مصر: كماردٍ منحوت على حجر مسحور، يقف قصر البارون الأثري في مصر، محتضنا أسرارا وروايات وفنونا لعمارة تجمع بين سحر الشرق الهندي وروعة الذوق الأوروبي وأصالة الطراز العربي.
و”البارون” أحد قصور مصر الأثرية ذات الطراز المعماري المميز، شيده المليونير البلجيكي إدوارد إمبان (سبتمبر/ أيلول 1852 ـ يوليو/ تموز 1929) على مساحة 12.5 ألف متر مربع، بلمسات المعماري الفرنسي ألكساندر مارسيل عام 1911.
ونشأ القصر الساحر في قلب صحراء حي مصر الجديدة (شرقي العاصمة) وحيدا مبهرا قبل أن يخطط إمبان لتعمير تلك المنطقة التي اختار لها اسم “هليوبوليس” أي مدينة الشمس، والتي باتت تضج بالحياة والعمران وتعد أحد أرقى أحياء القاهرة.
وقصر البارون مكون من طابقين وله 4 واجهات وسطح أسطوري أشبه بمتنزه للحفلات جدرانه تمتلئ بالرسومات والنقوش الساحرة، إضافة إلى سرداب للخدم والمطابخ وبرج كبير يتألف من 4 طوابق تربطها سلالم حلزونية منقوشة ومزينة بتماثيل هندية منحوتة.
وتزين جدران القصر وشرفاته تماثيل الفيلة الهندية، كما رصعت أرضياته بالرخام والمرمر المستورد من إيطاليا وبلجيكا، ويحوي أيضا نوافذ مصنوعة على الطراز العربي، وتحتضنه حديقة على مساحة شاسعة تزينها الزهور والأشجار النادرة.
ووفق معلومات رسمية، صمم القصر بطريقة تجعل الشمس لا تغيب عن حجراته وردهاته، وتتوزع التماثيل الموجودة بين طراز هندي وآخر أوروبي، يتشابه مع فرسان العصرين اليوناني والروماني، ما جعله “تحفة معمارية فريدة”.
وقالت وزارة السياحة والآثار، في بيانات سابقة، إن “تصميم قصر البارون المثير باللون البنى المحروق (السيينا)، يجعله مميزا بشكل لافت عن باقي قصور وعقارات المدينة، عاكِسا المكانة الرفيعة لمالكه”.
وأضافت أن القصر “معلم أساسي في المشهد العمراني لحي مصر الجديدة، كما يُعدّ واحدا من أبرز المعالم في العاصمة، حيث تجذب صورته المبتكرة الفريدة جموع السائرين من المارة في الطريق”.
ووفق الموقع الإلكتروني للعاصمة القاهرة، “عشق البليجكي إدوارد إمبان مصر، وقرر البقاء بها حتى لو وافته المنية خارجها، وبالفعل دفن في الكنيسة العريقة “كنيسة البازيليك” التي أنشأها أيضا قرب قصره.
وحزنا على وفاة إمبان عام 1929، اتشح القصر بجدرانه وحدائقه بالسواد في حالة حداد استمرت عقودا، وأضفت عليه لمسة غموض وسحر، جعلته أقرب إلى “قصر الرعب” في الأفلام السينمائية والروايات البوليسية.
وسجل القصر في قائمة الآثار الإسلامية والقبطية بقرار مجلس الوزراء المصري في 16 أغسطس/ آب 1993.
كما خضع لعمليات ترميم وتطوير موسعة في 2018، بقيمة 100 مليون جنيه (نحو 6 ملايين دولار)، ليعود للحياة مجددا في 29 يونيو/ حزيران 2020.
ومنذ افتتاحه لا يزال القصر الأثري يستقطب عددا هائلا من المصريين والأجانب للزيارة والتقاط الصور التذكارية والاطلاع على أسرار بناء نادر عمره 111 عاما.
(الأناضول)