المعارضة الموريتانية: لسنا مسؤولين عن التأخر الملاحظ في إطلاق الحوار

عبد الله مولود
حجم الخط
0

نواكشوط – «القدس العربي»: يتواصل في موريتانيا الجدل المشتعل منذ أيام حول قضية الحوار وتأخر انطلاقته، وذلك بتبادل الاتهامات بين الأغلبية والمعارضة، بالمسؤولية عن تأخر انطلاقة الحوار أو التشاور، حيث لا يتفق الطرفان على تسمية اللقاءات المنتظرة: ففي حين تسميه الحكومة “تشاوراً” تطلق عليه المعارضة اسم “الحوار”.
وأعلنت ائتلافات وأحزاب المعارضة الديموقراطية الموريتانية في بيان صادر عن اجتماعها الأحد، رداً على بيان للحزب الحاكم وعلى تصريحات للوزير الناطق باسم الحكومة “أنها لا تقبل تحميلها أي مسؤولية لها في التأخير الملاحظ في إطلاق الحوار، مع تأكيدها على مضمون وشكل بيانها الصادر قبل أسبوع”.
وأكدت المعارضة “أنها تعتبر أنه لم يعد هناك أي مبرر للتأخير في تعيين رئيس اللجنة التحضيرية للحوار، وتشكيلها طبقاً للقواعد المتفق عليها في اجتماع 27 أكتوبر/تشرين الأول 2021”.
وأوضحت “أنها سبق وأن عيّنت ممثليها في اللجنة التحضيرية للحوار قبل أسابيع”، مشددة التأكيد على “تشبثها الراسخ بالحوار كخيار استراتيجي، بهدف الوصول إلى إجماع واسع حول القضايا الوطنية الجوهرية، مما يمهد الطريق لمزيد من الاستقرار والديمقراطية والتنمية”.
وقررت المعارضة، حسب البيان، تشكيل لجنة مكلفة بإعادة تقييم الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية للبلد، منذ مجيء السلطات الحالية.
وحضر اجتماع ائتلافات وأحزاب المعارضة الديموقراطية الموريتانية الذي عقد يوم الأحد، أحزاب ‏‎اتحاد قوى التقدم، و‏‎ائتلاف العيش المشترك، وائتلاف العيش المشترك/حقيقة وتصالح، والتجمع الوطني للإصلاح والتنمية، وتكتل القوى الديمقراطية، وحزب التناوب الديمقراطي.
وكان حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم أكد، في بيان رد فيه على بيان سابق للمعارضة، “أن الجميع يدرك أن الأغلبية هي صاحبة مبادرة تنظيم التشاور الوطني الشامل، وأن حزب الاتحاد من أجل الجمهورية (الحاكم) يصر على إشراك جميع الأحزاب، في حين أن البعض حينها كانت لديه نية بتجاوز البعض الآخر، ونحن من رفض ذلك، واليوم يتكرر نفس السيناريو، وهو ما نسعى أيضاً لرفضه، حرصاً منا على عدم إقصاء أي طرف”.
وسبق لوزير الثقافة والشباب والرياضة والعلاقات مع البرلمان، الناطق باسم الحكومة الموريتانية المختار ولد داهي، أن أكد في إطار هذا التجاذب “أن المسؤولية في تأخر انطلاق “التشاور” تعود إلى المعارضة، ولا علاقة للحكومة بها”.
وقال “إن الحكومة جاهزة لتذليل الصعاب حينما يقدم إليها طلب بذلك”.
وأشار إلى “أن تأخر انطلاقة الحوار يعود إلى وجود تيارين في المعارضة أحدهما يستعجل الانطلاق، وكان موقفه عكس ذلك، والثاني يطرح اشتراطات جديدة، أما الأغلبية فإنها مستعدة بشرط عدم إقصاء أي طرف أو تجاوزه”. وكان الوزير وقتها يرد على بيان، أكدت فيه أحزاب المعارضة “أنها لن تنتظر إلى أجل غير مسمى من أجل حوار تأخر مراراً وتكراراً، لاعتبارات غير مفهومة”؛ وحملت المعارضة جهات لم تسمها، المسؤولية عن عرقلة الحوار. وأضافت المعارضة في بيانها الذي انتقدت فيه الأوضاع: “بقدر ما لم يعد بمقدورنا بعد الآن الانتظار إلى أجل غير مسمى من أجل حوار تأخر مراراً وتكراراً، بقدر ما سنظلُّ مستعدين للمشاركة في ديناميكية التشاور، حسب آجال زمنية مقبولة”.
