقوبات الدولية، فإن إعلان مجلس الأمن الدولي انتهاء ملف تعويضات العراق للكويت وخروج البلد من الفصل السابع، لم يكن حدثا عابرا بل هو مناسبة مليئة بالدروس والعبر للعراقيين وللعرب جميعا.
فقد أصدر مجلس الأمن الدولي، الثلاثاء الماضي، بالإجماع قرارا أنهى بموجبه رسميا تفويض «لجنة الأمم المتحدة الخاصة بالتعويضات عن الأضرار الناجمة عن غزو العراق للكويت في 1990» بعد ما سددت بغداد كامل المبالغ المفروضة عليها للكويت وقدرها 52.4 مليار دولار.
ولعل الدرس الأبرز للحدث هو ان الشعوب قد تدفع أحيانا ثمنا باهضا لقرارات حكامها، وهو ما حصل عندما دفع الشعب العراقي ثمنا غير مسبوق بسبب قرار غزو الكويت، الذي لم يؤخذ رأيه فيه، وكان قرارا غير مناسب ولا مبرر مقنعا له، وخاصة ان البلد كان خارجا للتو من حرب مدمرة لثمانية أعوام مع إيران، ليدخل من جديد في حروب مع تحالف دولي فرض أقسى حصار، سحق الشعب لا النظام، ثم أعقبه باحتلال مباشر للعراق عام 2003 دمر الأخضر واليابس.
وأعاد قرار إنهاء التعويضات تساؤلات مشروعة لدى العراقيين، أبرزها لماذا كانت قرارات مجلس الأمن الدولي لمعاقبة العراق عقب غزوه الكويت عام 1990 بمثابة أقسى إجراءات رادعة في العصر الحديث ضد دولة من دول العالم، رغم اننا نعيش في عالم مليء بالانتهاكات والتجاوزات من دول تعتمد القوة أسلوبا لفرض إرادتها على الدول الأخرى؟ وكان أمرا مقبولا لو ان مثل هذه العقوبات فرضت مثلا على إسرائيل التي تحتل الأراضي العربية وتضرب القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن عرض الحائط في انتهاكها المتواصل لحقوق الشعب الفلسطيني، أو روسيا التي تقصف الشعب السوري وتحتل القرم والآن تهاجم أوكرانيا، أو إيران التي تحتل الجزر الثلاث ويتفاخر قادتها بانهم يتحكمون بأربع عواصم عربية، وغيرها من الدول التي اعتدت على دول أخرى، إلا ان مجلس الأمن الدولي لم يتحرك ضدها بنفس الأسلوب الذي استخدمه ضد العراق. وهو ما يعزز نظرية المؤامرة التي يؤمن بها العرب جميعا دون حكامهم، ومفادها ان الغرب عندما تتاح له فرصة إيذاء العرب أو الانتقام منهم أو زرع الفتنة بينهم، فإنه لا يتردد لحظة. ولم تكتف الدول الغربية بفرض تعويضات باهضة على العراق، ولا تدمير قدرات الجيش العراقي ولا في تدمير بنية البلد التحتية عبر الغارات والحصار الوحشي، بل أوغلت في جريمتها عبر الاحتلال المباشر لتدمير ما تبقى فيه وزرع الانقسام بين شعبه وتشجيع الاقتتال الطائفي وإعانة الفاسدين على استباحة ثروات البلد.
ولعل من دروس التعويضات أيضا، انها أظهرت حقيقة نوايا بعض حكام الكويت غير الودية تجاه العراق حتى قبل الغزو، عندما استغلوا فترة ضعف العراق لدفع الولايات المتحدة وحلفاءها، لفرض تعويضات عليه غير عادلة، بشهادة المطلعين، إضافة إلى سماح الكويت باستخدام أراضيها ومياهها وأجواءها، لانطلاق قوات غزو العراق عام 2003 وهي مخالفة للقانون الدولي قد يأتي يوم يطالب فيه العراقيون الكويت، بدفع تعويضات عنها. ولم يكتف حكام الكويت بذلك بل وحركوا أدواتهم وعلاقاتهم الدولية، مستغلين ضعف حكومات بغداد، للتأثير على لجنة ترسيم الحدود التي شكلها مجلس الأمن، من أجل اقتطاع مساحات واسعة من الأراضي والمياه والموانئ والمدن والمزارع وحقول النفط، التابعة للعراق تاريخيا، ومنحها إلى الكويت. وكان الأولى بحكام الكويت ان يفكروا بروابط الجوار والعروبة وان مستقبلهم هو مع جيرانهم العراقيين وليس مع مصالح الغرب، الذي يتفنن في زرع الانقسام بين الدول العربية.
والسؤال المهم هنا هو هل سيكون مجلس الأمن الدولي عادلا فيطالب الدول التي احتلت العراق عام 2003 ودمرت بنيته التحتية وقتلت وشردت ملايين فيه بتقديم التعويضات بنفس أسلوب معاقبة العراق لغزوه الكويت؟ وهو ما أشار إليه المندوب الروسي بكلمته خلال جلسة مجلس الأمن قبل أيام، عندما أكد ان غزو الولايات المتحدة وحلفاءها للعراق عام 2003 «يمثل اختراقا للقانون الدولي» وان تلك الحرب «بنيت على معلومات مضللة، أدت إلى وفاة مئات بل آلاف العراقيين الأمنين، وتهجير الملايين» داعيا إلى «تعويض العراقيين عما لحق ببلادهم من تدمير متعمد» حسب قوله.
ولا شك ان غلق ملف التعويضات لاقى ترحيبا واسعا لدى العراقيين الذين يرون فيه ظلما كبيرا. أما أحزاب السلطة، فإنها استغلت القرار الدولي مدعية انه سيساعد العراق على مواجهة أزماته الاقتصادية والمالية، وانه سيساهم في تحسين علاقاته الدولية اقتصاديا، حسب زعمهم، إلا أن هذه الادعاءات لا تقنع العراقيين والمحللين الاقتصاديين، الذين يعلمون جيدا بأن المشكلة في عراق اليوم هي ليست في قلة الموارد المالية المتوفرة، بل في سوء إدارة الثروات ونهبها من حيتان الفساد، لذا فإن زيادة موارد البلد لن تكون لها آثار ايجابية على أوضاع شرائح الشعب الفقيرة والمتوسطة، ولن تعدو كونها فرصة جديدة للمكاتب الاقتصادية في الأحزاب الحاكمة، للتنافس ومحاولة الهيمنة عليها.
والآن بعد ثلاث قرون من غزو العراق للكويت، فقد أصبح واضحا ان فرض العقوبات لم يكن مجرد إجراء رادع لحماية الكويت، بل كانت صفحة في سيناريو تدمير العراق وقدراته كمقدمة لإضعاف الدول العربية وتدجينها وصولا إلى القبول بالتطبيع مع الكيان الصهيوني وهيمنته على الأنظمة الهزيلة الساعية للحفاظ على كراسيها بأي طريقة ممكنة، وبضمنها قمع شعوبها. وهو ما نراه الآن في إنقسام الحكام العرب وانشغالهم بمشاكلهم الداخلية وهرولتهم نحو التطبيع مع إسرائيل، متناسين حقوق فلسطين المغتضبة وجرائمها اليومية ضد شعبه الصامد، بل ومتجاهلين مخاطرها المؤكدة على الأمن القومي العربي.
مقال جيد ومشحوذ بواقع مرير مر به شعب العراق. مع ذلك، يوجد هناك خطأ حبذا وان يتم تصحيحه وهو:
“والآن بعد ثلاث قرون من غزو العراق للكويت” والمفروض ان يكون عقود وليس قرون!
مقال منصف للتاريخ شكر ا للسيد مصطفى العبيدي.وهناك معلومة عيانية شاهدها كاتب هذا التعليق أنّ في أوكرانيا اليوم مصطلح المخربين الذين دخلوا خلسة لتدمير المنشآت الحيوية لصالح المحتل.الكويتيون فعلوا ذلك وأدخلوا مخربيهم من الجنسية الكويتية مع قوات الاحتلال الامريكي وحرقوا العديد من الوزارات والمؤسسات وتدمير الأرشيف للموظفين بواسطة مواد تشبه أشرطة الكاسيت كانت تُشعل وترمى في الغرف وتتنقل بقفزات عشوائية لتصيب محتويات المكان بالنار..أما ما اسُتقطع من اراضي ومنشآت العراق فهناك لجنة خاصة ( تحسب ) التعويضات وغدا
ستجبر الكويت على دفع أقيام المنافع المسروقة.وإن غدا لناظرة قريب.القضية لن تموت فبعد الموت بعث.
العراق قام بارتياح دولة الكويت ودقع ثمن هذه العمل الجنوني والمتخلف ثمنا باهظا العم لماذا لانه حكومه كانو جهلة ومجرمون بحق شعبهم اولا وعرويتهم
فانظر عندما يكون علي حسن المجيد صاحب قرار ماذا تتوقع أن يكون الأمر فشخص جاهل ودكتاتور وارعن عين خاكما للكويت اليس من حق الشعب الكويتي ان ينتقم منه والى ما فعله هو وقائده ونظامه الفاشل
نعم ، غزو الكويت قرار غبي إجرامي بنتائجه جلب أضعاف الأذى على العراقيين قبل الكويتيين.
بعد عودة الكويت لأهلها إتّبعت القيادة الكويتية سياسة شلل العراق ، و بصورة ما لا تزال إلى هذه اللحظة .
بعيداً عن العاطفة الثروة الهائلة في الكويت وضعتها موضع “ضغط جغرافي” من قبل الدول المجاورة ، و بعد ما حدث عام ١٩٩٠ سأبقى الكويت غير مطمئنة مهما كان النظام في العراق …و لعلّ الكويتيين في أعماقهم الآن يشعروا بالأسف على الإطاحة بالنظام السابق!
نرجو الحكمة و الخير
مهما كان موقفك من بلادك يجب ان تتضامن معها في السراء والضراء لا وفق المصالح الشخصية القصيرة النظر.نحن مع العراق ظالما ومظلوما يادكتور محمد شهاب الطبيب في مستشفى ابن سينا ( الرئاسي ) ببغداد.هل سمعت أمريكيا
وجيشه المجرم يغزو بلدا ، يعلن معادته لبلاده؟ هل سمعت صهيونيا وجيشه يقتل الفلسطينيين ظلما يقف ضده؟
نعم مئات آلاف الأمريكيين خرجوا ضد الحرب على العراق
و في لندن يوم ١٥ شباط ٢٠٠٣ خرج أكثر من مليون شخص تظاهراً ضد الحرب .
المرء يجب أن يقف إلى جانب الحق
غزو الكويت عام ١٩٩٠ و غزو العراق ٢٠٠٣ كلاهما جريمة
مقال جميل جدا لكن ماحدث في العراق من دمار وسلب ونهب خيرات دولة ناهيك عن نهب كل ألاليات الجيش تقدر بالمليارات والأرواح بسبب أمريكا عند دخولها عام ٢٠٠٣ هل هناك أي تعويضات لا حول ولاقوة الا بالله.