القاهرة ـ «القدس العربي»: على مدار يومي السبت والأحد 26 و27 فبراير/شباط، ألقى الغزو الروسي على كرواتيا ظلاله على أحاديث المصريين، وبينما يتسع حلم من يكرهون بلاد العم سام ويرونها الشيطان، الذي يحول بين ضعفاء العالم وحقهم في الحياة وبينه وبين الحلم بفلسطين المحررة أن تعود فتية من النهر للبحر وعاصمتها القدس، ترك الحلم ظلاله على صحف يومي السبت والأحد، إذ ذهب التفاؤل ببعض الكتاب إلى الحلم بأن الحرب التي يتابع العالم فصولها، ما هي إلا خطوة في مشوار إنهاء هيمنة أمريكا على كوكب الأرض.
كما ألقت الصحف ظلالها على أوضاع الجاليات المصرية والعربية في أوكرانيا، من جانبه نفى محافظ البحر الأحمر وقوع مواجهات بين السياح الروس والأوكرانيين في أي من المقاصد السياحية المصرية، وكشف عن وجود 6226 سائحا أوكرانيا في المنشآت السياحية في محافظة البحر الأحمر وقال: «لم يتم رصد أي مشادات بين السائحين الروسيين والأوكرانيين، ولم يحدث أي نوع من الاحتكاك بينهم». وكشف عن مغادرة 16 طائرة متجهة لروسيا واستقبال 18. أما وزيرة الهجرة السفيرة نبيلة مكرم فنعت الطالبة المصرية إيمان أبو غالي التي تدرس الطب في أوكرانيا، داعية أبناء الجالية المصرية هناك إلى توخي الحذر والحيطة. وأشارت إلى تواصل الوزارة مع أبناء الجاليات لمتابعة أوضاعهم وطالبت المواطنين بعدم الأكتراث للشائعات التي تنشر على مواقع التواصل الاجتماعي. ومن جانبه قال إبراهيم عشماوي مساعد أول وزير التموين ورئيس جهاز الغرفة التجارية، أن مصر من أكبر دول العالم التي لديها مخزون كاف من محصول القمح، وأوضح أن 72 مليون مواطن يستفيدون من دعم الخبز، مشيرا إلى أن الدولة تتحمل 95% من تكلفة سعر الرغيف الواحد، بينما يبلغ حجم الدعم المخصص للخبز والسلع المختلفة 321 مليار جنيه، منها 90 مليار جنيه فقط لدعم الخبز، حيث يتم إنتاج أكثر من 275 مليون رغيف خبز يوميا من 23 ألف مخزن تمويني، إلى جانب إنتاج المخابز المختلفة للعيش الأفرنجي.
ومن التقارير الرياضية: قرر مرتضي منصور رئيس نادي الزمالك استبعاد كل من مدحت عبد الهادي المدرب العام وأمير عزمي المدرب المساعد من الجهاز الفني، بسبب سوء السلوك وإحالة المدير الفني كارتيرون للتحقيق فور عودته. كما قرر رئيس الزمالك إيقاف مستحقات جميع اللاعبين والجهاز الفني والإداري والطبي. بعد هزيمة الفريق في المباراة التي واجه خلالها فريق الوداد المغربي، والتي انتهت بهزيمة الزمالك 3 / 1 خلال المباراة التي جمعتهما يوم السبت في الجولة الثالثة من منافسات المجموعة الرابعة ببطولة دوري أبطال افريقيا لكرة القدم. ومن أخبار الحوادث: توصلت التحقيقات والتحريات بشأن واقعة اختفاء عازف الجاز اللبناني جان بيير، والعثور على جثته داخل مسكنه في مدينة الشيخ زايد، أن وراء الوفاة إسفكسيا الخنق بسبب تسريب الغاز الطبيعي واستنشاقه.