وزادت: “بما أنّ هذا الحوار قد استوفى شروطاً مقبولة، فإننا نلفت انتباه السلطات إلى أن الوقت قد حان لإطلاقه، بُغية إعادة الأمل إلى الموريتانيين، والمضي قدماً في تعزيز اللحمة الوطنية، وترسيخ الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتنفيذ برنامج واسع للتنمية الاقتصادية والاجتماعية يضمن نمو وازدهار البلاد”.
يذكر أن الرئيس الغزواني قد وافق قبل أسبوعين على مبدأ تعيين رئيس للجنة الإشراف على الحوار استجابة لاقتراح من المعارضة التي رفضت تولي الأغلبية لرئاسة اللجنة المشرفة.
وقد حل الرئيس بذلك إحدى المشكلات التي تعترض التحضير لانطلاقة حوار تتنازع الأغلبية والمعارضة شرف المبادرة لتنظيمه، وتتبادلان اليوم الاتهامات بالمسؤولية عن تأخر انطلاقته.
يذكر أن الحوار المرتقب مر حتى اليوم بمراحل متعددة: فقبل أكثر من سنتين، اتصلت المعارضة الموريتانية بالرئيس الغزواني وطلبت منه إطلاق حوار وطني شامل، حيث أظهر تحفظاً إزاء الحوار لكونه لم يفهم المقصود منه، ولأنه يعتقد أن الحوار بين السلطة والمعارضة ينظم في العادة إذا كان البلد يمر بأزمة، وهو ما ليس واقعاً في موريتانيا، لكن منذ آب/ أغسطس 2020، أظهر الرئيس الغزواني تقبلاً لفكرة الحوار.
وهكذا انطلق تشاور تحضيري للحوار بين المعارضة والحزب الحاكم، في الطرق التي يمكن أن ينظم بها هذا الحوار، وتوصل الطرفان في فبراير/شباط 2021 لخريطة طريق لهذا الحوار، ومنذ ذلك التاريخ حدث تباطؤ، أكد محمد ولد مولود رئيس حزب اتحاد قوى التقدم المعارض “أنه تباطؤ غير مبرر، لكن فرضته الحالة”، مشيراً إلى “أن المسؤولية عن التباطؤ تتقاسمها أطراف من الموالاة وأطراف من المعارضة”.
وفي آذار/مارس 2021، قامت أطراف الحوار بحملة تعبئة شاملة لضمان مشاركة الجميع في الحوار، حيث عبر الجميع عن الاهتمام بالمشاركة، ليعطي الرئيس الموافقة على تنظيم الحوار في آب/ أغسطس 2021، ثم كان الاجتماع الذي عقد في تشرين الأول/ أكتوبر 2021 بين جميع الأحزاب، بحضور المرشحين السابقين للرئاسة، وقد تمخض الاجتماع عن الاتفاق على تعيين لجنة إشراف من 12 عضواً: ستة يمثلون المولاة وستة يمثلون المعارضة، وهو ما يتواصل التشاور حوله منذ ذلك الوقت.
وعلى الرغم من أن الأحزاب الكبيرة في صف المعارضة قد وحدت صفها الآن لدفع الأغلبية نحو تنظيم الحوار، فالأغلبية ترى أن هناك أحزاباً صغيرة وشخصيات مرجعية لم تؤكد حتى الآن نيتها للمشاركة في الحوار الذي تحرص الأغلبية على أن يكون حواراً شاملاً لا يقصي أحداً ولا يستبعد أي قضية مهما كانت. وتبقى الأسئلة للمطروحة هي: متى سيحسم موضوع الحوار؟ ومتى سينطلق؟
وتبقى الأجوبة على هذه الأسئلة وعلى غيرها من متعلقات هذا الاستحقاق السياسي الذي طال انتظاره، بيد الرئيس الغزواني وحده.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية