وسط قلق البيت الأبيض… اليونان قد تميل إلى روسيا على حساب الحلف الأطلسي بسبب القروض المهينة لكرامتها

 مدريد ـ «القدس العربي»: رغم نفيها اللجوء إلى قروض روسية وصينية، تلمح حكومة اليونان الجديدة بزعامة حزب «سيريزا» اليساري باللجوء إليهما للحصول على قروض مالية بتسهيلات بدل الاستمرار في الحصول على قروض من الغرب بشروط «مجحفة» وتمس «الكرامة الوطنية». ويعتبر هذا التوجه منعطفا يقلق الغرب بسبب عضوية اليونان فيه وبسبب فتح الباب أمام موسكو وبكين التدخل المباشر في شؤون الاتحاد الأوروبي. ويطالب الرئيس الأمريكي باراك أوباما بتفهم مشاكل اليونان.
وكانت اليونان قد شهدت يوم 25 كانون الثاني/ يناير  الماضي انتخابات تشريعية انتهت بفوز حزب «سيريزا» اليساري الراديكالي، وهو الحزب الذي حمل لواء وضع حد لشروط ترويكا: الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي التي تعاني منها البلاد وأثرت على مستوى عيش الناس.
وقام وزير المالية الجديد يانيس فروفاكيس هذه الأيام بجولة شملت دولا مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا للتحدث عن إعادة جدولة ديون اليونان، وكذلك ربط التسديد بالنمو الاقتصادي. ووجد تصلبا من بعض الدول على رأسها ألمانيا.
وصرح رئيس الحكومة إلكسيس تسيبراس يوم الخميس برفض حكومته لمزيد من «الأوامر» من الخارج على حساب الشعب اليوناني. وخرج الآلاف من اليونانيين ليلة الخميس للتنديد بمواقف ألمانيا والبنك المركزي الأوروبي. ولا تقف حكومة اليونان مكتوفة الأيدي، فهي تلوح باللجوء إلى الصين وروسيا للحصول على قروض مالية بشروط سهلة في الأداء.
 واستغل الرئيس الروسي فلايدمير بوتين الوضع الحرج لليونان، وأجرى مباحثات يوم الخميس مع رئيس الحكومة تسيبراس، وعرض قروضا سهلة ودور الوساطة لأثينا في أزمة أوكرانيا والاتحاد الأوروبي وتحويلها لقاعدة لأنبوب الغاز الروسي – التركي نحو أوروبا الغربية.  وسيزور رئيس حكومة اليونان موسكو خلال أيار/ مايو المقبل.
وفي الوقت ذاته، هناك ميل للمجتمع اليوناني لروسيا بسبب تقاسم الديانة الأرثوذوكسية، وقد يساعد هذا رئيس الحكومة في مسعاه نحو موسكو.
وبدورها، تغازل الصين اليونان من خلال التعهد بتقديم قروض سهلة مقارنة مع شروط القروض من مؤسسات غربية مثل البنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي.
وتعتبر اليونان عضوا في منظومة الغرب ومؤسساته مثل الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي، ومن خلال الميل إلى موسكو وبكين، فهي تقلق الغرب وخاصة الولايات المتحدة. وتطالب واشنطن من شركائها الأوروبيين التعامل بذكاء مع اليونان لتفادي ميلها لموسكو وبكين، فهي تدرك أن التعاون الاقتصادي في وقت الأزمات سيجر إلى التعاون العسكري والدبلوماسي. وتتخوف واشنطن من أن تشكل اليونان سابقة بحكم أن دول أوروبا الشرقية انضمت إلى الغرب سواء الاتحاد الأوروبي أو الحلف الأطلسي والآن قد يحصل العكس مع اليونان.
ونشرت جريدة ليفو اليونانية يوم الجمعة القلق الكبير الذي يساور البيت الأبيض بشأن رهان أثنيا على الكرملين للنجاة من الأزمة التي تعيشها. وتمزج التحذير لأثينا ولكنها بعثت بمسؤولين اقتصاديين أمريكيين لدراسة متطلبات اليونان وكيفية مساعدتها على هامش الاتحاد الأوروبي.
وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد صرح في بداية الأسبوع لقناة سي أن أن بضرورة ليونة أوروبية تجاه اليونان للسماح لها بالنمو والتخلص من نظام الضرائب الثقيل.
وقالت وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فان دير ليومية شودوت زايتونغ يوم الخميس أن اليونان لا يجب أن تعرض أمن الحلف الأطلسي للخطر بسبب ميلها لروسيا.
ورغم صعوبة هذا السيناريو، فهو لا يدخل في باب المستحيل، لهذا ترتفع أصوات داخل الغرب أنه بمجرد ميل اليونان إلى موسكو يجب تعليق عضويتها في الحلف الأطلسي وطردها من العملة الموحدة اليورو.
وهكذا، تضع اليونان الغرب في موقف حرج للغاية بعدما جعلت حكومة جديدة كرامة شعبها فوق شروط المؤسسات المالية الدولية.

حسين مجدوبي

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول م. حسن:

    إذا حاربت اليونان الفساد ودفع كل مواطن ماعلية من ضرائب وهو ما لايحدث , وقدمت أوربا مزيدا من التسهيلات في سداد الديون ستنفرج الأزمة , أما التهديد بالتوجة نحو روسيا والصين فلا طائل من وراءة . السوق الأوربي لن يتنازل عن السوق الإستهلاكي اليوناني ولا الشعب اليوناني سيقبل الخروج من السوق الأوربي . تجربة يوغسلافيا كانت تجربة بشعة بما فية الكفاية بسبب محاولتها اللعب علي الحبلين .

إشترك في قائمتنا البريدية