مملكة إسرائيل
حلّق جمال رشدي في “الوفد” نحو ما لم يلتفت إليه أحد بشأن الحرب الدائرة في كرواتيا: كل الحروب والنزاعات والأوبئة في العالم، منذ ما قبل الحرب العالمية الأولى إلى الان من ترتيب وصناعة الصهيونية العالمية، فسقوط الإمبراطورية البريطانية التي لا تغيب عنها الشمس، وظهور أمريكا كقوة عظمى كل ذلك بترتيب صهيوني كبير. والهدف من ذلك هو الحلم المزعوم « مملكة إسرائيل الكبرى من الفرات للخليج»، تلك المملكة حسب المخطط المرسوم لها، حكومة موحدة تحكم العالم تحت مظلة ديانة جديدة اسمها «الإبراهيمية» داخل عولمة اقتصادية بعملة واحدة وعسكرية بجيش واحد. والآن اقترب الحلم، فذلك الهدف الصهيوني لا يتطلب ثقافة الحرية والديمقراطية، التي يعيش عليها الغرب، لأن تلك الثقافة تتعارض مع نهج هدف الحكومة الموحدة التي تتطلب ديكتاتورية القرار، وبما أنها تهدف إلى ديانة وجيش واقتصاد موحد، داخل إدارة سياسية موحدة، فهنا يلزم اتخاذ عدة خطوات وهي، القضاء على الغرب المسيحي عن طريق إشعال حرب كبرى في ما بينهم، لتأكل الأخضر واليابس، بحيث تختفي نظرية الحريات والديمقراطية بكل مشتقاتها العسكرية والاقتصادية والسياسية، حتى يتسنى لقادة المخطط الصهيوني تشكيل حكومة موحدة طبقا لما هو مخطط له. وهنا سؤال منطقي يطرح نفسه، ماذا عن الصين والهند اللتين تشكلان ما يقرب من 40% من سكان العالم، وكيف يتم دمجهما بتلك المعتقدات المتنوعة داخل الحكومة الموحدة في كل مشتقاتها؟ الإجابة هي مربط حصان الأحداث الجارية حاليا، الحكومة الموحدة الصهيونية تريد ديكتاتورية قرار، وهذا متوفر بقوة مع ثقافة الحزب الشيوعي الصيني، وبما أن الصين مقبلة لا محالة لحكم العالم، فهنا التخطيط الصهيوني الذي سيقفز من سفينة الغرب المسيحي بعد تدميرها إلى السفينة الصينية الشيوعية المتوافقة تماما مع ما تريد من وحدة قرار شامل حاكم، وهذا ما ينطبق مع الأيديولوجية الدينية الهندية التي لا تعارض ولن تعيق الديانة الإبراهيمية الجديدة.
سهلة وجذابة
السؤال الذي يطرح نفسه على حد رأي جمال رشدي: هل قادة تلك الدول الغربية لا يعرفون ذلك المخطط الخيالي؟ الإجابة جميع دوائر الغرب الحاكمة في كل مشتقاتها السياسية والعسكرية والاقتصادية، ما هي إلا أدوات فقط تمت صناعتها أيديولوجيا وثقافيا داخل نظرية الحكم الديمقراطي، ليكونوا أداء في يد قادة أصحاب المخطط، وعلى الرأس منهم القادة في أمريكا، فجميعهم تم تهجينهم وتجنيسهم صهيونيا، ليكونوا خداما فقط، وقطع شطرنج يتم تحريكها عند كل لعبة من المخطط. لكن روسيا لم يتم اختراقها صهيونيا لأسباب كثيرة جدا وهي، لأنها ما زالت تحتفظ بالعقيدة الأرثوذوكسية المسيحية، ولم تسمح بوجود الأيديولوجية اللوثرية البروتستانتية التي هي الذراع الديني والسياسي للصهيونية، التي اخترقت معظم مجتمعات العالم، هنا العائق الكبير أمام المخطط الصهيوني وجود المسيحية الأرثوذوكسية، الذي لن تعترف بأي ما تقوم به الصهيونية في مملكة صهيون المزعومة، لأن الإنجيل والتعاليم المسيحية لا يعترفان بأي مملكة في فلسطين، لأن السيد المسيح تنبأ عن خراب إسرائيل، وقال لهم بيتكم يترك لكم خرابا، وهنا تعارض الإيمان بين الكنيسة الأرثوذوكسية المصرية الروسية، مع باقي كنائس العالم اللوثرية، التي هي أداة صهيونية، ولا ننسى قول السيد المسيح، إن مملكتي ليست من هذا العالم، وكان يقصد أن مملكة المسيحية بقيادة المسيح هي روحية سماوية. أما المخطط الصهيوني الحالي فهو يجهز المملكة للمسيح المنتظر المزعوم لدى الثقافة اليهودية، ليجعلهم أمة تحكم العالم وتتسلط عليه. وهناك معلومة مهمة في الأحداث الأوكرانية، أن رئيس أوكرانيا الحالي هو يهودي وكان ممثلا كوميديا، ونصبته الصهيونية مع جميع رجال حكومته في أوكرانيا، لسهولة جذبه الي المستنقع. قادة روسيا يعلمون أبعاد المخطط ودفعهم لتلك الحرب، ولن يتم إقحامهم خارج ما يخططون له من أهداف، وهي استعادة أمجاد الاتحاد السوفييتي السابق، ليس الشيوعي بل المسيحي الأرثوذكسي وهي مسيحية معظم دول أوروبا الشرقية.
مؤامرة منظمة
تلك الحملة التي يصفها سيد علي في “البوابة” بالمُمنهجة ضد الوعي والثوابت ليست لوجه الله أو لتفعيل العقل النقدي، سواء في المضمون أو في التوقيت ظنا من مدبريها أنهم يستغفلون الرأي العام، ومن يتمعن في استراتيجيات الدعاية وتغيير الثقافة القومية، كأداة سياسية يتأكد أن الانتقاء والاستطراد في اتجاه واحد بعينه في منابر بعينها، وليس في مناظرات أو أبحاث أكاديمية محكمة ليس صدفة ولا علاقة له بالفكر، وتخفي وراءها مقاصد ليست بريئة، بطرح مواضيع على العامة لا طائل من ورائها سوى صناعة مشكلات داخل المجتمع، وإعطاء فرصة للمتطرفين لاستغلالها. الهجوم على المقدس الديني والثقافي هو المدفعية التي تمهد الأرض لتحطيم كل ما هو مقدس سياسيا وأخلاقيا ووطنيا، تمهيدا لما يسمى بالديانة الإبراهيمية التي تلغي كل الرسالات السماوية لصالح الصهاينة، والخطوة الثانية التشكيك في كل الثوابت، سواء الدينية أو الأخلاقية بتمرير العلاقات المثلية ومنحها الشرعية الأخلاقية، وكلها إرهاصات تستهدف “الدين” بوصفه القوام الأساسي لوحدة الدولة ووجودها وصلابتها أمام دعوات تأسيس الإنسان “الهش” الرخو”. وإلغاء المساحة بين الحرام والحلال في الوعي العام، بوصفها مساحة معادية لـ”الإنسان” والادعاء بأن تيار “العري” وما شابه ذلك من مفردات جارحة ومستفزة للذوق العام والفطرة السليمة، تيار أصيل في الثقافة المصرية، يتعين علينا إعادة إحيائه وتدويره من جديد. وكان أول من تحدث في أن الأقصى كان في الطائف وليس في فلسطين قبل أكثر من 13 سنة هو الباحث الإسرائيلي مردخاي كيدار، وسار وراءه من سار. مع أننا نعلم أن قبلة المسلمين الأولى في الصلاة كانت إلى الشمال، حيث القدس وليست إلى الجنوب حيث الطائف، والهدف من إنكار المعراج سياسي بحت لكي لا يكون للمسجد الأقصى قدسية عند العرب والمسلمين، ويصبح حائط البراق هو حائط المبكى، وكانت حملة التشويه ضد صلاح الدين تحديدا منهجية، فالاختيار لم يكن اعتباطيا ولكن لارتباط صلاح الدين بقضية القدس وتحريرها.
شيئا فشيئا
أكد سيد علي أن إنكار المعراج ما هو إلا تمهيد لإنكار الصلاة، لأن الصلاة فرضت في المعراج ومن ثم يسهل هدم باقي الأركان من زكاة وصيام وحج، وهكذا يصبح الموضوع هو تطبيع التطبيع وتظل قدسية القدس ومعناها في الإسراء والمعراج حجر عثرة في قبول التطبيع، إذن فلينزع عنها قدسيتها بإنكار قصة المعراج عند أحدهم، وجعل أولى القبلتين في الطائف عند الآخر، وهو ما يخدم بالأساس القضية الأهم وهي، تشكيك الناس في مفاهيم راسخة لديهم، وبالتالى تفكيك الارتباط الديني، ومن بعده السياسى بقضية القدس. علما أن المسجد الأقصى والقضية الفلسطينية
(الوحيدة التي ربما تجمع العرب والمسلمين) بدليل أن هناك العديد من الأحداث لم يتعرض لها أحد، مثل إحياء الموتى، النار وسيدنا إبراهيم، سيدنا سليمان، أهل الكهف وغير ذلك، أمَا وقد فتحوا مسألة المعراج، فالسؤال لماذا تبدو الإشكاليةَ في المعراج، وليس في الإسراء؟ رغم أنها ظاهريا تبدو في الإسراء أشدّ وأقسى هؤلاء يريدون تفريغ الناس من كل ما لديهم من دين وأخلاق وعلم وهوية، وأعتقد أنهم نجحوا بعض الشيء في البعد عن الدين وشرع الله؛ لأن إلغاء السياسة والكلام في السياسة كان البديل له، هو الكلام في أي أمر آخر غير السياسة، الطبيخ، المنوعات، الدين، ضرب الستات، الغيبة والنميمة، الكرة، وبصراحة لا أعرف أمة تتعمد إلهاء الناس عن قضاياهم المهمة بهذا الشكل، ولا أعرف مجتمعا ينشغل عن وجوده ومصيره كل يوم باشتغالة جديدة كما يحدث الآن.
صيد مغر
رغم قسوة المشاهد التي خرجت من أوكرانيا نتيجة الهجوم الروسي والضحايا المدنيين الذين سقطوا بسبب هذا الغزو، فإن عمرو الشوبكي توقع في “المصري اليوم” ألا يغير ذلك كثيرا من أهداف روسيا التي حددتها طوال الأسابيع الماضية، والتي تمثلت في كسر القوة العسكرية الأوكرانية والقضاء على كل مصادر التهديد لأمنها القومي من منصات صواريخ ومطارات، كان يمكن أن يستخدمها حلف الناتو في حال انضمت إليه أوكرانيا، واختيار حكومة موالية لموسكو، أو ضمان حياد أوكرانيا. وهنا ستحمل روسيا رسالة قوية إلى كثير من الجمهوريات السوفييتية السابقة وبعض دول أوروبا الشرقية، بألّا تذهب بعيدا في تحالفها مع الولايات المتحدة وحلف الناتو. لا تحتاج روسيا إلى جعل أوكرانيا «المحافظة 19»، مثلما جرى أثناء غزو صدام حسين للكويت، ولا بالضرورة أن تلغيها من الخريطة الدولية، إنما تعني أنها ستعمل على تحقيق أهدافها الاستراتيجية عن طريق القوة، مستفيدة من وجود تيار داخل أوكرانيا مؤيد لروسيا إلى جانب القرم التي انضمت إلى روسيا وإقليم «الدونباسك» الانفصالي المؤيد لها. ستحقق روسيا أهدافها في هذه المعركة، وستفرض شروطا جديدة على جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابقة، وبعض بلدان أوروبا الشرقية، وهو ما سيُقوي من حضورها الدولي دون أن يغيره جذريا، خاصة أنه من غير المتوقع أن تؤثر العقوبات الغربية على قسوتها في سياسات روسيا، فهي لم تنجح في تغيير توجهات بلد مثل إيران قدراته أقل كثيرا من روسيا.
يتحرك بدهاء
واصل عمر الشوبكي قراءته للمشهد الساخن على المحيط العالمي، مؤكدا أن الرئيس الروسي بوتين حدد بشكل واضح هدفه الاستراتيجي، وهو سيطرة روسيا على مجالها الحيوي المتاخم لحدودها، واستغلال «الحالة الأوكرانية»، حيث إنها ليست عضوا في حلف الناتو، وبالتالي مستحيل على الحلف والغرب أن يتدخل عسكريا للدفاع عنها، فأصبحت صيدا سهلا للدب الروسي، وعبرة لمَن يفكر من الدول المجاورة في تهديد أمنه القومي. ستبني روسيا على حضورها الجديد داخل مجالها الحيوي وانتصارها في أوكرانيا من أجل تحقيق مكاسب على الساحة الدولية، فهي من ناحية أظهرت ضعف الغرب والولايات المتحدة في الدفاع عن دولة حليفة، حتى لو كانت خارج الناتو مثل أوكرانيا، كما أنها لا تتحرك من أجل إحداث انقلاب في النظام الدولي، إنما تحسين حضورها كقوة عظمى تالية للولايات المتحدة. لا توجد مؤشرات على أن روسيا تنوي توسيع هجومها إلى خارج أوكرانيا وتهديد دول أخرى، لأنها تعرف أنه سيتحول إلى خسارة واستنزاف لقدراتها البشرية والعسكرية والاقتصادية، كما أنها اختارت هدفا واقعيا وأدوات فعالة لتحقيقه: وهو تأمين مجال روسيا الحيوي من أجل تعزيز حضورها الدولي.
ما يريده الدب
الأقرب للمنطق وللواقع وفق ما يرى الدكتور أحمد عبد ربه في “الشروق” أن مسألة استعادة مجد الاتحاد السوفييتي حتى لو كانت تدور في رأس بوتين فإن وقتها ليس الآن، وأن غزو أوكرانيا يهدف لتحقيق مسألتين: الأولى: خلق منطقة حماية عازلة بينه وبين أوروبا الغربية عن طريق منع أوكرانيا من الانضمام إلى حلف الناتو، ومن المتوقع أن أي مفاوضات مستقبلا بخصوص أوكرانيا سيكون هذا هو أهم شروط روسيا لوقف الحرب، فبعد سقوط الاتحاد السوفييتي انضمت 14 دولة كانت تحت النفوذ السوفييتي سابقا إلى حلف الناتو، ومنها دول كانت تمثل أهمية استراتيجية كبرى للسوفييت، وأهمها بولندا والمجر ورومانيا وبلغاريا والتشيك وسلوفاكيا وليتوانيا واستونيا ولاتفيا، ما أصبح يعني أن روسيا الحالية أصبحت محاطة بحائط دفاعي صلد لدول الناتو، ولم يتبق على الحدود الغربية لروسيا سوى أوكرانيا وروسيا البيضاء اللتين لم تصبحا عضوين بعد في الناتو، وبينما يسيطر بوتين على روسيا البيضاء، فإن الشعب الأوكراني والقيادة السياسية الأوكرانية كثيرا ما تمردت عليه، ومن هنا كانت ضرورة تجنب سقوط أوكرانيا في يد الغرب والناتو. والثانية: تأديب الشعب الأوكراني الذي أسقط مرتين (2004 و2014) الساسة الأوكرانيين المدعومين من بوتين شخصيا، بشكل أدركت معه القيادة الروسية أن لا سبيل لحماية حدودها الغربية سوى غزو أوكرانيا، بعبارة أخرى فبوتين بمجرد أن يضمن تغيير النظام الحاكم في أوكرانيا، بنظام آخر تابع له وبالتالى إعطاء رسالة للغرب بالتوقف عن محاولة ضم أوكرانيا للناتو، فإنه سيوقف الحرب وبالتالى فغزو روسيا في التحليل الأخير هو محاولة لتغيير المعطيات على الأرض، لفرض أمر واقع جديد يعطيه نقاط قوة، حينما يحين موعد الجلوس على مائدة التفاوض مجددا، وهي مناورة تقليدية في العلاقات الدولية، وأغلب الظن أن بوتين سيتمكن من خلالها إلى تحقيق ما يريد.
لن يتراجع
يرى مرسي عطا الله في “الأهرام” أنه مع التسليم بأن أحد أهم دوافع روسيا لشن الحرب ضد أوكرانيا هو حماية أمنها القومي، بالحيلولة دون انضمام أوكرانيا إلى حلف الأطلنطي وبالتالى نقص التفاهم المعمول به بين روسيا وحلف الأطلنطي منذ انهيار الاتحاد السوفييتي بأحقية روسيا في وجود منطقة عازلة بينها وبين الحلف الأطلسي، لكن هناك عوامل أخرى برزت على السطح في الآونة الأخيرة، حتمت على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن يسرع بالذهاب إلى حرب محسوبة لحماية مصالحه الاقتصادية الواسعة في أوروبا، كأكبر مصدر للغاز والنفط إلى أوروبا. وفضلا عن ذلك فإن بوتين رأى في تزايد إلحاح الرئيس الأوكراني زيلينسكي على منظمة حلف الأطلنطي لقبول عضوية أوكرانيا، بالتوازي مع تصاعد قوة اليمين المتطرف في أوكرانيا، والسعي إلى إلغاء تعليم اللغة الروسية وتشديد الضغط على الأقاليم الانفصالية، التي يتحدث أغلب سكانها باللغة الروسية.. رأى بوتين أن هذه التوجهات تتجاوز حدود الاستفزاز لروسيا وتقترب من أن تمثل تهديدا صريحا للأمن القومى الروسى يستوجب إقدام موسكو على ضربة وقائية مسبقة. هواجس ومخاوف روسيا تزايدت في العامين الأخيرين مع تصاعد حدة المعارضة من جانب أمريكا والعديد من الدول الغربية لإنشاء خط نقل الغاز «نورد ستريم 2» إلى ألمانيا، الذي تكلفت روسيا في مراحل إنشائه ما يزيد على 11 مليار دولار، وهو ما يلحق بالاقتصاد الروسى خسائر هائلة وإهدارا باهظا لتلك الاستثمارات الضخمة، التي ضختها موسكو في تشييد البنية الأساسية لشبكة «نورد ستريم 2». ثم إن روسيا كانت وما زالت تشعر بعدم الاطمئنان لوجود نظام حكم معاد لها وموال تماما للغرب، وبالتالي وجود تهديد لاستمرار تدفق الغاز الروسي إلى أوروبا عبر خطوط الأنابيب التي تمر من باطن الأرض الأوكرانية منذ سنوات، حيث يشكل عائد هذا الغاز المصدر عبر أوكرانيا جانبا كبيرا من موارد روسيا من العملات الحرة، وكأحد أهم ركائز الموازنة المالية لموسكو. الكثير من جوانب ألغاز الأزمة الأوكرانية بدأت تنكشف، وأن صرخات الرئيس الأوكراني بأن بلاده لم تجد أحدا يدافع عنها، ربما تشير إلى تعهدات لم يتم الوفاء بها من جانب من حرضوا على إشعال الأزمة.
رغيفنا وحربهم
أوكرانيا تصفها سحر عبد الرحيم في “المشهد” بأنها “سلة خبز أوروبا” حيث تمثل صادرات القمح من أوكرانيا وروسيا 30% من حجم الصادرات العالمية، وأي اضطراب في الصادرات سيؤدي بالتأكيد إلى ارتفاع أسعار الحبوب عالميا، ويعتمد العديد من الدول العربية على القمح الروسي والأوكراني لسد حاجتها مثل، مصر وتونس والجزائر وليبيا واليمن ولبنان، وهي دول تعاني من أزمات معيشية، وقد تزيد هذه الأزمات نتيجة ارتفاعات محتملة في أسعار القمح، بسبب قلة حجم المعروض في السوق العالمية، وتأتي الولايات المتحدة وكندا وفرنسا في مقدمة البدائل التي يمكن أن تسد حاجة الأسواق العربية. وقد توقع صندوق النقد الدولي أن ترتفع تكاليف الطاقة وأسعار السلع في العديد من الدول، في حالة نشوب الحرب، ولا شك في أن هذا التأثير سيكون أسوأ بكثيرعلى دول المنطقة التي ستكون بين خياين أحلاهما مر: إما ضخ اعتمادات إضافية بملايين الدولارات لدعم المواد الأساسية التي ستتأثر بارتفاع الأسعار، أو رفع الدعم عن المواد الأساسية بدرجات متفاوتة. هناك عاملان مهمان لا يمكن إغفالهما عند الحديث عن التأثيرات المحتملة للحرب الروسية على المنطقة العربية، أولهما تدفق اللاجئين من منطقة الحرب الروسية الأوكرانية إلى دول الاتحاد الأوروبي، وما يمكن أن يشكله من ضغوط على برنامج المساعدات العالمي للاجئين الذي يستفيد منه لاجئو الدول العربية بشكل رئيسي، وثانيهما التدخل العسكري الروسي في سوريا وليبيا، الذي أدى لتعقيدات المشهد السياسي في كلا البلدين، حيث يخشى أن يؤدي التصعيد الروسي والتوترات الناتجة عنه مع أوروبا والولايات المتحدة، إلى تعطيل مساعي الحل السياسي للصراع في كلا البلدين، وهنا تحديدا يمكن التذكير بمقولة الرئيس أوباما عندما انضمت روسيا للحرب الأهلية في سوريا في سبتمبر/أيلول 2015 حيث ذكر أن سوريا ستصبح “مستنقعا” لروسيا وللرئيس بوتين، “ستكون سوريا هي فيتنام الروسية أو أفغانستان بوتين”، إلا أن الواقع أثبت عكس ذلك.
جريء وخجول
غيب الموت واحدا من أبرز الصحافيين المتدثرين برداء الإبداع.. محمود الكردوسي الذي يجمعه بمحمود مسلم الكثير من الذكريات في «الوطن»، يقول الكاتب، زرنا الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودي في مستشفى الجلاء العسكري، فقال لي الأبنودي: قرأت “كتب قليل وكتير” يظل كتاب محمود الكردوسي “مرة واحد صعيدي” من أفضل ما قرأت. يخجل الكردوسي كعادته وهو يسمع هذه الشهادة، وقد كانت فضيلة خجله التي يتسم بها لا يعرفها عنه الكثيرون، حيث يتوقع من يلتقونه أنه شخصية حادة مثل كتاباته، لكنهم جميعا يفاجأون بأنه خجول.. شخصية سهلة.. يضحك مع الجميع ويتباسط معهم، يهرب من كل مشاكله بـ«إفيه».. كل شيء عنده بسيط، إلا ثوابته الوطنية، لا يسمح لأحد بالاقتراب منها، ولا يعرف فيها أنصاف الحلول.. مصر.. الجيش.. عبدالناصر.. ثورة 30 يونيو/حزيران.. السيسي. كنت قارئه الأول.. ولا أنتظر نهاية المقال، بل أقرأ كل صفحة بمجرد انتهائه منها، ينسج كلمات مقالاته ويغزلها بمفردات تبهر كل من يقرأها، يقسو على نفسه عندما يكتب عن أمه، لكن روعة اللغة تجعل القارئ يغفر له ما سطَّره، يهاجم ظاهرة «الباشمواطن» فيسعدك بجرأته.. يتغزل في مصر فيزداد حبك لها من خلال كلماته، ويهاجم الإخوان بضراوة وبلا شفقة منذ أول يوم وصولهم للحكم، فيزداد كرهك لهم. الكردوسي لا يشبه أحدا، نسخة متفردة في كل شيء.. الموهبة.. العقلية.. السلوكيات.. لا أحد يتوقع ماذا يفعل، أصدر مجلة «الفن السابع» منذ سنوات بعيدة، وما زالت راسخة في أذهان كل من قرأها، مقالاته ومعاركه هي الأعنف والأصدق والأكثر تأثيرا، لدرجة أنه أصبح يملك «ألتراس» على صفحته في«فيسبوك».. عناوينه تمثل علامة فارقة ومدرسة في الصحافة، تخرَّج فيها الكثيرون.
شغف الحياة
لم تصدق الكاتبة والشاعرة هبه حسين أن استاذها محمود الكردوسي مات فبكته في “الوطن”: الحياة مهلكة عانيت فيها كثيرا.. من «غريب» يتخبط يمينا ويسارا في شوارع القاهرة، إلى «وحيد» قضى آخر أيامه على سرير في غرفة عناية مركزة، لماذا فقدت شغفك بالحياة؟ أدركت ذلك حين رأيتك آخر مرة، كنت في غيبوبة بين الموت والحياة، أمسكت بيدك وقلت لك: «عارفني يا أستاذ محمود؟» فضغطت على يدي لتصلني رسالتك: «ألم أكن قاب قوسين أو أدنى من الموت قبل ذلك وعدت». الصحافة أتعبتنا جميعا، عملت معك سنوات طويلة في صحيفتي «المصري اليوم» و«الوطن»، كنت أراك تكتب كمن يخوض حربا شرسة يخرج منها دائما منتصرا، سلاحك قلم، وكلماتك كرباج، تدافع عن الوطن مخلصا، دون أن تخاف من النقد حتى لو وصل إلى السب والقذف، كنت دائما ما أقرأ لك الكلمات اللاذعة التي تكتب عنك على موقع تويتر، فترد «خليهم يشتموا مفيش حاجة توقفني عن الكتابة»، فلماذا توقفت؟ لا أحد قدَّرنا مثلك، كنت منشغلا ومهتما طوال الوقت بمنحى وشيماء ما نستحقه، والحقيقة أنك منحتنا أكثر مما نستحق، آمنت بموهبتنا ففرضتها على الجميع، حاربت من أجلنا، ربيتنا مهنيا وزوجتنا لصعيديين مثلك، ورسمت لكل منا حياة هي جزء من حياتك الكبيرة، كنا ثلاثة، صرنا ثلاث عائلات نلتقى ونتحاكى وتأخذنا كلماتك وحكاياتك إلى منتصف الليل، دون أن نشعر، نستزيدك فتختم الليلة بمعايرة شيماء: «لسه مابتعرفش تطبخ.. علميها يا هبة». ليس هناك أصعب عليّ من أن أكتب كلمات لن تقرأها، فلطالما دفعتني لكتابة المقالات، لكنني لم أتوقع أن أكتب رثاءك، كنت أكتب لتقرأ وتصوّب، فلمن أكتب اليوم وأنت غبت عن دنياي التي شكّلتها معي، هل تتذكر كلماتك لي عندما أهديتني روايتك: «إلى هبة الموهوبة، الهادئة، المنتمية إلى سلالتي، سلالة الكتاب الكبار الذين يعرفون قيمة الكتابة ويحتمون بموهبتهم، أنتظر اليوم الذي تتجاوز فيه التلميذة أستاذها».. الآن التلميذة تكتب عن أستاذها: «كيف أنعاك وأنت على قيد الحياة؟».
الشيخ والمعونة
تعجب حمدي رزق كما قال في “المصري اليوم” من فرط التقوى والصلاح، الذي لا يختلف عليه كثير من الناس تجاه الداعية محمد حسان: تبكي تأثرا، وتقوم من مقعدك تبحث عن أول «علماني» في الطريق، توسعه ضربا بـ«القبقاب الخشبي» لزوم دخول دورة المياه في المسجد تحت البيت. مع كامل الاحترام الشخصي للدكتور محمد حسن حسان، وبعيدا عن موضوع «الإسراء والمعراج» وهو ثابت قرآنيّا، ولطالما مَنَّ الله على الشيخ حسان بالشفاء، وعاد سيرته الأولى في الظهور الإلكتروني، فرصة وسنحت ليحدثنا عن «ملايين معونة العزة» لنا ظنّا، في ذمة الشيخ حسان، مبلغ زهيد – فقط (60 مليون جنيه) – جمعه في يوم ليس بعيدا، بغرض حميد، سداد مبلغ المعونة الأمريكية، وتحرير الإرادة الوطنية من الربقة الأمريكية. أتذكر يا شيخ حسان، «معونة العزة»، وردت فيها أسماء ثقيلة، جميعا أسماؤهم مذكورة في البلاغ رقم (3752 لسنة 2012)، مقدمة رمضان عبدالحميد، المنسق العام لجبهة الإنقاذ الوطني، أيامها، يتهمكم والأسماء المذكورة بجمع نحو (60 مليون جنيه)، لم يدخل جيب أي منهم مليم أحمر. واصل الكاتب مراوغته: إن التبرعات تشابهت علينا أتذكر أن الشيخ حسان قال من قلب ماسبيرو (استديو 27) مقولته الخالدة «مصر لن تركع لأحد، ولن تذل أمام بضعة ملاليم».. ووعد بجمع عشرات المليارات من الجنيهات من أجل منع المعونة الأمريكية «التافهة» بحسب البلاغ «المطمور».
معونة العزة
أكمل حمدي رزق ملاحقته للداعية الكبير محمد حسان: استجابت طوائف من الشعب المصري لحملة الداعية السلفي الثائر، وقاموا بتنظيم حملات في المحافظات لجمع التبرعات، ونسب (مقدم البلاغ) إلى أحد رجال الأعمال (رفض ذكر اسمه) تبرعا بمبلغ أربعين مليون جنيه، فيما تبرعت إحدى الشركات المصرية بمبلغ عشرين مليون جنيه، مؤكدا في بلاغه أن الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء، أشاد بمبادرة حسان بجمع تبرعات بما يساوى قيمة المعونة الأمريكية. مشيرا إلى التسهيلات الممنوحة للمبادرة المعروفة باسم (صندوق العزة). وبعد أن تم الإعلان عن جمع (أكثر من 60 مليون جنيه) في فترة قصيرة، هدأت فعاليات الحملة، ولم نسمع أي شىء عن هذه الملايين، التي تم جمعها من الشعب المصري، ولا نعرف أين ذهبت، ومن المستفيد منها، وما مصادرها، وما الجهات التي تم منحها تلك الأموال، هل وصلت الحكومة، هل هناك صك بإيداعها البنك، ومتى وفي أي بنك؟ للأمانة الشيخ حسان في ما رواه «أن المبادرة جُمدت لاعتذار الإمام الأكبر الدكتور الطيب عنها»، لكن لم يفصح عن مصير هذه الملايين، هل جمعت فعلا، هل ردت لأصحابها، بعض من الإفصاح. معلوم شيخ السلفية، فصيح، ذرب اللسان، ننتظر منكم فيديو صغيرا، دقائق معدودة، في الطلة البيضاء نفسها، وجودة التصوير نفسه، نسميه الرد على منكري «معونة العزة» دون تكفير أو تفسيق أو سب ولعن.. لو سمحت.
نفاق باريس
لطالما ذكَّرت باريس كما يقول عبد السلام عارف في “الأهرام” بالعملات المعدنية ذات الوجهين.. فهي في السياسة عكسها في الثقافة، وهي في الصيف غيرها في الشتاء، ورجالها أجلاف قساة بخلاف الباريسيات الناعمات الرقيقات، وشوارعها مزيج من التراث التاريخي العتيق والمعاصرة الزاعقة، بأحدث خطوط الموضة، وشعبها ثائر دائما ضد حكومته، فهما دائما على خلاف، وفرنسا الاستعمارية نقيض فرنسا الحرية، وفي ما أرى فرنسا جنة رآها بيرم التونسي جحيما وعذابا. فرنسا بلاد الدعاية والكتب والروايات والحكايات.. بلد صغير المساحة إلا أنها صنعت أمجادها وتاريخها العريض من نابليون إلى ماكرون إلى سارتر وألبير كامو وليفي شتراوس وغيرهم. فمتى تكون عودتي لمعشوقتي ذات الوجهين؟ وكيف؟ أكرهها.. أحبها كأي مسلم غيور على هويته انتابني غضب هائل ضد تلك الازدواجية التي تعاملت بها فرنسا مع مسلميها، إثر أزمة الرسوم المسيئة لنبينا العظيم «صلى الله عليه وسلم»، فإذا بفرنسا بدلا من التوقف والاعتذار، تسترسل في إصدار قوانين مضيقة للحرية في بلد الحريات، وفي ظني أن مثل هذا الخطأ لا بد له من أن يستقيم عاجلا أو آجلا، لأن السياسة في فرنسا متلونة وتتسم بالمرونة الكافية لإصلاح أخطائها. المسلمون في فرنسا أقلية بنسبة تصل إلى نحو 6% أي نحو عُشر نسبة الكاثوليك، ورُبع نسبة اللادينيين. والمعروف عن المسلمين في فرنسا أنهم بعيدون كل البعد عن أي تشدد، فلماذا جاءت القوانين المتشددة ضدهم؟ إنها بقايا النعرة الاستعمارية في عروق بعض قادتها، وينبغي لها أن تزول. من أجل أن تبقى فرنسا بوجهها الساحر الآخر، الذي رأيته وأعجبت به كغيري من زائريها الذين يزيدون عن 80 مليون سائح سنويا، فهي تتفوق على أمريكا والصين كمزار سياحي. غير أن فرنسا في هذا الوجه المؤقت أجمل منها بوجهها الآخر الدائم، ذلك الوجه الذي رآه بيرم التونسي وتقلب في عذاباته، واضطر لكسب قوته بالعمل المرهق قليل الأجر، وكره فرنسا كما لم يكره بلدا مثلها، وكانت عودته لمصر يوم عيد.